نص مسرحي: ” يحثو مستقيما “/ تأليف:د. كرار العامل

الشخصيات:

سيزيف

خدمة الالهة

صاحب البيت (العجوز)

مجموعة رقم 1

مجموعة رقم 2

 

(في باحة بيت عجوز وحيد، تتوسط الباحة أريكة واسعة يتيمة، وإنارة بسيطة وبعض الصور العائلية التي تتكأ على الحائط طيني حيث تبدو وكأن سحناتهم يصهرها الحر، هناك خنجرا معلقا في جانب وفانوسا في جانب آخر و سلسلة ملطخة بالدماء و بندقية طراز تشيكسولفاكي قديم، وفي جانب الباحة تنمو نخلة شابة، الشيخ يشكو من جرح في خاصرته لخنجر أحال الشيخ هلالا، يجلس الرجل ماسكا مروحة يدوية يحرك بها الهواء الساكن أمام وجهه).

تعلو ثم تفتحل صيحات و هتافات خارج البيت:

( تحيا الأمة مهما حيت الأرض، تعيش الأمة لا عاشت أمما غيرها).

العجوز: لا حول ولا قوة إلا بالله، أليسوا ينامون؟!، كل الأمم التي ناصبوها العداء هنئت إلا نحن. يارب إني أرجوك لحظة نوم واحدة، كأن الله لم يبتل قوم بمثل ما ابتلانا بهم. كلما حاولت أن اسرق من الوقت ساعة نوم حتى جاؤوا ينهقون، وضعت سدادات الدنيا كلها في أذني ولم انفك أسمعهم، كأنهم يصيحون بحناجر الدنيا أجمعها.

الصيحات: الأسرة نواة الأمة، بالدم نفدي الأسرة.

العجوز: يا لوقاحتكم، تقتلون الأسر وتضعون أنفسكم حماة مزيفون لها.

الصيحات: الدين للأمة و الأمة للدين.

العجوز: وهل الدين إلا المعاملات الحسنة.(يتجه نحو صور عائلته ويمسحها) سرقتم مني أسعد لحظات عمري، حياتي التي أردتها أن تكون كاملة مع عائلتي الصغيرة هذه، سرقتموها بسلبكم حياتهم (يبكي). والله ما هذه إلا أفعال الشياطين.

الصيحات: الشرف رداءنا لا رداء لمن لا شرف له.

العجوز: إنكم والله لا تفقهون في الشرف شيئا، أكثر الناس هوسا بالشرف أحوجهم إليه. إن الأرض شرف فلن تنتزعوها مني مهما فعلتم. (تخف الصيحات تدريجيا ثم تبتعد)

الصيحات: اليوم اليوم، لا غدا أو بعد غد. (تختفي)

العجوز: عساكم لا عدتم، كأنكم جرح مزمن يهيج بماء أو لفحة هواء. لقد سلبوا كل شيء ويريدون سلب آخر حق تبقى لنا، أرضي فضلا عن راحتي الجسدية. هل يظنوا أفعالهم هذه ستدفعني للتخلي عن تربة أجدادي. هيهات. (يسير باتجاه الفانوس ويعلقه على الحائط المؤرق هو الآخر ويتجه نحو صورة عائلته) لتظمئن روحك أم أحمد إنني لن أتنازل عن شبرا مني، ولو للحظة. (يتجه نحو الأريكة) أغتنم فرصتي فأنام سائلا الله أن يستل حناجرهم فنهنئ ويهنئ عباد الله بغفوة. (ينام)

(تدخل خدمة الآلهة حاملة ما يشبه النعش مدثر بقطعة قماش مهما يكن لونها، تتجه خدم الآلهة البيت نحو الوسط ثم تضع النعش وتدور حوله مؤدية طقس توديع مع موسيقى وإيقاعات ملحمية، يقف أحدهم في أحد جوانب البيت يقرأ بيانا وتكون حينها قد خرج الخدم الآخرون جميعهم باستثناءه)

قارئ البيان: يا عبد الآلهة، يا ملك وأبن ملك، يا سيزيف البحار و المخادع المستهتر، عاقبتك الالهة فأحسنت عقابا، فعدت تمكر فمكرت بك أن حملتك على أن تحمل صخرتك الأبدية فمكرت ثانية. يا حسرة عليك أنى تكف عن خبثك!، أيها العبد المسجى الآن على أرض بابل نفتك الآلهة مكرا لمكرك، فيكون نفيك لهذي الارض أبشع عذاب تراه، أخلد فيه وعش منه دهرا. (يختفي)

سيزيف: (يستيقظ) آه اللعنة، عجيزتي تؤلمني و ظهري يوخزني (يتلفت يمنة ويسرة) إلى  أي مكان سحيق قذفتني الآلهة اللعينة تلك (يتجول ثم يتفاجأ بروية الشيخ النائم) يا الهي، ومن يكون هذا الإنسان ذو المظهر الغريبو الرث. هذا المكان المريب يثير حاجتي للتقيء، يا للعجب أبيت هذا أم اسطبل؟!، ولكن (يدور حول نفسه) أين تلك الصخرة اللعينة؟، هاههل هجرني عذابي غير مأسوف عليه؟!، هل أنا حر الآن؟! (يركض هنا وهناك)، نعم أنني حر تماما، يا سلام أي مكان سيكون سعيدا طالما ليس فيه وجود  لتلك الصخرة اللعينة (يصيح بصوت عال) أخيرا هجرني العذاب لا رجعة له. هل تظن الآلهة إن مكانا كهذا سيكون أشد من حملي الابدي لصخرة لعينة!، الهة غبية، (يضحك ). أنا حر الآن بلا صخرة بلا بطيخ. بطيييييخ! (يستغرب) غريب وأي لغة هذه التي اتكلم بها الآن؟. ليس مهما، ما يهمني الآن أنني حر تماما، (يقفز كالكنغر ويردد بصوت عالي) يا سلام أنا حر حرحر. (يستيقظ العجوز على صياحه فيقاطعه هو الآخر بالصياح).

العجوز: هوب هوب، من تكون يا صاح؟، ولماذا تهرج وتمرج في بيتي أصلا، من أنت؟ و لم تنهق أنت الآخر؟، كيف دخلت أيها الغريب للبيت ولم؟

سيزيف: (بسخرية تامة) وتسمي هذا بيتا؟!

العجوز: أسميه ما أسميه، و الآن أخرج منه فورا أيها الغريب. (يحمل بندقيته و خنجره فتسقط بندقيته، يحاول التقاطها فيسقط خنجره).

سيزيف: (يضحك باستخفاف) ويطردني وضيع هرم وأنا ملك أبن ملك!، لن أبرح مكان وجدت كل حريتي فيه!.

العجوز: ستخرج ورجلك فوق رأسك. (يصوب بندقيته نحو الأرض لتخويفه لكنها فارغة، فيلقيها على الأرض)

سيزيف: الحرية ها هنا يا رجل، لا أظنك تعرف مذاقها. كنت طوال سنين عذابي أحلم بحرية كهذه.

العجوز: مارس حريتك خارج أرضي، الآن.

سيزيف: وإلا ماذا؟ ماذا سيفعل كهل مثلك. ثم ما هذه الثياب الغريبة؟! ، هل أنت عبدا لأحد؟.

العجوز: ثياب غريبة؟! ليس في هذه الأرض غريب سواك. و الآن أرني عرض كتفك وأخرج.

سيزيف: وتصيح بوجهي إيها الوضيع، أتعرف من أنا؟

العجوز: كائنا من تكن، فما عدت أخاف من أي مخلوق، خصوصا من يبدأ عنطزته بهذه الجملة الوقحة.

سيزيف: ويحك ، أنا سيزيف، ما عرفت الأمم أمكر مني ولا أذكى. غلبت بمكري آلهة وعباد. أسأل آبائك عني، سيزيف يعرفه أولى القوم وآخرهم. أنا حاكم بلاد الاغريق و ماكر تجارتها.

العجوز: أسمع يا أحمق، سيزيف أو زفت، لا يعنيني. أنت تطأ أرضي و بيتي غصبا.

سيزيف: لأني لا أعرف أرضا غيرها.

العجوز: عد من حيث أتيت.

سيزيف: (يضحك) وهل يلقي المرؤ بنفسه إلى العذاب بيديه؟!. أتخيرني بين الحرية ها هنا والعذاب هناك وتنتظر مني أن أختار العذاب!. (يمسك كل منهما جهة من الأريكة)

العجوز: هذه فردوسي أنا، أبحث عن فردوسك بعيدا عنا. سأنبت هذا الخنجر في  خاصرة أي مغتصب لأرضي كما فعلت سابقا وسأفعل. (يهاجمه، يدوران حول الأريكة في مطاردة هزلية)
سيزيف: أمارات القوة واضحة عليك (يضحك) أنى تقوى على حمل خنجر وأنت لا تقوى على حمل خطاك!.

العجوز: قد أبدوا خائر القوى لكن حرارة خنجري تحمر لها خدود الحديد. (تستمر المطاردة حول الأريكة)

سيزيف: اووووه، أهدأ يا رجل. ليست من أخلاقي الاعتداء على المسنين الضعفاء.

العجوز: سيعلمك هذا المسن أخلاقا جديدة. (يتلاوى معه فوق الأريكة)

سيزيف: أهدأ أيها الشيخ. لم تفهمني ويبدو أن الأرق قض مضجعك (يقفز بعيدا عن الأريكة)، وكونك ساهدا يجعلك مشوشا.

العجوز: ومن أين يأتينا النوم، وفينا ثلة مرضى، ماروا في السماء نهيقا وصياحا؟.

سيزيف: الا يفترض بك مهاجمتهم لا مهاجمتي؟. أين منطقك، أين حسن ضيافتك؟!.

العجوز: أسمع يا متغطرس، أنت لست مرحبا بك هنا، وجودك هنا يعطيهم الذريعة لانتزع أرضي بدعوى إيواء الغريب كما جرت العادة أن يفعلوا. (يمسكه من تلابيبه في فلت سيزيف منه ويهرب نحو الشجرة فيتبعه العجوز)

سيزيف: (بمكر) استكن قليلا، أنا مظلوم مثلك وتاءه بلا مأوى يا رجل. حملت كل مظالم الدهر على كتفي. وأنت تحمل خنجرك علي، هل صار التعدي على المظلومين شجاعة؟!.

(يطارده حول الشجرة)

العجوز: كلهم يقولون ذلك في أول الأمر حتى إننا ما عدنا نفرق بين المظلوم وظالمه.(يسدد خنجره نحو سيزيف فيستقر في جسد الشجرة)

سيزيف: عم تتحدث يا عجوز؟، من يكونوا هؤلاء؟

العجوز: كثيرون، لم نعد نعرف هوياتهم (يماطل الشجرة لإخراج خنجره من جسدها). نحن نعرفهم فقط بنهيقهم. ملثمين لكنك بمجرد إن تسمعهم يصيحون (نحن حماة الأرض) تعرفهم، فأول شيء تخاف عليه بعد سماعك هذا الهتاف هو الأرض (يخرج خنجره بصعوبة من الشجرة فيسقط على الأرض وينهض). ولهذ قبل  إن تهتف باسم المظلومية اهتف بعيدا عن أرضي، فقد سئمت هذه المسرحيات. (يتعب فيستريح على الأريكة وسيزيف ما يزال واقفا متباهيا بطوله)

سيزيف: (بوجه ماكر) وهل أبدو لك من مظهري أشبههم؟!.

العجوز: (يضحك) لن تنطلي علي هذه الألاعيب، كلهم جاؤوا بمظاهر شتى  وملابس كثر مختلفة، يمكنني أن أعرف الغازي من لباسه إذا ما صادفته. والآن أكفني شرك.

سيزيف: هذا ما علمتك السنون، أن تهاجم المظلوم مكان الظالم!.

العجوز: أنصت أيها المعتوه، حتى إن صدقت بأنك مظلوم فلن استطيع إيواءك، فإنهم إن وجدوك هنا بملبسك الغريب سيقتلونك ويقتلوني كما فعلوا مع عائلتي. فلن أعطهم مبررا يستبيحوا به أرضي بعد كل هذه التضحيات. فلماذا لا تخطو خارجا ببساطة، أرجوك!.

سيزيف: من هم هؤلاء هذه المرة؟

العجوز: ثلة المرضى أنفسهم يا غبي. والآن  عليك الرحيل حالا، فلم اعش كل هذا العمر حتى اسلم أرضي في الأخير لغرباء أمثالك (ينهض من جديد فيلوح بخنجره من بعيد).

سيزيف: أنت لم تفهم لغتي.

العجوز: وأنت يبدو لا تفهم لغة غير السلاح، هل تريد إن تتذوق طعم خنجري، الآن؟! (يهاجم سيزيف مرة اخرى). هل يغريك رأسه المدبب، ككل الشواذ الذين قصدوا هذه الأرض العفيفة لاغتصابها؟!.(يضع خنجره على رقبة سيزيف)

سيزيف: (بمكره المعتاد) أنا والحق يا سيد مظلوم ومطارد. ولأنك تصر على طردي، وقبل أن أهيم في أرض أخرى غريبا أرجوك أن تسمع قصتي، فأنا أكره أن أوصف بغير حق بالغطرسة والظلم.

العجوز: سأسمعها ولكن تأكد إنني لن أشيح بخنجري بعيدا. ثم عليك أن تغادربعدها مباشرة. (يجلس العجوز على أريكته مجددا، يستل سجائره من جيبه فيدخن)

سيزيف: حسننا، أسمع يا سيد. كنت في سالف الأزمان حاكما رشيدا في بلاد الاغريق. (يطوف البيت ذهابا وايابا)

العجوز: حاكما رشيدا، في أي دكان للخردة كنت، دلنا عليه. (ينفث دخانه نحو السقف)

سيزيف: كنت أدير بحنكة خيرات شعبي واهبا لهم، إلا إن ذلك لم يعجب آلهتنا، وأمرتني فعصيتها لأجل أمتي.

العجوز: اها أنت وثني أذن. و أن عصيتها، صدقني لن تفعل لك هذه الأوثان شيئا.

سيزيف: (لم يفارق المكر وجهه) بل فعلت، ولأني لم أمنحها ثروة من ثروات شعبي قررت طردي وتعذيبي بأن أحمل صخرتي على ظهري فوق جبل فإن وصلت قمته تدحرجت من جديد، فأعودلأحملها مرة بعد مرة. ولأني رفضت ذلك العذاب نفتني إلى هذه البلاد التي لا أعرف مأوى فيها غير هذا الذي وجدت نفسي فيه. أنني لا أنشد شيئا سوى العون يا رجل.

العجوز:  بلا شك إنها دراما ألفتها بنفسك، وسرقة أرضي ما وراء ذلك القصد. لقد سمعت حكايات مزيفة كثر حتى خبرتها، سولفها على غيري.

سيزيف: إن لم تصدق فشأنك. مالي ومال أرضك حتى اغتصبها. أنا لا أعرفك ولا أعرف هذه البلاد حتى.

العجوز: إذا كنت من بلاد غير هذه، كيفإذن تتكلم لغتها الآن؟.

سيزيف: أنا والحق مستغرب كذلك، استيقظت فوجدت نفسي أحكي لغة غريبة عني. هذا تكلفة أن تكون نزيها في بلاد الاغريق فتطرد.

العجوز: هل تريدني أن أصدق إن وثن يمكنه فعل ذلك كله؟! (يضحك) يبدو إنك فقدت عقلك كله. (يجلس على الأريكة)

سيزيف: بل وتفعل أكثر من ذلك.

العجوز: اكمل اكمل، فلم أسمع دعابة منذ فترة فأضحك. حتى نسيت كيف يكون الضحك. (يجر ضحكة طويلة)

سيزيف: ثم أرسلت الآلهة في طلبي إلاها آخر فصرعته، وارسلت آخرا فقيدته ففك قيده.

العجوز: وثن يفك قيده؟!، (ينفجر بالضحك) أرجوك بطني ستنفجر. توقف.

سيزيف: وتكذبني؟

العجوز: (ساخرا) لا لا ولكن أرجوك أشرح لي كيف، آخ قلبي. إله خلقوه بأنفسهم يتحرك!، كيف سيتحرك؟ بالدحرجة؟! (يختنق بالضحك) اوووه يا إلهي سأختنق.

سيزيف: لا بل هكذا (ينقل أقدامه بخفة عالية) يمكنني أن أمثل لك المشهد كاملا إن أردت.

العجوز: نعم نعم أرجوك، هيا أيها الممثل البارع أتحفنا.

سيزيف: طالما أصررت، لك ذلك ولكن أحتاج قبل ذلك إلى الفانوس والسلاسل هناك. (يحمل الفانوس والسلاسل بينما يدخل العجوز بنوبة ضحك وسعال، يكمل سيزيف حديثه) يتقدم الإله حاملا مشعله وماسكا سلاسله.

العجوز: (يتجاهل النظر إلى سيزيف خلفه) يا الهي، إله يحمل مشعلا؟َ!، أليس إلها فيبصر بلا نور؟!. (يجر ضحكة صارخة)

سيزيف: (خلف العجوز غير مبال به) يسير الإله على غير هدى وأنا خلفه، أنقل قدمي مع أقدامه، يفتح سلاسله متهيأ لتوثيق شيئا لم يجده أساسا (يتثاوب العجوز ويتململ، مبقيا نظره نحو الأمام) أقترب منه، أطوقه بيدي ماسكا سلاسله، ومسقطا فانوسه فلا يبصر شيئا (يسقطه فيحيل المكان ظلاما).

العجوز: هي أنت، ما الذي تنوي فعله؟ توقف وإلا قتلتك.

(يشعل سيزيف المشعل من جديد فتعود الإنارة كاملة ونرى العجوز مقيدا وسيزيف يحمل خنجره)

سيزيف: وهكذا يسقط آخر جنودك. (يضحك)

العجوز: ستندم على ما فعلته بي. فك وثاقي لنتقاتل رجلا لرجل.

سيزيف: تريد طردي وأنت تستسلم للضحك بسهولة؟!. لا عجب إنهم يحكموك هكذا فيذلوك.

العجوز: لن تفلت بفعلتك. سيأتون فلن تهرب. يا إلهي، يا لك من مخادع وقح.

سيزيف: والآن فلتكرمنا بسكوتك، تريدني أن أهجر أرض فيها مهربا لي من العذاب الذي كتب علي أن أعيشه دهرا!

العجوز: لن تهنأ ساعة وحدة، سترى عذابا أشد، سيأتون إلى هنا في أي لحظة فيفتكوا بك.

سيزيف: هل سيأتون لنصرتك أولئك الذين لا يحسبوا لك حساب؟!.

العجوز: لم لا تصغي جيدا لي، هؤلاء يتصيدون المبررات لاغتصاب الاراضي من أصحابها، وها أنت قد جئت بقدميك لهم.

سيزيف: وما شأني وشأنك يا رجل. الأرض هذه حريتي، فلن أخسرها بعد الآن.

العجوز: سنخسرها كلانا.

سيزيف: لن أمكنهم من فردوسي هاته.

العجوز: سيحيلوها جحيما عليك.

سيزيف: لست تنهزم طالما في كفك عقلا متمرس المكر، احفظ ذلك عني.

العجوز: اه يارب، كيف سيفهم؟ الأرض هذه كل ما تبقى لي من كرامتي، أرجوك استمع لي. قتلوا عائلتي وما انفك أقاتل من أجلها.(سيزيف يلوح بخنجره في الهواء بغرور) وقفت لهم كالعرق الذي يستعصي القلع. ( يمسح الخنجر بلحيته غير مبال به) حاولوا أن يكسروا شيئا في داخلي بقتلهم عائلتي، لكن هيهات.

سيزيف: كف عن الثرثرة أو ستلحق بركب عائلتك.

(يسمع هتافات تقترب تدريجيا)

العجوز: أتسمعهم؟، يا إلهي اشهدي يا أعضائي غدا أمام زوجتي إني لم أهادن قط.

سيزيف: ما الذي يجعلك متأكدا إنهم يقصدون أرضك؟.

(الأصوات تقترب وكأنهم خلف الباب).

العجوز: أن الأصوات تتجه صوبنا يا أحمق.

سيزيف: الأصوات تأتي من هذا الاتجاه، سأختبأ ها هنا فيجدوك وحيدا ثم يتركوك فأعود. (يختبأ)

العجوز: فك وثاقي وافعل ما تهوى.

سيزيف: (خلف الباب) سأفعل حين يغادرون.

(تدخل مجموعة رقم 1 وتنتشر كأنها تداهم معسكرا)

عضو 1:  ولا حركة يا شيخ.

العجوز: أتراني مقيدا، كيف سأتحرك؟!

عضو 2: ارفع يديك الآن.

العجوز: هل الغباء داء منتشر هذه الفترة بين صفوفكم؟!. كيف لي أن أرفع يدي وأنا مقيد؟!.

عضو 3: نفذ بلا ثرثرة زائدة، هل يشتهي لسانك سكين حادة الآن.

عضو2: أغمض عينيك.

عضو 3: نفذ وإلا فرغت جعبة بندقيتي في حلقك.

العجوز: حاضر حاضر (يغمض عينيه)

عضو1: أستمع  لي جيدا يا عجوز، أفتح عينيك جيدا لترانا.

العجوز: أأفتحهن أم أغمضهن؟.

عضو 3: بل افتضهن.

العجوز: وماذا يعني هذا؟.

عضو 3: أفتح واحدة وأغمض أخرى.

العجوز: لم أهنأ بساعة نوم واحدة بسبب هتافاتكم الغبية.

عضو 3: تنام وقضيتنا المركزية ساهدة، كيف تغمض لك عين والأمة مهددة؟!.

عضو 2: لا يابه يريد أن يشبع نوم.

عضو 1: فيستيقظ مرتاحا مسترخيا.

عضو 4: ويأكل حتى يشبع.

عضو 1: فيتأمل ويفكر.

عضو2: ويسعى للحرث والاستزادة.

عضو 4: ثم يزاحم قضية الأمة في أراضيها.

العجوز: لا رغبة لي بالقضايا ولا الأمة. أريد النوم لا بارك الله بكم.

عضو 2: من شد وثاقك هكذا؟.

العجوز: لص لم أستطع كشف هويته.

عضو 3: لكننا لم نرى لصا يتسلل إلى أرضك مع إننا نسكن قربك.

العجوز: حصل الأمر في الساعة التي غبتم فيها.

عضو 3: اهاا، هل تقول إن وجودنا حولك منع تسلل اللصوص إليها كل هذه المدة.

العجوز: ليس هذا ما قصدته.

عضو 3: صمتا، وهذا يعني يا لبيب إننا كنا نحميك بتواجدنا طوال هذه السنوات قربك.

العجوز: أنعم الله عليكم. تشكرات.

عضو 3: ولهذا يا شيخ عليك أن تدفع لنا مقابل حمايتنا لك طول الفترة هذه بتواجدنا حول ارضك.

العجوز: ماذا؟ أجننتم؟  لم يتبقى لدي شيئا أهبه.

عضو3: لديك الأرض. جرة قلم وإمضاء بسيط وينتهي كل شيء.

العجوز: لا تتخيل ذلك حتى.

(يمسك عضو 3 العجوز من ياقته ويشده نحوه)

عضو 3: إذن سننفض كل البيت فنأخذ ما يقع تحتنا (يشير إلى العضو 2 و 4 ) ماذا تنتظرون، فتشوا الأرض شبرا شبرا عما يخدمنا. خذ أنت هذا الجانب وأنت الآخر.

العجوز: ليس في الأرض شيئا يخدمكم أرجوكم.

(ضجيج خلف الباب الأيمن)

عضو 3: سأقطع أيديكم إن عادت فارغة. (بصوت عال)

(يدخل سيزيف واضعا خنجره على رقبة العضو 4 العاري اليدين)

سيزيف: سأحز نحره إن لم تغادروا الأرض الآن.

عضو3: من عساك تكون؟. (إلى سيزيف)

العجوز: سيزيف غضب الله، ملك وابن ملك.

عضو 3: (إلى العجوز) وتأوي عدوا لنا.

العجوز: ومتى اتخذتموه عدوا؟.

عضو 3: من الآن.

العجوز: أنتم لا تعرفوه أساسا.

عضو3: أصبحنا نعرفه الآن، سيزيف غضب الله، ملك وابن ملك.

سيزيف: أسمعوا، آخر تحذير. سأجز رأسه كما الصوف إن لم تغادرا الآن.

عضو4: أستمع له يا سيدي، سيقتلني هذا المجنون.

عضو 3: لا تخف سنخلصك تماما منه. لا تفزع يا صديقي المخلص سنخلصك منه بسهولة (يصوب البندقية على عضو 4 فيسقط متيا) أترى كم هو سهل؟ (إلى الجندي المقتول).

سيزيف: يا الهي، أسحرا هذا أم ماذا؟ ومن يفعل مثل هذا غير الالهة؟!. هل لحقتني إلى هنا تلك الآلهة اللعينة!.

عضو3: نعم، أنا مسدد من الإله. هل تريد أن تجربها بنفسك؟.

العجوز: إنها بندقية يا سيزيف، هذه ليست معجزة ولا شأن لألهتك بها.

عضو 3: والآن تعال واصطف إلى صديقك العجوز الخائن المتواطئ مع الأعداء.

سيزيف: لست صديقه.

العجوز: أقسم لكم، أنني لا أعرفه، استيقظت فوجدته في أرضي.

عضو 3: هل نزل من السماء؟.

سيزيف: نعم، أني والحق نزلت من السماء.

عضو3: أتسخر منا؟!. أتظن إننا أغبياء لهذه الدرجة؟!.

(يدخل عضو 2 يحمل حبل غليظ )

عضو 2: هذا كل ما وجدته في البيت يا سيدي.

عضو 3: جيد، دائما ما يحتفظ المرؤ الضعيف بما يذكره  بضعفه، هذه الأرض ضعفك يا رجل.

العجوز: خسئت، ما كانت يوما سوى مصدر قوة.

عضو3: ( إلى عضو2) شد وثاقه إلى صديقه الذي أواه.

سيزيف: لست صديقه، لست صديقه.

العجوز: عبثا تحاول، لا رابط بيني و بينه.

عضو 3: لقد وجدناه في بيتك، كنت تأوي أحد أعداءنا.

العجوز: من أين سيئتيكم الاعداء، وأنتم تمسكون كل الأرض؟.

عضو 3: وجدناك متخططون لمهاجمة مشروع أمتنا القومي.

سيزيف: مشاريعكم لا تعنيني كما لا يعنيني هذا الرجل. لقد هربت من الجحيم إلى هذه الجنة التي لن يزيحني عنها شيئا.

عضو 3: لن يساعدك غرورك في التملص من التهمة الموجهة إليك.

سيزيف: وما تهمة رجل يحلم بساعة واحدة يخلص فيها من عذابه الأبدي!.

عضو 3: ليس هناك تهمة أسهل و أوضح من مناصبتك العداء لأمتنا مع صديقك هذا.

سيزيف: لست صديقه، لست صديقه، لست صديقه.

العجوز: الناس لن يصدقوكم.

عضو 3: دليلنا تحت أيدينا، انظر إليه ففيه ملامح أعداءنا.

عضو2: سيدي ولكن عدونا بعين عوراء، وهذا سليم تماما.

عضو 3: أنت محق فعلا، كيف فاتني ذلك (يحمل خنجره، فيفقأ عين سيزيف، يصرخ الآخر من شدة الألم) الآن أصبح يشبه عدونا تماما.

عضو 2: ثم نسيت شيئا.

عضو 3: ماذا بعد.

عضو 2: يجب أن نخصيه يا سيدي.

عضو 3: ولم نفعل ذلك أساسا ؟.

عضو 2: لأني سمعتك تقول للناس إن الله يقطع ذرية أعداءنا.

عضو3: فكرة سديدة، لم أعتد على أفكار جيدة منك، إنك تفاجئني.

سيزيف: كلا أرجوكم. توقفوا، سأقول للدنيا كلها ما تودون قوله لها. سأقول للناس إنني الشيطان نفسه.

عضو 3: لا تستعجل، أضافة بسيطة نجريها على ملامحك وتصبح الشيطان ذاته.

العجوز: أوقفوا هذا الهراء، أرضي ليست أحد سجونكم حتى تمارسون تعذيب الناس فيها، أنتم لستم مضطرون لجعله عدو، أرجوكم.

عضو 3: وجود العدو ضرورة لوجودنا، فتأكد إن أختفى الأعداء من الأرض كلها سأخلق من ظلي عدو. (عضو 2) ماذا تنتظر؟، نفذ ما أومرت به.

سيزيف: لا أرجوكم، سأعلمك شيئا من مكري لتمكروا عدوكم فتعدوني أن تتركوني.

عضو 1: لو كان مكرك نافعا لما وصل بك الحال مقيدا كالخرفان.

العجوز: سأمنحكم جزء من أرضي أن تركتم هذا المسكين وشأنه، أتوسل إليكم أن تتركوه.

عضو3: أرضك لا تساوي شيئا أمام الأراضي التي سنضع أيدينا عليها بعد أن نعلنه عدو لنا.

عضو 2: لماذا لا نقتله ونخلص يا سيدي؟.

عضو 3: أيها الغبي إن اختفاءه يعني اختفاءنا، و بقاءنا مرهون بوجوده.

عضو 2: نقتله ونحتفظ برأسه، فنكون حينها قد قتلناه وضمنا بقاءه معا.

عضو 3: أتريد أن تقول للناس إن عدوهم مات وأنتهى، فلا يعود لوجودنا مبرر؟!.

(هتافات من الخارج تقترب تدريجيا)

العجوز: يا الهي كيف سينقضي هذا اليوم؟، سأنام على نفسي من شدة النعاس.

عضو 3: أي مجموعة هذه تزاحمنا على هذه الأرض بهتافاتها؟.

عضو 2: وماذا سنفعل يا سيدي؟. (تقترب جدا الهتافات)

عضو 3: دعنا نخرج حالا.

عضو 2: وماذا بشأن العدو؟.

عضو 3: دعه الآن، سنعود إليه لاحقا. (يخرجون).

العجوز: لك المشتكى يارب، ما هذا العذاب؟، تذهب مجموعة فتأتي أخرى.

(يدخلون مجموعة 2 وكأنهم في حرب، يتأخرهم القائد الذي يظهر قزما جدا يحمله أحد الجنود والبقية يهاجمون)

القائد: اليوم يومكم يا حماة الأرض ومحرروها، قائدكم مشتاق لرائحة التضحية وعبير الفداء. أحملوا قلوبكم فوق  بنادقكم وقاتلوا.

جندي 2: ( وهو يحتمي خلف الشجرة) سنذيق العدو علقما.

الجنود الثلاثة: عاش عاش القائد.

القائد: مزاج الأرض لا يعتدل إلا بخزان دم على الريق. (ينوخ الجندي بالقائد في سقطه) النسوان لا يحل عقدة لسانها إلا زغاريد التحرير. إن العدو يتقهقر أمام بسالتكم. (ينبطح أمامه الجندي 3 جاعلا من نفسه ساترا لقائده القزم)

الجندي 1: رقابنا ممدودة أمامك سيدي.

الجنود الثلاثة: عاش عاش القائد.

القائد: حبيباتكم تنتظر قدومك بحفل جنائزي مهيب بعد التحرير. فتسابقوا للمنايا الحبيبات. العدو ينسحب من الأرض.

جندي 3: لو أنبتت هذه الأرض ذهبا لما وفيت حنكتك سيدي. (الجنود يقفزون هنا وهناك)

الجنود الثلاثة: عاش عاش القائد.

القائد: العدو يجر أذيال الهزيمة الآن، سيسطر التاريخ بطولاتكم. (يقف)

جندي 1: سيدي كل شيء تحت السيطرة. الأرض مؤمنة تماما.

القائد: أريدكم أن تنظفوا الأرض برمتها.

جندي 2: سيدي حررنا الأرض بالكامل.

القائد: يا للبهجة، يجب أن نحتفل بنصرنا هذا ونرفع الرايات وننشد الأناشيد ونذكر كل العالم بنصرنا هذا. (يصطفوا ويؤدون استعراضا عسكريا مع تحية عسكرية)

العجوز: يا شلة القذارة، ماذا تفعلون بحق السماء؟. أنكم تدوسون أرضي ببساطيلكم الوسخة.

جندي1: إننا نجري احتفالا من أجل تحريرنا للأرض.

العجوز: أي أرض يا باشا؟!.

جندي3: هذه.

العجوز: إنها أرضي. توقفوا رجاء، إنكم تعيثوا في أرضي خرابا.

جندي1: هذا جزاء الإحسان؟!. هكذا تكافئنا على تضحياتنا من أجل تحرير أرضك؟!.

العجوز: و متى كانت أرضي محتلة حتى حررتموها.

القائد: وتنكر ذلك يا عجوز؟ أهذا ما نحصل عليه لقاء تضحياتنا العظيمة لأجل ضحايا الحرب!.

العجوز: أنا لا أرى أي ضحية هنا.

جندي 1: وماذا سيكون المقيد مثلك غير ضحية!.

جندي 2: (يشير بيده إلى سيزيف) وماذا يفعل هذا بقيده وعينه المفقوءه، يمارس اليوغا مثلا!.

العجوز: لقد اختلط عليكم الأمر، إننا مقيدان بسبب لصوص هاجموا الدار، لسنا ضحايا حرب أطلاقا.

القائد: لن تعيقوا مشروعنا القومي بخزعبلاتكم هذه.

العجوز: الخزعبلات هي حربك المزعومة التي لم تحدث قط.

جندي 2: يا إلهي إنه يشكك بحربنا المقدسة. (يتهسترون)

جندي 1: سيدي ماذا نفعل إذا كان كلامه صحيح؟.

جندي 2: هل نبحث عن ضحايا غيرهم؟.

جندي 3: أم نعود إلى ديارنا بلا  ضحايا نحررهم؟.

جندي1: وحينها لن تزغرد النساء.

جندي2: ولن تروى الأرض بالدم.

جندي3: ولن تنتظر الحبيبات الجثامين المغطاة بالأعلام الرسمية.

القائد: أصمتوا لن يحدث هذا مطلقا، مشروعنا القومي لابد أن يتحقق.

العجوز: يا لحظي المصخم، لا تنفتح شهيتكم للمشاريع القومية إلا فوق أرضي.

جندي3: يا سيدي إنه مصيب، كيف نتصرف بدون ضحايا هنا؟!.

القائد: سنخلق ضحايا فنحررها.

جندي 3: من أين نأتي بهم، وليس على هذا الأرض سوانا و سوى هاذين؟.

القائد: ( يتوجه نحو سيزيف، ويقلب وجهه) ومن يكون هذا المفقوءة عينه، أجبنا إيها العجوز؟

العجوز: إنه سيزيف دهر الله، ملك وأبن وملك.

القائد: انظروا إليه، فيه ملامح الضحية، وضعه المقيد وعينه المفقوءة.

جندي 1: سحنته سحنة الضحايا، إنه صيد ثمين.

جندي 2: نعم إنه ضحية أبا عن جد.

العجوز: ولكنكم لا تعرفوه تماما.

القائد: بتنا نعرفه، سيزيف دهر الله ملك وابن ملك.

جندي 3: ولكن سيدي الضحايا يجب أن تظهر عليهم آثار تعذيب.

سيزيف: أردوكم لا، أنا المعذب عبر السنين يا قوم، هل ينتظر العذاب الجلي شهادة عليه.

القائد: أخرس، فكرة جبارة بني، ولكن مثل ماذا سيكون أيها الجندي المقدام؟.

جندي3: كقطع الأذن.

جندي 2: أو الجلد بالسياط.

سيزيف: كلا أرجوكم، لقد ذقت العذاب نيء، لو كانت لعذاباتي لسان لعج العالم بها.

القائد: انظر أننا المنشودون، فنحن لسنا أبطالا في المعارك واذكياء في ألفبائية الأزمات، نفذوا ما اقترحتموه يا سادة.

سيزيف: لا أرجوكم، أنا ضحية بحق وحقيقة. لقد عذبوني وأهانوني، وعيني هاته شاهدة على عذاباتي.

القائد: لقد كذبتم علينا أولا بشأن اللصوص، فذوقوا العذاب جزاء كذبكم علينا،ما الذي تنتظروه يا أغبياء (يشير لجنوده فيكشفوا ظهر سيزيف وهو يصرخ فيهم أن يدعوه)

سيزيف: أتوسل إليكم. أنا ضحية قبل أن يعرف التاريخ ضحية أخرى. يكفي العذاب الذي تمرسته. (يجلدوه فيصرخ)

العجوز: (يصرخ العجوز كلما صرخ سيزيف) دعوه أرجوكم، لكم أرضي كلها حلال زلال إذا ماتركتموه.

(يستمروا بجلده ثم يتخذ جندي 2 طرفا من الأرض ويذيع بيانا).

جندي 2: بسواعد الأبطال وبحنكة القائد تحررت الأرض من نير الأشرار وكيد الفجار، أذاق القائد المبجل العدو شر هزيمة، وحرر الضحايا من سطوته، العدو الذي لا يعرف الرحمة ولا الشفقة، الشفقة بالهاء أم بالتاء.

جندي3: لا هذه ولا تلك. الشفقة بالثاء.

جندي 1: لا لا عيني آغاتي بالشاء.

القائد: ليس في العربية كلها حرف مثل هذا، من أين جئت به إيها الغبي.

جندي1: في أول كلمة أشاه (يرجف وكأنه بردانا). أنظر شفقة شاااااااااءفقة.

جندي 2: (يواصل بيانه) لقد كان العدو يعذب ضحاياه أِشد عذاب، يقطع ألسنتهم وآذانهم. ويجلدهم 100 جلدة.

جندي: وفي رواية أخرى، 150 جلدة.

جندي3: كلا، للأمانة التاريخية.

القائد: نعم؟.

جندي 3: و الحقيقة الحقة.

القائد: نعم، أكمل؟

جندي: و الثقة الممنوحة.

القائد: تحدث وإلا فقأت عينك أنت الاخر.

جندي 3: إنها كانت 151 جلدة وليست 150.

العجوز: اللعنة عليكم، من تكونوا حتى تحكموا على الناس بالعذاب!.

القائد: (يشير إلى سيزيف) يا سلام أنظروا إليه وقد أصبح ضحية لا تضاهيها أي ضحية.

جندي3: ولكن يا سيدي يجب أن ننحت على جسده شعار للعدو يشبه الخنزير.

القائد: ولماذا نفعل ذلك؟

جندي 2: حتى نهين العدو ونحقره في أعين الناس.

العجوز: هل أنتم مجانين؟!، هل جسده طين في يديكم، تشكلوه حيث تشاؤون!.

جندي 1(يحمل خنجره في فمه ويصدر تمتمات ) ……..

القائد: ماذا تثرثر؟

جندي 1: (يرفع جندي 2 عن فمه الخنجر) كنت أقول يا سيدي، كم أعشق رسم الشعارات. (يعيد الخنجر إلى فمه ثم يتمتم ثانية)

القائد: ماذا تريد أيها الغبي مرة أخرى. (فيرفع جندي 2 مرة أخرى الخنجر عن فمه)

جندي 1: لقد نسيت أن أردد شعار الأمة يا سيدي (ثم يختفي مع خنجره خلف سيزيف ويحفر في جسده )

سيزيف: (وهو يصرخ) أتوسل إليكم، ضعوا لعذاباتي هذه نهاية حتى ولو كان الموت العاجل.

القائد: وجودك كجثة هامدة لن تجلب لنا سوى الرائحة النتنة.

جندي1: أتممت الأمر يا سيدي، هل تريد الاطلاع عليه؟.

القائد: كلا لم يعجبني الشعار هذا، يجب أن نجعل العدو يبدو مذلولا من خلال الشعار.

جندي1: ولكنك لم تره أساسا يا سيدي.

القائد: لا يهم، تخيلته فقط.

جندي 1:  لم لا نرسم على جسده مخنثا؟.

جندي 2: أو قزما.

(يضحك جندي 1 بينما ينظر الجميع إلى قائدهم القزم)

جندي 1: (يحاول تدارك الأمر) اااه لم لا نقتله و نفتك منه؟.

القائد: إلا إذا أردت أن تحل مكانه، فلا بأس. إنها معادلة يا غبي حتى تكون بطلا يجب أن يكون في الجهة المقابلة ضحية، وها هي الضحية بحلها وحليتها.

سيزيف: (وهو يئن ) ما الذي فعلته بنفسك يا سيزيف!.

الجنود : (يرددون وراه مباشرة) دهر الله، ملك وأبن ملك.

العجوز: اتركوا المسكين وحاله، ستلاقون ما لقي في اليوم الآخر تأكدوا من ذلك.

القائد: لم يخرج أحدا من قبره مشروخ الرأس يا عجوز.

العجوز: أحفظوا وجوهنا جيدا سنكون في اليوم الآخر خصيمكم.

( تتعالى صيحات وهتافات من الخارج)

القائد: ومن يكونوا هؤلاء؟.

الجنود: لا علم لدينا سيدي، هتافاتهم تبدو جديدة، لم نسمع بها من قبل. (نسمع اطلاقات نار كثيفة)

القائد: احقبوا ما تحتاجوه سنخرج حالا.

جندي 3: لماذا لا نقاوم يا سيدي إنها حرب على الأبواب؟.

جندي 2: يا مرحبا بالحروب.

القائد: سألطم وجوهكم، إنهم أكثر عدد وعدة.

جندي 3: لقد انتظرنا الحرب طويلا فلماذا نفرط في هذه وها هي على الابواب؟.

القائد: وماذا تسمى هذه التي خضتها قبل قليل، غير حرب رابحة.

جندي 2: لقد ربحنا تلك فما المانع من أن نربح مجددا سيدي؟!.

القائد: أتظنون أنكم ستربحون حربا اخرى وأنتم لا ينمو فيكم سوى الغباء؟، هيا نخرج الآن قبل فوات الآوان.

جندي 3: ماذا عن الأرض؟.

القائد: إنها أرض الله.

جندي 2: والضحايا سيدي؟.

القائد: ينتظرنا الكثير منهم خارجا، تحركوا الآن وإلا فرقعت رؤوسكم.

(يجمعون حاجياتهم ويخرجون)

العجوز: أتكتب علينا عذابا أبديا يا إلهي!، هل يرضيك بؤسنا؟!. يا ربي هل أنا وحدي أيوب زماني؟!.

سيزيف: لم أعد أحتمل عذابا آخر.

العجوز: وكأن لديك خيارا أخر يا غبي.

سيزيف: لم أفعل شيئا ليحصل معي كل هذا.

العجوز: كل المصائب جاءت بسببك، لم يكن ليحدث كل هذا لولا بقاءك هنا.

سيزيف: اعطني حلا واحدا يجنبني العذاب القادم.

العجوز: لقد وصفته لك أول مرة لكنك عاندت. لقد قلت لك مرارا أن تعود من حيث قدمت.

سيزيف: (ينظر إلى الأعلى متوسلا) آلهتنا المبجلة لم أعد أريد  شيئا سوى عذاباتي القديمة، لم أعد أريد شيء غير صخرتي تلك.

العجوز: لو كنت مكانك هناك حينها لرضيت بالصخرة تلك على أن أظل ساعة هنا.

سيزيف: لو اجتمع مكر العالمين جميعا و مئة ضعفا من مكري القديم ماكانوا ليعادلوا كفة المكر ها هنا.

العجوز: ليس للندم محلا وسط العذابات. إنها أمان عمياء.

سيزيف: أتوسل رضاك آلهتنا العظيمة أن تحمليني بعيدا عن هذه الأرض، أني أختارك على كل الأشياء حتى اشدها قسوة.

العجوز: يا رب خذ نفسي، فما عادت عزيزة كما السابق.

سيزيف : عذابك فردوس آلهتنا العظيمة، إن العذابات كلها ها هنا. أتوسل طالبا عفوك.

(تدخل خدمة الآلهة مع موسيقى ملحمية أو طقسية تحمل تابوتا تدور حول الأريكة مع برق ورعد، فتظلم الأرض ثم تعود الإنارة فنجد العجوز وحده، ينظر فلا يجد سيزيف، فيجن ويصيح)

العجوز: إلى أين تذهب بدوني يا سيزيف؟. خذني معك أرجوك، لم أعد أطيق عيشا هنا. سيزيف ضيم الله ملك وابن ملك تعال وخذني معك. أنك  لمن المحقين، العذابات كلها ها هنا يا سيزيف، إن العذابات كلها ها هنا سيزيف، العذابات كلها ها هنا (يخرج)

انتهـــــــــــــــــــــــــت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت