د. سعيد السيابي: التكريم عقد من اللؤلؤ والألماس يوضع كنيشان على صدر كلّ مكرم/ حاوره: عبدالرزّاق الربيعي

المهرجان تتويج لجهود كبيرة يبذلها الفنان العماني

 

المسرح فن جماعي يحتاج لطاقة كبيرة في مواصلة العطاء والإنتاجية

 

للمسرح العماني خصوصيّة ذات آفاق حضارية وفكرية وفنية وتراثية مميزّة

 

 

يعدّ الدكتور سعيد السيابي الذي اختارته اللجنة الرئيسة للمهرجان ليكون من ضمن المكرّمين في الدورة الحالية من المهرجان، من أبرز الوجوه العمانية المشتغلة في المسرح، فقد أثبت حضوره  في الكتابة والعمل الأكاديمي العماني والخليجي، فهو حاصل على بكالوريوس في الآداب تخصص فنون مسرحية بدرجة امتياز، من جامعة السلطان قابوس عام 1999م، ودرجة الماجستير بتقدير امتياز في الآداب تخصص اللغة العربية في رسالة عنوانها: “توظيف الأدب الشعبي في النص المسرحي الخليجي” من جامعة السلطان قابوس2004م، ونال الدكتوراه من جامعة جريفث Griffith University (كوينزلاند– استراليا)2011 في موضوع (المسرح والتراث الشعبي في الثقافة العمانية المعاصرة)، وهو عضو ورئيس جمعية المسرحيين العمانيين في العام 2011. عضو في مجلس أمناء جائزة الدوحة للدراما العربية 2020. كما شغل عضواً في عدة لجان تحكيمية لفعاليات ومسابقات أدبية عربية، أصدر كتبا نقدية، منها: “توظيف الأدب الشعبي في النص المسرحي الخليجي” عن دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة، الإمارات 2006. و”الآخر في المسرح العماني” بالاشتراك مع د. كاملة الوليد زاهر الهنائي، دار الغشام للنشر والترجمة، مسقط 2013. و”أسئلة النص أجوبة العرض في المسرح العماني والخليجي” الصادر عن دار الغشام للنشر والترجمة، مسقط 2019.

وله في الكتابة المسرحية ذات الفصل الواحد تجارب منها: “رجلان وظل” و” وداعا غاندي”، كما كتب للتليفزيون المسلسل التلفزيوني “رياح الحب”، الفائز بالجائزة العربية للإبداع العربي 2013، والعديد من التمثيليات الإذاعية التي تم إنتاجها بإذاعة سلطنة عمان منها: “الوصية المفقودة” و “من منّا لا يعاني”.

وفي مجال الكتابة السردية أنجز رواية “جبرين.. وشاء الهوى”، دار الغشام للنشر والترجمة، مسقط. 2016. ورواية “الصيرة تحكي”، دار اللبان، مسقط 2020، و”جابر الوصية الأخيرة” 2023م إصدارات النادي الثقافي، وله وإسهامات في القصة القصيرة، من بينها: مجموعة “رغيف أسود”، دار الغشام للنشر والترجمة، مسقط 2015. و”أحلام الإشارة الضوئية”، الجمعية العمانية للكتاب 2017. و”المبرأة والقلم”، دار الغشام للنشر والترجمة، مسقط 2018. و”مشا..كيك”، دار العبير (مصر ) ط1- 2019، دار ناشرون (الأردن) ط2.

ويشغل حاليا موقع عضو مجلس أمناء الهيئة العربية للمسرح .

 

في لقائنا به حدّثنا عن شعوره وهو يتلقى خبر التكريم، فقال:” إن الوفاء والتكريم هي من أجمل المشاهد واللحظات في المهرجان، فكلمات الشكر، والتقدير عندما تنبع من القائمين على إدارة المشهد الفني والمسرحي بعماننا العزيزة هي شاهدة للمكرم بما أنجزه في تاريخه، ومسيرته الفنية ويأتي هذا التتويج بعد مرحلة حافلة بالعطاء وسنوات من الخدمة في هذا المجال الذي لولا الإيمان بأهميته ورسالته لتوقف المشتغل وتركه لمجالات أخرى توفر راحة وسهولة في العمل. فالمسرح فن راق وجماعي يحتاج لطاقة كبيرة في مواصلة العطاء والإنتاجية به وفيه. إن التكريم عقد من اللؤلؤ والالماس يوضع كنيشان على صدر كل مكرم. إن الدول التي تحتفي بالمجتهدين من أبنائها تضيف لرصيدها الحضاري بصمات تاريخية فالإنسان هو غاية التنمية ورافعها وهذا التكريم هو رسالة لكل المشتغلين في المسرح بأهمية مواصلة العطاء وتقديم أفضل ما لديهم ووطنا العزيز يستحق كل خير واجتهاد ومثابرة”

 

لا يتوفر وصف.

* أنت من الفاعلين في الحياة الثقافية العمانية، ماهي مرئيّاتك للوضع الثقافي في السلطنة؟

إن وزارة الثقافة والرياضة والشباب بقيادة صاحب السمو ذي يزن بن هيثم بن طارق المعظم وسعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل الوزارة للثقافة وضعوا التكريم والتشجيع الثقافي والفني في مقدمة أعمالهم وبصماتهم في حق كل مبدع عماني قدّم جهودا حثيثة في تخصّصه ولا ينجز التكريم إلا مخلص، ومحب، ومقدر، وقائد وصانع للبشارات والفرح فالإنسان بطبعه يحتاج للدعم والمساندة والايجابية والتفاؤل وللتقدير والاحتضان والاشادة فبهذا التكريم تكون مرحلة عطاء قد سجلت واعترف بصاحبها المنجز وتحمل في ذاكرة التاريخ وطن كرم أبناءه وأعزهم ومكنهم ودعمهم على الاستمرارية ومواصل رحلة العطاء. التكريم للمسرحي من مختلف التخصصات رسالة كبيرة فالجهود التي قام بها ويهتم بها ويحافظ عليها مقدرة من القيادات الثقافية والفنية وهذا التكريم ينادي المبدع على مواصلة المسيرة وتقديم الأفضل”

 

*  وكيف تقرأ المشهد المسرحي العماني اليوم؟

ـ من يمتلك هدفا ورؤية يصل للمبتغى.. المسرح العماني بلغة الأرقام حقّق بشكل متسارع قفزات نوعية في عدد المشتغلين بالمسرح من الفنانين في مختلف التخصصات، ومن العروض المسرحية المقدمة من مختلف المدارس والاتجاهات والأنواع المسرحية من عروض مسرح الطفل إلى الكبار فهناك سنويا ارتفاع في ما يضاف لتاريخ وسجل المسرح العماني. كذلك هناك الجهود المكثفة التي تنبع من التطورات التي تضيفها المؤسسات الحكومية الرسمية والاهتمام السامي لجلالة السلطان قابوس-طيّب الله ثراه-  وحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق-  حفظه الله ورعاه- بالفنون، وتشجيع الفنّانين، وتكريمهم بالأوسمة من الكتّاب، والمخرجين وتأتي هدية الوطن الكبيرة بإنشاء مبنى ضخم للمسرح الوطني الذي يعد واسطة العقد في العاصمة مسقط. نضيف إلى ذلك، القاعدة الجماهيرية، ومحبة المجتمع العماني للمسرح، فهو الحاضنة الأولى للفن والفنانين.

 

* لكن يتردّد في الأوساط الفنية أن الجمهور أدار ظهره للمسرح، هل هذه حقيقة؟

ـ مَنْ يردّد مثل هذا الكلام عليه أن يأتي بالأدلة التي تؤكّد صدق كلامه، لكي لا يرمي أحكامه جزافا، فأنا أرى العكس، هناك اقبال على المسرح، و مهرجان خريف ظفار، يؤكّد شغف الجمهور العماني بفنّ المسرح

 

* هل هناك احصائيات تؤكّد ذلك؟

ـ بالتأكيد، فالإحصائيات التي اطّلعتُ عليها، تقول أن جمهور المسرح العماني تجاوز في العام الواحد 120 الف مشاهد للعروض المسرحية، وهناك مهرجانات عديدة قدّمت على الساحة المسرحية العمانية بلغت بأنواعها 15 مهرجانا مختلفا من المونودراما إلى مهرجان المسرح الكوميدي ومن المهرجانات المحلية إلى العربية والدولية ووضعت بصمات مميزة في سماء القوة الناعمة التي تستقطب الفكر، وتؤكّد بأن سلطنة عمان دولة المؤسسات والقانون والثقافة والفنون.

 

*  كيف ترى أهمية مهرجان المسرح العماني في دفع الحراك المسرحي للأمام؟

ـ المهرجان المسرحي هو تظاهرة كبيرة، وإن كان ظاهرها التنافس بين الفرق المسرحية في المسابقة المعدّة لذلك، إلّا أن الأنشطة واللقاءات والندوات والجلسات النقدية والتعقيبية على العروض جميعها منابر لتبادل الخبرات وتقديم الجديد والمفيد في الساحة المسرحية العمانية والدولية. إن المهرجان تتويج لجهود كبيرة يبذلها الفنان العماني ووجود التقييم والدعم الكبير الذي تقدمه وزارة الثقافة والرياضة والشباب لإنجاح هذا المهرجان يساعد الفنانين على بذل المزيد والتنافس الشريف وتقديم المبهر والنوعي من العروض التي لن تجد مكانا مناسب لتقديمها إلا في المهرجان. الاحتفاء بالكتاب المسرحيين أحد الأوجه الايجابية التي نتعرّف في المهرجانات بالنصوص الجديدة والقضايا والموضوعات المهمة ويسجل النقاد كتاباتهم ودراساتهم حول هذه النصوص المقدمة. إن ثمرة اللقاء بالمهرجان تولد الدافعية لشبابنا وتخلق الاستمرارية للأجيال من المسرحيين وفرصة للتشجيع والدعم والثقة بما يقدم في الساحة المسرحية العمانية.

 

* كيف تعاطى المسرحي العماني مع الواقع وقضاياه؟

ـ منذ بداياته ارتبط المسرح العماني بالواقع، فناقش قضايا المجتمع الملحة والمتكررة، وعبرت نصوصه وعروضه عن طموحات وتطلعات الشعب العماني، وحمل في جوهره هموم الإنسان العماني والقضايا العربية المطلقة، وتوج الفعل المسرحي بمشاركة شعبية من خلال المهرجانات المسرحية المتنوعة التي ظهرت في الساحة الثقافية والفنية العمانية. ويمكننا أن نقول بجرأةٍ: إنّ المسرح العماني في مسيرته الطويلة بلغ مرحلة جيّدة من الاستقرار والاستقلال عن التبعية المطلقة للفنّ المسرحي الغربي من ناحية الشكل والمضمون، وحمل خصوصيّة عمانية ذات آفاق حضارية وفكرية وفنية وتراثية مميزّة؛ لذا كان التدفق في تقديم العروض المسرحية والمشاركة في المهرجانات المحلية سمة سعت جميع الفرق المسرحية الأهلية والجماعات الطلابية المسرحية في مؤسسات التعليم العالي والجامعات إلى المشاركة فيها وتسجيل موقفها الإبداعي؛ فأتاح هذا الحراك المسرحي ظهور جوانب مشرقة يمكن رصدها في دورات مهرجان المسرح العماني.

 

* كيف استطاع الفنان المسرحي العماني ترسيخ الهوية في المسرح العماني؟

ـ الهوية الوطنية، مسألة أساسية لأي مشروع حضاري وهي ترسم معالم الرؤية المستقبلية للدولة، ومن دون الحفاظ عليها تضيع اتجاهات بوصلة المجتمع من بين يديه، ويفقد جوهره، والمجتمعات العربية تحرص هويتها وتحافظ عليها  من الاندثار والتشويه كما هو معروف للهوية الفنية صلة أساسية بنمط الحياة، وبأنماط العيش والسلوك والعادات والتقاليد والفكر السائد واللغة، وتلك هي محددات الهوية، التي سؤالها عملي وتطبيقي، والمسرح يعبر عن الموروث في المجتمع، كونه يعتمد على الخصوصية الثقافية للمجتمع الذي ينبثق منه، وهو على مدار تاريخه أكثر الفنون عامة التصاقاً بالمجتمع، وباعتبار الكاتب المسرحي أحد العناصر الفاعلة في تشكيل الهوية الثقافية للمجتمع، فقد قام بدوره في ترسيخ القيم والهوية، وقد ترجمها المخرج العماني إلى مفردات بصرية وسمعية كان لها الأثر الواضح في ترسيخ الهوية العمانية .

 

* للمسرح دور في خدمة المجتمع وأفراده، ولك تجارب مسرحية في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديدا المكفوفين، حدّثنا عن هذه التجارب؟

المسرح يهزم التحديات بكشف الهموم، والصعوبات، واستعراضها ومحاولة إيجاد المعالجات الإيجابية والانتصار لقيم الحق والصدق والخير، فالتحديات التي يمر بها الناس في حياتهم كثيرة، ومتعددة لهذا يطلق على المسرح ” مرآة المجتمع”، فالمرض والأوضاع الصحية والاعاقة تحديات يقع فيها بعض أفراد المجتمع ويترتب عليها تبعات نفسية وجسدية تحتاج لجسور من المساندة والتبصر والدعم والشجاعة المعنوية والمادية.

وقد تشكّلت علاقتي بذوي الاحتياجات الخاصّة، عندما خضت تجربة الكتابية الدرامية، فكانت تجربتي الأولى في مسلسل (رحيل ) الإذاعي، إذ قدمت شخصية “سلاّم ” الضرير الذي يقدم الحكمة للشيخ عن القرية وأحوالها معتمدا على حدسه، وفي المسرح تطوعت مع الجمعية العمانية للمعوقين واشتركت في اخراج أكثر من حفل للعيد الوطني معهم وكان المسرح حاضرا في هذه الاحتفالات والمناسبات العزيزة منها مسرحية (رواسكو والفتى منصور) . من ناحية التدريس للمكفوفين فقد كانت لي تعاون معهم في بعض المحاضرات من خلال اشتراكهم في تخصص الفرعي -الكتابة المسرحية- بقسم الفنون المسرحية وتدريس الدكتورة كاملة الهنائي لمقررات لأكثر من دفعة من الطلبة فقد كنت معهم كداعم وقارئ جيد لإنتاجهم الكتابي وهناك أقلام مميزة خرجت من هذا البرنامج. شاركت في حضور المهرجان المسرحي الخليجي لذوي الإعاقة الذي أقيم في العاصمة مسقط، وشاهدت العروض المسرحية المتنوعة على مدار أكثر من 25 عاما في الساحة الفنية العمانية والخليجية وهناك تنوع مستمر وتجارب كتابية وإخراجية متقنة ودعم مستحق لفئة عزيزة في وطننا العربي.

 

* وهل ترى أن المسرح العربي قام بدوره في خدمة القضايا العربية ؟

لم ينفصل المسرح العربي، يوما عن هموم الإنسان العربي والقضايا العربية المطلقة، فلقد ناقشها، بأساليب مختلفة، وفتح نوافذ على ثقافات العديد من المجتمعات الإنسانية، وعرّفنا تاريخها سواء القديم منه أو المعاصر. وانفتح على المسرح العالمي، والمدارس الجديدة، وهذا ما لمسناه في المهرجانات المسرحية المتنوعة التي حضرناها، والمسرح العربي بخير مادام يحظى بتقدير المسؤولين ودعم لا محدود ، خصوصا من سمو الشيخ د. سلطان القاسمي حاكم الشارقة، لتستمر عجلته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت