في يوم المسرح العربي 10-1 من كل عام نحن بحاجة إلى صوت المجموع/ جبّار ونّاس
ليس غريباً عليها أنْ تكونَ حياتُنا الراهنةُ بكلِّ أوزارِها صاغيةً تُنصتُ وعن قربٍ لذبذباتِ ما تبوحُ به حناجرُ الجميع ذلك أنَّها (حياتنا) ومن فرادةِ ما تحظى به من سطوةٍ وبهاءِ حضورٍ لايكادُ يأخذُ له من ميزةِ الوجودِ الحي إلا حين تُزجيه تلك الحناجرُ بفيضٍ من نداءاتِ الوثوبِ وتظفي على مساراتِه من شرعيةِ الأثرِ المثمرِ والمزكى بأريحيةِ التواشجِ المقابلِ إنتشاءً، عطاءً، تماهياً خلاباً، فعلاً مقابلاً سيكون محملاً باوزارِ الأمانةِ وهيبةِ الوجودِ الذاهبِ نحوها (حياتنا) بجليلِ العرفانِ ونشوةِ الأرواحِ حين تُنعم بقيمِ الفعلِ والأثرِ المعلى..
ذلكم هي الحياةُ (مسرحنا الكبير) نهرٌ جارٍ يتسامقُ بعزةِ الحركةِ وديمومةِ المسيرِ إلى امام..
وجميلٌ منا – أيُّها الأحبةُ- حين نتدبرُ قولَ الشاعرِ العراقي (طارق ياسين) وهو يكتبُ بلغتِه العاميةِ ويفلسفُ لنا تلك العلاقةَ الجدليةَ القائمةَ بيننا وبين حياتِنا إذ يقول:
النهرْ طبْعَه المشي غنيله خلْ يمشي
وتلك هي نوابضُ روحِ شاعرِنا وهو يرصدُ مخاضاتِ نهره حين يمشي ليجازيه بثروة الغناء وهو غناءٌ مجازي يحملُ بين طياته من مآلاتِ التأويلِ والتبصرِ إذا ما ذهبنا مع رواشحَ ما تنفضُه أمامنا كليةُ الغناء الحاويةُ على التبصرِ والتأملِ والتفاعلِ والإيمانِ العميقِ بسرِّ وديمومةِ تلك الحركةِ التي يتشحُ بها ذلك النهرُ(الحياة)
وعظيمٌ بنا – أيُّها المسرحيون في كلِّ ركن من وطننا العربي الكبير-أنْ نذهبَ صوبَ تلك الخشبةِ وندخلَ في حضنِها ونعلي من سيمفونيةِ الغناءِ بإتجاه ما يحتضنُه ذلك النهرُ المسمى حياةً ونتعظَ من قيمةِ ذلك الإحتضانِ إذ تكمنُ فيه كلُّ مخاضاتِ وتفاصيلَ ما يمورُ به راهنُ واقعِنا وبكلِّ مسراتِه واوجاعِه
ومن المسرةِ أنْ نكونَ على مسافةٍ واحدةٍ في الإيمانِ العظيمِ بقدرةِ ما تبوحُ به حناجرُنا وبروحِ المجموعِ حيث أنَّ تلك الخشبةَ ليس من تاريخها سوى أنَّها تكتنزُ وتنمازُ بصوت الجميع وهذه هي فضيلةُ المسرحِ ليعيشَ صادحاً بروحِ الإنسانِ وهو يتزينُ بنياشينَ الإنسانية جمعاء..
مباركٌ يومُ عيدِ مسرحِكم العربي ومبارك لنا أننا نسمعُ نداءاتِ خشبةِ مسرحِنا وهي تفيضُ بصوتِ المجموع لتقولَ بقيم الإنسان معرفياً، ثقافياً، جمالياً
ولِتطردَ من مآلاتِ التخلفِ والتراجعِ والوهنِ الحضاري ومن مثاباتِ القهرِ والتسلطِ والديكتاتوريةِ وقتلِ روحِ الإنسانِ وسلبِ إرادةِ حضورِه بين براثن القطيع وجعلِه ينقادُ إلى ماضٍ مريض تختنقُ فيه كرامةُ الإنسانِ وتضيقُ بين أوصاله مساحاتُ الفعلِ الآدمي المثمر…