الخطاب السينمائي ../ احسان وفيق السامرائي
يقوم مصطلح الخطاب السينمائي على تقنين سياق دلالي تولده بنية ثقافية وحضارية معينة وهو انتقالة الى محيط حضاري وثقافة اخرى يفترض ان يتم بعيدا عن الية التبعية ومشروطية الهيمنة الثقافية وما تتنفسه ثقافتنا العربية اليوم على جميع المستويات، فعلى الرغم من مصطلح discouses قد شاع في اوساطنا العربية التي غزتها الاتجاهات البنيوية والالسنية والشكلانية وغيرها حتى صرنا نقرا وبتواتر غريب جملة من المصطلحات التي يشكل مدرك الخطاب دون بنية مثل الخطاب الشعري والروائي والموسيقي والتشكيلي .. واذ يعتقد بان تعريف الخطاب الادبي كان ابلغ اثرا بما لخصصة.. رومان ياكوبوبسن بمقولته letter arrrite يجعل من الموضوع عملا ادبيأ , اي ان ماهية الادب وموجوديته تكمن في ادبيته !
وبعكس ذلك فالخطاب السينمائي لا يكمن في السينما كمقابل للادب كما يشيع البعض من بنيويي السينما لان مدرك الخطاب السينمائي عام وعائم براي المنظر والناقد السينمائي ..كياريني ..لانه ينتمي الى الصناعة بينما ينتمي الفلم الى الفن الجديث على فصل العناصر التي كانت ترتبط ارتباطأ وثيقا ببعضها البعض ..
. ارنولد هاوزر ..
لان الادب ينفصل تماما عن عن موسيقى المناسبات وتبتعد الزخرفة التصويرية عن التفسير البصري الابداعي لانه الشكل الوحيد للفن لان هذا الانفصال لا يطهر فيه واضحا و ان اتجاه الفصل هذا لم يثبت وجوده فيه الا منذ وقت قريب ذلك لان الفلم السينمائي لم تنشا فيه الصور المتحركة motion picture كفن بل نشات كالة وهوما اكده – البرت فولن – في كتابه السينما الة وفن …
فالصور المتحركة وليدة الاختراع اي ان الالات هي التي تصنع الصور المنطوية على الالة والفن, اما السينما فلها لها تاثير ادبي عندما تجعل العمل السينمائي وحده متكاملة لايمكن ان تحول الى خطاب او قضية والتنافس معنا يرجع الى الرغبة في ربط مسببات هذا التاثير في وقت تشير – ماري كلير- الى السينما باعتبارها مظهرا يسجل الواقع كعمل مبدع وخلاق
وكطريق الصورة الحية فأذا لم تسجل الواقع بطريقة سلبية فلا يمكن ان يكون للفلم معنى واضح لان الخطاب الفلمي يتأسس عنىما من خصوصية صور فيلمية رغم انتظام الصور الفيلمية في اطار عام يتلخص بالسينما من حيث هي انتاج تقني موضوع للاستهلاك الثقافي والمتعة الفنية، فاذا سلمنا على مضض بمصطلح الخطاب الفلمي الذي يتلخص بالسياق الناعم عن تركيب مجموعة من الصور المتحركة، فنحن هنا بصدد مفهوم عام لمدرك الخطاب
بدلالاته اللغوية والالسنية وبصدد مجموعة من اللقطات الممنتجة والمنظمة على ضوء رؤيا ابداعية تمتلك خاصيتها الجمالية والدلالية وقبل ذلك خاصيتها الخطابية. فالعلاقة بين الدال والمدلول كما يراها … كريستيان متز..”الصور هي اوثق مما عليه الكلمة ” باعتبار ان صورة واحدة تساوي الف كلمة لان الاندماج الحقيقي للادب بالسينما يتحقق بالكتابة وليس بالكلمة يشير وورد هنا الى ان تقنيات البنيوية وعلم الاشارات كانت مجرد ادوات مناسبة التحليال الا انه بمفردها لا تتمكن الادوات من ان تخبرنا عن قيمة الاشارات والرموز ضمن الفلم، اذ من الافضل دراسة ذلك الاسلوب الجديد الذي يرتبط علم الاشارات
فللفلم لغة اعم واشمل لانه وسيلة الاتصال لان اللغة السينمائية من بعض الوجوه يمكن ان تكون مركبة اكثر منها في الادب فلذا كان -موريس ميجا “يحدد مقومات اللغة بالكلمات والمفردات فان اساليب وضع هذه الكلمات تتحدد بالفعل والمشكلة الرئيسية في وصف الفلم باستخدام مصطلحات اللغة الاعتيادية يجعل منه فنا اكثر سذاجة من الادب، لان الفلم لا يدرس على اسس مستقلة خاصة به اما النقاد فيعتقدون بان العناصر التي تشبهها في الفلم هي الاطار والصورة الفوتو غرافية التي تماثل الكلمة…
اما توليف الصورة فيشبه النحو في حين ان بقية النقاد يرون بان الكلمة تكافى الاطار والجملة تكافى اللقطة والفوتوغراف يكافى المشهد والفصل يشبه التسلسل ..
ففي الخطاب السينمائي … دائما ما تتحقق وحدة السينما بتعدد عناصرها التكوينية وبالتالي فان اي خلل في عنصر من تلك العناصر السيناريو والمونتاج والتصوير والاخراج والانتاج سيؤدي الى خلل في الوحدة السيمنمائية المتمثلة في الفلم لان الحطاب السينمائي يتكون دائما من تلك المفردات والمكونات المتعددة والمندمجة وبتكامل المفردات السينمائية دائماويقاس الخطاب السينمائي في ضوء خاصيته الجمالية والاسلوبية المتعددة والمتباينة
فالفلم الواقعي..معركة واترلو .. مغاير للفلم السريالي “الكلب الاندلسي” و للفلم التعبيري “عيادة الدكتور- كاليجاري” و للفلم التسجيلي”عام الخنزير ”
ان تنوع الاساليب والاتجاهات السينمائية قد ادت بالضرورة الى توسيع وتعميق وحدة الخطاب السينمائي القائمة على التعدد. اما توليف الصورة والفصل يشبه التسلسل في الخطاب السينمائي ..
وعلى مستوى المقارنة التشبيهية يمكن القول بان المفردات الرئبسية للخطاب اللقطات والمشاهد والمؤثرات الصوتية ممائلة للقواعد اللغوية او النحوية في حين تتكون مفردات الخطاب الجمالية او الاسلوبية مماثلة للغة الشعرية رغم مفارقة السينما للادب، لان مدرك الشعر ..الشعر اللفظي خاصية جوهرية من خصائص التعبير السينمائي لان الافتقار الى الشعر الان في السينما يلبسها ويستنزف فنها لان الايقاع البصري يتطلب انسجام الكلمات وتقابلها المهموسة والمسموعة المركبة والمغناة فليس الكلام بالضرورة تجريدا متغيرا وهو ما يراه – لوسون – لان الفلم هو تكوين متغير باستمرار داخل فضاء شاشة الغرض الاعتيادية، فاذا كان المونتاج يقابل النحو، فكيف نعرف مثالا مغينا من الجملىة او اللقطة تخالف النحو او لا تتبع المقياس ان الاكثر تكافى الكلمات, فكيف يمكن تاليف معجم يعرف كل صورة من الصور.. ان موريس ميجا .. يعتقد بوجود مشكلة لان وصف الفلم باستخدام مصطلحات اللغة الاعتيادية يجعل منه كتابا..