قراءة في نص مسرحي مسرحية “من رآنا فقد رأى” للشاعر ناهض الخياط / علي حسين الخباز
تشتغل النصوص المسرحية على المضامين المتنوعة؛ لما يمتلكه المسرح من قوة تأثير، وكونه فناً انسانياً واجتماعياً، يعكس الواقع سلباً أو إيجاباً، مما جعل المسرح ينهل من التاريخ ما ينفذ به الى الأمور الفكرية والجمالية، برؤى وأفكار، ونقله الى الناس بأساليب مؤثرة، ونص مسرحية “من رآنا فقد رأى” للشاعر ناهض الخياط، واعتمد النص على عدد من الأساليب المؤطرة ببناء فني، ونص الشاعر الخياط استخدم الكثير من العناصر المتعددة التي تتعلق بماهية النص المسرحي، ومنها الوصف والسرد، حيث اعتمد المشهد الأول على الوصف والسرد في جمل طويلة أراد منها أن تغطي كامل المعنى:
(وها هو عطره الذكي يملأ غرفتي..! إن روحي ترفرف الآن بألف جناح، لقد رأيته يمر من هنا وعيناه صوب أفق بعيد، لم يكلمني، ولكنه ابتسم لي، فأحسست بسمو روحه، وعلمه، وشجاعته، فنالني من سخائه شيء كثير).
تعتبر تقنية المسرح داخل مسرح أنموذج من النصوص التي يكون موضوعها عرض النص المسرحي، فرقة مسرحية تقدم تمارين نص مسرحي، وهذا الأسلوب هو من الأساليب الجمالية، والتمرين المسرحي هو مسرح يقود الرغبة ويظهر للجمهور متنفس المؤلف والمخرج والممثل؛ سعياً لإشراك الجمهور والدور داخل الدور:
(الكاتب:ـ ما هذا..! ماذا تقول..! لقد خرجت عن النص يا صاحبي..! وتقول ما يعرّضنا إلى الخطر، فأنت تقول: لقد فتح عيني على أعدائه وهم يعودون ثانية، وكذا وكذا وكذا، إنه خط احمر، وما أكثر الخطوط الحمراء الآن).
المسرح شكل أدبي يقوم على الحوار، ليس هناك راوٍ يروي الأحداث ويعرفنا بالطبائع والعلاقات، وانما تكشف الشخصيات بنفسها عن نفسها، وتتحاور فيما بينها لينمو الحدث من خلال الحوار والمواقف:
(الممثل:ـ فلماذا لا نكشف عن رؤيانا، ونطلق الأسئلة؟
الكاتب:ـ شريطة أن نعرف متى وكيف، كما نعرف الرفيق قبل الخطوة الأولى على الطريق .
الممثل:ـ أو لم نعرف متى وكيف، ومن هو الرفيق؟
الكاتب:ـ نعم..! ولا نعرف أيضاً كيف نحدد الطريق. فما زالت عيوننا معصوبة بأوهامنا، وأسماعنا مرهونة بغواياتنا؛ لأن جهاد النفس لمّا ينتهِ بعدُ في ضمائرنا، وهذا ما بينه الرسول الكريم بعد فتح مكة، وسقوط أصنامها).
استطاع الشاعر ناهض الخياط اعتماد الأسلوب المباشر الوعظي لتوسيع رقعة التأثير، المتلقي يقرأ المدون النص بواقعيته، ويصل الى الافهام بشكله البسيط، والبساطة قوة ارتكز عليها النص في محاوره؛ لكون هذا النص يعد من المسرحيات المقروءة التي يستمتع بها القارئ، جل اهتمامه في توصيل الفكرة دون النظر الى البعد الدرامي؛ لكونه شاعراً سخر امكانياته على توظيف الحدث بشكله المباشر، ولكي يأخذ دوره الإصلاحي نشر في النص وعظيات حكيمة ومؤثرة في جوهر التلقي:
وقوله: (يا بني، اجعل نفسك ميزاناً في ما بينك وبين غيرك، فأحبب لأخيك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها، ولا تظلمْ، كما لا تحب أن تُظلم).
النص المسرحي نتاج فني يعكس الواقع المحمل بالعديد من المعاناة اليومية الاجتماعية التي تصاحب الانسان، ويطرح الأمور التي تشغل ذهنيته؛ كون النص المسرحي شديد الالتصاق بالواقع وبطبيعته الاجتماعية، وطبيعة تحولاتها للتعبير عن هموم العصر والعمل على بلورتها فكريا:
(الممثل: ليقع ميزان العدالة بيد الطغاة العتاة، وتنتصب (اللات) ثانية بهيئة حاكم أحمق غدار جهول، أشاع الفرقة والإرهاب والموت والحروب.
الكاتب: حتى بات الرجل يخشى من أخيه، والمرأة من جارتها، والطفل من دميته، ولا يجد المرء قوت يومه، ليستر به عرضه، وجسده ثم يصبح اسم الله تكبيرة على فم المجرمين.. ! تفجير المنازل ودور العبادات، الحقول والأنهار المجففة).
نص الشاعر ناهض الخياط استطاع أن يقول كل شيء.