نص مسرحي: ” دوائر الحياة و الموت” / تأليف: محمد اسماعيل القناوى
اللوحة الاولى
(في وسط ساحة العرض مجموعة من الاولاد و البنات يقومون بأداء العاب اكروباتية منها القاء الكرة في الهواء و اعادة التقاطها مع موسيقى اغنية هذه ليلتى بعد لحظات يقف المشهد في بؤرة ضوء
في يمين ساحة العرض بؤرة ضوء فيها ولد اسمر نحيف مجعد الشعر بهندام منسق و بنت سمراء بعينان سودوان و ملابس متناسقة غالية ،الاثنان علي شاطئ بحر صوت الموج و الهواء يهدر و لا يعلو)
الولد: (ينظر تجاه البنت في صمت لحظة ثم يقترب منها ،يقف المشهد عليها و يضاء علي لاعبى الالعاب الاكروباتية و كل ولد يلعب مع البنت التى امامه بالكرات يلقيها في الهواء و هى تلتقطها اثناء القائها لكرتها في الهواء و هو يلتقطها مع صوت موسيقى هذه ليلتى و صوت هدير البحر، يتحرك المشهد بين الولد الاسمر و البنت) البحر لون عينيكى لكن قلبك اكبر و اطيب
البنت: (تتجه ناحية البحر في حركة راقصة ثم تقف و تنظر تجاه الولد )
الولد: (ينظر على نفسه و ينظر للبنت ويشعر باسى ،اثناء ذلك اللاعبين يتحركون في حركة راقصة و هم يلعبون بالكرة دون ان تقع الكرة من احد ،يخاطب البنت) الي اين؟
(يقف المشهد كله مع ايقاف الصوت في لحظة صمت ثم تضاء بؤرة في يسار ساحة العرض على رجل و امرأة في منتصف العمر بنفس ملابس الولد و البنت يجلسان في شرفة تطل على شارع مزدحم الرجل يشعل سيجارة و يحتسى القهوة بينما المرأة تحتسي من فنجان القهوة مع صوت موسيقى شهر زاد لتشيكوفيسكى، يقف المشهد و يتحرك اللاعبين بالكرات مع موسيقي سهرة لاحمد فؤاد حسن بينما يتحرك المشهد علي الولد و البنت وهم في احد الشوارع)
البنت: الشارع بيروح بينا لأماكن ممكن تتعبنا لكن بنحبها. انت واقف مكانك ليه؟
الولد: الشارع مطلع و خطوتى علي قدي لكن باحاول اكون اقوى و اسرع لحد ما الحقكِ
البنت: الشارع بيجري وانا بجري
الولد: يجب ان نعيش بتأني حتي نشعر ببهجة العمر و دهشته
( تبدأ البنت في الجرى لكن يوقفها احد لاعبي الاكروبات الذى يتحرك تجاهها و يرمى لها الكرة فتسقط منها في نفس الوقت تتجه بنت من لاعبات الاكروبات ناحية الولد و ترمى له الكرة فتسقط منه و في حركة شبه راقصة يعيدون المحاولة للحظات و يقف المشهد و يتحرك المشهد في الجهة الاخرى على الرجل و المرأة يقتربان من بعضهما و يمسكان ببعضهما في حركة راقصة على موسيقي اغنية الي حبيبي لمحمد عبد الوهاب حتى يخرجا من المسرح .بينما لاعبي الكرة يعيدون محاولة تدريبهم و عند اقتراب الولد و البنت من اتقان اللعبة يدخل رجال كثيرون في ازياء رسمية عسكرية و شرطية و ملابس كالتي يرتديها مديروا المبياعات في الشركات وملابس رجال دين يحملون اسلحة غير مألوفة و في ضجيج شديد و قسوة يقومون بأسر كل الموجودين في اداء تمثيلي ايمائى يتسم بحركة ايقاعية يتغير شكل ساحة العرض الي فضاء متسع وقاتم ملئ بلافتات مكتوب علي كل لافتة بلغة مختلفة “للبيع ” يقومون برص كل اللاعبين و الولد و البنت كأنهم بضاعة.الولد و البنت و لاعبي الاكروبات يقومون بمحاولات يائسة للفرار لكن يفشلوا و كلما فشلوا قامت القوات بعقابهم و تفريقهم عن بعض و وضع قفص حديدى فوق رؤوسهم تظل المحاولات بينما يخفت الضوء تدريجيا حتى الاظلام التام.)
اللوحة الثانية
(اضاءة خافته على السيدة نائمة علي فراش وثير في غرفة نوم بها سرير و منضدتين صغيرتين (كومودينو)على جانبي السرير علي احدهم دورق ماء و كوب و الاخر ساعة منبهة و راديو، مرآة ومبرد ماء، خزينة ملابس، باب للغرفة و نافذة بجوارها مقعد لكن كل هذا ليس كما في الواقع ربما صور او اضاءة).
السيدة: (تخاطب شخص جوارها وهي لا تواجهه وتنظر الناحية الاخرى “لا يوجد بجوارها احد”) صباح الخير ان الطقس اليوم حار جدا قميصى القصير يشعرنى بالحرارة هل ينام المرء منا دون ما شيء يستره حتى لا يشعر بالحر؟ (لحظة صمت. تحاول ان تعتدل وتجلس لكنها تشعر بالكسل وتعبر عنه بتثاؤب) كيف تنام و انت ترتدى كل هذه الملابس؟ و تتدثر فى هذه الاغطية؟ الم تشعر بهذا الطقس المستعر ؟ (تعتدل جالسة دون ان تنظر تجاه من تحدثه) لما لا تنظر تجاهى؟ (صمت) اشعر بالظمأ الشديد.. دائما تضع الماء جوارك… هلا اعطيتنى لاطفئ ظمأى؟ دائما تشعرنى انى بحاجة اليك (مغيرة لهجتها الي لهجة انثوية) الا تطفئ ظمأى ؟(منفعلة) اذا ساتحرر من هذا الفراش و أطفأ ظمأى بيدى؟ (تنهض و تنزل من علي السرير و تتجه نحو المبرد و تخرج منه زجاجة ماء و تذهب و تجلس امام مرآتها و تشرب بينما الماء يسقط علي جسدها تقوم و ترتدى “روب” علي ملابسها الشبه مبللة و تفتح الراديو لنسمع اغنية الاطلال من المقطع الذى تقول فيه “ياحبيبا زرت يوما ايكه طائر الشوق يغني المى” يخفت الصوت و يقف المشهد على السيدة و نرى في العمق الرجال الرسميين و الولد و البنت و مجموعة الاكروبات كأشباح وعلى رؤوسهم الأقفاص الحديدية و الرسميين يحركونهم بجهاز تحكم عن بعد تعود حركة السيدة في اضاءة مختلفة عن الاولى توحي بتغير زمنى و مزاجى)
السيدة: (في نبرة حزن) دائما اشعر انك هنا رغم فراقك لى (صمت) دائما تملأ فراشى و تأخذ الماء عندك رغم بعادك (صمت تذهب تجاه النافذة وتجلس علي المقعد الموجود بجوارها) كنت تقول لى اننى لن افارقك ابدا و كنت اقول لك وانا لن افارقك ابدا (صمت .. تسمع صوت رنين جرس الباب تقوم منفعلة و مسرعة نحو الباب بينما يقف المشهد علي الرسميين و المجموعة)
السيدة: انه موعدك تماما لم تخلفه ابدا (تنتبه لنفسها و ملابسها) ان هذه الملابس لا تليق بك لابد من تبديلها (تتراجع) لكن لا يجب ان اجعلك هكذا عند الباب (تعود الى الباب تقف لبرهة) ان ملابسي مبللة بالماء و العرق و النوم يجب ان ابدلها و اضع بعضا من عطري الذي تحبه (صمت …. ثم يتغير الضوء و تعود حركة الرسميون و المجموعة كأنهم اشباح في عمق ساحة العرض) لكن هل دق جرس الباب فعلا ام انني اريد ان يدق الجرس و افتح الباب و القاك
(صمت … تظلم الاضاءة على الجميع الا بقعة ضوء علي الباب بينما نسمع اغنية نجاة الي حبيبي من اول).متي ستعرف كم اهواك يا أملا ابيع من اجله الدنيا و ما فيها (يعود الضوء خافت و تظهر السيدة بنفس الملابس التى كانت في اللوحة الاولى و معها الرجل يرقصان علي ايقاع الاغنية كما كانت في اللوحة الاولى، حتي المقطع الذي تقول فيه (فإن من بدأ المأساة ينهيها و إن ومن اشعل النيران يطفيها)، تضاء ساحة العرض عليهما وهي تضحك بينما هو يجلس علي حافة السرير في بؤرة ضوء وهى تظهر كشبح عند المرآة و يعود الضوء على الرسميين و المجموعة في العمق و كأنهم اشباح)
الرجل: سأخبرك عنى فى ليلتى الاخيرة بل عن ما كنت اظنه في ليلة عشقت ظلامها.
(تظلم ساحة العرض في لحظة صمت و يظل في العمق الرسميون و المجموعة كأشباح … تضاء يؤرة علي الرجل بثياب رثة عليها اثر دماء و السيدة ترتدى فستان احمر طويل الذيل و الاكمام كالتى ترتديه النساء الفلاحات في الافراح)
الرجل: مشيت الف عام حتي اتيتك من بين مخالب رجال تشبه مخالب الرُخ وبين انياب اخرون تشبه انياب الافاعى مررت بعكاظ وساحة القلعة و ارتويت من “زير” في السيد البدوى
السيدة: كنت هنا بالامس جوارى نتنفس الصبح وكنت تغطى كتفي بزنديك اين ذهبت؟
الرجل: (عندما يحكى نرى الرسميين يقومون بفعل ما يقوله) كان المملوك الابيض يركلنى امامه كحجر صغير بين اقدامه و تدحرجت من منحدر شارع “الحطابة” حتي وصلت الي منتصف الفسطاط و تلقفنى جنود المستنصر قبل ان اقع فى شرك أكلة البشر كنت اتضور جوعاً ورغم انهم القونى فى مجرى النيل الا انى كنت ظمئ كما الارض فى الصحراء حاولت الوصول اليك كثيرا رغم موتى الف الف مرة كل مرة كان قلبي يلتمس قوة اوزوريس وكل مرة اراك ايزيس لكن ايزيس بلا معجزة بلا حورس كنت أُلملم اشلائى بنفسي حتي اعود اليك
(تعود حركة الرسميون و المجموعة كما كانت قبل الحكى).
السيدة: هل قابلت النخاس الذى ابتاعنى من هؤلاء العسس، ان الصك مازال معهم. ما رأيك في فستانى هذا اليس جميل؟ انه احمر لقد اصبح لونى الاثير منذ ان مات النيل في الليلة الاخيرة منذ ان تأسست المدينة ذات الباب الواحد الذي تُنصب فوقه المشانق.
الرجل: (يقف المشهد على الرسميين و في بؤرة ضوء تجمع الرجل و المرأة) هل مررتى علي شاهد قبره؟ وهل عرفتيه من ملايين القبور؟ كان حورس يعرفه و كتب عنه جمال حمدان فصلا كاملا (يقترب منها في مودة وحزن) هل تذكرين صوته
السيدة: كان عذب …(صمت .. مُغيرة لهجتها لتغير الموضوع) فالنيل ماؤه دائما عذب
الرجل:صوته كان يغنيك في سره وفي العلن كنت قصيدته الاثيرة.
( يعود الضوء علي الرسميين و هم يفرقون بين كل ولد و بنت من لاعبى الاكروبات و الولد و البنت ثم يجرون كل واحد و واحده في اتجاه عكس الاخر)
الرجل: هل كان النيل راضيا بمجراه في هذا الطريق؟ هل كان مثلا يفضل ان يسير مستقيما دون ان يتفرع الي رشيد ودمياط و يظل يسير حتى يصل الى الاسكندرية او حتى يخرق الحدود و يمتد فوق البحر الي ان يصل حيث يقابل مثلا نهر “التيبر” و يتصاحبان في مسيرة تصل الي الف ليلة. كنت قد قررت ان اكون.. (صمت) في يوم ما كنت قد (صمت).. كان هذا منذ ان عرفت ان ست اغتصب من اخيه الحكم …(صمت)
السيدة: اشعر بالظمأ الشديد .. دائما تضع الماء جوارك… هلا اعطيتنى لاطفئ ظمأى؟
الرجل: هل علمتى ؟ مات ابي .. كان جالسا بجوار الساقية.. ابي لم يكن يوما فلاح بل كان نجارا يصنع من الخشب آرائك عليها نستريح ..
(صمت يتغير المشهد عند الرسميين الي مكان يشبه غرفة السجن و نرى الشاب فوق سرير مرتفع (سرير ذو ثلاثة طوابق) و هو بالطابق الاخير و بجواره نافذة صغيرة مغلقة بأسلاك شائكة و هو يرتدى نفس ملابس الرجل قبل ان تكون بهذا السوء و باقى المجموعة علي الاسرة و الرسميين يراقبونهم) الرجل: يقولون ان اول نجار كان النبي نوح و كان يصنع الفلك، عندما قررت ان اكون…(صمت) كان يوم زفاف اختى الكبرى و كنت مريضا انام وحيدا كنت اتمنى ان ارى الفرح عن قرب..(صمت) و لكننى لم استطع، (صمت) لو كان ابي لجد من اصحاب ابن نوح هل كانت البشرية تخلصت من الذين لا يستطيعون؟ هل قرأتى الجرائد امس؟ لقد اعلنوا بالخط الاسود العريض عن الفرح
السيدة: وارتديت هذا الفستان فهل تراقصنى حتي يبتهج ليلاً دام سواده
الرجل: هل استطيع؟
(يحاول الوقوف والامساك بخصرها ليرقصا دون سماع اي موسيقى تخفت الاضاءة علي الجميع حتي الاظلام التام)
اللوحة الثالثة
(يضاء علي الجزء الذي به النافذة في غرفة النوم مطلة علي ساحة او ميدان و السيدة تجلس بجوار النافذة تنظر الي المدي, لحظة صمت طويلة ثم ينحسر الضوء فى بؤرة عليها وهى تغنى “اسأل عن اللي يقضي الليل بين الامل وبين الذكرى” في بؤرة ضوء نرى البنت ترتدي فستان شبه الفستان الذى كانت ترتديه السيدة فى اللوحة الاولى و الولد يرتدى نفس ملابس الرجل قبل ان تكون رثة يقفان في الساحة بينما السيدة تبدو من النافذة كشبح. بينما نرى في العمق الرجل بين عمرى الولد و الرجل وهو في غرفة السجن و ينظر من النافذة)
الولد:منذ كان ابي ينفخ فى الناى عرفت الغناء هل سمعتى اخر ما غنيتك.. (يغني)عريس راكب مهرته البيضا.. فاتح للنور حضن البراح زارع الهوا تمرحنة..بسمته افراح..راسم الليل شموس بترقص بالعصا ميدانك مكانك اللى اشتهى الراح
(يدخل من احد جهات المسرح رجل غليظ الوجه ضخم البنية يرتدى زى مثل ازياء النخاسيين في عصر من عصور الظلام ربما العصر الرومانى يمسك بالشاب ويدخل خلفه بعض الرجال الرسمييون ممن يرتدون الزى الشرطى و زى مديروا المبيعات)
النخاس: لقد امسكت بك ايها العبد اللئيم هل تريد الهروب منى و تغازل بنات السادة
الولد: قولي له اننى من يعطيك الماء لتطفئين ظمأك قولي له اننى دمك الذي يسري بين لياليك و صبحك قولي انى هنا من اجلك
النخاس: ان السادة لا يشفعون للعبيد (يأمر رجاله) خذوه واصلبوه و ارجموه انه عبد مارق اثيم يريد ان يكون من السادة فيحب السيدة ذات البهاء
البنت: (تضاء بؤرة عليها و هي تتألم من الخوف علي الولد)
(يحدث ضجيج يحاول الولد الفرار و يحاولون تكبيله بالجنازير تخفت الاضاءة مع استمرار الضجيج حتى الاظلام التام بعد لحظة صمت تضاء بؤرة علي الولد في الساحة وحيدا وبؤرة خافتة علي البنت في النافذة بينما نرى فى العمق مشهد الرسميون و المجموعة كأشباح و هم يحاولون برمجتهم كما يفعلون فى الربوت, و نرى الشاب فى غرفة السجن فى مكان اخر بجوار الرسميين)
الولد: كنا قد تواعدنا فى هذه الليلة، التقينا، درب طويل من الليل مشينا وقفنا جانب قلبينا نحتسى لحظة من الارتياح، مرت سنون وانا في الاسر اكابد البعد و الشوق و الاستبداد.
(يضاء عليه وهو في غرفة السجن بينما يقف المشهد عليه في الساحة)
الولد: (في غرفة السجن مع صوت بعيد لطائرات) *اني اراكم تحلقون احرارا في السماء لكن هل انتم ايضا تعلمون اننى هنا اكابد ظلمة الاسر خلف كل الحواجز التى تعيق الطيران ؟هل تمرون على النيل؟ , سوف احملكم رسالة له, انى ماكث هنا وحيدا معزولا لا ارى الا ثمة طائراتكم و بالكاد اسمع صوتها , قولوا له ايضا انى خارج مهما طال الوقت وانى انا كما انا بصوتى و عقلى و قلبي لو مررتم علي حبيبتى قولوا لها انى عائد سيرتى الاولى .
(يقف المشهد في غرفة السجن بينما لازال الرسميون مع المجموعة يبرمجونهم ويضاء على الولد فى الساحة)
الولد: قلت لكِ انتظرى انى عائد الى سيرتى الاولي و لقد تمردت و اكلت الظلم فى عسرتى وانتصرت فأين انتِ؟ الم اقل لك انى عائد سيرتى الاولي؟. اتدرين كيف كنت، الم اكن جوارك وهم يقتلون الفجر فى عينى؟ومع هذا قلت لكِ انتظري انى عائد سيرتي الاولي انني اخلف بدل الفجر الف فجر، لم بعدتى و تركتيننى؟ انظرى هذا ساعدى و هؤلاء رجالهم (يشير تجاه العمق)
( تخفت الاضاءة و تنحسر بؤرة ضوء على الولد و نسمعه يغنى ما كان يغنيه قبل ان يأخذوه ثم نرى فى العمق الرجال الرسمييون والنخاس كأشباح و يصارعونه و يصارعهم وهو على هيئته التى كان بها فى غرفة السجن و كلما حاولوا قهره خرج منه شخص اخر شبهه حتي يكثر الشباب و يصارعونهم”للمخرج ان يصنع هذه الصورة كما يراها علي ان يراعى تشابه الزى فقط “يظل الشباب على المسرح كأشباح غير و اضحة ملامحهم بعد خروج النخاس و يظل الرسمييون )
الولد:قلت لكِ انتظرى انى عائد الى سيرتى الاولي و لقد حلقت فى السماء كما كنت قد وعدتك انت و النيل
(يرددون هذه الجملة و يخفت الضوء حتى الاظلام التام)
اللوحة الرابعة
(يضاء علي غرفة النوم كما كانت في اللوحة الثانية و السيدة نائمة علي السرير بينما تعود في العمق حركة الرسميون و المجموعة كأشباح وهم يضعون الأولاد و البنات في فاترينات كالتى تباع فيها البضائع و على رؤوسهم الاقفاص الحديدية)
السيدة: هل قمت؟، اننى لم انم طيلة الليل، لقد تعودت ان تقوم من فراشنا و تغادر الدفء منفردا و لقد أعتدت ان احرس ليلك، مرت مئات القرون و كنا قد تعودنا ان نلم الهم و نقسمه فيما بيننا .. و نضحك،كان كأسنا في النهار المحمل بالعرق .. ضحكة بطعم التعب.. كأسنا في الليل حول بأسنا .. الشاي … وضحكة بطعم الغد اعتدنا كثيرا السير خلف الصعب (صمت.. تعتدل جالسة علي السرير) اين انت هل غادرتنى الي الابد؟
(صمت و تبدو هى كالشبح و يتضح العمق لنرى الرسميين وهم يقومون بتمثيل ايمائي لبيع المجموعة الموجودة في الفتاريين بما فيهم الولد و البنت بأعمار مختلفة)
السيدة: منذ تلك الليلة لم اعرف اين انت اتذكر منذ اتي هذا الذي اختطفني من خلفي غدرا، تلك الليلة التى تواعدنا فيها و تقابلنا ليلتنا الاثيرة ذات الفستان الاحمر
(يعود عليها الضوء بوضوح بينما نرى العمق كأشباح، تذهب الي خزانة الملابس و تخرج الثوب الاحمر الذى كانت ترتديه من قبل و ترتديه يبدو عليه اثار دماء و بقعة سوداء و عليه غطاء يغطي الرأس و الوجه تواجه الجمهور في بؤرة خافتة ,صمت… ثم يظلم المسرح ويعود على جزء من الغرفة بجوار النافذة المطلة علي الساحة و يعاد نفس المشهد السابق لكن من منظور البنت)
الولد: منذ كان ابي ينفخ فى الناى عرفت الغناء هل سمعتى اخر ما غنيتك (يغني) عريس راكب مهرته البيضا .. فاتح للنور حضن البراح زارع الهوا تمرحنة .. بسمته افراح .. راسم الليل شموس بترقص بالعصا ميدانك مكانك اللى اشتهى الراح
(يدخل رجل يرتدى زي يختلف تاريخيا عن زي النخاس السابق ليكن في عصر احد الدول الاسلامية من خلف البنت و يضع شريط ابيض علي فمها ثم يكبل يديها بشريط اخر الي ان يلتف الرجال الرسميون حول الشاب حتي لا يراها ثم يضع المُخطتِف علي رأسها الغطاء بينما تحاول ان تتحرر منه و تطلب من الشاب ان ينقذها بإيماءات لكن الشاب لا يراها يختطفها الرجل و يخرج بها من احد الجوانب البعيدة عن الشاب تظلم ساحة العرض تماما و يعود الضوء علي البنت تجلس مكان السيدة علي المقعد بجوار النافذة لكنها ترتدي فوق رأسها ما يشبه القفص الحديدي و تبدو صعبة الحركة و السمع والنظر بسبب هذا القفص و يعود الضوء الخافت على عمق المسرح و الرجال الرسميين و المجموعة و معهم الولد و البنت بأعمار مختلفة ليس من بينهم الشباب و هم يلقنونهم كلام عبر اجهزة صوت ولا نسمع الصوت)
البنت: كنت املأ الدنيا بخطواتى و جهدى كنت ازرع امل و احصد فجر صوتى كان نبراس تهتدي به الطيور اخاف اليوم اللوم حتي ان بكيت بصوت مسموع، اين انت؟
(تظلم ساحة العرض تماما للحظة ثم تعود بؤرة في عمق ساحة العرض و البنت تجلس ومعها بنات الاكروبات و هن يبعن كسلعة و يدخل الرجال لتفحصهن في حركة ايقاعية, يأخذ البنت رجل غليظ و يتجه بها الى احد جوانب المسرح يلقيها علي مكان مرتفع شبه السرير او اريكة و في حركة ايمائية ايقاعية عنيفة يقوم بأغتصابها تصرخ البنت صرخة القتل ,يقف المشهد و تخفت الاضاءة تدريجيا حتي الاظلام التام و بعد لحظة تعود علي البنت و هى تجلس بجوار النافذة )
البنت: هل غادرتني الي الابد؟ منذ رحلت و لم يدق بابي الا من رأى فيّ مطلبا منذ ان رحلت و انا استيقظ من نومى عطشى و اتسربل في قيودى فى ظلام احياه، نسيت النوم، اين انت؟ الا تسمعنى؟ اين انت؟ هل فقدت قلبك الذى اسكنه؟
(تنفعل و تحاول القفز من النافذة الا ان ما فوق رأسها يجعلها تقع خلف النافذة بجوار المقعد بصوت عال مع الاظلام التام)
اللوحة الخامسة
(يضاء علي ساحة العرض في مستوى اعلي تظهر قلعة محمد علي و علي الجانبين اعمدة من مختلف العصور التى مرت علي مصر منذ المصريين القدماء و الي الان وكأن المكان مسرح رومانى . في المستوى الاعلى يقف الرجال اصحاب الملابس الرسمية و معهم اجهزة تحكم عن بعد و في المنتصف البنت و الولد بأعمار مختلفة من الشباب و حتى الشيخوخة بنفس الملابس التى ظهروا بها في اللوحة الاولي و فوق رؤوسهم اقفاص حديدية كما يوجد معهم لاعبي الاكروبات و ايضا علي رؤوسهم نفس الاقفاص الحديدية يحاولون اللعب بالكرة لكن يختل اتزانهم فيتخبطون في بعضهم و ما يلبث هذا الموقف حتي يتحول الى اشتباك بين الجميع فيسقطون على الارض يتحكم الرجال الرسميون فيهم بآلة التحكم عن بعد و يوقفونهم و يجعلونهم يراقصون بعضهم و لكن لا يستطيعون اكمال الرقص بسبب الاقفاص فيختل توازنهم و يسقطون على الارض يعود الرجال الرسميون للتحكم فيهم و يوقفونهم و يجعلونهم يمارسون الحب معا و كلما اقتربوا من انتهاء العلاقة يفرقون بينهم يظل هذا الفعل يتكرر)
الولد: مجبور على التكرار رغم الحب و رغم الشوق ماتت دهشة المتعة
السيدة: لم يطفئ ظمأى الا لقاء عفوى
البنت: في ميدان عام يهدر دمى علي رمل الشارع
الرجل: عارف يعني ايه تموت و حواسك عايشه! مت والقبر دنيا واسعة. اشم ريحة عفني. واشوف ديدان الأرض تنهشني . ظلام رغم البصر. لا شايف طريق . ولا قادرا اجري..
( في لحظة يتوقف المشهد علي الجميع مع صوت موسيقى اغدا القاك لمحمد عبد الوهاب ثم يتحرك المشهد على حركة لكل النساء تشبه المخاض مع اصوات المخاض منبعثة من النساء ,لحظة صمت يكسرها صوت بكاء اطفال يشكل جميع من في الساحة دائرة بينما الرسميون يحاولون التحكم فيهم ليبعدوهم و بعد فترة مع موسيقى النجاح يتفرقون و يسقطون على الارض في دائرة شبه زهرة متفتحة و نرى في الساحة اولاد بلا اقفاص فوق رؤوسهم يحاول الرسميون الوصول اليهم لكنهم يفشلون بسبب تعثرهم بالاقفاص الموجودة فوق رؤوس المجموعة التى شكلت اطار دائرى تحمى الاطفال يزيد الصراع و كلما حاول الرسميون الوصول اليهم سقطوا بسبب تعثرهم في الاقفاص يظل الفعل يستمر مع خفوت الضوء تدريجيا حتى الاظلام التام)
ستــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار
محمد اسماعيل القناوي / 28/6/2022