الشعرية في النص المسرحي(منطقة حرجة) للكاتب علي العبادي/ علي حسين الخباز

عندما يدعم النص المسرحي بمرتكزات شعرية الجملة، والمبنية على انزياحات تمنح النص خصوبة وروحا جمالية، علاوة على أنها تعطي النص المسرحي شحنات شعرية دون استخدام السياقات الشعرية، في خصوصية تناول علي العبادي لشعرية الجملة سعيا لتميز اختصاصه بالإخراج المسرحي وليس شاعرا فهو يعرف كيف يستثمر الاستعارة الشعرية لتحريك الفعل الدرامي داخل النص، وهذا ناتج معرفته للحرفة المسرحية

وأدراك التفاصيل الدقيقة التي لا يمكن أن يدركها الشاعر مثل قراءة رؤية المخرج ورؤية الممثل ورؤية الجمهور، قدم لنا نصه المسرحي (منطقة حرجة) معتمدا على ثيمة الانتظار التي استثمرها في العملية التأويلية أو بمعنى توليد الدلالة، زوج وزوجة في عربة قطار عاطل منذ أمد ينتظران المنقذ والانتظار في المفهوم الجمعي عقائدي يميل إلى انتظار المنقذ الموعود المنتظر في النص الديني، وهذه المقاربة لها خاصية الميل إلى إبراز الصراعات النفسية الداخلية لاعتماده على الحوار واستدراج الأحداث عبر استفهامية متنوعة الأدوات، ومن ثم الشعرية العالية التي يمتاز بها نص العبادي المسرحي ليرسم لنا أبعاد المعادل الموضوعي لهذا الصراع عبر مميزات الزمن المدرك والسؤال الملح والمكرر كم بقى لنا من الوقت؟ يقول الزوج لزوجته (بالتفكير المفرط بالوقت خشية أن ينزلق من أيدينا) ومثل هذا الأفق الشعري يخلق التشويق لامتلاكه الدهشة الفاعلة في الجذب الشعوري والتعاطف مع شخوص المسرحية وجدانيا، (الزوجة: ـ حينما نحرث الاسئلة المتيبسة على الشفاه وننقطع عن أداء فروض الحب) سعي جاد لإشراك المتلقي وجدانيا ليعمر أفق التوقع بما سيحدث لو انقطع العالم فعلا عن أداء فروض الحب، مشاركة وجدانية تضع المتلقي أمام نصه ورؤاه سيكون منتجا دلاليا هو الآخر، الجملة الشعرية تمنح النص عمقا جديدا له القدرة بالتداخل مع بنية الدراما، وزيادة فاعليتها وتكثيف المعنى (ونسقي هذه الأرض بالدمع، فنحصد جفاء وانتظارات لا حدود لها) تمنح الشعرية النص المسرحي قوة التجسيد والمفاجأة المستعارة وتبعد سردية الحوار عن اللغة العادية

نتأمل في حوار الزوجة (هما خياران لا ثالث لهما أما أن ننتظر الموت أو نحن من يذهب اليه) هذا البوح الموضوعي فيه الكثير من تسربات الذات المبدعة، إيصال البعد النفسي بوعي الفنان المسرحي لذلك نجد معاناته مع الزمن مع الوقت مع السؤال الذي تكرر على طيلة النص المسرحي، ماذا تبقى لنا من الوقت، (الوقت لماذا لا يفكر هو بنا؟) كم تبقى لنا من الوقت؟

والاستعمالات الشعرية في عملية الحوار تضخ للنص المسرحي روح المغايرة والخروج من مألوفية التحاور (لا ترهق نفسك بالتفاسير للعبارة التي شاخت على جسد هذا الحائط المتهرئ)

استطاع الكاتب المسرحي علي العبادي أن يتحسس مواقع الجمال والإثارة عبر شعريته المبدعة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت