( الاستفهام هو الاقرب / نص “على وشك الحياة” انموذجا ) / علي حسين الخباز
فكرة النص محور القراءة والذي لابد ان يستند على وعي الحوار ، العلاقة مع الحدث وعندما يكون الحدث المتخيل معيارا للحدث الواقعي بلغة حية تحمل اشراقات التعبير ذكريات واقع حياتي، النتيجة ان مثل هذا السعي في الكتابة المسرحية يعمل برؤية واعية، ومسرحية ” على وشك الحياة ” للكاتبة سحر الشامي، المسرحية وليدة حدث معلوم لعائلة عراقية هاجرت الى المانيا فابتلعها البحر، انثيالات رب العائلة الراوي، الحديث عن توظيف السرد يميل عند الكاتبة الى دور الاستفهام، والاستفهام يكون دائما هو الاقرب الى لغة السلوك والى روحية التلقي، من خلال ارتباطات نفسية نظمها لسان الراوي بعيدة عن الجمل الجاهزة تعيش في حالة الماضي، وترجمة السرد الى حوار تميل بطبيعتها الى الوصف القصصي.
وكانت الكاتبة سحر الشامي ذات اختيار دقيق وداع بما امتلكت من سردية الحدث الجوهري ومن التكوينات النفسية للراوي التي دعمتها بقيم الادراك عبر الاستفهام والاستفهام يفعّل لنا السرد ويدفع فسحة الأجوبة نحو تعميق الصلة بمجريات سردية مع تمكين الشعرية أي ان الاستفهام قادر على توسيع الموضوع بالسرد ، والاستفهام قادر على خلق مناخات فكرية ابداعية،
:ـ هل ياترى تتمزق الروح الى اشلاء ؟
ويكون الجواب
:ـ ربما وفي وضعي هذا ربما
وهذا الجواب يعطينا اخبار تأويلي بان هناك وضع خاص له خصوصية، التي سيطلعنا عليها في جواب استفهام آخر ، وترد بعض الاسئلة معبرة عن وقع الذات. اذ تطلعنا باستفهامات اللهجة العامية لتزيد الفتها مع ذاتها ومنها المتلقي ( اي شطلعت هاي؟) وهذا النهج سنعود اليه ولنركز على الجواب:
:ـ الم اقل ما يقال عنه بانه عظيم ولكنه قد يلقي بصاحبه الى اعظم منزلة
وترسم عبر الاجوبة العمق المترسب في الواقع، صور شعرية يسألنا الراوي :
ـ ماذا يحدث لي أخروج الروح هو ؟
والاجوبة عبر الاستفهام تحمل ميزتين…. الاولى سردية توضح اخبار ومجريات الحدث والثانية ترسم البعد الفلسفي لمحاور الحدث ، ومنها الشعرية ،
:ـ اشعر ان الممر الذي بيني وبين الرحمة ضيق تماما، وانا في هذه اللحظة بالذات اعتز بنفسي،
يافطة سؤال (:ـ من يتحمل الهموم؟) يهيء بمسرى احتجاج :
ـ ان فناء عائلة باكملها مرة واحدة أمر سخيف ومريع ،
ولتكمل جملتها في مكمن اخر :
ـ هكذا يجعلنا التأمل في ضمائرنا جبناء جميعنا وهكذا تصفر الشجاعة المتوردة،
وسعيا لتجاوز خلخلة الجاهز واليقيني عبر الاستفهام الذي يفرض على المتلقي مشاركته في الجواب أو تأمل الجواب الذي ركزه السؤال وجعل من استفهاميته اشكالية تحمل في طياتها قلق السؤال ،ويعمل هذا القلق للقبض على المعنى ، وهذا ما نلمسه في تشظي الاسئلة ، :
ـ الى أين انا ؟ / كيف انا ؟ / متى انا ؟/ علي انا ؟/افعل انا / افعل انا / اريد انا / اهذا انا ؟/وكل من انا ؟/ ولا غيري انا
السؤال ينتج الفعل الدلالي ويتنوع التجسيد عبر مقومات الجمل السردية جواب الاستفهام :
ـ فى انا ميت ولا انا حي…. سليم تسمعني ؟ :
ـ افكر ؟ وان كنت افكر فلا اعلم هل انا حقا افكر ؟
الفكرة تتطلب الوئام والالهام لكي تتجلى فأي فكرة تلك التي اتمنى ان تغشاني وانا في وضع نزوح الروح المكبلة بالف عرق وعرق أو بالاف العروق ؟
الاجابة في هذا النص لاتمتلك الحسم بل تكون دائما استرجاعية / افلاش باك / مبنية على سردية الواقع الذي شكلت منه الندمية اسئلة جوهرية كثير :
ـ هل تريني الان كيف ارد الجميل لك وقد كنت انت كل حياتي؟ هكذا انهارت مشاعري واحاسيس ؟
تصبح الاسئلة ارضية خصبة لتفاعل الجواب حسب منظور فلسفي حتى كدت اتسائل هل يتحمل التفاعل الفرجوي مثل هذه الاسئلة الاستفهامية :
ـ أي أمر عظيم يغشاني الان انه يجرني من انسانيتي حتى تلك المشاعر التي زرعها الله في البشر منذ خلق الله ادم وحواء ؟
تريد الكاتبة ان تصل بهذه الاسئلة الى ابعد من مكوناتها اللفظية لتفعيل آلية يناقش النص علاقات التأثر بحكم علاقة الاستعمار بالانسان :
ـ ابحث عن كينونتي التي غابت هنا في الوطن ….. قررت ان احمل حقيبة عن طريق البحر وأرحل
الابن :ـ كيف ترحل الى بلاد قامت باحتلالنا من قبل
الاب :ـ لم اجد جوابا .. استولى الخنوع علي فجأة … أجبته وانا ادير ظهري لئلا تفتضح تعابير وجهي
:ـ تغيرت الدنيا وللضرورة احكام وارض الله واسعة
الابن :ـ هكذا بكل بساطة ؟
سؤال العودة الى الذات هو بمثابة الجرح الذي يحمله قلب النص
:ـ ارجوكم هل رأيتم ولدي ربما يكون حيا ؟ انه سبع
والبوح الذي يحمل انزياحات بلاغية تفتح افق الجرح حزنا، صرنا نكيف جراحنا ابداعيا
:ـ ماذا ؟ اهذا الموت تسلى كثيرا بتعذيبي اكثر مما ينبغي
تخللت لغة الحوار بعذ الاستفهامات الصارخة باللهجة العامية
:ـ وانت شنو…… تتفرج ؟
:ـ شنو السالفة بالضبط ؟ شنو تسبح على بيض؟
ويبدو ان تأثير الواقع طرح امكانية البحث عن الهوية، فكان دور الاستفهام استدراج المتلقي الى عمق التعايش الروحي مع النص وهو قادر على صنع الدهشة نص ثري هذا الذي كتبته سحر الشامي