نص مسرحي: ” على شرف الأرواح” / تأليف: عبد الصاحب إ أميري
في فصل واحد
*** ملاحظة:
لا نرى من شخوص المسرحية،، سوى العجوز ماجد،، البقية نستفيد من صوتهم فقط
*** الستارة مرفوعة من دخول اول لقاعة العرض
** شخوص المسرحية:
ـ العجوز
ـ المجموعة (الأشباح) خمسة أصوات..لا نبصرهم..نحس بحركتهم و وجودهم اصغر الأولاد..نسمع صوته فقط
المنظر: لا نشهد من المشهد شيئا سوى ظلام دامس يغطي الخشبة.
(ساعة الحائط، تدق أثنى عشر دقة، ومع كل دقة يعد العجوز، دقاتها)
العجوز: واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية، تسعة، عشره، أحدى عشر، أثنى عشر (الساعة تتوقف عن الدق) انتصف الليل..ولم يغمض لي جفن..ولم أحلم..لا بأمي.. وأبي..و أخوتي..و أيام الخوالي أليس هذا ظلماَ؟ أليس هذا نوعاَ من العذاب؟ أنتظر الحلم عمراَ
المجموعة: (تصفق بنسق خاص، نستمع إلى أصوات التصفيق) أرواحنا. معك يا ماجد
العجوز: (يستيقظ خائفا) أنتم من جدبد؟
المجموعة : نعم. أرواح
العجوز: تروني ولا أراكم،اتمنى أن أستعيد يوماَ من تلك الأيام، أي يوم كان، أنتظركم في أحلامي دون جدوى
المجموعة: سترانا
العجوز: متى؟؟
المجموعة: عندما يأتي يومك
العجوز: متى؟
المجموعة: الله أعلم (بلحن موزون) قد يكون الساعة..الساعة أو بعد حين..بعد حين سنلتقي
العجوز: (يتمتم) الليلة كباقي الليالي، لم أتمكن من النوم لحظة (يهرب النوم) إن بقيت على هذه الحالة..سأجنّ عزف غير. منتظم في أذني، لملحن لا يفهم من اللحن شيئاَ كحركة قطار مستهلك كإبريق الشاي حين يغلي كالرياح حين تغضب كلّ هذا في أذني..؟؟ لا أدري، لابد أن أفعل شيئا
المجموعة: لابدّ..
العجوز: ماذا لو اقدم الليلة عرضاَ مسرحيا؟.. أسترجع أيامي والهو، أيام كنت أقدم عرضا.. أدعو أمي وأبي، واشاركهم في العرض
المجموعة : (فرحين) نمثل
العجوز: (يضحك) جعلت منهم ممثلين. واه ما أجملها من ايام، لم أكن فيها وحيداَ حتى لحظة قد أنسى قد اتعب وبعد العرض أنام (مخاطبا الأرواح) أنتم لا زلتم هنا
المجموعة: أين تذهب؟ قررنا أن نكون الليلة معك عرض وسط الظلام، أمر غير ممكن ممل بعض الشيء.. الليلة نشهد عرضا نشهد عرضك
أحدهم: آخر عرض شاهدته، عندما كنت حياَ، بدعوة ولدي كان في العرض ممثلا ومخرجاَ
العجوز: (يصفق فرحاَ) كالأيام الخوالي (مخاطبا الأب) أبي أنت معي؟
المجموعة: كلنا معك
العجوز: أنظر إلى الجهة اليمني من الغرفة، مجموعة من الأشياء، اقتنيتها لنا، أرادوا أولادي رميها حين انتقلنا إلى هذا البيت، فيه عشرة غرف، يقولون لا مكان لهذا الحاجات غضبت لأن فيها كلّ ذكرياتي اعترضت، تذكر الفوانيس، اقتنيتها لنا لشهر رمضان المبارك ستكون الليلة منبع نورنا الفوانيس قد تؤدي بالغرض، توجد أعدادا منها (مخاطبا الجماهير) أنا أعلم لا أحد يشاهد عرضي (مخاطبا الأرواح) ألا انتم هي لعبة، هي تسلية..
المجموعة: المسرح هو الحياة
العجوز: بالإضافة إلي جمهوري الوهمي نفترض وجودكم، كي أدخل بالدور، سأنير بالفوانيس المنصة لحظات و تشاهدون الديكور يصفق،، إنارة
(غرفة. غير مرتبة كمن تكون مهجورة، سرير خشبي، كرسي متحرك، كرسي مستهلك، ولعب متروكة موضوعة على جانب، أي المكان يستعمل كمخزن، متروك)
العجوز: (يظهر على الكرسي المتحرك) أسعدتم مساءَ، جمهوري العزيز أسعدتم مساء عائلتي، أتمنى لكم وقتاَ طيباَ مع مسرحية لا أدري ماذا اسميها عرض في منتصف الليل على شرف الأرواح هذا العنوان الأخير فيه معان كثيرة وإشارة واضحة لكم يسعدني أن يحمل العنوان، جزء من هويتي إذن عنوان المسرحية على شرف الأرواح هذا عنوانها
المجموعة: علي شرف الأرواح
العجوز: أنتم يا سادتي، في غرفتي، محل نومي، استراحتي، ولنفترض أن الجدار الرابع، لا جود له، أنتم الآن في قاعة عرض المسرحية أرحب بكم أجمل ترحيب صفقوا، دعوا السعادة تنفذ إلي أرواحكم (صوت تصفيق وهمي، يسمع)أنا صاحب العرض لا نص مكتوب عندي لا مخرج لا َممثلين غيري، سوى خمسة أرواح َمن عالمنا الأبدي ولا مدير مسرح، ولا ملقن، لأني أعيش هنا وحدي (يتحرك بكرسيه للأمام) هذا بيتي، بنيته من عرق جبيني، كنت محاسباَ شريفاَ عملت ليل نهار من أجل أولادي أسرتي معكم تشهد على أقوالي
المجموعة: نحن نشهد
العجوز: أن كل ما يقال هنا، يبقى سراَ بيننا، أبنائي لهم أسماء معروفة، لامعة، في هذه المدينة ولهم شأن، وأنا كان لي شأناَ، ولأبي مدرسة مادة العربية، شأن قد يعاتبوني، إذا عرفوا أنني تحدثت لكم ما يخص أسرتي ولَم قد؟ يعاتبونني بالتأكيد، لا أحد يعرف بأنني أعيش هذه الحالة، بين جدران أربعة يكون موقفي صعباَ أحب أن أقولها همسا عندما يأتي لهم ضيفاَ. خاصة من عائلتي يدعون حلاقهم للبيت ، يحلق لحيتي الكثيفة وأرتدي أجمل ملابسي أفعل كلّ ما يطلبوه مني (يضحك) أكون دمية بين أيديهم.
المجموعة : (يضحكون بصوت عال) دمية
العجوز:هكذا اعتادوا معي منذ صغرهم،، أحيانا كنت أصبح لهم حصاناَ
المجموعة: (يضحكون) حصان ..
العجوز: كم جميلة هذه الأيام ياليتها تعود أنا احبُ أولادي، حباَ جماَ.. خلقت من أجلهم.. ومن أجل زوجتي.. تركتني وذهبت إلى عالم ثاني.. دون تستأذن مني صوت..رغما عني يا ماجد..الموت أخذني
المجموعة : رغما عنها،، الموت أخذها
العجوز: (مخاطباَ ا الجمهور الوهمي) سادتي الحضور.. بدأ العرض، مسرحية علي شرف الأرواح (يمثل، يعتمد في السير على العصا) لا أدري كيف أتخلص مما أنا فيه (مخاطبا الجمهور) أخبروني، كيف أهرب من واقعي؟ واقع لمسته عن قرب واقع رسمته لي الأيّام، بعد أصابتي بالنخاع الشوكي، شلت ساقي من الحركة، واصبحت قعيد البيت، ها تروني، كيف أحرك أقدامي بصعوبة احركها، حباَ بكم وبهذا العرض لا أدري، قد ترسمه لك يوماَ من يدري؟؟ قطعت علاقتي، بالعالم، شيئا فشيئا عندما يشيخ الإنسان، يترك بين حين وحين، طموحاَ مما كان يحب، يعشقه بعد أصابني تركت عربتي لأبني الصغير موت زوجتي، كانت الفاجعة، وما تبقى من حب الدنيا ولى اليوم لا شيء فيه بعد اليوم ينفعني
المجموعة: لا شيء في هذا العالم ينفع
العجوز: حتّى ساعتي، فالوقت لا يعنيني
المجموعة: الوقت لا يعنيهه
العجوز: أ تعلمون أنا، السّاعة وكلّ ساعة تمضي حَبِيس. جدراني لا أحد أرى ولا أحد يراني
المجموعة: أمر لا يعد سهلا الوحدة قاتلة الوحدة، تقود للجنون للجريمة
العجوز : كلّهم اختفوا من أمامي، حتّى أولادي تدمع عيناي لا أحد يمسح دموعي ( تدمع عيناه، يمسحها بكم ثوبه)
(صوت طرق على الباب)
المجموعة: الباب يطرق
العجوز: أعد الطرقات، لمعرفة الطارق (يعد الطرقات.. واحد، اثنان، ثلاثة) أنه أصغر أولادي (فرحاَ، فرحته لا تطاق) سترى حفيدك يا أبي، ولدته أمه وذهبت لعالم ثاني جدي زوجتي
المجموعة: رايناها
العجوز: كيف و أنتم في الداخل، وهو خارج
المجموعة: الأرواح تتنقل بسرعة الضوء
العجوز: (مخاطبا الأرواح) أنه إبنك يا زوجتي العزيزة تركتيه يرضع .. لا يحق لي فتح الباب لكل طارق (يسرع بالكرسي المتحرك، نحو الباب يفتحه)
(يبقى القادم خارج الكادر، لا نراه)
أصغر الأبناء: مساء الخير
العجوز: مساء المحبة، أمك هنا، اتود أن تراها
أصغر الأبناء: هل تدري ماذا تقول ام تمزح معي …أتيت بفطورك
العجوز : اصبح الصبح
أصغر الأبناء: الليلة، سنقضيها في بيت عمي،جهزنا فطورك، ولا تقلق علينا صباح الغد… بدأت تمزح يا ابي لا تقلها لشخص ثاني
العجوز: ( يتناول الفطور) ياليتك كنت تزورني لحظة واحدة منك تكفيني، ولدي آخر العنقود أتذكر صباك؟ حين كنت تلعب معي؟ أ نسيت ؟؟
أصغر الأبناء: كيف انسى، أخي بانتظارى
العحوز: هكذا الحياة في آخر العمرِ لا تجد من تشكو له همّك سوى ظلّك والظّل، ظلّ، يبقى صامتا كالجدرانِ ولدي أصغر الأبناء، عليّ أن أذهب (يغلق الباب ويعود خائباَ) أمنيتي. أن أرى حلما، ولو لحظة أرى جدّتك، كيف كانت ترعاني؟ أرى أمّي، حين كانت تعلّمني أرى زوجتي لا أدري لم أمنيتي لم تتحقّق حتّى ليلة من هذه اللّيالي فالحلم هو الآخر قد نساني انتهى العرض، غدا نقدم لكم الفصل الثاني
المجموعة: نعود من حيث أتينا
ظـــــــــــــــــــــــــلام