نص مسرحي: “حديث المرآة ” / تاليف: رؤى حازم رشك

الشخصيات:

المرآة

دنيا

عبير

الفتاة

(مرآة كبيرة في عمق المسرح يمكنها الكلام و رؤية المستقبل, طابور من الفتيات في مقتبل العمر ينتظرن دورهن للحديث معها بفارغ الصبر )

المرآة :( تتحدث مع نفسها, ويتم تسليط الضوء عليها فقط ) لا تعلم البذور بأنها عندما تدفن ستثمر يوما, لا تعلم الثمار أنها ستنضج وتكبر وتصبح حلوة, لا تعلم الغيوم بأنها ستمطر وتخلق أرضا خصبة خضراء (ضحكة رقيقة)، أما تلكم النسوة لا يعلمن بأنهن قادرات على فعلها, لا يعلمن بأن مجيء الصباح يعني الأصرار يعني إنَّ الخير سيأتي لا محال, يعني أن الأحلام ستصبح حقيقة, وما شروق الشمس إلا مغامرة جديدة , وما الليل إلا استراحة للمحاربين (تسمع ضجيج أصواتهن وهن ينتظرنها) يتقن للحديث معي منذ الصباح ولا يعلمن بأنني أنا من أتوق إلى رؤيتهن, نعم لا يعلمن إنهن البداية لهذا العالم البائس.

دنيا: متى أستطيع رؤيتها, أيتها المرآة العجيبة أتسمحين لي بالدخول؟ أنا, أنا بائسة, أنا واثقة بأنك تعلمين ماذا أقصد (تتنهد قليلا) أيتها المرآة أنا خائفة و أشعر أحيانا بإنني وحيدة, ليست لدي موهبة, وأيضا أنا عاجزة, أيتها المرآة متى ستفتح الستار !! أيتها المرآة لا أجد فرصتي أينما ذهبت, حتى خيالي يحاول تغيير مساره, يحاول أن يتجنبني, ربما , ربما لأنني أنثى عاجزة, أنثى لا تستطيع أن تسند نفسها حتى, لا أستحق العيش, نعم لا أستحق, يرعبني المصير أيتها المرآة.

( تفتح الستار أمامه لكي يدخل ويقابل المرآة )

دنيا: (تخطو بكرسيها المتحرك نحو المرآة وتنظر إليها تضع يدها على ذقنها مفكرة) ولكن هل حقا تستطيع الكلام مع البشر؟ وهل بإمكانها أن تجد لي حلا !! ( تتأفأف ) يبدو أنك عاجزة مثلي لا تستطيعين الحراك سوى الثرثرة مثلي تماما, هذا ما أجيد فعله أنا, الثرثرة طوال اليوم والتذمر لأنني طائر سجين على متن هذا الكرسي (تنظر إلى نفسها وتضرب يد الكرسي بخيبة أمل) اللعنة, نعم أنا سجينة, ذاتي سجينة هنا إلى الأبد أيتها المرآة, أنا لا أستطيع الركض كما يفعل البقية, لا أستطيع الضحك بلا ألم, كنت أعيش على أمل أن أشفى يوما ولكن الآن لا أستطيع الإيمان بشيء, تلاشى كل شيء أيتها المرآة (تبكي) أنا أيتها المرآة لا أستطيع بعد اليوم أن أكمل حقا.

المرآة : أهلا أيتها الشابة الثرثارة .

دنيا: (تتلعثم وترجع إلى الوراء) هل, هل تستطيعين التحدث حقا؟ هل سمعتي مناجاتي كلها؟ أنا خجلة, نعم أنا خجلة.

المرآة : بالطبع, أكنتي تشكين في ذلك أيتها الفتاة؟ ولم الشعور بالخجل, لا بأس أن يعبر المرء أحيانا عن ضعفه, لأكون صريحة, كلنا ضعفاء هنا, ولكننا نحاول, نعم الفرق بيننا, البعض يحاول والبعض لا .

أحد الفتية: (بحيرة) لا أعلم .

المرآة: (بحنية) لم أنت هنا أيتها الصبية ذات العرش الذهبي؟

دنيا: (بحماس) أخبرتني فتيات الحي بأنك تستطيعين رؤية المستقبل؟

المرآة: ( تضحك ) ربما .

دنيا: أتستطيعين أن تخبريني …..

المرآة : أخبرك ماذا ؟

دنيا: (تصرخ) ألا يبدو لك كم أنني أحتاج إلى المساعدة ؟ كم إنني بائسة ! كم إنني محطمة !!

المرآة : الصراخ أحيانا يجيد نفعا وأيضا لا تحتاجين إلى المساعدة .

دنيا: ( تضحك ) هراء , هراء , يبدو أنك تحتاجين إلى المساعدة أيضا .

المرآة : (تضحك برقة) اقتربي أيتها الصبية ..

دنيا: (بقلق) لماذا ؟

المرآة : أقتربي لكي ترى ما أرى .

دنيا: ماذا ترين ؟ ( تقترب منها شيئا فشيئا )

المرآة: (بحماس) هل رأيت؟ هل رأيت ما أرى!! أنظري إلى نفسك أنظري إلى تلك الفتاة المتوهجة هنا .

دنيا: أتسخرين مني ؟

المرآة : انظري  إلى نفسك كم أنت شجاعة , أنظري كم كنت دوما مميزة وتحاولين , نعم كنت دوما هكذا.

دنيا: لا أرى سوى فتاة عاجزة تجلس على كرسي متحرك, تحاول منذ الصغر ولكن لا جدوى من ذلك, مهما حاولت, مهما أجتهدت, سأبقى مقيدة, نعم أنا مقيدة .

المرآة : وما يمنعك من التحليق عاليا ؟

دنيا: (تفكر وتحاول الإجابة) العالم بأسره .

المرآة : ولكنك أنت العالم .

دنيا: لا أستطيع فعل شيء, سوى العويل والنحيب على حظي العاثر لست محظوظة, لست سوى أنثى مقعدة تخاف أن لا تصل إلى وجهتها, لست سوى أنثى تحاول كل يوم التقدم خطوة واحدة إلى الأمام لكن الأبواب تغلق في وجهها, نعم تغلق الأبواب دوما في وجهي, ربما لو كنت رجلا …..

المرآة :لالا أنت مخطئة يا صغيرتي, سواء كنت أنثى ام رجل, الاجتهاد لا الحظ, الاصرار لا التخاذل, الشغف لا البؤس, التحليق لا الأنكسار.

دنيا: شغف ؟ إصرار ؟ عزيمة ؟ هه !! كلمات لا تمت للواقع بصلة .

المرآة: (تتحدث بجدية) نعم , هذه وصفتي السحرية لك .

دنيا: (تسخر)  أتناولها يوميا ؟

المرآة : نعم , تناوليها كل يوم على ريقك صباحا

دنيا: أتسخرين مني !! كيف ؟

المرآة : اقتربي مني و أنظري إلى نفسك , أزيحي الغشاء عن عينيك الجميلتين.

دنيا: هل أستطيع العزف ؟

المرآة : ما المانع ؟

دنيا: ماذا سأصبح ؟

المرآة : ماذا ترين ؟

دنيا: (تبدأ بالعزف في الهواء, من بعيد صوت لأحدى معزوفات موزارت) أستطيع العزف, نعم فعلتها , أنا فعلتها .

المرآة : أنك موهوبة بالفطرة.

دنيا: أنظري هناك، إنهم يصفقون لي بحرارة (ينظر إليها ويشير بأصبعه إليها) إنها أنا, أنا أصبحت عازفة كما أردت دوما (تدور بكرسيها المتحرك فرحا ) .

المرآة:سأكون هناك عندما يهيمون عشقا بألحانك, سأقف إلى جانبك وأصفق لك, يداك من ذهب يا صغيرتي .

(تخرج الفتاة وهو يعزف بيديه في الهواء, وقد وجدت نفسها طريقها)

المرآة : من التالي ..

(تدخل إحداهن تتلفت و تبدو عليها علامات الفقر, تمسك بأطراف قميصها وتطويها بقلق ثم تفتحها)

عبير : (بقلق) هل, هل من أحد هنا ؟ أنا , أنا أدعى … أممم أنا أدعى

المرآة : لم أنت خائفة ؟ أكملي …

عبير : (بخوف اضطراب) من , من هنا ؟

المرآة : لم أنت هنا إذن ؟

عبير: (تقترب من المرآة ) أنك أنت صحيح ؟ تستطيعين الكلام ؟

المرآة : نعم , و رؤيتك أيضا

عبير: (تبتهج وتترك أطراف قميصها) كانت القصص التي يتناقلها الناس فيما بينهم صحيحة .

المرآة : وماذا سمعت يا …. ؟

عبير : أنا, أنا عبير, سعدت بلقائك, أخبروني أنك تستطيعين رؤية المستقبل؟ ( تتردد قليلا فتخبرها ) هل هذا صحيح ؟

المرآة : يمكنني النظر إليكم , هذا ما أستطيع قوله .

عبير: (تدور حول المرآة وتحاول الشرح أريد حلا لمشكلتي يا سيدتي المرآة .

المرآة : ما هي مشكلتك ؟

عبير : أنا فقيرة, ويتيمة, ليس لي أحد على هذا الكوكب الجميع تركني في منتصف الطريق أخبروني بإنني يتيمة ولكن الحقيقة إنَّ عائلتي قد تخلت عني, نعم قد تخلوا عني جميعا لإنني فتاة, ومن العار على هذه البقعة الكونية أن ينجب المرء فتاة ولكن لا يهم أستطعت أن أقف مرة أخرى على قدمي يا سيدتي المرآة حتى وأن هجرني الجميع من وهبني الحياة ما زال يحنو علي إلى هذه اللحظة أجده في كل لحظة وفي كل مكان يغلق, يفتح لي الأبواب دائما (تمسح عينيها) , وأيضا أستطيع أن أصنع الأشياء.

المرآة : كم هو صباح رائع أن ألتقي بمثلك , إذن أخبريني ماذا تصنعين؟

عبير : (تبتسم) الألعاب .

المرآة : الألعاب ؟

عبير : نعم , الألعاب , أصنع ما عجزت عن الحصول عليه في طفولتي , أصنع طائرة و زورقا وأحيانا أصنع عائلة .

المرآة : دعي الألعاب تصبح عائلتك إذن , وأيضا أتحبين أن تجوبي العالم ؟؟

عبير : أتمنى , ولكني لا أستطيع .

المرآة : ولم لا ؟

عبير : كيف لفتاة مثلي أن تجوب العالم ؟ أنا أعمل طوال اليوم لكي أعيش .

المرآة : ولأنك تعملين يا صغيرتي ستجوبين العالم , أقولها لك إنك عبقرية

عبير : هه !! أنا ؟؟ عبقرية ؟

المرآة : نعم أنت عبقرية , سيصدح أسمك في كل مكان يوما ما .

(صوت طائرة , تقترب عبير من منتصف المسرح وتحاول الانصات جيدا )

عبير: (بدهشة) هل, هل تسمعين ما أسمع؟ أنها طائرة تقترب من هنا, هل يعقل هذا؟

المرآة : إنَّك على حق .

عبير : أستطيع رؤيتها .

المرآة : إنها أول طائرة ستقومين بصنعها .

عبير: (غير مصدقة) أنا من فعلتها؟ ولكن كيف؟

المرآة : لا يوجد غيرك هنا من يستطيع فعلها .

عبير : (بحيرة) أيمكن أن يصنع الألم شيئا عظيما ؟

المرآة : يخلق الألم روحا لا تقهر.

عبير : إنني في حيرة من أمري .

المرآة : أخبريني بحيرتك؟

عبير : أأخرج من هنا وأعود إلى عالمي الضئيل, أم أستمع إليك وأخلق عالما يليق بي, عالم واسع وكبير كالسماء !!

المرآة : أي الخيارات تفضلين ؟

عبير : أفضل ذلك العالم الكبير الذي لطالما حلمت به, كان حلما جميلا لم أرد الأستيقاظ أبدا, لم أشأ أن أعود إلى الواقع, كانت مرارة أيامي تقتل ربيع الطفولة في قلبي .

المرآة: ليس بعد الآن يا صغيرتي, سيفتح لك ذلك العالم بابا لم تكن تتوقعينه, سيحيط بك النور من كل جانب, تلك السماء الواسعة ستكون لك قريبا .

عبير: (تبتسم وتقترب منها ثم تضع يدها عليها وكأنه تداعب شعر أحدهم) دخلت إلى هنا أبحث عن حلم صغير ولكنني سأعود مع حلم أكبر , شكرا لك , سأعود يوما لك وأنا أكبر صانعة العاب في العالم , ولن أكتفي بالألعاب فقط بل سأصنع تلك الطائرات التي تحلق عاليا وتلك السفن التي تخترق الامواج المتلاطمة .

المرآة : سأنتظرك إذن ..

(تخرج مبتهجة )

المرآة : من التالي ؟

( تدخل فتاة شاحبة اللون وكأنها تشكو من مرض ما )

المرآة : هل أنت مريضة ؟

الفتاة: (لا تندهش من سماع صوتها) لا ولكني خضت الكثير,

المرآة: (تضحك) فتاة بسنك خاضت الكثير؟؟ من هم في عمرك يستمتعون باللعب والأجتهاد وأيضا البحث عن أحلام وردية تليق بهم .

الفتاة : لست أنا من تتحدثين عنها .

المرآة : لا يهم , أخبرني ماذا تريدين أن تري؟

الفتاة : لا شيء .

المرآة: (تستغرب) لا شيء ؟

الفتاة : نعم .

المرآة : إذن لماذا أنت هنا ؟

الفتاة :أحاول البحث عن ضالتي .

المرآة : ولكن من أخبرك أنك ستجديها هنا ؟

الفتاة : أردت المحاولة فقط , ولكن لا شيء هنا يدعو للدهشة على ما يبدو.

المرآة : أمرك عجيب أيها الصبية , لست كالبقية تبدين مختلفة بعض الشيء , وأيضا قراءة أفكارك صعبة .

الفتاة : وهل تقرئين الأفكار ؟

المرأة : أحيانا .

الفتاة : ولم تأتي الفتيات إلى هنا؟

المرأة: ( تتحدث بسخرية ) يبحثون عن ضالتهم كما تفعلين أنت .

الفتاة : وهل وجدوها ؟

المرآة : بالطبع في كل مرة تدخل أحدهن, تخرج فتاة أخرى من هنا  قد ولدت من جديد .

الفتاة : مساكين , نعم هن مساكين يبحثن عن ضالتهن بعين مرآة , هل تخدعينهن أيتها المرآة ؟؟

المرآة: ( بأستغراب ) أنا أخبرهن الحقيقة فقط .

الفتاة : أي حقيقة يا سيدتي المرآة ؟؟ حقيقة أنهن سيحاربن العالم أجمعه من أجل العيش ؟

المرأة : وهل يليق العيش بغير الثائرين ؟؟

الفتاة : أمم لا أعلم , ربما , ولكن هل تولد الأشياء من جديد ؟

المرآة : الأفكار … نعم الأفكار الحرة تولد تستطيع أخذك إلى أقصى العالم أو أن توصلك إلى القاع مرة واحدة, تستطيعين الطيران إذا أصبت الفكرة المطلقة.

الفتاة : أريد أن أصيبها يوما , ولكني لا أريد الطيران فالطيران نهايته سيئة للغاية , أنا فقط أريد للجميع البدء من جديد , البدء بعالم يليق بنا .

المرآة: (بنبرة متسائلة) ماذا تحاولين أن تجدي , أخبريني !! ربما أستطيع مساعدتك .

الفتاة: (بحماس) أيمكنك حقا ؟

المرآة : دعينا نرى أولا..

الفتاة: (بعد التفكير) أبحث عن قلم ؟

المرآة : قلم !! ( تضحك بشدة ) أعتقدت أنك للحظة ستقومين بثورة عارمة, أعتقدت أنك تبحثين عن أداة سحرية تغير العالم بلمح البصر والآن تخبرينني بأنك تبحثين عن قلم ؟؟ ( تسخر ) كنت أعد العدة لحل أحجية تفوق قدرتي, حتى أنا المرآة العجيبة أعجز عن حلها … هذا سهل أيها الصبية تستطيعين الحصول على قلم .

الفتاة: (بغضب) ليس بقلم عادي .

المرآة : وهل تختلف الأقلام عن بعضها !!

الفتاة: ( بحماس ) نعم , أبحث عن قلم يحيي الأشياء .

المرآة : يحيي الأشياء ؟

الفتاة : قلم يعيد لي لوني .

المرآة : من أخبرك  عنه

الفتاة :  أفكاري , أفكاري التي ولدت من جديد .

المرآة: (ممتعظة) لا وجود لقلم كهذا .

الفتاة : كفي إذن عن التباهي بأعجوبتك ( تهم بالرحيل )

المرآة : ولكن , أنتظري !

الفتاة : أنتظر ماذا ؟

المرآة: ( بفضول ) أخبريني قليلا عنه ؟

الفتاة: (تعود إليها وخطاها مثقله) قلم عجيب , يعيد الحياة أيتها المرآة .

المرآة : هل هناك ما تريدين أحياءه ؟

الفتاة : الكثير , الكثير.

المرآة : ما هو أول شيء تحاولين أحياءه؟

الفتاة: أن أعيد الألوان إلى الأشياء, هذا العالم يبدو باهتا وشاحبا (تنفعل بالحديث) أنظري إلي أنظري جيدا (تقف أمام المرآة مباشرة) إنني رمادية فقدت لوني, فقدت أحلامي, أنا فقدت هويتي ومن أكون, الجميع يحاول تغيري على هواه .

المرآة : أنت تبالغين .

الفتاة: (بغضب) أنت لا تعلمين كيف يبدو العالم في الخارج, أنك  قد لبثت هنا مطولا .

المرآة: (غير مبالية) أراه بنظرة ملؤها الحياة, عليك أن تفعلي هذا أيضا .

الفتاة : على أن أعيد للأشياء ألوانها أولا, يجب أن أملأ تلك الأماكن التي جفت باللون الأزرق, كي تعود المياه مجددا, أريدها أن تتدفق وتتدفق (تدور في أرجاء المكان وكأنها تلقي التعاويذ على الأرض)

المرآة : وماذا بعد ؟

الفتاة : يجب أن ألوّن الأرض بالأخضر , حتى تعود الحياة للنبات مجددا , إنها تتمايل من شدة فرحها , أنظري إليها , قد عاد إخضرارها بعد أن جفت ويبست

المرآة: (بنبرة حنان) وماذا بعد أيها الفتاة ؟

الفتاة: هنا الأحمر , وهنا الأبيض وهنا الأصفر وهنا لوني المفضل البنفسجي (تحاول أن يضع شيئا في يدها وتشمه ) إنها الأزهار قد سطع لونها مجددا بعد شحوبها , سيدتي العالم بالأسود والأبيض , علي تلوينه لكي يصبح لوحة زاهية , سأقطف تلك الأزهار وأضعها بيد أولئك الذين يحملون السلاح , لا وجود للسلاح في عالمي سوى الزهور , نعم أيتها المرآة أنا أريد قلما سحريا , ربما قلم يحمل معجزة يعيد إلى العالم لونه الحقيقي , قد مللت حقا أن أرى الأشياء باللون الرمادي , وجوه الناس في بلدتي , أرض بلدتي , سماؤها بيضاء لا وجود حتى للغيوم , أليست السماء زرقاء يا سيدتي المرآة ؟ ولكن في بلدتي لونها أبيض باهت, لا وجود للحياة , أتفهمين ما أقول !!

المرآة : نعم أفهم ما تحاولين قوله .

الفتاة : إذن , هل أستطيع إيجاد هذا القلم ؟

المرآة : نعم .

الفتاة: (ببهجة، وحماس ليس له مثيل) أين , أين أخبريني وسأجوب العالم بحثا عنه ؟

المرآة : إنه أنت .

الفتاة : أنا ؟

المرآة: نعم , هاتان اليدان الصغيرتان تستطيعان تلويين العالم وإنقاذه من السواد , نعم أنت الحل أيتها الفتاة , سيطاوعك الكون لكي تفعلها .

الفتاة: (بعد تفكير) أنا مفتاح القفل , أنا المفتاح ( تخرج راكضة وتصرخ عاليا ) أنا هو المفتاح , أنا هو القلم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت