المخرج.. كيف؟/ محمد الروبي
عزيزى المخرج الشاب، هل تعتمد مدرسة إخراجية محددة؟
انتظر، لا تجب! فالسؤال خاطئ! والسؤال الخاطئ يفضى إلى إجابات خاطئة.
أعرف أنك تعرف أن هناك مدارس إخراجية وضعها الآباء المؤسسون، وأعرف أنك تعرف أن هناك أسماء حفرت وطورت فى عالم الإخراج، وأسهمت بجهدها فى تشكيل وعيك، وأعرف أنك تحفظ هذه الأسماء عن ظهر قلب، تعرف آرتو، وكريج، وجروتوفسكى، وبروك، و… و… و… و…، لكن انتبه ..فكل هذه الأسماء – وغيرها الكثير – لن تجد لهم كتابا أو كتابة تخبرك “كيف تخرج أنت”، لكن كل كتاباتهم وكتبهم وما كتب عنهم، ستقول لك “كيف أخرجَ هو”، كيف – بعد تجارب كثيرة – توصل إلى ما رآه الأفضل فى الوصول إلى جمهوره المستهدف، بل والكثير منهم – إذا تتبعت كتاباته وما كتب عنه – ستكتشف أنه تراجع عن بعض آرائه، وطور وحدث فى بعض آخر، وفقا لهدف محدد رآه الأصلح لتحقيق ما يصبو إليه. و هذا الذى يصبو إليه، هو مربط الفرس.
ما معنى هذا الكلام؟ هل يعنى أن نتجاوز عن كل هذه المحاولات التى صارت مدارسَ؟ أم أن نلقى بها فى البحر ونشرع من النقطة صفر؟ لا يا عزيزى، إن المعنى واضح، وهو أن نعرف كل هذه المدارس، ونتعرف عليها وندرس علاقتها بمحيطها الاجتماعى السياسى الفنى، وبعلاقاتها بمن سبقوها ومن لحقوها، ونلقى بها فى بحر عقلنا، فتصبح – بعد حين – إطارنا المعرفى الذى يشكل وعينا – ولاوعينا – نستفيد منه فى تحقيق هدفنا .
لذلك ابحثْ بين هذا وذاك عما يحقق هدفك، لكن قبلها حدد هدفك أولا، حدد جمهورك، حدد ماذا تريد أنت، بعدها ستجد كل أولئك حاضرين رغم غيابهم، استفِد منهم ولا تهتم كثيرا بذلك القيد الوهمى الذى يسميه البعض “الخلط فى المدارس”.
وكى أطمئن قلبك، سأحيلك إلى مبدع من أهم مخرجى المسرح المعاصر. وهو الراحل العظيم بيتر بروك، هل تعرف يا صديقى أن متابعيه ومحلليه ومفسريه اتفقوا على تسمية منهجه بـ”التلفيقي”؟! نعم، لكنه الوصف الذى لا يعنى ما تبادر إلى ذهنك الآن، أو ما يمكن وصفه بـ”الخليط غير المترابط”، وإلا ما كان بيتر بروك هو بيتر بروك، لكن وصف “المنهج التلفيقى” يُقصد به تحقيق ما سبق أن قلناه آنفًا، ما هدفك؟ من جمهورك؟ ماذا تريد أن تحقق بالمسرح؟ وأمام كل هذه الأسئلة فكل شىء مباح، وكل سعى محمودٌ.
والآن، فلنعد إلى السؤال الأول: “ما المدرسة الإخراجية التى تعتمدها؟”
أظنك الآن تضحك، ولك كل الحق.
عن: النشرة اليومية للمهرجان القومي للمسرح المصري (العدد الثامن)