هيمنة الدلالي المثالي واستنطاق الواقع في انساق مسرحية (قيء)* للكاتب علي العبادي/ حيدر جبر الأسدي
قام (كينيث بورك) في إحدى دراساته وهو يجول في تصنيف النزعة الطقسية بوصفة يمركز هكذا اصطلاح ضمن سياقات العرض المسرحي الفلسفي بعدما أحدثه نيتشه من تمظهرات الفلسفة داخل انساق العرض المسرحي، لينحت (بورك) ويضيف لنا اصطلاح (الدلالي المثالي) وهو صياغة (اوستن) لفعل (الكلام الاستفزازي) عبر استخدام اللغة بوصفها وسيلة تنظيمية للحقيقة، واللغة هنا جاءت كفعل رمزي تعبر عن حركية الجسد وعلاقته بالنطق، ليتمظهران ( الجسد / النطق) تصوراً ذهنياً جمالياً غائراً في تضاريس المتن النصي.
ومن هنا وظف (العبادي) بدءاً من بنية العنوان الرئيسي (قيء) هكذا علاقة تبادلية بين (اللغة) و(الجسد) في استنطاق مجريات الأحداث، رجل وامرأة يعيشان حالة من التيه بين أرصفة الموت، بعدما لفظهم المجتمع ليخرجان من انساقه التداولية، وليعيشان حالة من الغربة الداخلية، بعدما فقدا كل شيء ومنها المنظومة القيميّة التي يعدانها زائفة لأنها لم تتح لهما حياة حرة كريمة هانئة، وكما جاء على لسان شخصية المرأة في الحوار الآتي:
المراة : ” على مدى شهر وأنا اتقيء كل القيم الزائفة، التي كانت قرانا لي ذات يوم”.
وهذا حوار استنكاري من الكاتب، واستفزازية في الوقت نفسه للآخر، بدأها ليعلن بدأ حركية النص باتجاه تثوير واقع غائر في الخراب، أبناؤه يفترشون الأرصفة، وهو مدخل دراماتيكي، ليضعنا الكاتب أمام بوابات الجحيم التي فتحها علينا، وهو يصور حجم الخراب والدمار الكبير الذي خلفته الانفجارات التي حدثت في أماكن مختلفة من البلاد، منها هذا المكان الذي أصبح مسكناً لهذه المرأة ، والتي تمثل (الأم، الزوجة، الأخت) التي فقدت كل الضحايا في هكذا انفجارات، لتتحول في لغتها الدلالية الاستفزازية وهي تصف الآخر وإتساخه الإنساني إلى شخصية (ناقمة) و(متمردة)، كما في الحوار الآتي:
المرأة: (وهي تخاطب الحارس) “ماهي الكمية التي نحتاجها من الماء كي نتطهر من ال….!؟” أو أنها تجادل الحارس في موضع آخر من البنيات النصية حيث تقول: