نص مسرحي: :”3D ” / تأليف: مرتضى عوده
الشخصيات :
ـ البروفيسور : في الاربعين من عمره..
ـ رجل :- في الاربعين من عمره..
ـ المساعد : في الثلاثين من عمره..
ـ الروبوت : صوت فقط..
ـ الخادمة : في الثلاثين من عمرها.. ..
المكان : غرفه اشبه بالمعمل المليء بالخردة ويوجد في المنتصف اله قيد الإنشاء..
البروفيسور : (واقفا يعمل على الآلة) كم بقي من الوقت؟؟
الروبوت : تسع ساعات واثنان وعشرون دقيقه و خمسة عشر ثانيه..أربعة عشر ثانية، ثلاثة عشر ثانية،
البروفيسور : كفى كفى..اللعنة على العمل الذي تقوم به، من قال لك انني اريد عداً تنازلياً، هكذا سأرتبك واترك العمل وافكر في الوقت الذي يذهب مني، مثلما ذهبت السنوات الماضية..
الروبوت : عذرا سيدي، انت برمجتني على المعلومات الدقيقة..
البروفيسور : توقعت ان تنفعني في شيء، ولكن لم استفد منك شيئاً سوى في تحديد الوقت، لو انني اشتريت ساعة جدارية رخيصة لوفرت على نفسي الاموال التي صرفتها في تطويرك..
الروبوت : لديك ساعة، ولكنك قمت بتعطيلها لكي لا تنظر للوقت انك تنسى بسرعة يا سيدي..
البروف : حسنا كفى لا تلهيني اكثر، فالوقت يجري بسرعة والمدة ستنتهي، وهذه السفينة اللعينة لم تكتمل بعد علي ان انجز العمل بسرعة
الخادمة : (تدخل) انت تعمل وانا انظف قذارتك..
البروف : قلت لك مرارا وتكرارا ان تحسني اسلوبك وتمسكي لسانك السليط هذا والا قطعته..
الخادمة : دعني اتكلم، فليس لدي سوى الكلام لكي يشفي غليلي ويبرد نيراني وينسيني احزاني والامي، منذ ثلاث سنوات وانا اعمل مجانا هنا، لم اخذ منك شيء سوى الكلام والوعود الكاذبة..
البروف : كم انت ناكرة للجميل، اخذتك من الشارع واحضرتك الى هنا، تأكلين وتشربين وتنامين على فراش ناعم بعد ان تكسرت اضلاعك من النوم على ارصفة الطرقات وتريدين مالا ايضا ما هذا الجشع..
الخادمة : وهل تريد اذلالي بهذا،كل يوم انا اعمل ليل نهار، لكي انظف قذارتك والخرده التي ترميها جراء تجاربك الفاشلة
البروف : تجاربي الفاشله هذه هي التي ستنقذك من الموت بعد ان ينتهي هذا الكوكب
الخادمة : في النهاية سنموت جميعا ولن يذهب احد في هذه الخردة.. (تخرج)
البروف : تبا لك ايتها الغبيه، وما ادراك بالتحفه التي سأصنعها بعقلك الصغير هذا، حسنا حان الوقت ساجربها الآن.. (يقوم بتشغيل الاله فيظهر دخان واضواء ومن ثم صوت عالي وتنطفئ) تبا..لماذا لا تعملين ايتها اللعينة، منذ ثلاث سنوات وانا اعمل في بنائك، صرفت جميع اموالي وبعت كل ما املك، لم يبقى لدي سوى سريري وملابسي ، تبا تبا.. (يتجه الى السبورة) يا روبوت، روبوت، ايها الروبوت الغبي اين انت
الروبوت : عذرا سيدي كنت نائما..
البروف : سحقا لك ايها الاحمق، لم ارى في حياتي روبوتا غبيا مثلك يحب النوم
الروبوت : لماذا تلمني على اختراعك الغبي..
البروف : فعلا الحق معك، فأنا من صنع هذه الكارثه، حسنا اتمنى ان تنفعني في شيء واحد، لاحظ معي ربما تعرف اين الخطأ في المعادلة
الروبوت : لقد عرفت اين الخطأ..
بروف: (بسعاده) اين اين؟؟
الروبوت : لقد نسيت
بروف : اي روبوت غبي انت، كيف لذاكرة الكترونية ان تنسى اذهب ايها الاحمق… ساعيد المعادلة من جديد، ربما هنالك خطأ لم انتبه له
المساعد: (يدخل) الم تكتمل بعد..
بروف : لا، مازلت احاول، ولكن بلا فائدة..
المساعد : وما الحل؟
البروف : من المفترض انك مساعدي، وتحاول ايجاد حل معي..
المساعد : لقد توقف عقلي عن التفكير
البروف : لم يتبقى لنا وقت، الكوكب يحتضر وسيموت عن قريب
المساعد : منذ ثلاث سنوات والكوكب يحتضر ما الجديد..
البروف : الجديد ان اعراض المرض قد ازدادت، والسكان يعانون، ففي كل فترة من الزمن يموت اناس جدد بسبب مرض هذا الكوكب اللعين..
المساعد : ربما هنالك دواء، ممكن ان يشفى به،علينا ايجاد حل
البروف : الحل الوحيد هو اكمال السفينه وتجربتها قبل فوات الاوان
المساعد : لماذا حصل كل هذا، اين الخلل.؟؟؟
بروف : الخلل بنا نحن، فنحن من جعلنا هذا الموكب مريضا وينازع بأيامه الأخيرة، علينا ان نركز على اكمال بناء السفينه، التي ستأخذنا الى كوكبا آخر، فقد وجدت اثناء بحثي في المجرة كوكبا يصلح للعيش يشبه كوكبنا هذا، لم نعد نستطيع العيش هنا
المساعد : لكل داء دواء، لابد ان هنالك دواء يشفي هذا الكوكب من مرضه، وانقاذه من الموت الذي سيتسبب في هلاكنا كما تعتقد انت..
البروف : نحن من اهلكنا هذا الكوكب، كيف سنشفيه..
المساعد : اذا نحن هو الوباء ، حتى اذا ذهبنا الى كوكب جديد سننقل له العدوى وسيمرض ايضا ونتسبب في هالكه وهلاكنا..
البروف: (بسخرية) : لالا سوف نتعاطى لقاحا قبل ان نذهب، حتى لا ننقل العدوى (ويضحك)
المساعد : لماذا تضحك، وهل هذا وقت المزاح..
البروف : لأنك احمق، عندما يصاب الانسان بمرض الغرغري في احد اطرافه ماذا يفعل
المساعد : يقوم بقطع الجزء المتعفن، حتى لا ينتشر في جسده..
البروف : هذا ما علينا فعله..
المساعد : وكيف ذلك.؟؟
البروف : نتخلص من الجميع، ونذهب نحن فقط الى الكوكب الجديد، ونخلق نسلا جديدا يحب السلام، ونبني الكوكب معا، ونكون انا وزوجتي ادم وحواء جديدين
المساعد : وماذا عني انا وحبيبتي التي اريد الزواج بها، هل ستتخلص منا ايضا..؟
البروف: (بتردد) : لالا يا عزيزي، كيف لي ان اتركك هنا..
المساعد : ولكن السفينة تستطيع حمل شخصين فقط، كيف سنذهب معكم..
البروف : ستلحقان بنا في السفينه الثانية..
المساعد : هل توجد سفينة ثانية..؟؟
البروف : نعم فأنا لم اخبرك بهدا، اردت ان اجعلها مفاجأه، فانا اعمل على بناء سفينة ثانية..
المساعد : ولكن الاولى لم تكتمل بعد، كيف تعمل على الثانية
البروف : اعدك بان اكمل الاثنان معا لا تقلق..
المساعد : سأذهب لأخبر حبيبتي بهذا الخبر السعيد .. (يخرج)
البروف : علي ان اكمل هذا الشيء الملعون،واذهب من هنا انا وزوجتي قبل ان يعود هذا الاحمق، روبوت يا روبوت..
روبوت : ماذا تريد الان؟
بروف : لا اريد شيء سوى التحدث الى احد فأنا حزين جدا..
روبوت : كيف يكون شعور الحزن؟؟؟
بروف : من حسن حظك انك لا تشعر بشيء، فبعض المشاعر تقتل الانسان بهدوء كالامراض الخبيثة، الحزن يأكل جسدك ببطء يقتل كل شيء بداخلك، مثل الارض التي تحمل بركانا بداخلها لا تعلم متى سينفجر..؟؟
الروبوت : وماذا عن الحقد والكراهية..؟؟
البروف : وجهان لعملة واحده، انهما كالسم الذي في انياب الثعبان، لا يقتله ولكن يقتل كل من حوله
الروبوت : والحب..؟؟
البروف : انه اطهر وانقى شعور، الحب دواء لكل الم، كل المشاعر السيئة لو اجتمعت معا لا تستطيع ان تهزم الحب
الروبوت : الخوف؟؟..
البروف : الخوف شعور غبي، لا اعرف ما الفائدة من هذا الشعور ولماذا خُلق، اعتقد انه خُلق لكي يكون عدوا للشجاعة فقط (يضحك)، حسنا لا تلهيني اكثر اريد ان اكمل عملي، اخبرني كم بقي من الوقت؟؟
الروبوت : ثلاث ساعات واربعون دقيقه وعشر ثوان، تسع ثوان، ثمان ثوان
بروف : كفى اذهب اذهب ، حسنا ساجرب الان
(ضوء عالي واصوات قويه تهز المكان)
الرجل : ايها العالم المجنون اللعين، سوف يسقط السقف على رؤوسنا بسبب تجاربك اللعينة
بروف : لا تستعجل، سوف يسقط بعد ساعات قليله عندما يموت الكوكب
الرجل : الم تسأم بعد من هذه الترهات
البروف: لن اسأم حتى انهي ما بدأت به..
الرجل: ولن تنهيه، كفاك وهما..
البروف: بل سوف انهيه، حتى أنتم ستنتهون وأنا الوحيد الذي سأنجو
الرجل: تنجو من ماذا؟ انها محض اوهام صنعها عقلك الباطن واوهمت كل من حولك بها
البروف : من الجيد لديّ عقل وأعرف، ولكن عقلك مغيب لا تعلم ما سيحدث، الم تشاهد الاخبار في التلفاز، الم ترى المدن وهي تنتهي واحده تلو الاخرى، انها اعراض مرض يعاني منه الكوكب، وسيموت عن قريب
الرجل: لن يحدث شيء ايها الاحمق، كفاك لعباً هيا انها مجرد حوادث طبيعية تحدث كل فترة من الزمن، هل تعتبر الزلزال والبركان مرض (يضحك)
البروف : لن يحدث، بل سيحدث، وسأراكم من فوق تتقافزون كالقردة من شدة الانقراض أو من شدة الموت.
الرجل: (يضحك) وانت ماذا ستكون، صقرا محلقا في السماء بعلبة الصفيح هذه
بروف : بل سأكون ناجي، وأنت حينما تقفز حاول أن تتشبث بذيلها
الرجل : سأتشبث بعلبتك المعدنية هذه (ويضحك) ، لو كان هنالك خطرا مثلما تقول لرأينا علامة ما..
بروف : وماذا تسمي هذه الكوارث..
الرجل : قلت لك انها حوادث طبيعيه تحدث كل فتره من الزمن
البروف : نحن جميعا العلامات، منذ ولدنا بُشرنا بذلك الموت الجماعي
الرجل : هذا كلام الحمقى، لكل شيء بداية والموت له علامة في البداية ، هل تعلم انا اكره البدايات كثيرا، كم اتمنى لو ان كل شيء ياتي من المنتصف او من النهاية، فالبدايات دائما تكون صعبة
البروف : لو أنك تكره البدايات حقاً لما استمتعت ببداية ممارسة التزاوج.
الرجل : ولكن بداية الحمل كنت اتمنى ان تنتهي بسرعة، فالوقت طويلا جدا وممل
البروف : هذا ليس بمتناول يدك، اهتم بما تقدر عليه
الرجل : مثلما تهتم انت الان بصنع علبة الصفيح هذه (يضحك)
البروف : هذا ليس من شأنك، اهتم ببطنها المنفوخ واصمت، اذهب الى بيتك واستمتع باخر ساعات من حياتك، واحزن على ابنك الذي سيموت قبل ان يولد.
الرجل : يا لك من مجنون لعين (يخرج)
البروف : اللعنة على هذا الكوكب وهؤلاء البشر الحمقى، عليّ ان انهي العمل بسرعه واهرب قبل ان تبدأ النهاية، وأراهم وهم يصرخون من شدة الهلع (يضحك)، روبوت يا روبوت
روبوت : ماذا الان؟؟..
البروف : سأذهب لأبحث عن اي شيء يساعدني، اريدك ان تراقب المكان جيدا. (يخرج)
الروبوت : اراقب ماذا هذه الخرده، الافضل ان اعود الى النوم
(يدخل المساعد وحبيبته الخادمة)
المساعد : تعالي يا حبيبتي تعالي وانظري سوف نحلق بهذه السفينه في السماء
الخادمة : الم تسأم من هذا الجنون كفاك وهما، لقد غسل دماغك هذا البروفيسور المجنون، وجعلك تمشي ورائه وتطيعه دون انت يكون لك خيار
المساعد : انه يقول الحقيقه، سوف نموت قريبا اذا لم نذهب من هنا
الخادمة : ان خيار الموت والعيش ليس بأيدينا، نحن كلنا خلقنا لنموت ولكن كل منا له يوم يموت به
المساعد : ولكن لدينا عقل نفكر به ونحدد به مصيرنا..
الخادمة : اذا كان مصيرنا محتوما فلن تنقذنا هذه الخردة..
المساعد : بل ستنقذنا، عندما نذهب انا وانت من هنا، سنعيش في مكان جديد، نبني عالما جديد خال من الطمع والجشع، ونخلق نسلا جديدا نعلمه الحب وفعل الخير
الخادمة : اذهب وحدك لن اذهب معك..
المساعد : هل ستتركينني..
الخادمة : نعم اتركك، اذهب انت وسيدك المجنون هذا واصنعوا عالمكم الجديد، انا سأبقى هنا
المساعد : ولكنني احبك كثيرا، وقد فعلت كل هذا من اجلك اذا، بقيتي هنا ستموتين.
الخادمة : اذا كان اجلي قد اقترب فلا مهربا منه
المساعد : سأخذك رغما عنك حتى وان لن تقبلي (يقوم بسحبها)
الخادمه : اتركني اتركي ايها الاحمق لن اذهب..
(تحدث هزه ارضيه واصوات عاليه وصراخ اناس يطلبون المساعده ويدخل البروفيسور)
البروفيسور : لقد بدأت النهايه، لقد بدأت النهاية، لم يعد هناك وقت علينا ان نذهب بسرعة
الروبوت : من الجيد انني لا اشعر بشعور الخوف او انتظر الموت مثلكم ايها البشر الحمقى..
البروف : اصمت ايها الغبي، ساتركك هنا لتذوق الموت والعذاب
الروبوت : تبا لك (يخفت صوت الروبوت حتى يتوقف عن العمل)
المساعد : اين السفينة الثانية التي وعدتني بها..
البروف : لا توجد سفينة ثانية انها واحده فقط
المساعد : لقد كذبت علي..
الخادمة : لقد قلت لك ان لا تثق بهذا المخبول
البروف : اصمتي، انها جهدي وتعبي لا يهمني احدا بعد الان
المساعد : دعنا نذهب نحن، لقد اخذت من الحياة ما يكفي، اتركنا نذهب نحن لكي نعيش حياتنا ونتزوج..
البروف : اريد ان اذهب انا وزوجتي، لازلت لدينا الكثير من الاشياء لم نحققها بعد واريد ان انجب نسلا جديدا بعيدا عن هذا العالم القذر
الخادمة : ايها المجنون زوجتك ماتت قبل ثلاث سنوات في الزلزال
البروف : ماذا تقولين، انت كاذبه انها موجوده هنا لم تمت
الخادمة : ان صدمة فقدانها قد انستك نفسك، فأنت لم تخرج من منزلك منذ ثلاث سنوات
البروف : ولكنني اراها كل يوم، واسمع صوتها في كل زاوية في المنزل..لم تمت بل هي حية (يُخرِج صورة كبيرة ( تعالي يا حبيبتي، تعالي واسمعي ماذا تقول هذا الخادمة المجنونة، تقول انك ميتة، هي اجيبيها وقولي لها انك حية، هيا اجيبيها، (ينظر الى الخادمة) انها متعبه وخائفة لا تستطيع التكلم (يضع الصوره في السفينة) هيا اركبي لنذهب من هنا
الخادمة : انها صورة ايها المعتوه هيا افق من حلمك الواهم وتقبل الامر
البروف : كيف ساتقبل العيش من دونها، الفائدة من ذهابي اذا ، سأبقى وحيدا هناك ايضا ولن استطيع خلق عالمٍ جديد، سابقى هنا وانتظر لقائها، اشتقت اليها كثيرا)يخرج (
المساعد : هيا لنهرب من هنا، قبل ان يعود هذا المخبول
الخادمة : قلت لك لن اذهب
المساعد : ستموتين..
الخادمة : اذا كان الموت محتما فاهلا به..
المساعد : هذا انتحار يا غبية..
الخادمة : بل انه القبول بالقدر.
المساعد : (يحاول تشغيل السفينه ولكنها لا تعمل) تبا لقد قضي علينا..
الخادمة : كفاك عنادا واستسلم للواقع..
المساعد : انتِ مجنونة، مجنونة، اذا ليس امامنا اي خيار سوى ان ننتظر النهاية لنرى ما سيحدث
(تقف الخادمة ويقف بجانبها المساعد وهما ينظران لما يحدث من حولهما بصمت)
انتهـــــــــــت..
*مرتضى عوده
+9647818952229
العراق – الناصرية