بالمغرب: رسالة مفتوحة لمعالي السيد وزير الثقافة والشباب والتواصل من الفنان والكوريغراف توفيق إزديو بمراكش
إلى السيد محمد المهدي بنسعيد وزير الثقافة والشباب والتواصل
تحية احترام وتقدير،
نظرا لما أسفرت عنه نتائج دعم المشاريع الثقافية والفنية في القطاعات المذكورة في بلاغ وزارة الثقافة والشباب والتواصل، وفي ضوء هزالة المبلغ المخصص لقطاع الكوريغرافية، وقلة عدد الفرق المستفيدة التي لم تتجاوز ثلاثة، لا يسعنا السيد الوزير المحترم إلا أن نقول بأن: هذا الدعم المخصص لقطاع الكوريغرافية غير مجدي للنهوض بأوضاع هذا الفن الذي يعرف تطورا ملحوظا في المغرب، كما أنه لا يمثلنا، ولا يمثل حتى واحد في المئة مما قدمناه ولا زلنا نقدمه لهذا القطاع منذ أكثر من 20 سنة. (280000 درهم) رقم يدعو إلى التأمل والمراجعة الحكيمة، إنه مؤشر ملفت وجب الانتباه إليه، خاصة وأننا نتكلم عن الصناعة الثقافية في المغرب !! أبهذا الرقم نصنع الثقافة والفن؟ أبهذا الرقم نكون، ونبدع، ونروج المنتوج الإبداعي لفن ذاع صيته عالميا انطلاقا من المغرب؟
إن هزالة هذا الدعم لهي إشارة توضح لنا أن أملنا كان واهيا وطموحنا لا يظهر له طريق واضح المعالم. والحديث هنا لا يقتصر على السبب الذي حرمنا منه من الاستفادة من دعم الإنتاج في الدورة الأولى لهذه السنة، ولا عن السبب الذي بموجبه يستفيد فنانو هذا المجال من دعم هزيل إلى هذا الحد، بل يتعدى الأمر إلى ما هو أعمق، إلى موقع فن الكوريغرافيا في المشهد الثقافي والفني المغربي، الموقع الذي تتضح ضآلته جليا في المبلغ الهزيل المخصص لدعمه، والذي نراه وصل حد “الإهانة” الغير المفهومة والغير المبررة لهذا الفن ولممتهنيه، فن اقترن بالذوق والجمال، والنضال أيضا لتأسيس قواعده في بلدنا الحبيب المغرب والذي يستحق منا أكثر مما نبدل في حقه، وحق فنّانيه ومثقفيه وصناعه.
السيد الوزير المحترم دعنا نتساءل معك من خلال ما تعبر عنه وتبذله من أجل خلق صناعة ثقافية حقيقية في المغرب تساهم فيها كل القطاعات الفنية جميعها وبكثير من الحكامة والحرص على تطوير المنظومة الثقافية، وبنظرة غير أحادية، تستبعد المنفعة الخاصة، وتستحضر في منظورها الاستراتيجي ما هو جمعي وعمومي، يخص فن الكوريغرافيا وكافة القطاعات الفنية بكل شفافية ومسؤولية:
كيف ندعم قطاعا فنيا مهما ليس لمحترفيه فضاء للممارسة !؟
وكيف ندعم الابداع دون الترويج !؟
وكيف ندعم الأعمال دون التفكير في التكوين والتأطير !؟
وكيف نحدث لجان خالية من المختصين في القطاع المعني لا نعرفهم ولا يعرفوننا !؟
ثم كيف نتجاهل حاملي المشاريع الكبرى والمؤسسين !؟
وكيف لا تدعوا الوزارة الوصية لأيام دراسية حول هذا القطاع حتى ننير البصائر؟
إننا نستنكر هذا الخلط بين مبتدئين وهواة ومحترفين في الانتقاء والاختيار؟
السيد الوزير يكفيكم فقط جولة تتصفحون عبرها على صفحات المحركات الرقمية وشبكة الأنترنيت بكتابة كلمة الرقص المعاصر في المغرب وسيتضح لكم جليا كل ما أنجز في هذا الميدان، فمتى تلتفت الوزارة المعنية إلى فن وشكل نعبيري يمثل المغرب و بقوة في أكبر التظاهرات والمحافل الدولية؟ وعلى حساب الفنانين الخاص، فمتى تأخذ الوزارة بجدية كيفية بناء واستمرارية هذا الميدان؟ فكل ما أنجز في الرقص المعاصر ينسب الى أشخاص آمنوا وحملوا على كاهلهم عبء ومشقة ممارسة وتطوير فن لا يؤخذ بعين الجد في منظومة تطوير القطاعات الثقافية والفنية في بلدنا. لذلك نعاود السؤال: أين الوزارة الوصية من الحرص على التواجد في كل تظاهرة تهتم بهذا الفن مثل باقي الداعمين؟ وقد لا يكون لجنابكم علما بالموضوع.
هل تعلم السيد الوزير أن أغلبية معاملات الكوريغرافيين المغاربة هي بالعملة الصعبة؟ فلو كانت هنآك إرادة لكان الرقص المعاصر أكبر نموذج يحتذى به في الصناعات الثقافية. وهنا أشير أنه لا يمكن خلط كيفية دعم المسرح أو الموسيقى… أو أي فن آخر بالرقص المعاصر، لدى وجب إعادة النظر في هذا الدعم وكيفيته ولجانه والمبلغ المخصص له.