نص مسرحي: ” ضيف جديد” / تأليف: حيدر عبد الرحيم الطيب

 

شخوص المسرحية :

الميت 1 : ( مسؤول بالدولة )

الميت 2 : ( متظاهر )

الميت 3 : ( مجنون )

الميت 4 : ( الرسول )

 

المكــــــــان:

(في مقبرة.. نسمع أصوات من الخارج وصراخ وبكاء وتلقين لميت.. بعدها موسيقى حزينة. فترة صمت.. يفتح الستار بموسيقى حزينة أيضا بعدها تسلط بقعة الضوء تدريجيا نحو القبر)

الميت 1 : (يحرك جسده ببطئ. ثم يخرجُ رأسَهُ) أينَ أنا؟ (ينظر الى قطعة القماش الملفوف بها) وما هذا الذي يلتفُ حول جسدي؟ (ينظر الى المكان ويتحسس) المكانُ الموحش. أنا لا أفهمُ شيئاً (يضع يده على رأسه يستذكر ما حدث ) أتذكرُ أخرَ مرةٍ نعم. كنتُفيطريق خارجي (يحاول أن يتذكر) واصطدمت سيارتي فجأة (مؤكدا) أجل هذا ما حصل. وبعدها فقدتُ الوعيَ تماما. لا أتذكرُ شيئاً آخر(مع نفسه) ماذا يعني هذا؟ (بابتسامة خفيفة) هل يعني أنني (بلا مبالاة) لا .. لا يمكن ذلك. ولكن هذا القماشَ الابيض الملفوف على جسدي. وهذا المكان ومساحته.يفسر لي.. غير أنني قد )بين مصدق وغير مصدق) ولكن لا…لا انني ما زلتُ حياً . ما هذهِ الورطة . أريد من يخرجني من هذه الورطة ) يسمع صوت كلب ينبح) ماذا لو كان هذا الكلب قادراً على إنقاذي (يستمر نباح الكلب الذي  يقترب من القبر) أجل..اجل (متحمساً يجثو على ركبته ويخرج أسنانه ويحفر) أجل هكذا نعم هكذا.  

(نسمع موسيقى. ثمة فتره صمت . بعدها نسمع دبيبَ أقدامٍ تأتي من بعيد. تقترب منه شيئا فشيئا .. يترقب الصوت بتمعن)

الصوت : هل انتهيت الآن؟

الصوت 2 : أجل

الصوت 1 : سأرسل لك الاسم الكامل والصورة .

الصوت 2 : أنا في الانتظار. هل تريد أن أضع بعض الآيات

الصوت 1 : لا مانع .

الميت: (متعجباً) ما هذا. أيعني أنني.. لا أصدقُ هذا.. كيف؟ وها أنا أتكلمُ وأسمعُ وأتنفسُ. كيف؟ (يصرخاً) أنت..أنا حي. أنا لم أمتْ. أنا حي أخرجني من هنا. لازلتُ أتنفس. لا زلت أتكلم وأسمع (صارخا) أخي..أخي ..

  الميت 2 : (يصحو من نومه متذمراً … بهدوء) هي. ما بكَ؟ ولماذا تصرح؟. أريد أن أنامَ.

الميت 1 : ( ينظر إليه بانفعال) من أنت؟

الميت 2 : (يتثائب) أنت جديد هنا؟

الميت 1 : (مستغرباً) أنا جديد ؟ ماذا تقصد؟

الميت 2 :(يتمغط )أذن نمْ ولا تخرجْ أيَ صوتٍ…أريٌد ان انامَ .

الميت 1: (منفعلاً) وما شأني بك.. أنا أريدُ أن أخرجَ من هنا.

الميت 2 : (باستصغار. يضع يده على خده) وكيفَ ستخرج.؟

الميت1 : (يستجمع حديثه) لا أدري… ولكن أريدُ أن أخرج من هنا .هل يمكنكَ مساعدتي ؟

الميت 2 : ( ينظر إليه ) وكيفَ يمكنني مساعدتك؟

الميت 1 : على أن أخرجَ من هنا. لا أُطيقُ هذا المكان أبداً .

الميت 2 : كلنا لا نطيق هذا المكان. ولكن للأسفِ. لا مفر من ذلكَ .

الميت 1 : ( ينظر إليه) منذ متى وأنتَ هنا ؟

الميت 2  : ( بملل ) منذُ سبعة أشهرٍ .

الميت  1 : (بتعجب) كلُ هذا الوقتِ وأنتَ هنا .

الميت  2 : أجل .

الميت 1 : ( كأنه محققاً ) كيفَ تقضي الوقتَ هنا وأنت وحدك في هذا المكان الموحش والغريب.

الميت 2 : في البدايةِ كنتُ مثلكَ لم أُطقْ هذا المكانَ أبداً .ولكن  بمرورِ الوقتِ تعودّتُ عليه. وبدأتُ أرى أهلي وأصدقائي هنا من حينٍ لآخر

الميت 1 :أفهمُ من كلامِكَ أنني لن أخرجْ من هنا وسأكونُ مثلك

الميت 2 : أجل

الميت 1 : ( يصرخ به ) أنت مجنون . أنا لن أبقَ هنا .

الميت 2 : (بهدوء) لا لن تخرجَ .وستكونَ مثلي. وأصدقائك  من الأموات هنا ستراهم. أنت ميت. أفهمت .دعني وشأني (يضع قطعة القماش على رأسه) أريدُ أن أنامَ .

الميت 1 : (يصرخ) لا أنا سأخرجُ … فأنا ( بفخر) لديَّ حصانة.

الميت 2 : ( يضحك ) حصانة.. حصانة ماذا؟ أسمعني جيدا (يستمر بالضحك) يا صاحبَ الحصانة. هنا عكس هناك حصان تكُفي الماضي. أما الآن أنت في القبر

الميت 1 : ( بغضب) سأخرجُ من هنا .وأنا لست كما تقول. ها أنا أتنفسُ (يخذ شهيقاً) وأتكلمُ، وأتحركُ،وأفكرُ .

الميت 2 : لا تُتعب نفسك ..أنا هنا أيضاً (يأخذ شهيقا) أتكلمُ وأتحركُ وأفكرُ. لن تخرجَ كلنا نرغبُ بالخروجِ ولكن انتهت ضيافتنا في الدنيا.

الميت 1 :ربما أنتَ انتهتْ ضيافُتك. أما أنا فما زال لديَّ الكثيرُ وسأخرجُ من هنا .

الميت 2 : (يضحك) يُعجبني إصرارُكَ على الخروجِ من هذا المكانِ ولديَّ الفضولُ كي أعرفَ ذلك .

الميت 1 : لا أدري .. ولكن سأخرجُ بطريقةٍ ما .

الميت 2 : (بضجر) إذن أنا سأنامُ وأنتَ فكرْ بطريقةٍ للخروجٍ وحينما تنتهي أخبرني بها (يضع قطعة القماشِ على رأسه)

الميت1 : (يفكر ويتحرك في جميع أركانِ المسرح) كيفَ سأخرج؟ وما هي الطريقة؟ ولماذا أنا هنا؟ وماذا عساني أن أفعلَ؟

الرسول: (يدخل من إحدى جهات المسرح) لا تبالي ستخرجُ قريباً. إنها مسألة وقتٍ وبعدها ستعودُ كما كنتَ في السابقِ.

الميت 1 : (بفرح) كيف ومتى؟ ولماذا أنا هنا؟

الرسول: ستخرجُ لاحقاً..هذا جزءٌ من الحصانةِ التي تحملها

الميت 1 : (متعجباً) وحصانتي تفرضُ عليَّ هذا المكان

الرسول: ستخرجُ قريباً لا داعي للقلق.

الميت 1 : (بفرح) أصحيح ما قلت..أتعني سأخرج قريباً.

الرسول: أجل ستخرج (يختفي)

الميت1 :(يتحرك باتجاه معاكس للمسرح ويفكر) سأخرج؟ إنها مسألة وقتٍ؟ (بحيرة) ولكن اذا خرجت لمَ أنا هنا؟ (يلتفت ليكلم الرسول) ولكن أخبرني.. ما هذا (يبحث عن الرسول) أنت..أين ذهبت لازلت أتكلمُ معك (يذهب مسرعاً للميت رقم 2) أنتَ.. أنتَ..لا تنمْ.. انهضْ .

الميت 2 :  ( يصحو ضجراً) ماذا هناك .. هل فكرتَ؟ .

الميت 1 : بماذا ؟

الميت 2 :بالخروجِ من هنا .

الميت 1 : لا .. ولكن سأخرجُ قريباً . إنها مسألة.

الميت 2 🙁 بهدوء ) أريد أن أنامَ .

الميت 1 : حدّثني أنتَ كيفَ مُتَ؟

الميت 2 : (ينظر إليه . ثم الى الجمهور) سأخبُركَ ..خرجتُ في أحدى التظاهراتِ. باحثاً عن رغيف خبزٍ لي ولعائلتي.عن ملبسٍ نظيفٍ. وحياةٍ مرفهة. تخلو من الظلمِ والمتاعبِ خرجتُ وأنا مؤمن بذلك. (يقف ويرفع يده) هتفتُ بأعلى صوتي. ضدَ طغيانهم أريد حقي..أريدُ حقي.. حتى  قوبلت برصاصةٍ في عنقي وسقطت على الفور. ولم أصحُ إلا وأنا هنا داخل هذا المكان. بعدها أدركتُ أنني ارحتُ ضميري وهتفتُ ضدَ فسادهِم وجرمِهم. وقدمتُ دمي من أجلِ عائلتي وأولادي وبلدي فذهبتُ شهيداً (ينظر إليه) وأنا على يقين أننا..اقصد أنا وأنت نحمل الطموح نفسه. ولن نرضخَ  لظلمهم .

الرسول: (يدخل يحمل أخباراً) هنالك أخبارٌأ حملها إليكم . حدثت الكثيرُ من الهجماتِ ضدَ الثوارِ من قبلِ الغربانِ. وراح الكثيرون من الأبرياء. ولا يُعرف مَنِ الذي قتل مَنْ. الطرفان  يذكران ذلك . ..

الميت 1: (يقف) أنت مخطئٌ. لقد ضحيتَ بحياتكِ ومستقبلكِ من أجلِ بعضِ الهتافاتِ. تتصورُ أنك أنت (يشير إليه) ومن معكَ من الآخرينِ تستطيعون تغيير اتجاهَ الريح لصالحكم. ولكن لم يتغير أيُ شيء وسيبقى كلُ شيء كما هو عليه. وموت كهذا هو خسارةٌ لروحكِ لا غير. لقد أحدثتم ضجيجا. كما أن مصالحَ الآخرينَ تغيرت (يضع يده على قميصه) بسبب مطالبكم التي ما أنزلَ اللهُ بها من سلطانٍ.

الميت 2 : (ينظر اليه بغضب) الآن فهمتُ ما هي الحصانة التي صدّعت رأسي بها . منذ قدومك (ينظر إليه) ولكن قل لي ما هو الذي ما أنزل الله بهِ من سلطانٍ؟

الميت 1 : (غير مبالٍ)

الميت 2: انا سأقولُ لكَ الذي ما انزلَ الله بهِ من  سلطانٍ ما أنزل  هو العدل . ان الله لا …يرضى بما تعملون من أجلِ مصالحكم ، من أجل رغباتكم وجلوسكم على الكراسي اللعينة .سحقتم أحلامنا الجميلةَ . والبسيطةَ . قتلتم  الأبرياءُ وهم في ريعان شبابهم من أجل المطالبة برغيف خبزٍ ساخنِ . أو ملبسٍ نظيفٍ . قتلتم شباباً من أجلِ المطالبة بوظيفةٍ تزيلُ تعبَ السنينِ التي ضحوا من أجلها لسنوات طوال  . وهم يعلمون أن هناك أباً وأما ينتظران حصيلة تعبهم . الآباء والامهات الذينَ  حُرموا من كل شيء  من أجل طموح أولادهم . الذين  قتلتموهم أنتم عبيد السلطة . تظنون أنفسكم خالدين وأنتم .تصادرون حق الآخرين .أنا أحد ضحاياكم . لن أغفر لكم ولن أتنازل  عن حقي . أعتقد أن هذا الكلام كافٍ لتعذيبك هنا .

(أصوات صراخ وبكاء كما حدث في المشهد الاول )

الميت 1 : ما هذا ؟

الميت 2 : هذا يعني أن هناك ضيفاً آخر .

) يدخل الميت القبر الميت 3 يقف ميت 2 وتظهر عليه علامات الحزن والكآبة يستدير متوجهاً إليه بخطوات بطيئة حتى يصل إليه)

الميت 1 : ( بترقب ) ماذا تفعل ؟

الميت 2 : ( بنبرة حزينة ) أتفقدُه

الميت 1 : وما شأنكَ بهِ ؟

الميت 2 🙁 ينظر الى ميت رقم 1) مصاب برأسهِ إصابةً بليغة .

الميت 1 🙁 غير مبالٍ )

الميت 2 : (يقلبه) مصابٌ أيضاً في أسفلِ العنق  .

الميت 1 : ربما يكون  مطلوبا لثأرٍ أو بسبب (يضحك) الخيانةِ الزوجيةِ. أو الى…الخ

( يصحو الميت رقم3 يرتدي ملابس رثة . وبيده مصيدة )

الميت 3 : أين أنا؟ (ينظر الى ميت 2 ويمسك به من رقبته) ومن أنت؟

الميت 1 :أنتَ هنا  .

الميت 3 : (يتفاجأ) لم افهم؟

الميت 2 : ( يهدأه ) ما بك أخبرني من ضربك على رأسِكَ؟

الميت1 : ( مقاطعا ) أنتظرْ ولا تتسرعْ

الميت 3 : (يضع يده على رأسه  ويضحك) ضربني الغرابُ..

الميت 1 : الغراب ؟

الميت 3 : أجل  ضربني .

الميت 2 :  كيفَ ضرَبكَ ولماذا؟

الميت 1 :تقصدُ نقرَكَ في رأسِكَ. يا أخي كفى مزاحا. وأخبرنا ما سببُ ذلكَ الجرح؟ .

 الميت 3 : (يضحك) أنا لا أمزحُ. ضربني  من مكانٍ مرتفعٍ ولكن لم أرَه كان يتصّيد الآخرين كلَ يومٍ. وينقرهم في رؤوسهم. لم أره أبدا يضربهم في أماكن أخرى من أجسادهم ) بالرأس فقط )

الميت 3 : (يقف وهو يضحك) لقد سقطَ الكثيرونَ منهم ولكن ( يتلاعب بالمصيدة )

الميت 1 : ( يحاول أن يفهم ) سقط .. من أين؟

الميت 3  : ( يضحك ) لا لا لا  ….  لقد تزحلقوا

الميت 1  : دعْكَ من الضحكِ . وقلْ لي من الذي سقطَ . ومن الذي تزحلقَ ؟

الميت 3 : (يلعب بالمصيدة ويلاعب حاجبيه) الغراب..الغراب..ولكن (يتجه الى مقدمة المسرح. ويتحدث بنبرةِ الثائرِ الحزين) للأسف. لا زالَ لديهم بريقَ أملٍ يتخبطون فيه. لازالَ هناكَ آخرون لم تتحررْ عقولُهم ما زال الكثيرُ من الاتباع. يحاولونَ غلقَ نافذةِ الأمل. بمساعدتهم لتلك الثلةِ الظالمةِ. ما زالَ أتباعهُم وأنصارهُم الذين صنعوهم منذ سنوات..أنهم يتفننونَ بنقرنا عبرَ من اقيرِهم الثقيلةِ  (يضحك.. ويتلاعب بالمصيدة ) وبهذه أصبتُ الغرابَ مراتٍ عديدةً

الميت 2 :ما هذهِ ؟

الميت 3 : هذهِ ( ينظر إليها ) مصيدة ( يجثو على ركبتيه ويقلدُ كيف يضربُ بها )

الميت 1  : ( ساخرا  ) مصايده .. يا لك من مجنون

الميت 3 : (يقترب منه ويضع يده على كتف ميت رقم 1) أتعرفُ هذا السلاحَ البسيطَ المكون من قوسٍ خشبي وبعضِ الخيوطِ البلاستيكية من اليمينِ واليسارِ يتوسطهُا جلدةُ صغيرة.  هذه أستخدمهٌا كثيراً في المصادماتِ.

الميت 1 : (ينظر إليه ويكلمه بهدوء) أيُ مصادماتٍ؟ ومع من ؟

الميت 3: ) يفتح عينيه ) مع الغراب .. لها دورُ كبيراً في صيدِهِ

الميت 1 : (يلتفت علي ميت رقم 3 منزعجا ) أستمر بالصيدِ واستمتعْ ولكن بعيداً عني

الميت 3 : ( مؤيدا ) طبعا .. طبعا . كنتُ سأستمرُ بصيدِ الغرابِ ولكن ليس لدي القدرةُ بعدَ الآن .

الميت 1 : ولماذا ؟

الميت3 : الآن وببساطةٍ ليس هناك أيُ غرابٍ. غير غراب وأحدٍ فقط.

الميت1 : (يترقب المكان بعينيه) غراب ٌفي قبر؟ (يصرخ به) أين لا يوجدُ أيِ غرابٍ هنا

الميت 3 : ( يجهز المصيدة ) كيفَ لا يوجدُ . هو أمامي وسأصطادُه الآنَ .

الميت 1 : ( يمط كلامه بخبث ) ولكنني أراهُ (بضجر) أبتعدْ.. أنت تحاولُ السخريةَ. وأنا ليس لدي المزاج الكافي لمجاراتك.

الميت 3  : ( يوجه المصيدة عليه)

الميت 1 : ( يصرح به ) ماذا تفعل؟

الميت 3 :أنتَ هو الغرابُ . وسأصطادُكَ الآنَ .

الميت 1 : ( متفاجاً ) أنا ؟

الميت 3 : وسأصطادُكَ الآنَ.

الميت 1 : ( متلعثماً ) أنا الغراب .. وستصطادني ؟

الميت 3 :أجل أنت

الميت 1 : ( يذهب مسرعاً للميت رقم 2 ويختفي خلفه) ماذا تفعل أنت؟

الميت 3 : نريدُ القصاصَ منكم . أنتم القتلةُ . نريدُ القصاصَ من هؤلاءِ الذينَ قتلوا أرواحَنا. وأنتَ واحد منهم

الميت 1 : أنا ؟

الميت 3 : (مؤكداً) أجلْ أنتَ.. لا يُشفي قلوبَنا وقلوبَ أبنائِنا غيرَ قتلكم في الأماكن نفسها التي  قتلتمونا فيها .

( الميت رقم 2 يحرك يديه وجسدَه في وسطهم )

الميت 1 : ( يهرب الى يمين المسرح ) اطمئن  لن يحصلَ ذلك .. أنك تحلمُ كثيراً .

الميت 3 : (يأخذ موقع التصويب ويضربه) ستُسحلون  في الشوارعِ بعدَ محاكمتكم أني أرى ذلك اليوم ليس بعيداً . بدمائنا يقتربُ أكثرَ فأكثر. كنت أحلم ( يضربه بالمصيدة)

الميت 1 : (يتوجعاً) ذلك اليوم الذي أراكم فيه خلفَ قفصِ الاتهام. وأنتم تقضمون أصابعكم خوفاً من حبلِ المشنقة (يضربه بالمصيدة) الحبل الذي خلقتموه من أفعالكم وظلمكم دمرتم أحلامنَا البسيطةَ. ذلك الحبل يتدلى مثل رقاص الساعِة. حتى يطوقَ أعناقكَم

الميت 1 : لم يحصلَ ذلك .

الميت 2 : بل حصل من قبل

الميت 3(يضربه بالمصيدة) وسيحصلُ لاحقاً

الميت1 : لم يحصل الآن كلُ شيء كانَ في الحسبان .كل ما حصلنا عليه. لربما سنخرج كما تقولون ولربما نعدم كما تتمنون.  لكن سيأتي الكثيرون وسيقضون على همجيتكم هذه

الميت 3 : سيأتون وسنقتلهم. الآن أرواحنا التي خرجتْ من أجسادِنا. سيِخلقُ جيلاً آخر. وستتلبسهُ أرواحنا وأصرارنا ضد فسادكم . ويستمر بالثورةِ ضدَ القتلةِ أمثالكم

( نسمع صراخاً وعويلاً كما حدث سابقاً)

الميت 2 : توقف … توقف .. هذا يعني ضيفٌ جديدٌ .

الميت 3 : لننتظرْ ونرى  .

الميت 2 : (يقفون ميت 3 وميت 2 وميت 1 بترقب) لننتظرْ قليلا حتى ينزلَ إلينا .

( ينزلُ الميت رقم 4 يرتدي بذلةً ورباطاً ويحمل بيده تلفازاً)

الميت 3 : (بعجب) ما هذا الذي تحملهُ ؟

الرسول : ( ينظر إليهم مع ابتسامة بسيطة بعدها يتقدم لوسط المسرح بطريقة كاريكاتيرية ) تلفاز كما ترى.

الميت 2 : ( يقترب منه ) وماذا تفعلُ بهِ ؟

الرسول  : ( يضع التلفاز امامهم ) أحملُ لكم أخباراً

الميت 2 :أيَ نوعٍ من الأخبار ؟

الميت1 : (مستهزئاً) أرجوك قبلَ سماعِ الأخبار. أريدُ ان أشاهدَ الجولةَ حولَ العالم أولا .

الرسول  : ( للميت 2 و 3) هناكَ الكثيرُ من الأخبارِ الساخنةِ سأنقلُها  لكم .

الميت 1 : وبعدها أريدُ سماعَ الاخبارِ الرياضيةِ. وخصوصاً عن الدورياتِ الخمسة الكبرى .

الرسول : كما أن هنالك الكثيرَ من التضاربِ في الإحداث .

الميت 1 :أجل هناك تعاقداتٌ رياضيةٌ حُسمِتْ في اللحظاتِ الأخيرةِ من سوق الانتقالات .

الرسول : ولكن مازال  الوضعُ مرتبكا .

الميت 1 : وأيضا أريدٌ سماعَ أخباراً ٍ عن عالمِ الابراجِ . أرغبُ في ذلك .

الميت 2 :أريدُ سماع هذه  الاخبار

الميت 3 : وأنا ايضا .

الميت 1 : وأنا كذلك .

الرسول  : الخبر الاول . جمعُ كبيرُ من الناسِ يغلقونَ الشوارعَ والجسورَ. ويقومون بحرق الاطارات ومنع العجلاتِ من العبورِ. كما سقطت الكثير من المناصب ولازالت الاتهاماتُ مستمرةً .

الميت 1 :مهازل . كيف ذلك ويدَعونَ الى السلمية . عبر حرقِ اطارات العجلاتِ في الشوارعِ وقطعِ الطرقِ .ام ماذا . ؟

الميت 2 : تلك الاطاراتُ التي تتحدثُ عنها. اصبحتْ رمزاً لكل مظلوم. هذهِ الاطاراتُ ودخانهُا المتطايرُ رسمت لوحةً عنوانها الحريةً. الحريةً التي رسمناها نحن في تلكَ الإطارات وخلدناها دمائنا الزكية.التي انتصرتْ عليكم عبيد المال. سقطَت اليوم كثيراً من الرؤوسِ التي ساهمتْب هدر دمائنا. وهو صوتنا نحن . كلُ قطرةِ دماء سالتْ منا هي بمثابةٍ زلزالٍ يهزُ عروشكم.

الميت 2 : ( بفرح ) احقا ما قلتْ ؟ نجحتِ الثورةُ ؟

الميت 3 : لقد نجحنا . ( يضحكان )

الرسول : كما صدرَ قرارٌ من الجهاتِ العليا . بتجميد ارصدةِ المسؤولين في داخلِ وخارجِ البلادِ . ومصادرةِ جميعِ ممتلكاتهم العامةِ والخاصةِ . واحالتهم الى المحكمة .

الميت 1 : (ينتفض) لا هذا ليسَ ممكناً . لا أصدقُ ذلكَ . انت تكذبُ وهذا الكلامُ من رأسكَ انت .

الميت 2 : سبع عشرة سنة من خداعِ الناس. لا يمكن أن تصدقَ بهذهِ السرعةِ. ولكن ما قلتهُ انا كان صحيحاً. وسيُنفذ في غضون ساعاتِ. من الآن .

الميت 3 : نحن قدّمنا ارواحناَ من أجلِ الآخرين. ومن أجل اطفالنا حتى  يعيشوا بسلامٍ في وطنهم .

الرسول : كلنا نموت من اجل الحرية  . التي صنعناها  للآخرين .

( نسمع اصوت صراخ وعويل وصوت تلقين  ميت )

الميت 2 : ضيفٌ آخر

الميت 3 : أنتظر ونرى .

الميت 2 : هذا يعني أن هناك خبراً ساخناً

الميت 3 : ربما ضيفاً عادياً

الميت 2 : بعد قليل سنعرف .

الميت 3 : حتما وهو كذلك

 

** حيدر عبد الرحيم الطيب (الناصرية – 2022)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت