المسرح المغربي بين الدراماتورجيا ورهان التجديد … دراسة نقدية لمحمد زيطان/ بشرى عمور

أصدر الكاتب و الباحث المسرحي المغربي د. محمد زيطان دراسة نقدية عنونها ب * المسرح المغربي بين الدراماتورجيا و رهان التجديد * عن دار النشر سليكي أخوين بطنجة ، وهي دراسة تأتي بعد كتابه السابق  * المنعطف الفرجوي و سؤال الثقافة * 2020  ، الصادر عن المركز الدولي لدراسات الفرجة . و يساءل من خلالها المؤلف مفهوم (الدراماتورجيا) الذي أصبح شائعا في أوساط الدراسات المسرحية المعاصرة و في حقل بعض التجارب الفنية التي تتبنى المشهدية كمنطلق تعبيري ، حيث يقول في تقديمه للكتاب :

لا يتوفر وصف.

”  لا يمكننا الادعاء أنه بمقدورنا رسم ملامح واضحة و ثابتة لمفهوم *الدراماتورجيا* في سياق دينامية المسرح المغربي بكل أطيافه الإبداعية، و ما أفرزته من زخم في الأعمال وتعدد في التجارب ، لكننا سنحاول مقاربة بعض الجوانب ، التي نراها عاكسة  لحقيقة تطور الاشتغال الدراماتورجي إلى جانب الاشتغال الإخراجي ، خدمة لفكرة التحولات المشروطة  بسياق ثقافي و فني عام . فإذا كان البعض يعتقد بأن الدراماتورجيا باتت تقدم حلولا سحرية للمنجز المسرحي، خاصة فيما يتعلق بإيجاد حل لنذرة النصوص المسرحية، أو لعدم ملاءمة بعضها لخصوصية الكتابة المعاصرة مبنىً و معنىً ، فتتحول بالتالي إلى مجرد أداة للقطع و اللصق ، أو للحشو و تجفيف العرض من فكرة أو أطروحة جمالية و فلسفية خدمة لمساحات كبيرة ، يطغى عليها نوع من الكولاج ، ما بين مقطع شعري و حوار هامشي عابر ، و غناء و رقص و صخب في غياب تام للدراما و لمبدأ * العليّة*، حتى و كأننا نوقن بأن الأمر يتعلق بتغيير جذري لمفهوم اللحظة الجمالية في المسرح ، هذه اللحظة التي باتت  – ربما – مقترنة بفكرة { صنع المسرح من الكل } .مادامت النتيجة – في الغالب – أعمالا بعمر فني قصير جدا، تنطفئ بسرعة، فتبدو و كأنها تعكس حقا وصف الباحث الفرنسي ميشيل كورفان لموجة الكتابة المسرحية الجديدة ب ” الشهب الاصطناعية “…ثم يضيف زيطان موضحا :

” فإذا كان البعض يعتقد كل ذلك ، فإننا هنا سنؤكد على أن الدراماتورجيا هي أشمل وأعمق من ذلك بكثير. و إن كانت تعريفاتها تتعدد وتختلف من هذا الباحث إلى ذاك، و من هذه المدرسة الفنية إلى تلك …إلا أنها جميعها تثبت بأننا أمام كتابة نص جديد …نص مشهدي هو باختصار: نص العرض الذي نجد ملامحه الأولى في أعمال برتولدبريشت و كانتور و هاينرموللر وولفغانغفاينس و آخرين ممن يتمتعون ب * ذهنية دراماتورجية*  على حسب تعبير الناقد الفرنسي برنار دوت. وهي ذهنية لا تتأتى بمجرد قراءة / أو كتابة نص مسرحي فوق أريكة مريحة، أو بالاطلاع على هذا الاتجاه الفني أو تلك المدرسة المسرحية بين مدرجات الجامعة أو بين سطور بعض المؤلفات و الأبحاث. إنها ذهنية تتطلب خبرة بعوالم المسرح الظاهرة و الخفية، تحتاج إلى تمرس بالمجال ، ما بين متابعة التداريب و استئناس بأجواء العروض ، وانشغال بحيثيات التلقي الخاصة بكل عرض، مع انخراط فعلي في تجربة مسرحية للتعرف عن قرب على هواجس الممثل مع هذه النوعية من المقاطع الحوارية أو تلك، مع هذه الحركة أو ذلك الأداء …للتعرف على إكراهات إنجاح رؤية سينوغرافية و إخراجية نظرا لطبيعة مكان العرض أو لخصوصية الجمهور …إنها باختصار ذهنية متفتقة عن حياة مسرحية كاملة، تصل بالعرض إلى عتبة  الإيقاع المثالي.

هذا و يُعَرِج المؤلف في حديثه عن الدراماتورجيا على مجموعة من الأسماء التي تركت بصمتها سواء في توصيف المفهوم و شرحه أو في طريقة اشتغاله ، كاستحضاره لتجربة ميشيل فينافيرM.Vinaver و لتبئيرهالدرامي للعابر و لليومي . قبل أن يعلن في محور* سؤال الدراماتورجيا * ص 10 أن  البحث في الدراماتورجيا ، يقودنا إلى تعريفات متعددة ، إذ  نجد مجموعة من الباحثين الذين أفردوا لها مساحة مهمة  في محاولة منهم لتقريب الحدود الاصطلاحية  ، أو لتحليل آليات الاشتغال المباشر للمفهوم مع تتبع تطوره التاريخي . مثل جاك شيرير في كتابه la dramaturgie classique en France و   باتريس بافيس في معجمه المسرحي الشهير أو في  مؤلفه الموسوم ب* الدراماتورجيا و ما بعد الدراماتورجيا* ،  كما أن إيفس لافندييهYevs Lavandier في مؤلفه LA DRAMATURGIE – l art du récit  أصبح مرجعا لمقاربة كل تمظهرات الفعل الدراماتورجي ، ليس فقط في المسرح بل إنه يقرنه حتى بالسينما و بأفلام التحريك …

 

لا يتوفر وصف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت