محمد علي الخفاجي: ذهب ليقود الحلم!/ محمد محسن السيد

المسرح الشعري جنس ادبي وفني له مميزاته الخاصة ومقوماته البنائية التي تميزه عن غيره من الاجناس الأدبية الاخرى، كما ان له رواده المبرزين في هذا المجال ويقف الرائد المسرحي الراحل محمد علي الخفاجي من رواد المسرحية الشعرية الحديثة والمعاصرة في العراق وحسنا فعلت الباحثة عالية خليل ابراهيم حين تناولت في كتابها الموسوم (مسرح محمد علي الخفاجي الشعري) والصادر عام هذا الرائد المسرحي وجهوده في هذا اللون المسرحي والذي استمر لاكثر من ثلاثة عقود، تشكلت الدراسة من تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة حيث اقتصر التمهيد على دراسة حياة الشاعر والمسرحي الراحل محمد علي الخفاجي وابرز م2008 حطاته في مسيرته الادبية وخاصة فيما يتعلق بالمسرح الشعري. حيث جاء الفصل الاول تحت عنوان رئيسي هو (مصادر المسرحية الشعرية ومرجعياتها عند الخفاجي).
ضم مجتين الاول: المصادر والمراجع التراثية وهي بالترتيب: التراث العربي – التاريخ -النصوص الدينية المقدسة – الطقوس والاحتفال الشعبي .
وضم المبحث الثاني عنواناً رئيسيا هو (المصادر والمراجع الدرامية) حيث ضم ثلاثة مواضيع هي: التراجيديا الاغريقية. المسرحية الشعرية الحديثة – الدراما الحديثة. ففي خصوص التراث العربي تؤكد الباحثة ان التراث العربي يشكل المصدر الاساسي الذي اخذ منه الخفاجي جميع مسرحياته الشعرية ما عدا المسرحيات التي كتبها للاطفال. وهنا تمر الباحثة بتعريف التراث وبحسب احد الباحثين: (هو كل ما يشمل القيم الدينية والحضارية والتاريخية سواء منها المكتوبة أو المتوارثة منذ أقدم الازمنة، وهو بمعنى آخر كل ما خلفه الأجداد من أدب وفكر وكذلك من عادات وتقاليد سواء منها المكتوب أو المنقول). كما تؤكد الدراسة على ان مصطلح التراث مصطلح رحب المعاني متعدد التفسيرات وعليه يمكن ان يشمل جميع عناصر الثقافة المكتوبة والمنقولة والشفاهية للامم والشعوب .
ثم تتناول الدراسة علاقة المسرح بالتراث في المسرح العالمي والعربي مؤكدة على القول ان هذه العلاقة تمتد في جذورها الى المسرح الاغريقي حيث ولد هذا المسرح في احضان الطقوس والاساطير الدينية كما هو الثابت تاريخياً ، حيث كان التراث احد اهم مكوناته الرئيسية. اما فيما يخص المسرحية العربية فقد اكتسب التراث اهمية وحضورا كبيرا منذ مسرح مارون النقاش وتوطدت اواصر هذه العلاقة خلال مسيرة المسرح العربي. ثم تشير الدراسة الى التاريخ العربي الاسلامي وكيفية الاستفادة من هذا النبع الثر بما يشتمل عليه من ابطال ووقائع وكيف استفاد منها الخفاجي في نصوصه المسرحية .
اضافة الى النصوص الدينية المقدسة (القرآن الكريم والحديث البنيوي الشريف) ولا ننسى الحضور للطقوس والاحتفالات الشعبية وكيفية توظيفها من قبل الخفاجي .
وتحت موضوعة التاريخ فقد تناولت الدراسة اهمية التاريخ وتوظيفه وبيان تعدد مستويات حضوره ومما جاء فيها:
(تعددت مستويات حضور التاريخ ومنهجية الاخذ من المصدر التاريخي في مسرحيات الخفاجي الشعرية ، أما المستوى الاول فهو التوظيف المباشر للتاريخ في كتابة الدراما ويتمثل في حضور المتن الحكائي للتاريخ (شخصيات واحداث)، ويتمثل ايضا في الاخذ والاقتباس من النصوص التاريخية ، أما المستوى الثاني : فيتمثل في استلهام الطاقات الرمزية والايجابية للتاريخ وترويضه بفاعلية المخيلة واعداده للكتابة الابداعية ، والمستوى الثالث: هو بث روح جديدة في الموضوع والنص التاريخي من خلال ربطه بالواقع المعاصر) . اما فيما يخص القدرة الابداعية وتعاملها مع التاريخ فتؤكد الباحثة على ما نصه: (تتعلق القدرة الابداعية مع التعامل مع التاريخ بمستويات كثيرة ومنهجيات مختلفة تتعلق بموهبة الشاعر وقدرته على قراءة التاريخ منتجة خلافة تتم عن وعي بحركة التاريخ واختلاف مساراته ، وكذلك بنوعية المادة التاريخية المنتقاة من صفحات التاريخ ، كما فعل الخفاجي في توظيفه لمأساة كربلاء الدامية في ثلاث من مسرحياته ، من اصل خمس مسرحيات شعرية كان التاريخ مصدرا لها . وقد وظفها توظيفا مباشرا في مسرحيتي- ثانية يجيء الحسين – ومسرحية ذهب ليقود الحلم ومسرحية ( ابوذر يصعد معراج الرفض).
وهنا تشير الدراسة الى موضوعة مهمة في التوظيف المباشر للنص التاريخي وفيها نقرأ: (ان التوظيف المباشر للنص التاريخي يتم عبر الاقتباس والتضمين جعل التناص ابرز ظاهرة في المسرحيات السابقة اعلاه ، والتوظيف المباشر للتاريخ لا يظهر فقط من خلال اقتباس النص التاريخي وانما يظهر أيضا من خلال توظيف المتن الحكائي للتاريخ والمقصود بالمتن الحكائي هو استخدام الحدث التاريخي والشخصية التاريخية في صياغة درامية ، ويطلق على الفعل والشخصية في الدراما مصطلح الموضوع . وحينما نتحدث عن الموضوع فانما نتحدث عن الفعل والشخصية . الفعل هو ماذا حدث و الشخصية هي من يقع عليها الحدث).
ثم تمضي بنا الباحثة صوب موضوعة (النصوص الدينية المقدسة) ومما جاء فيها: (كان حضور النصوص الدينية -القران الكريم والحديث النبوي الشريف – فاعلا في جل مسرحيات الخفاجي سواء اكان هذا الحضور على مستوى التناص استلهام القصة القرانية في كتابة دراما شعرية متخيلة كما في مسرحية (نوح لا يركب السفينة) . واذا اخذنا المستوى الاول وهو التداخل والتحاور مع النص المقدس بالتضمين تارة وبالاقتباس تارة اخرى فاكثر ما نلاحظه قد تحقق في مسرحية ( ابوذر يصعد معراج الرفض) . حيث نلمس توظيف (تضمين) مباشر لعدة آيات قرانية منها الآية القرانية الكريمة والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرّهم بعذاب اليم . فهذه الآية ترد في اكثر من موقع في المسرحية كون أباذر كان دائم الترديد لها ، وكذلك في مسرحية نوح لا يركب السفينة حيث كان القران الكريم مصدرها الاول ليس على مستوى التناص مع النص المقدس فحسب بل على مستوى استلهام القصص القرآني ومفاهيم القران والاستفادة منها في التشكيل البنائي لعناصر المسرحية).
وحول موضوع الطقوس والاحتفالات الدينية فتستعرض بنا الدراسة جذورها واهميتها وخاصة فيما يتعلق بالمسرح الشعبي الطقسي (التشابيه) وكيفية الاستفادة منها وتوظيفها في مسرح الخفاجي خاصة في مسرحيته(ثانية يجيء الحسين) مؤكدة على ان الطقوس الدينية معروفة منذ القدم في وادي الرافدين في العراق القديم منذ 3200ق. م. وصولاً الى الآن حيث تعتبر ذكرى استشهاد الامام الحسين (ع) والتي غالباً ما يطلق عليها مصطلح (التعزية) من اشهر الطقوس والاحتفالات الحالية .
وفيما يخص الاحتفال الشعبي الذي تقيمه بعض المناطق العشبية اخفاء بميلاد الخضر فقد استثمر الخفاجي هذا الطقس في الربط بين عودة الخضر ليعيد للحياة نظارتها ورونقها وبين عودة الداعية والمصلح الاجتماعي أبي ذر ليعيد للانسان كرامته وحقوقه وذلك في مسرحيته (ابو ذر).
وهنا نصل الى المبحث الثاني للفصل الاول والذي جاء تحت عنوان رئيسي هو (المصادر والمراجع الدرامية) وتضم عدة عناوين فرعية اولها التراجيديا الاغريقية حيث اكدت الدراسة ان هذه التراجيديا تعد من اهم الاصول الدرامية التي رجع اليها الخفاجي في كتابة مسرحياته الشعرية ، فثلاثة من مسرحياته يمكن تصنيفها في خانة المآسي التاريخية وهي( ثانية يجيء الحسين )و(ابو ذر يصعد معراج الرفض) و(ذهب ليقود الحلم )، كما جاء في سطورها الاولى .
ثم تمضي بنا الباحثة للتعريف بالتراجيديا حيث تعرّفها وبحسب وجهه نظر منظرها الاول ارسطو هي: ( محاكاة فعل جليل كامل له عظم ما في كلام ممتع ، محاكاة تمثل الفاعلين ولا تعتمد على القصص وتتضمن الرحمة والخوف لتحدث تطهيرا لمثل هذه الانفعالات) . فابطال المسرحيات هم دائما اناس رفيعوا الشأن ، أو كما يصفهم ارسطو انهم افضل ممن نعرف ، فالحسين وابوذر ومسلم شخصيات ذات كبرياء وشجاعة وهي تصمم على القيام بالاعمال الجليلة ذات الحس المأساوي البالغ الأثر في المتلقي). أما فيما يخص الجانب الموضوع البنائي والتقني فيصن المحاكاة بالفعل الجليل الكامل حيث يؤكد الدراسة ان الفعل الكامل هو الفعل المترابط الاجزاء . ترابط الحوادث معاً بحيث تكون بناءً محكماً . وهو فعل يشتمل على بداية ووسط ونهاية ، وهذا ما نجده متوفر في المسرحيات السابقة خاصة فيما يتعلق بالمعاناة وهو الفعل ذي الطبيعة المدسرة أو المؤلمة مثل الاغتيالات والتعذيب والتجريح وما الى ذلك اضافة الى النهاية المؤلمة للابطال وهذا واضح جدا في المسرحيات المذكورة للخفاجي وكذلك استفادة من وجود الجوقة وتوظيفّها في اعماله المسرحية .
وهنا نصل الى الموضوع الاخير في الفصل الاول وهو (الدراما الحديثة) . حيث تؤكد الدراسة ان الخفاجي قد استفاد من بعض معطيات الدراما الحديثة في بناء مسرحيتين من مسرحياته هما (نوح لا يركب السفينة) و(الجائزة) حيث نجد فيها استثمارا لبعض معطيات الدراما الرمزية التي تحمّل الفعل والشخصية ابعادا مستبطنة تختلف عن الابعاد الظاهرية المرئية . ومما تؤكده الدراسة ايضا وتأثير الدراما الحديثة عليه كتابته المسرحية القصيرة ذات الفصل الواحد بدلا من المسرحية الطويلة المتكونة من عدة فصول ومشاهد .
وهنا نصل الى الفصل الثاني من هذه الدراسة والموسوم (انماط المسرحية وعناصر بنائها عن الخفاجي) وقد اشتمل على مبحثين الاول بعنوان المسرحية التاريخية وعناصر بناءها والمبحث الثاني مسرح الطفل عند الخفاجي . ففي ما يخص المسرحية التاريخية فقد جاء في سطورها الاولى ما نصه حول تعريفها: (يعرف ابراهيم حمادة المسرحية التاريخية بأنها القطعة الدرامية التي تتخذ ملدتها من التاريخ . ويمكننا ان نقول مأساة تاريخية أو ملهاة تاريخية مثلا – اذا كان الموضوع المعالج مستمداً من احداث الماضي).
أما بخصوص الفرق بين المسرحية ذات الشخصيات التاريخية والمسرحية التاريخية فيفرق بينهما ملتون ماركس بقوله: (هدف التمثيلية ذات الشخصيات التاريخية هو سرد قصة يزيدها اجلالا واعتبارا اشخاص مشهورون أما التمثيلية التاريخية فالهدف منها جعل الحياة تدب في التاريخ).
ومن خلاصة ما تقدم تستنج الباحثة ان مفهوم المسرحية التاريخية يتجاوز المسرحية التي تستمد مصدر هامن التاريخ الى المسرحية التي تسعى لاعادة انتاج التاريخ من خلال تناول الموضوع التاريخي من منظور معاصراً ورؤية معاصرة والتي تشير الباحثة الى تعريفها بأنها: (نسق جمالي تسير على ضوء كل عناصر العرض المسرحي المرتبطة بعلاقات تمثل بنية ذات دلالات تحمل معاني اجتماعية او أقتصادية او سياسية وهذه العلاقات تتكون ابتداءاً من مرحلة اختيار النص وصولاً الى الصياغة التشكيلية المرئية للعرض).
وهنا تعرج الدراسة الى ذكر عناصر المسرحية التاريخية وتحصرها بـ : الصراع – الشخصية – الحوار . أما بخصوص الصراع فتؤكد الدراسة انه الصراع الدرامي يعد العنصر البنائي الاول للمسرحية وهو جوهر المسرحية وعلاقة الحياة فيها .
وبالتالي فهو شريان المسرحية الذي يمدها بالحياة لذا فهو يمثل موضوعها وفكرتها بصورة عامة ويمثل حبكتها (حركتها الداخلية) عند الدراسة التفصيلية . وللصراع الدرامي انواع متعددة ترجع غالبيتها الى نوعين اساسيين: الاول : الصراع الخارجي وهو نزول البطل وإنسان اخر ، او بين البطل والقوى الغيبية ، او بيت البطل والمجتمع . والثاني: الصراع الداخلي: وهو صراع البطل مع نفسه وافكاره وهواجسه .
اما ما يخص مسرحيات الخفاجي ودور الصراع فيها فتؤكد الباحثة ان الصراع الرئيسي في مسرحياته التراجيدية :(ثانية يجيء الحسين) و (ابوذر يصعد معراج الرفض)و (ذهب ليقود الحلم) صراع مستمد من الوقائع التاريخية والصراع التاريخي ، كما هو معروف قد حدث بين قوتين متناقضتين في الفكر والفعل ، والتوصيف الدقيق لهذا الصراع هو انه صراع فكري سياسي بين ابطال المسرحيات ومن يناصرهم ، وبين السلطة الاموية ومن يمثلها من حكام وولاة وقضاة ومتنفذين ، فينشأ الصراع عندما يسعى ابطال المسرحيات للتغير السياسي لنظام الحكم ، والهدف منه ليس الاستيلاء على السلطة او السيطرة على مقاليد الحكم ، بل من اجل ترسيخ قيم حضارية ودينية وانسانية يؤمن بها ابطال المسرحيات (الحسين ، ابوذر ، مسلم) منها قيم الحرية والعدالة والمساواة . ثم تأتي الباحثة على الاستشهاد ببعض حوارات المسرحيات التي تؤكد ما ذهبت اليه فيما تقدم . مؤكدة على مانصه:
(الصراع) التاريخي الماثل في هذه المسرحيات لا يخلو من انزياح نحو الرؤية المعاصرة للموضوع والاحداث ، يتجسد ذلك من خلال إشراك الجمهور أو المتلقي طرفا فاعلا ومؤثرا في الصراع الدائر امامه . أما بخصوص الشخصية فتذكر الدراسة اهميتها وتعريفها وابعادها وانواعها . ففي اسطرها الاولى نقرأ:
تعد الشخصية الدرامية عنصراً من عناصر بناء المسرحية ويتفق النقاد باستثناء ارسطو على ان على ان اهمية الشخصية توازي أهمية الحدث ، فالشخصية هي التي تصنع الحدث وهي التي تخلق العقدة والحبكة والموضوع . اما بخصوص تعريفها فتذكر الدراسة: (تعرّف الشخصية الدرامية بأنها: الواحد من الناس الذين يؤدون الاحداث الدرامية في المسرحية المكتوبة او على المسرح في صورة ممثلين ، كما قد تكون هناك شخصيته معنوية تتحرك مع الاحداث ولا تظهر على خشبة المسرح ، فقد يكون هناك رمز مجسد يلعب دوراً في القصة كمنزل أو بستان) . وتشير الدراسة الى ابعاد الشخصية وتحصرها بالآتي:
اولاً: البعد المادي وهو الذي يتصل بتركيب جسم الشخصية: العمر، الطول ، المظهر العام ، وكذلك العيوب والتشوهات الجسمية.
ثانياً: البعد الاجتماعي: وهو ماي تعلق بالكيان الاجتماعي المتصل بتركيب أسرة الشخصية من الناحية الطبقية والثقافية والسلوكية ومكانتها ضمن المنظومة الاجتماعية .
ثالثاً: البعد النفسي: ويتعلق بالكيان النفسي للشخصية ، ويعد هذا البعد ثمرة البعدين السابقين ومتمماً لهما ، اذ ان اثرهما المشترك هو الذي يحيى في الشخصية ميولها ودوافعها وانفعالاتها .
وتستمر الدراسة في تبيان وسائل الكشف عن الشخصية وتحصرها بشيئين رئيسين هما اولا الفعل الذي تقوم به الشخصية وثانياً: الكشف عن الشخصية عبر ما تقوله تلك الشخصية عن طريق الحوار الذي تتبادله مع الشخصيات الاخرى، وطبيعة اللغة التي تتحدث بها .
أما بخصوص الشخصية الدرامية في المسرحية التاريخية عند الخفاجي فقسمت الدراسة الشخصيات فذهبت الى التقسيم المعروف الى شخصيات رئيسية او مركزية وهي الشخصيات التي تدور حولها وفي فلكها الاحداث والشخصيات الاخرى ، وشخصيات ثانوية وهي شخصيات مساعدة تعمل جاهدة على تركيز الاضواء حول الشخصية الرئيسية وتسهيل الحدث وتوضيحه . وعليه ففي مقدمة الشخصيات الرئيسة والمحورية تاتي شخصيات الحسين (ع) والصحابي ابي ذر ، ومسلم بن عقيل . وهذه الشخصيات هي محور المسرحيات ، فعناوين المسرحيات تتضمن اسماء هيه الشخصيات . كما انها تدير دفة الصراع وتحرك الحدث الدرامي الى الامام . اما الشخصيات الثانوية فتأتي شخصية المرآة في مقدمة هذه الشخصيات في المسرحيات التاريخية ، ففي ثلاث منها وهي (ابو ذر يصعد معراج الرفض) و(نوح لا يركب السفينة) و(الجائذة) هناك شخصية نسائية واحدة في كل مسرحية وهن زوجة ابي ذر ، وزوجة نوح ، وزوجة الجوراني . واكثر المسرحيات حضوراً للشخصية النسائية مسرحية (ذهب ليقود الحلم) حيث فيها ثلاث شخصيات نسائية هن زوجة مسلم بن عقيل ، زوجة هاني بن عروة ، وطوعة . ومن الشخصيات الثانوية في هذه المسرحية شخصيات مثل معقل رئيس شرطة ابن زياد ، شريك البصري وشريح القاضي والنعمان بن بشير . وهذه الشخصيات ساعدت في تحريك الحدث وتركيز الضوء على شخصية مسلم . وهنا نصل الى العنصر الاخير من عناصر المسرحية التاريخية وهو الحوار ومما ذكرته الدراسة حول نقرأ:
(يعد الحوار الدرامي ركيزة اساسية من ركائز بناء المسرحية ، فهو جهد الكاتب الاساس واداته الرئيسة التي يستطيع من خلالها الكشف عن جوهر المسرحية وما وراء موضوعها ، ويكشف عن الاحداث المقبلة ، ويحدد ابعاد الشخصية ، الحوار اذن يقيم علاقة جدلية مع عناصر المسرحية الاخرى ، وهي تحتاج الحوار لكي تقدم نفسها للمتلقي ، والحوار بدوره لا يكون ناجحاً أو مؤثراً ، إلا اذا استطاع استيعاب أو اختزال عناصر المسرحية في نسيج متماسك .
حتى قيل ان التمثيلية هي حوارها ، ويمكن للمسرحية ذات الحوار الجيد ان تظل مسرحية جيدة بالرغم مما يكون فيها من عيوب اخرى . والحوار من اهم انظمة اللغة الدرامية واكثرها تاثيرا لدى المتلقي ولهذه اللغة طبقاً لما خصته مدرسة براغ في تحليلها للغة الدرامية وظيفتان: الاولى: الابلاغ للعلامة المسرحية التي هي جزء من اللغة الدرامية ، والثانية: تجسيدها للمتلقي مادياً ومعنوياً . فتظهر بمستويين من التعبير: المستوى الاول: ويشمل الحوار الدرامي ، والمستوى الثاني: ويشمل الاشارات والعلامات التي يشير اليها الكاتب المسرحي . اما فيما يخص الخفاجي وحوارات مسرحياته فقد اكدت الدراسة على ان اهم سمة تمتاز بها هذه المسرحيات عي الاقتصاد والمقصود به اخضاع الحوار كحالة من التكثيف العالي والتركيز على عناصر الفاعلية الدرامية في المسرحية . التي هي الكشف عن الشخصيات وتحريك الاحداث وايضاح الافكار . وقد اختارت الباحثة مثالين من المسرحيات يبرز ان بوضوح اشتمال لغة الحوار على عنصري الاقتصاد والتوتر . وهما مسرحيتي (نوح لا يركب السفينة) و(ذهب ليقود الحلم) . واشارت الدراسة الى ما يسمى بـ(اسلوب المفارقة) وهي اول الاساليب اللغوية التي استخدمها الخفاجي لتحقيق مستوى عال من الاقتصاد والتوتر ، والمفارقة من الاساليب التي يستند اليها الفن الدرامي برمته . الاثر الكلي للعمل المسرحي كله هو المحصلة الناتجة عن تجمع عدد من المفارقات . وللمفارقة في الفن الدرامي انواع عديدة ومن ضمنها المفارقة اللفظية او الاسلوبية . والمفارقة بوصفها اسلوبا لغويا تقوم على اساس التناقض الحاصل بين طرفين متقابلين في تشكيل واحد . وهناك مفارقة ساخرة يمكنها ان تعبر عن عمق المأساة اكثر من اسلوب النصح والارشاد . والسخرية تستخدم بوصفها محطة استراحة يقف عندها المتلقي بعد تصاعد الاحداث الدرامية ، فالتصاعد لا يمكن ان يستمر حتى نهاية المسرحية ولابد من فترات هدوء واستراحة والمفارقة الساخرة افضل وسيلة لذلك . فالمفارقة هي الاسلوب الامثل الذي استخدمه الخفاجي في صياغة حواره الدرامي بوصفها قاسماً مشتركاً مهما بين لغة الشعر والدراما . وهذا ما نراه في لغة عبيد الله بن زياد وموقفه الساخر من مفهوم الحرية .
وهنا تصل بنا الدراسة الى المبحث الثاني من هذا الفصل والمعنون (مسرح الطفل عند الخفاجي) وقد جاء بمقدمة عامة حول مسرح الطفل أكدت على أهمية واستخدام الشعر فيه . مشيرة في سطورها الاولى ما نصه:
(مسرح الاطفال شكل من اشكال التعبير الجمالي بارتكازه الاساسي على بنية النص المسرحي ، وإمكانات هذه البنية وتجلياتها اللغوية والاشارية لان تكون لغة مسرح قائمة على الحركة والفعل وعناصر العرض المسرحي الاخرى ، ويوصف مسرح الاطفال بأنه اعظم مكتشفات القرن العشرين، وانه أقوى معلم للاخلاق ، وخير دافع الى السلوك الطيب اهتدت اليه عبقرية الانسان لان دروسه لا تلقن بالكتب بطريقة مرهقة بل بالحركة المنظورة التي تبث الاتماس).
ثم تنتقل الى اول مواضيع هذه المبحث وهو (عناصر بناء مسرح الاطفال) ،حيث تؤكد الباحثه ان عناصر مسرح الاطفال تتفق مع عناصر مسرح الكبار في ألاسس
والمبارئ العامه . وهو جزء من مسرح الكبار يتصف بصفاته في الغالب مع فارق في مستوى النص ونوعيته الممثلين ولاهداف ولافكار. اما عناصر التشكيل البنائي لمسرح لمسرح الطفل في ( الصراع، الشخصيه، الحوار) .والتي تجب ان تستجيب لاشتراطات المرحله العمريه والعقليه والثقافيه لجمهور الاطفال ، لذلك فإن الكل سن مستوى من الكتابه خاصيه بها، ولزاماً على عناصر التشكيل ان تستجيب للاختلاف والفروق الفرديه بين الاطفال في مستويان الذكاء والثقافه والبيئه . وهنا تنتقل بنا الباحثه الى اول هذة العناصر وهو الصراع فتؤكد على مانصه : ( يشترك الصراع الدرامي في المسرحيات الوجهة للاطفال مع الصراع في مسرحيات الكبار بإهميته المحوريه بالنسبه للمسرحيه وعلاقته الوثيقيه بموضوع المسرحية وحبكتها، واعتباره عنصراً جوهرياً في تشكيلها.
ثم تستمر قائله 🙁 واذا طالعنا الصراع في مسرحيه (حريه بكف صغير ) سنجد انه صراع داخلي يدور في عقل الطفل – ماجد – حول مفهم الحريه واهميتها للانسان والحيوان وجميع المخلوقات. اذن فأنه موضوع المسرحيه هو أهميه الحريه، اما حكايتها فتتمثل في بلبل يعثر عليه ماجد في غرفته فيقرر حبسه للاستماع بجمال منضره وعذوبة صوته بعدها يشارف البلبل على الموت عطشاً وجوعاً لان ماجد قد نسيه لإيام بدون طعام أوما بعد الذي ألمُ البلبل يندم ماجد ويعاقب نفسه على لزوم غرفته وعدم مغادرتها ثم يقرر أن لا يسلب حرية طيراً وإنسان بعد ذلك ). ثم تشير الباحثة الى الصراع في مسرحيه )الديك النشيط) وعنهُ تقول : )فهو صراع خارجي يدور بين طرفين الاول هو الديك النشيط الذي ينهض مبكراً كُل صباح لاداء عمله في ايقاظ القرية من النوم والطرف الثاني هو الكلب الذي ينزعج من صياحُ الديك والذي لايريد الاستيقاظ مبكراً لأنه يحرس القريه في الليل ويحتاج الى النوم في الصباح فيمنع الكلب الديك من الصياح، في الصباح يتصاعد الصراع يختصم الاثنان لدى القضاء وتفصل محمكمه القريه في امر النزاع بين الديك والكلب) . وهنا نصل الى موضوع ( الشخصية) .حيث تؤكد الباحثة ان الشخصيه المقدمة للاطفال يجب ان يراعى في صياغتها الدقة المتناهيه بحيث تبدو شخصية بسيطه واضحه يكشف مضهرها وما تنطق به عما تنطوي عليه سريرتها، لذا فعلى كاتب مسرحية الأطفال إن يمسك بالخيط الرفيع الذي يجمع بين بساطه الشخصيه وتلقائتيها مع عمقها وواقعيتها في الوقت ذاته. ثم تنتقل بنا الدراسه الى دراسة الشخصيه الرامية في مسرحيات الطفل عند الخفاجي ممثلة بمسرحية ( حرية بكف صغير) حيث يشترك في بطولتها ألاطفال. مع الكبار، فهناك شخصية الطفل ماجد بطل المسرحية وشقيقته أسماء إضافة الى شخصيتي ألام وألاب.
الشخصيه المحوريه في هذه المسرحيه هي شخصيه الطفل ماجد وهي التي تخوض الصراع وتصنع الحبكه وتقوم بألفعل، وتتسم بسمتين هما الوضوح والبساطه في إبعادها ومكوناتها الاجتماعيه والنفسيه فهو طفل كبقيه إلاطفال ليس في شخصيته ايه مساحات مستبطئه لايدركها إلاطفال. كما إن لغة الشخصيه و فعالها عبرت تعبيراً مباشراً عما يجول في داخلها من هواجس وأفكار. وهما تصل بنا الدراسه الى اخر مواضيع هذا المبحث وهو الحوار ومما جاء في سطورها الاولى نقرأ: ( بما أن الحوار هو الإداة الاهم في توصيل ماهية الخطاب الدرامي وان لغه الحوار تعد من اهم مستويات لغه لدراما واكثرها تإثيراً عند الجمهور ولذالك فإنه نجاح مسرحية الاطفال بتعلق الى حد بعيد بنجاح حوار المسرحية ومراعاته للشروط والمعابير الخاصه بجمهور الاطفال) . ثم تنتقل بنا الدرامه الى اخذ مثالينه تطبيقينه من مسرحيات الخفاجي لكي تدرس في ضوءها مميزات حوار المسرحيات الدراميه ولاسلوبيه وهما مسرحيين (حرية بكف صغير) و(الديك النشيط) مؤكدة على منصه بخصوصهما ):اول سمه في هذة الحوارات هي الاقتصاد ومعناه التركيز على عناصر الفاعليه الدراميه التي هي رسم الشخوص وتحريل الاحداث وتوضيح الموضوع، والباسطه التي تعني في تقديم الافكار بصيغ ادبيه لاترهق الطفل ولاتكلفه جهود كبيرة، فالكلمات في الحوار (ابد ان تكون مختارة بدقه وان تكون قسميه الى الموسوعه المولدة. والمهيمنة على معارف الطفل. اذن مفهوم الاقتصاد في الحوار فيما يتعلق بمسرح الاطفال مفهوماً عاماً يشمل محاسن الحوار الفنيه واللغويه التي تلائم جمهورنا الاطفال) . وكل ماذكر في اعلاه نجدة ماثلاً في حوار المسرحيتينه السالفتي الذكر. وهنا تصل بنا الباحثة الى الغصل الثالث وآلاخير منه هذه الدرامة والمعنون (البناء الدرامي لمسرحيات الخفاجي الشعريه) ونقرإ في سطور الاولى: ( يشير مصطلح البناء الدرامي الى إسلوب تشكيل العمل الدرامي وطريقة ترابط اجزاءه بالشكل الذي يضفي عليه صفته المميزه .
عندما نتحدث عن البناء الدرامي فأننا نعبر عن فكرة تجريديه عن طريق ارتباط الاوضاع ببعضها ، وعن طريق تركيز انتباهنا على تلك الاوضاع لكي نوحدها نوحدها معاً في فعل واحد. والمقصود بالاوضاع هو الفعل الدرامي وعلاقته بعناصر المسرحيه، اما الطريقة فتعرفها اليزابيث ديل في كتابها الحبكه بأنها: (الكشف عن الاساليب الفنيه التي تخُلف عالم كل قصة على انفراد، وتقع الطريقة فوق القواعد اذ تعني كثيراً بالكشف الجديد عن المحتوى الذي لايمكن عته الاعن طريق التشكيل) .مشيرة في الوقت نفسه- اي الباحثة -ان ارسطو كان اول مفكر كبير اعطى تعريفاً محدد لفن التراجيدياً التي تنتزل منها منزلة الروح من الجسد، كذلك فقد إشار أرسطو الى ضرورة تنظيم الفعل الدرامي بشكل هندسي محدود وأطلق على هذا التنظيم مفهوم الحبكه وعدها أهم عناصر التراجيديا لأنها العنصر الذي يتم بموجيه ترتيب خط تسلسل الاحداث في المسرحيه، وقد ظل مفهوم الحبكة شائعاً ومتداولاً لفترة طويله في الزمن بإعتبارة مرادفاً أو بديلاً عن البناء الدرامي ألا إن مصطلح الحبكة إخذ بألتراجع مؤخراً لأنه قد يشير الى الشكل والصياغة فقط على خلاف مفهوم البناء الدرامي الذي هو إكثر شموليه وأتساع. وهناك مصطلح آخر قريب من البناء الدرامي الذي وهو الايقاع الدرامي والذي يُعني خُلخ انسجام بين إجزاء العنصر المسرحي الواحد أو بين العناصر كُلها) .
وهنا تنتقل بنا الدراسة لموضوع مهم هو (طرائق التشكيل البنائي لمسرحيات الخفاجي) مؤكدة على أننا لو نظرنا للبناء الدرامي لمسرحيات الخفاجي الشعرية لرايتا وجود تباين وتنوع في التشكيل البنائي لهذةِ المسرحيات، والتباين في التشكيل ناتج عنه إختلاف النمط المسرحي وطبيعة الموضوع المعالج في المسرحية. من المؤكد ان وجود التباين في البناء الدرامي بين المسرحية التاريخية بوصفها خطأ مسرحياً يعتمد على استيعاب التراث والتوجه للملتقي الناضج وثقافياً وبين مسرحيات الطفل التي يعد جمهورها من الاطفال وما ينبغي لها من التجانس البنائي تبعا لمتلقيها الطفل وهناك تباين في التشكيل البنائي للمسرحيات التاريخية يختلف عن البناء الدرامي للمسرحيات التاريخية التي لا تعتمد على البعد المأساوي في معالجة التاريخ . اما التنوع في البناء فهو محاولة الاستفادة من مناهج ومدارس التشكيل البنائي للدراما المعاصرة واستخدامها في صياغة المسرحيات . وهذا التنوع يعد مصدر ثراء وامتياز لبناء المسرحيات . ثم تمضي بنا الباحثة الى تقسيم التشكيل البنائي الى ثلاث اقسام هي: بنية التوازي – التراجو ملحمي:
ومما جاء فيه:(ترجع جذور البناء التراجيدي الى النظرية الارسطية في الدراما والمقصود به التشكيل الدرامي الذي يتتبع مراحل احتدام الصراع في تسلسل زمني سببي واضح . ويعتمد البناء التراجيدي على جمل بنائية اساسية نذكر منها اولا: البداية: وهي الموقف او مجموعة الظروف التي تختم حدوث شيء معين والتي بالضرورة ليس في الامكان ان تبدأ قبلها .
ثانيا: الحدث المتصاعد: ويقصد به التعقيدات الناجحة عن تفاعل القوى المتصارعة وتأزم الصراع بين القوى المتنازعة والتمهيد الى التصادم الحاسم بين القوتين المتعارضتين .
ثالثا: نقطة التحول: وهي اللحظة التي تثبت فيها القوة المسيطرة تفوتها او تفقده بصورة حاسمة باندحارها امام القوى المدافعة التي تصبح عندما مسيطرة .
رابعا: الحدث المتهاوي: وهو ذلك الجزء الواقع بين نقطة التحول والذروة .
والذروة هي: اللحظة التي يكون فيها الاهتمام بالمسرحية على اشده ، وان كان كل ما يليها انما هو مشاهد ختامية تتصف بشيء من الركود .
خامسا: النهاية او الحل: وتأتي بعد الذروة النهاية او الحل .
وقد اكدت الباحثة ان البناء التراجيدي في مسرحيات الخفاجي تجسد بالمآسي التاريخية الثلاث (ثانية يجيء الحسين) و(ابوذر يصعد معراج الرفض)و (ذهب ليقود الحلم . مسلم بن عقيل) مع التزاما الخفاجي بالبناء التراجيدي والتسلسل المنطقي للاحداث في هذه المسرحيات لم يمنعه من ادخال عناصر تجديد مستمدة من التجارب الدرامية المعاصرة الى جزيئات الحدث وبعض مكوناته . ومع وجود عناصر التجديد البنائي في المسرحية بقي البناء التراجيدي بمثابة مركز الجذب الذي يشد اليه عناصر التجربة المسرحية .
ب . البنية الاستعارية المركبة: المقصود بالبناء الاستعاري: التشكيل الدرامي الذي يتحقق من خلال ربط القصة في تسلسلها المنطقي بمستويات متعددة ومتناقضة من التفسيرات ، أما عن طريق التناقضات اللغوية المتعددة ، أو استخدام انسقة رمزية واستعارية مناقضة بمعنى الحدث الظاهري ، بحيث يدرك المتلقي ان المعنى لا يمكن في القصة بل ان القصة هي مجرد حامل لعدة تفسيرات . ويقترب البناء الاستعاري من البناء الرمزي الذي كان نتاج المدرسة الرمزية في الدراما التي اعلنت ثورة ضد البناء التراجيدي المنطقي المتسلسل . وان الفرق بين الاثنين (البناء الرمزي و التراجيدي) يكمن في ان البناء الرمزي يعتمد على التحطيم الكامل للتسلسل المنطقي للاحداث ، فالكثير اما تشوه حقيقة الحبكة الخارجية لتستجيب لمتطلبات الحبكة الداخلية كما ان كثيرا من المشاهد المسرحية في البناء الرمزي لا تتصل بالخط الرئيسي للحبكة إلا اتصالا بعيدا . والبناء الرمزي يتجه صوب المعنى المستغلق الذي لا يمكن للعقل إدراكه إلا عن طريق الحدس والايحاء . اما البناء الاستعاري فيعتمد على القصة الظاهرية ذأت التسلسل المنطقي الواضح . وتطبيقا على ما جاء في اعلاه تأتي الباحثة بمسرحية (نوح لا يركب السفينة) لتجعلها مثالا تطبيقيا لكل ما تقدم . حيث تؤكد ان القصة التاريخية الظاهرية ماهي الاقناع للرؤية الشعرية الاستعارية المعاصرة في المسرحية .
وكذلك مسرحية(الجائزة) وفيها يستخدم الخفاجي مرحلة جديدة قوامها التحديث والتطوير والتجريب لموتيفات التراث بما يحقق رؤية معاصرة متطورة على صعيد التشفير الاستعاري والرمزي للنص .
وهنا نصل الى موضوع مهم آخر هوَ (البنية البسيطة) ومما جاء في سطورها الاولى: (اطلق ارسطو مصطلح الحبكة البسيطة على المسرحية التي يكون الحدث الرئيسي فيها نتيجة للانقلاب أو الاستكشاف إما في المسرحيات المعاصرة فإن مصطلح البنيه البسيطة اكثر مايلائم بناء مسرحيات الاطفال، لمشولية مفهوم البساطة لكافه اجزاء الدراما المقدمة لجمهور الاطفال ابتداداً من الفكرة مروراً بالموضوع ثم إللغة وألاسلوب وإنتهاء بالحدث الدرامي. كما يفضل الالتزام بالوحدات الثلاث الزمان والمكان والموضوع، ويجب أن لاتكون هناك مشاهد عنف إو قسوة إو اية عاطفة عنفية، والمسرحيات التي تنتمي لهذا النوع من البناء هما مسرحيتا الطفل ( حرية بكف صغير والديك النشيط) . حيث تسهب الباحثة في تحليلها بشكل مفصل.
وهنا نصل الى آخر موضوع في هذه الدراما وهوا الخاتمة) وهي خلاصة مكثفة لأهم ماتوصلت اليه الدراما إجمالاً: خلص الدراما الى ان مسرحيات الخفاجي الشعرية تعد من إهم اركان نتاجه ألادبي الذي تنوع بين الكتابة الشعر والمسرحية، الشعرية والمسرحية النثرية والدراما ألاذاعية.
كان التاريخ العربي أهم المصادر التراثية التي اشتقى منها الخفاجي موضوعات مسرحياته الشعرية وعليه تركزت موهبته في كتابة الدراما، وكان لتناص الاسلوبي مع النص التاريخي في بالاقتباس تارة وبألتضمين تاره آخرى أهم مستويات حضور التاريخ في النص المسرحي مع حضور المتن الحكائي احداثاً وشخصيات وقد تجلى هذا المستوى واضحاً في مسرحيات ( ثانية يجيء الحُسين) و ( ابوذر يصعد معراج الرفض) و ( ذهب ليقود الحلم) .
أما المستويات الاخرى فهي حضوراً التاريخ رمزاً واستعاره وكذلك ربط اللحظة التاريخية باللحظة المعاصرة، كما في مسرحيتي ( نوح لايركبُ السفينة) و( الجائزة) . وجد في مسرحيات الخفاجي توظيفا مباشراً وغير مباشراً للطقس الشعبي الديني بالاخص طقس التعزية في عاشوراء، كما هناك توظيف واستلهام للنصوص الدينية المقدسة.
– التراجيديا الاغريقية والمسرحية الشعرية الحديثة والمعاصرة والدراما الحديثة هي الاشكال الدرامية التي اعتمد عليها الخفاجي في كتابة المسرحيات.
– سارت عناصر البناء الدرامي للمسرحيات التاريخية على مستويين: مستوى الوثيقة التاريخية صراعاً وشخصيات ومستوى ألانزياح الدلالي نحو الرزية المعاصرة حيث يمثل التاريخ حضوراً دائماً وجدلية مستمرة وصراعاً يتكرر بين الانا والاخو وبين المثال والواقع وبين الثروة والرضوع وببن الفرد والسلطة.
– كان نجاح الخفاجي كبيراً في تشكيل لغة حوار شعري تإينا منذ من خلالها الشعري بالدارمي بإستخدام مكثف لعنصري الاقتصاد والتوتر اللذان يركزان على عناصر الفاعلية الدرامية في لكشف عن الشخصيات وعرض الافكار والتنبئء بالأحداث مع احتفاظ لغة الحوار بمكتشفاتها الشعرية ونبضها الايقاعي .
– امتازت المسرحيات بإبراز وتفعيل عنصر المفارقة الدرامية بجميع انواعها فهناك المفارقة الاسلوبية في لغة الحوار الدرامي ومفارقة الشخصيات التي تنتمي لسياقيين منوازنين سياق التراث وسياق المعاصرة ومفارقة التاريخ الكائنة في صلب الحدث التاريخي ومفارقة المسرح الواقع وإلاحتمال، الحقيقة هذه المفارقة التي تعتمد على الجدل بين الماضي والحاضر ومفارقة تقنيات العرض مثل تقنية المسرحية داخل المسرحية ومفارقة السينوغرافيا التي ملأت فضاء المسرح بإشياء متناثرة .
– خاض الخفاجي تجربة الكتابة للاطفال ودراسة عناصر البناء الدرامي لمسرحيتيه اللتين كتبهما للاطفال أثبت نجاحة في خوض هذه التجربة.
– تباين طرائق التشكيل البنائي لمسرحيات الخفاجي بنباين النمط المسرحي والموضوع الدرامي فإختص البناء التراجيدي المأسوي بألماسي التاريخية ( ثانية يجيئ الحُسين) و (ابوذر يصعد معراج الرفض) و( ذهبَ ليقود الحلم) واختص البناء الاستعاري بالمسرحيات التاريخية التي تعتمد على البعد المأسوي في معالجة التاريخ كما في مسرحيات ( نوح لايركب السفينة) و (الجائزة) حيث إستخدام الجوانب الاستعارية للموضوع التاريخي في صياغة دراما متخيلة
– كان البناء البسيط من نصيب مسرحيتي الطفل ( حرية بحجم الكف) و ( الديك النشيط) .
مـحمد مـحسن الـسيد 2019 ”

 

* محمد محسن السيد / مدير المركز العراقي للمونودراما (2019)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت