الهيئة العربية للمسرح..التواصل والاتصال في الانجاز  ثوابت أم اجتهاد!! (ج2)/ د. عواطف نعيم

كما أسلفنا سابقا كان لوجود الهيئة وبداياتها حسب التوجهات والاهداف التي انطلقت لأجلها مبعث طمأنينة ورضا لدى أغلب المسرحيين العرب الذين وجدوا فيها نافذة جديدة وجادة لدعم وتطوير مشاريعهم وخططهم وسعيهم المثابر والعنيد في ترسيخ حركة مسرح عربي يسعى ليلّم بأسس الحداثة والتجريب والاكتشاف للظاهرة المسرحية بما يجعلها وهي أهل لذاك تقف الى جانب التجربة العالمية بذات النضج والاهمية والمكانة فما حوتّه  وانطوت عليه بنود وأهداف الهيئة التي تم الاعلان عنها والتبشير بها كفيلة بتحقيق ذلك أن صدقت النوايا وخلصت التوجهات، لذا كان انطلاق الهيئة في أولى تجاربها أشبه بكرنفال فرح وافتتاح يشي بأن القادم سيكون أجمل وأن التجارب وهي تحث الخطى نحو المستقبل ستغني الحراك المسرحي العربي وستنفض الغبار عن تكلس ورتابة العمل ليتحرك بأفق من الحرية والانفتاح والبحث الرصين والمميز، على الجانب الآخر من الترقب الثقافي والفني  كان هناك من يقف ضد وجود هذا الوليد الجديد (الهيئة العربية للمسرح)  الذي التف حوله العديد من أصحاب المنافع والباحثين عن الفرص وراكبي تيارات الانتهازية واللعب على حبال المنافع والمغانم وهذا أمر طبيعي فليست كل النوايا سليمة وليس كل الالتفاف حول ضوء يلمع يخلو من المحاباة والمخاتلة، أوليس المصالح في كل الحالات ولدى العديد من أصناف البشر غالبة ومؤثرة؟ والفنان ما هو الا واحد من البشر يتأثر ويتمثل ما في مجتمعه من توجهات وميول حسب ما جبل عليه واقتنع به طريقا وسياسة عمل !!! وهناك أيضا وعلى جانب أخر وقفت مجموعة من الفنانين المثقفين على حذر وترقب لطبيعة المولود الجديد ليس رفضا له بل خوفا من ان يسعى البعض ممن اوكلت له مهمات القيادة والادارة  فيه الى تحويله لوسيلة تخضع العاملين والفرق التابعة لهم الى ارادتها وتحولهم أدوات تركن وتلتزم بما بملى عليها من قبل ذلك الوليد تحت مسميات الدعم والانجاز والترغيب بتقديم منجز يفصّل ويصّنع على وفق تلك الاملاءات والقياسات المنصوص عليها لدى تلك القيادات وخشية من أن تتحول مسارح عريقة في بلدان عربية متقدمة أسيرة تلك القيادة ومطواعة لما يطرح عليها من تصورات ورؤى وبل أن تكون ذات ريادة وتأريخ تصبح تابعة ومنقادة الى مسارح لما تزل تتلمس طريقها في حركة مسرحها المحلي، هذا ما كانت تمور به الساحة العربية المسرحية من أفكار ونثقاشات وتوقعات ومقترحات لكن فعل الهيئة كان نشطا ومستحوذا يضج بالمشاريع والخطط والورشات والملتقيات والمسابقات وكل ما كان يحلم به العقل المسرحي العربي لذا لم يكن غريبا أن يسعى اغلبية المسرحيين للتعاون مع الهيئة وتعضيد خططها والرد بقسوة على من يناوئها أو يحاول التقليل من أهمية انجازها، أصبح للهيئة جوق مهمته أن يبشر بكل خطوة من خطواتها وأن يعتبر كل ما تنجزه فتحا جديدا لم يسبق اليه أحد، وكانت أغلب الاتفاقات والانجازات وحتى اقامة المهرجانات تتحدد وتنحصر في بلدان عربية بعينها وحتى حين يتم اختيار من يكون ضمن مجلس أمنائها فلابد وأن يكون ذلك من ذات البلدان التي تدور في فلكها نشاطات الهيئة وتعاملاتها !! العمل مع وزارات الثقافة والعمل مع وزارات التربية، دعم ورعاية أصحاب الفرق والورش التي يرتبط أصحابها بعلاقات ودية  وجيدة ومطواعة لارادة وقرارات الهيئة، وباتت الهيئة تشكل حضورا مهيمنا ليس على المسرحيين والعاملين في المسرح في عدد من البلدان العربية  التي تعنى وتهتم بالظاهرة المسرحية بل أصبحت مرجعا ومزارا تؤخذ منه القرارات والتوجيهات فيما يخص هذا المهرجان أو ذاك الملتقى  أو هاتيك الفعالية ولاسيما في البلدان التي تسعى لاقامة مهرجاناتها وتكون بحاجة الى توفير الدعم المادي واللوجستي لاسيما وأن الهيئة تمتلك ذلك الرصيد المادي الوافر وتنص أهدافها على تفعيل ودعم المسارح في البلدان العربية، هل كان ما تنفذه الهيئة من فعاليات وتعقده من مؤتمرات وتنسقه من مهرجانات ينطلق من حقيقة أهداف وبواعث انطلاقها أم أن هناك من عمد الى تحويل الهيئة العربية والتي جاءت منقذا ومفعلا وممولا للحراك المسرحي العربي الذي كان ينوء تحت ثقل الفكر الاحادي ومحدودية التلقي والدوران في تيارات الخوف والحذر والتابوات المحرمة وهيمنة الاسماء التقليدية والمقيدة والمتنفذة على فضاءات المسرح العربي الى ماكنة ارادات  تلتف على ما حولها وتزيح من يخالفها الرأي وتلجم من يعارضها الرؤى؟ ونحن إذ نتحاور حول الهيئة العربية للمسرح فنحن ننطلق من بوابة حرية التعبير والحرص على الحفاظ على وجود الهيئة وتصويب مسارها دونما انتقاص أو تعريض لذا فللحديث تتمة …

 

    **  د. عواطف نعيم/ كاتبة ومخرجة مسرحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت