مسرحية “طير الليل” …تحليق الرقيق الأبيض/ رضوان أفندي
الروامس في المعجم العربي تعني من بين ما تعنيه، ما يخرج ليلا من طير ودابة. غير أن روامس عرض مسرح أكواريوم ، هن إناث طير من فصيلة بشرية، يحلقن في فضاءات حمراء بضحكات و غنج و مساحيق و دلال مصطنع يتراكم كطبقات تغطي ما لا يندمل من جراح و ندوب. و المشترك بينهن أن مأساتهن تضرب بجدورها في مرحلة الطفولة، سواء حرمت إحداهن من حقها في التعليم، و تم تشغيلها خادمة في البيوت، لتتلقى صنوفا من الاضطهاد و القهر، أو تم تزويجها مبكرا و زفها إلى عريس لا يشينه أن يتزوج بقاصر، ليهجرها بعد ذلك و يتركها مثقلة بأولاد من صلبه، أو طفلة جنى عليها أب عربيد و غير مسؤول …
والمسرحية مستقاة من شهادات فعلية لنساء قذف بهن قذفا إلى عالم الدعارة. و يبدو جليا حضور البعد البيداغوجي التحسيسي للمسرحية، بما تحمله من دعوة مبطنة إلى تغيير نظرتنا إلى هذه الفئة من النساء، باعتبارهن ضحايا، و باعتبارهن جديرات بامتلاك كرامة أصيلة وكونية بصفتهن البشرية. ولعل هذا ما قد يفرض حدودا على النص المكتوب، شبيهة بالحدود المفروضة على الأعمال الوثائقية.
وربما هذا أيضا ما دعا المخرجة (نعيمة زيطان) إلى إخبار الجمهور بعد انتهاء العرض، بأن العمل هو ثمرة ورشات تمت بمشاركة أشخاص يشتغلون بالجنس، وبتنسيق مع الجمعية المغربية لمحاربة داء السيدا. و مع ذلك، فإن التخييل La fiction لم يكن غائبا تماما، في الطابع الاستعاري الكوميدي للحوار، واختزال زمن الحكي، وعرض لوحات متحركة بموازاة مع تفاعلات العرض (أزهار تتساقط تباعا، ودماء تسيل، ووحوش تتربص بفرائسها، وليست الفرائس سوى نساء فرض عليهن أن يأكلن من أسفلهن …)
أداء ممتع للممثلات : جليلة التلمسي ، و ساندية تاج الدين ، و هاجر الحاميدي ، و بشرى شريف.