النقد المسرحي والحداثة في “الدوريات الثقافية” ـ عقد التسعينيات نموذجا ـ في الخليج العربي/ د. آمنة الربيع

عتبــــــــة:

يكتب الناقد الدكتور (عبد الله إبراهيم غلوم) التالي: إن “النقد الذي سيقترن بمجتمعات هذه المنطقة لا يمكن افتراضه فوق أبراج عالية، النقد خدين للفكر والفلسفة والاجتماع، وهو يقترن وجودا بزخم الثقافات المحلية أكثر مما يقترن بالمؤثرات الثقافية الغربية”. (1)

 

كلمـــات مفتاحيـــة:

ـ النقـد والنقـد المسرحـي.

ـ الحداثـــة.

ـ الدوريـات الثقافيـة.

 

  • تقديــــم:

تُحتم اللحظة التاريخية الحاضرة للحراك المسرحي في مجتمعات دول مجلس التعاون الخليجية، إعادة النظر فيه والوقوف أمام المنجز النقدي المسرحي على الأصعدة كافة، تأليفا وإنجازا ومعاهد، ودوريات تدريبية، لمراجعته ومساءلته ونقده، لقد مرت على دول مجلس التعاون العديد من الأحداث السياسية، والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، والتحولات الثقافية. وكان لهذه التأثيرات أن تثير جدلا واسعا في الثقافة في مجتمعات الخليج العربية بوجه عام، وفي النقد المسرحي بوحه خاص.

 

  • أهــداف الدراســـة:

أسعى في هذه الدراسة البحث عن الاشتغال النقدي من منظور تصور مسبق عندي مبني على التأثير والتأثر الفكري والثقافي الحضاري بين الثقافات. فالحداثة قضية شغلت الباحثين والمفكرين العرب، وإذا كان يصعب تتبع تعريفات الحداثة لغناء المكتبات بالمراجع، فإن أيسر طريق للوقوف عليها، هو تتبع تجلياتها أو مفاهميمها أو اشتباكها لدى النقاد، وعلى خشبة المسرح. ولحصر زمن البحث ومكانه، انتخبت المجلات الثقافية في عقد التسعينيات، لأنه عقد شهد تطورا للحراك الثقافي العربي، وتفاعل الباحثون العرب مع التيارات والمذاهب بعد توجيه ملاحظات نقدية إلى التيار الشكلاني والبنيوي في أواخر ستينيات القرن الماضي.

فالنقد ليس مرآة تعكس تلك التأثيرات الحاصلة في دول الوطن العربي قاطبة، فيتأثر بها الباحثون بانفعال فيلجؤون إلى استقراء الظاهرة ثم تحليلها؟ والنقد أيضا، ليس شرحا أو تفسيرا، ولا وعظا وإرشادا، ولا دفاعا وحُكما يصدر من القاضي أو الجلاد، بل النقد علما وفنا وإبداعا، ورؤية جمالية خالصة. يؤكد هذا التصور العلمي للنقد الباحث (غالي شكري) في تعريفه التالي: ” النقد شديد الارتباط بالفلسفة، والفلسفة بدورها شديدة الارتباط بالعلم، والعلم بدوره شديد الارتباط بالحضارة”(2)، فالنقد إذا علم وتنظيم للفكر وإعمال للعقل، تتطلب ممارسته القراءة المكثفة للنظريات ومعرفة الاتجاهات، ومعايشة اجتماعيى تنظر إلى الظواهر، فتخضعها للدراسة والمساءلة والتفكير بأدوات وإجراءات تنتمي إلى المناهج النقدية، يستفيد منها الباحث عند تناوله للظاهرة المدروسة.

وفي هذا السياق، يؤكد الباحث (عبد الله إبراهيم غلوم) بالقول:” إن التجربة النقدية تنظيرا وتطبيقا لا ترتبط بشيء قدر ارتباطها بجهاز مرجعي مؤسس على الصعيد الابستمولوجي والأدبي والاجتماعي، فالنقد لا تكتمل له ملامح، ولا يتموضع في أطر وقواعد بعيدا عن سياق التطور الفكريالعام” (3).

انطلاقا من التعريفين السابقين نسأل أنفسنا في مجتمعات الخليج: أين نحن من الممارسة النقدية المبنية على رؤية فلسفية فكرية أو نقدية إلى النص والمجتمع والعالم؟

الناظر إلى النتاج النقدي الفكري والثقافي والمسرحي في دول مجلس التعاون يجده في نسبة قليلة مقارنة بحجم الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد، ومؤسسات الثقافة، ويصعب الاعتقاد أن هذه المنابرى يمكنها أن تصنع ناقدا واحدا. لكن التأسيس العلمي المنهجي الذي تُقدمه هذه الجهات لطلبتها يمكنُ البناء عليه كمقدمات.

إن إضاءة موضوع النقد المسرحي وعلاقة هذا النقد بالحداثة في الدوريات الثقافية ـ عقد التسعينيات ـ يستدعي تناوله من نواحي ثلاث هي:

الأولى: إذا درسنا إرهاصات الثقافة النقدية بوجه عام وبواكير ظهورها في دول الخليج كل على حدة.

الثانية: تتبع أدوار الباحثين الذين اختصوا بتناول النقد المسرحي تنظيرا وتطبيقا.

الثالثة: تتبع التطور التصاعدي للمسرح في الخليج من خلال مهرجاناته وندواته الفكرية ومختبرات التكوين ـ إن وجدت ـ.

واعتقد أن مناط انعقاد الدورة الرابعة عشرة لمهرجان المسرح الخليجي في الرياض وتخصيصها أن يكون عنوان الندوة الفكرية هو (البنية الأساسية للمسرح في دول مجلس التعاون الخليجي) بما يتضمنها من محاور دالة، يعد إحدى جوانب الوقوف على إرهاصات الثقافة النقدية والحداثية والمسرحية في دول مجلس التعاون الخليجية، وسأسعى من خلال هذه الورقة كمشروع مبدأي، إضاءة محور الحركة النقدية المسرحية في دول مجلس التعاون كعنصر مهم لتأسيس الذاكرة التاريخية والبنية المعلوماتية للمسرح في دول مجلس التعاون.

 

  • مـا الحداثــة؟

تأثر العالم العربي بالحداثة وأطروحاتها الفكرية واتجاهاتها الفلسفية المختلفة. وأحدث ذلك التأثر الأقرب إلى الاعجاب والتباهي التقليديين، تبدلا في المفاهيم ونظرة مختلفة إلى الفنون جميعها، ومن بينها فن المسرح والنقد المسرحي ـ تنظيرا وتطبيقيا ـ.

فعلى الرغم من أن المجتمعات في الوطن العربي والخليج تبدو ظاهريا أنها قد تحررت من كثير من التفكير التقليدي المحافظ، إلا أن إعادة النظر في مسألة الحداثة وقضاياها، يعطي المرء شعورا أن هذه القضية لم تزل موضوع صراع يتجدد، بل ويزداد ضراوة وحدة عاما بعد عام، على عكس ما تدعيه الأوساط الثقافية والسياسة، أنها قد تجاوزت الخوض في القضية شكلا ومضمونا! فهل هناك حداثة تثقل الممارسة النقدية في المسرح الخليجي؟ ما أنواع النقد الذي صاحب تلك الممارسة؟ وما أنواع الحداثة التي صاحبت الحراك المسرحي إن شكلا أو مضمونا، مبني أو محتوى حسب تعبير الشكليين؟

السؤال ف ظاهرة يبدو بسيطا، لكن ما يحتمله من مخاضات ومضامين ومسائل ومواقف، أخطر بكثير. (4)

مرت الحداثة النقدية المسرحية في مجتمعات الخليج بمسار معقد. فالحداثة ترتبط بالثقافة والتطور والتحضر، و” أبطأ مستويات الحداثة عي الحداثة الفكرية” (5). الحداثة حداثات. وهي بتعبير الباحث (نجيب العوفي) “عكس القدامة، إنها رهان مفتوح على الخفي الآتي، والقدامة في الأساس، رهان مشدود إلى المعلوم الماضي، وإذا كان الإنسان لا يقطع النهر مرتين، ففي هذا المفترق الصعب والدقيق، بين قديم معلوم يتنمط ويمضي، وجديد مجهول يتخلف ويأتي، تنتصب أمامنا الحداثة كسؤال مرحلي ضاغط وعميق“(6).

وذهب الباحث (غالي شكري) إلى تعريف الحداثة قائلا:” فالأصل في الحداثة أن هناك مفهوما للعصر الحديث يتعلق بالانتقال من مرحلة الانقلاب الصناعي الأول إلى مرحلة الثورة العلمية التكنولوجية المعاصر. هذا التصور الجديد للعالم ينعكس على كافة الإبداعات، وفي طليعتها الإبداع الفني والأدبي”(7).

أما الباحث عبد الله محمد الغذامي بعد تعريفه للحداثة على أنها: “التجديد الواعي”. فإنه يُقرن هذا التجديد بالوعي، وتصبح بهذا المعنى الحداثة، “وعيا في التاريخ وفي الواقع، ويكون الفهم التأسيسي فيها، جذريا مثله شرط الوعي بالدور والمرحلة (8).  وإذا قلنا إن مشروع الحداثة في مجتمعات الخليج العربية هو مشروع مبكر ومعقد، وأنه يرتبط بمفهوم بناء الدولة الحديثة وتفعيل منظومة الحراك المدني في المؤسسات المختلفة، فذلك يتطلب دون شك ـ حسب الغذامي ـ عدم إغفال شروط التغير ومتطلباته، إذ ليس من القبيلة  السهل أن تنتقل من مجتمع القبيلة والريف والتجزئة، إلى مجتمع سياسي وإداري موحد.

ويعرف الباحث (د. عبد الملك مرتاض) الحداثة بأنها: “ذات مفهوم فلسفي حضاري فكري جمالي أيديولوجي معا..”(9).

إذن، نخلص إلى أن الحداثة تُختزل إلى عنصرين رئيسيين هما: الحداثة المادية، وتعنى التحسينات التي تلحق الإطار الخارجي للوجود الإنساني. والحداثة الفكرية، وتعنى الرؤية والمناهج والمواقف الذهنية التي تُهيئ تعقلا يزداد تطابقه بالتدريج مع الواقع”(10).

 

  • الدوريـات الثقافية والحراك النقدي المسرحي في الخليــج:

أخذت الصحافة الخليجية بالتطور التصاعدي في مرحلة الستينيات، تمظر ذلك بظهور عدد من المجلات المختلفة والصحف والدوريات المتميزة المختصة أثرت بظهورها كما ونوعا الحياة الثقافية والأدبية في مجتمعات الخليج العربية. إن وظيفة المجلات الثقافية تنبع من أهمية” الدور الذي نهضت به في نشر أفكار الحداثة والتجديد واتجاهات الأدب والفكر الحديثين. فهل يمكن معرفة تاريخنا الثقافي دون العودة إلى ما في بطون هذه الدوريات من أفكار  ونصوص وحتى أخبار ثقافية، كون هذه الدوريات إحدى أهم روافع الحداثة العربية، خاصة أنها كانت موجهة للقارئ العربي أينما كان، لأنها تكتب بلغة يعرفها الجميع”(11).

كذلك شكل كل من اكتشاف النفط وتدويره في بلدان المنطقة، والتعليم عبر افتتاح الدارس والمعاهد والكليات والجامعات فيما بعد، وتأسيس الأندية الثقافية والأدبية والجمعيات مرتكزات حضارية مهمة في انفتاح مجتمعات دول الخليج العربية على الثقافة والمدنية في العالم العربي.

وفي سياق الدور الثقافي الحضاري للدوريات الثقافية في عواصم البلاد العربية كالقاهرة وبيروت ودمشق وبغداد، كان “حظ كل من الكويت والبحرين في تحقيق مظاهر من التحول الثقافي ـ الاجتماعي باتجاه الحداثة كان سابقا لبقية بلدان المنطقة، كون التعليم وإرهاصات النهضة الثقافية فيهما أفصحت عن نفسها مبكرا ـ ولو نسبيا ـ وهذا يسر توفرا أكبر للدراسات التي سلطت الضوء على التاريخ الثقافي للبلدين“(12). وانعكس هذا التطور الموضوعي في وجود عدد وافر من المجلات الثقافية في الكويت، (كالعربي، والثقافة العالمية، وجردة الفنون وغيرها).

ويؤكد الباحث (منصور محمد سرحان) في كتابه على هذا الطرح ـ حول أسبقية الكويت والبحرين ـ بالقول:” شهدت البحرين إبان تاريخها الثقافي الحديث المعاصر بروز مجموعة من النقاد، الذين أخذوا على عاتقهم مهمة دراسة وتحليل بعض الدواوين والكتب الأدبية والثقافية الأخرى المحلية والعربية (…) ومن بين الذين بدأت أقلامهم تدخل الحقل النقدي في عقد التسعينيات من القرن العشرين، يوسف الحمدان، ومحمد البنكي، وفهد حسين، وعبد الله جناحي، وجعفر حسن، وكريم رضي، وغيرهم” (13).

انطلاقا من عنوان ورقتي البحثية وعطفا على ما تقدم من تعريفات للحداثة والنقد أطرح التساؤلات المنهجية التالية:

  1. ما مدى انعكاس أسئلة الحداثة وقضاياها الفكرية في الحركة النقدية المسرحية في المجلات الثقافية في عقد التسعينيات؟
  2. ما القضايا الجمالية التي التفت إليها المشتغلون بالنقد المسرحي، عربا أو خليجيين؟

كمقاربة لإجابة السؤالين السابقين تخيرت أعداد ومقالات من أربع دوريات ثقافية خليجية ـ كمشروع لبحث غير مكتمل ـ هي: مجلات (البيان) التي تصدر عن رابطة الأدباء الكويتيين، ومجلة (عالم الفكر) من دولة الكويت، ومجلة (الرافد) من دولة الإمارات العربية المتحدة، ومجلة (نزوى) من سلطنة عمان. ووقع اختياري لهذه المجلات لما شكلته ـ حسب تقديري ـ في أثناء ظهورها جسرا حيا وحيويا بين الناقد والجمهور الواسع، وبين الإعلام والسلطة الحاكمة. إذ أعطت المجلات في عقد التسعينيات مؤشرا أوليا دالا على دعم الحراك الثقافي في بلدانها، وغيمانا من المسؤولين الرسميين حول ضرورة التواصل الثقافي العربي والإطلالة المعرفية على العالم.

إن تتبع تاريخ نشأة هذه الدوريات مسألة ستثقل على الورقة البحثية بالحمولة التاريخية والظروف السياسية الواسعة، لما يحتاجه التتبع من عناية ودقة. وليس هذا ما أسعى إليه، بالقدر الذي أريد فيه الوقوف على ما يتصل في هذه المجلات بمحور ورقتي وعنوان الندوة الفكرية. لكنني سوف أشير إلى افتتاحيات ه الدوريات، وما تضمنته كلمات رؤساء تحريرها من رغبة ثقافية في الانفتاح على تجارب العالم، وسوف تكشف لنا الافتتاحيات الرؤىوالتصورات الذهنية والفكرية المتصلة بأسئلتنا، إذ لم تقف الدوريات كما لاحظنا عند التأثر وحده، بل سجلت موقفها من المدنية وازدهار الثقافة في مجتمعاتها، وهذا ما قرأناه في العديد من موضوعاتها النقدية التي خصصتها كملفات أو ندوات.

 

إطلالــة على افتتاحيـات المجلات الثقافية في أعدادها الأولى:

إن الإطلالة على افتتاحيات هذه المجلات (14) في العدد الأول من كل مجلة، تشكل على نحو من الأنحاء امتدادا لسجالات النخبة الحداثية في مجتمعات الخليج (الكويت والبحرين مثلا) في العقود السابقة. تبدى ذلك المظهر في دعواتها لأبناء المجتمع المحلي إلى المشاركة بالأفكار الإيجابية التي ترفع من سقف التقدم والحرية الفكرية في مجتمعاتها. يمكن العودة على سبيل الشاهد إلى ما جاء في افتتاحية رئيس تحرير العدد الأول من مجلة البيان الصادرة في (1/4/1966م)الفقرة التالية: “…مهما يكن، فقد أتاح لنا تأخير ميلاد ـ البيان ـ فرصة التهيؤ، بوعي ومسؤولية، لإصدار هذه المجلة على مستوى يمنحها القدرة والكفاءة، لتكون اللسان المعبر لرابطة الأدباء الكويتيين من جهة، وصورة زاهية تجمع في إطارها تراثنا الأصيل، الفصيح والشعبي، وتقدمه للقراء والدارسين، في كل رجأ من أرجاء وطننا العربي الكبير” (15).

وانطلاقا من شعور المؤسسين بالوعي والمسؤولية الملقاة على عاتق المجلة وهيئة تحريرها، ظل الوهج في استمرارية صدورها شغلهم الشاغل، فاتحة أبواب النشر فيها لجميع أبناء مجتمعات الخليج والوطن العربي إيمانا منها أن أمل الاستمرارية يظل معقودا على الأدباء في إنجاح مهتمها التي تضطلع بها وبرسالتها، لعدها “ميدانا فسيحا يفتح صدره بصفاء، لكل حملة الأقلام والأفكار المستنيرة، وذوي المواهب والملكات الناضجة والقادرة والمتفتحة” (16).

وجاء في كلمة مجلة (عالم الفكر) الصادر عددها الأول في (1970/4/1) طرحا متصلا مع الحراك الثقافي للمجلات الثقافية، في الكويت. حيث افتتحت المجلة بكلمة سعادة وزير الإرشاد والأنباء (جابر العلي السالم) كالتالي: “لقد أرست وزارة الإرشاد والأنباء أول لبنة في مشاريعها الثقافية حين أصدرت منذ أكثر من أحد عشر عاما العدد الأول من مجلة (العربي)، (…) وكانت الخطوة التالية هي إصدار سلسلة (التراث العربي)، (…) وخطوة ثالثة خطتها الوزارة في مجال النهوض بالآداب والثقافة العربية، حين بدأت في أواخر العالم الفائت ـ 1969 ـ بإصدار سلسلة (من المسرح العالمي)، وهي شهرية وتترجم إلى اللغة العربية الفصحى عيون المسرحيات العالمية، وتقدم للقارئ العربي ثقافة مسرحية كاملة، بغية إرساء قواعد هذا الفن على أسس متينة، ولتكون عاملا مهما في خلق نهضة مسرحية عربة (…)، واليوم، وقد لمسنا الحاجة إلى المزيد من الجهد والعمل في خدمة الثقافة العربية، نخطو خطوة أخرى إلى الأمام بإصدار مجلة (عالم الفكر)، وهي مجلة تصدر مرة كل ثلاثة أشهر، وتخدم أغراض الخاصة من المثقفين والمفكرين، إذ تحوي من الدرسات أعمقها، ومن الأبحاث والتحليلات لمختلف المواضيع أوسعها شمولا وأدقها تفصيلا…” (17) .

وأكد تلك الجهود ما جاء في كلمة المجلة بقلم (أحمد مشاري العدواني) قائلا في افتتاحية العدد: “…هذا، وسوف تحاول هذه المجلة أن تتحرر من كل ما يحول دون انطلاق الفكر، أو ينحرف بالنظرة العلمية عن اتجاهها، لغرض ما… تحاول أن تتحرر من كل ذلك، لتكون خالصة للمعرفة والحقيقة، ولتتسع لكل ما تضطرب به مدارس الفكر والأدب والفن، ولا تضيق بشيء منها وإن أسرف بالإغراب…” (18) .

وفي موضع آخر يتعلق بالتفاعل مع التراث العالمي والانفتاح على تجارب الأمم، يكتب العدوان قائلا: “فالدعوة إلى استيعاب التراث العالمي المعاصر، والانفتاح على روافده، والحوار معه، لإخصاب الحياة العربية، وتجديد معالمها، ليست شيئا غريبا على النفس العربية…”(19)

بينما تفتتح مجلة نزوى العُمانية في عددها الثاني الصادر تاريخ 1 مارس 1994م بكلمة لرئيس تحريرها الشاعر سيف الرحبي جاء فيها:” لا تستطيع مجلة، أي مجلة وربما في أي مكان، أن ترسم ملامحها، وتحدد وجهتها منذ العدد الأول أو الثاني، لكنها تحاول أن تقدم المؤشرات الأولى لطموحها، ووجهتها عبر الدرب الثقافي الطويل والصعب…” (20).

وفي موضع ثان يكتب:”لا ننطلق من فراغ في صمع مجلة وتأسيسها فمثل هذا الفراغ محض إدعاء، فأمامنا إرث الثقافة العربية بمجلاتها وصحافتها ومنابرها (…) فرحلتنا في هذا المكان وتضاريسه وإنسانه وتاريخه، تراثا ومعاصرة، هو هاجس جوهري نطل من خلاله على التفاعل الخلاق بين مختلف روافد الثقافة العربية وجغرافيتها المتعددة المتنوعة،(…) نطمح إلى أن تكون مجلة نزوى مجلة متنوعة وشاملة من حيث الآراء والتعبيرات الفنية والثقافية، أو من حيث تنويع المواد وعدم حصرها في اتجاه واحد، (…) إن المجلة ضمن هذا المعنى مُلك لكتابها وملك للآراء والإبداعات المستنيرة والصادقة من كافة الاتجاهات والأعمار والجهات…” (21) .

والملاحظات العامة التي يجب تسجيلها، أن هذه المجلات في عقد التسعينيات من 1990م ـ 2000م سعت إلى التخلص حينا أو التخفيف، في حين آخر من وجود كلمات افتتاحيات لرؤساء تحريرها، واقتصرت على الدخول المباشر إلى تناول الملفات الثقافية، فمجلة (البيان) لرئيس تحريرها (د. سليمان الشطي) افتتحت عدد يناير 1990م بمقالة عن (مسرح المقهورين تجربة من مسرح الشعب في بيرو/ بأمريكا اللاتينية) بقلم (د. سمير سرحان)، ومجلة (عالم الفكر) لرئيس تحريرها (د. حمد يوسف الرومي)، خصصت العدد الرابع الصادر في 01 يناير 1990م لملف (العلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية).

إن اللجوء إلى الاستشهادين السابقين، يعزز ما ذهب إليه الباحث (د. رجاء النقاش) من رأي يعزز من الدور الريادي التحديثي الذي تؤديه المجلات الثقافية، إذ يمنحها صفة ملفتة جدا حينما يقول:” إن المجلة الثقافيةـ ليست ترفا ولا زينة، ولكنها في صورتها الحقيقية لا تقل عن أي جامعة كبرى، بل هي أخطر من الجامعة، لأنها حرة ومفتوحة ولا قيود على الاستفادة منها والتعلم فيها ةالاستنارة بأضوائها القوية” (22). وفي سياق الدور التاريخي للدوريات الثقافية فإن النهضة الفكرية العربية قامت في القرن الماضي على ثلاث وسائل أساسية هي المطبعة والصحافة اليومية والمجلة الثقافية. وكانت المجلة الثقافية هي آخر مواليد النهضة الفكرية بعد المطبعة والصحافة اليومية. وقد خرجت هذه الوسائل الثلاث بالثقافة والفكر في الوطن العربي من نطاق التخصص واهتمام الصفوة المحدودة إلى مجال أوسع وأشمل يتصل بالأمة كلها. زهذه الوسائل الثلاث هي صاحبة الفضل الأكبر في خلق ما نسميه الآن باسم الرأي العام” (23).

 

  • النقــد المسرحـي في الخليـج وسـؤال الحداثــة:

ينبغي علينا التفريق ما بين اشتغالين ثقافيين متمايزين في الحداثة في مجتمعات الخليج هما: الأول، الحداثة النقدية الثقافية، بوجه عام. والثاني، الحداثة النقدية المسرحية المتخصصة.

طرحت مرحلة التسعينيات مجموعة من المواجهات مع أسئلة الحداثة حول مفهوم العلم والزمن والتقنية والانتقال إلى عالم جديد في العالم ككل. ومن الطبيعي أن يتأثر مسرحنا العربي في بلدانه جميعا بتلك المواجهات التي يرجع أساسها إلى فلسفات غربية معينة.

وعطفا على ذلك، تفاعل المسرح العربي مع الحداثة تفاعلا ظاهريا واضحا، فوظف مصطلحات الحداثة دون ثقافة حداثية أصيلة، نابعة من سؤال بنيوي في موروثه الثقافي، كما سعى بعض النقاد المسرحيين إلى استلهام مفردات الحداثة في عناوين بحوثهم ودراستهم، سعيا لا يغوص عميقا في الجوار الثقافي المنفتح على اللغات والحضارات، وإنما كان محاولة لتبيئة المصطلحات في بيئة اجتماعية ذات خصوصيات محلية وثقافية مختلفة. فعلى سبيل الشاهد يتعرض الباحث (محمود الربيعي) في دراسته المعنونة (من مشكلات الحداثة) إلى عدم استقرار لغة النقد الأدبي منذ بداية النهضة العربية الفكرية، فيرى أن هذا النقد منذ بداية النهضة أسهم ـ ولا يزال يُسهم ـ في توسيع الهوة بينه وبين ما يجب أن يتوافر له من الموضوعية، والدقة، والانضباط. ويدلل على ذلك الاضطراب الكامل في ذهن القراء وفي الأسئلة المتكررة التي يواجهها الطلاب عن الفروق بين كلمات تستخدمها اللغة العربية مثل الرومنتكية والرومانطيقية والرومنسية والابتداعية وهي كلها مستخدمة فس مقابل مصطلح Romanticism أو الفرق بين مسرح العبث ومسرح اللامعقول في مقابل مصطلح Theatre &Absurd أو عن الفرق بين تيار الوعي وتيار الشعور في مقابل مصطلح  (24) Stream of Consciousnes

أيا كان الحال، لا يمكن الانقطاع عن العلم ولا التواصل مع الحداثة والتعامل معها بالانفتاح على مصطلحاتها. والاستفادة من مقتنياتها المادية والفكرية، يتطلب توفر القيادة السياسية الحكيمة، والرؤية الاقتصادية الداعمة لأبناء مجتمعاتنا لكي يتحصلوا على العلم الضروري. ففي خلفية التفاعل الفكري والثقافي والأدبي والمسرحي في مصر مثلا، يُمكن الاستشهاد بأعلام بعض البارزين المفكرين ونقادا الذين ظهروا واثروا الحياة الثقافية، وتأثر بهم طلبتهم من المحيط إلى الخليج، الذين استفادوا من فرص البعثات العلمية إلى الغرب، كأمثال: (محمد مندور، وعبد القادر القط، ولويس عوض وعلي الراعي).

يلفتنا (غالي شكري) الذي أتيح له أن يتعلم على هؤلاء الأساتذة قوله في إجابة عن سؤال وجه له هو: هل استطاع جيلكم في مجال النقد أن يحقق إضافة إلى ما قدمه الجيل الأسبق من النقاد العرب؟ يشير في إجابته إلى أن أبناء جيله من النقاد ك (صلاح فضل، وجابر عصفور، ومحمد غنيمي هلال، وسمير سرحان، وهدى وصفي، ونهاد صليحة، وسعيد الوكيل، ومحمد بدوي، وأحمد مجاهد) ولدوا في مناخ مغاير عن المناخ الذي ولد فيه الجيل السابق حيث عاشوا حياة أكاديمية خالصة، وذهبوا في بعثات علمية إلى أوروبا، ومن ثم فقد استطاع أن يدرس الأدب والنقد دراسة منهجية منظمة، وأن يتصل بالتراث الإنساني اتصالا وثيقا ومباشرا. كذلك أتيح له أن يعيش في ظل مناخ سياسي يتمتع بالديمقراطية النسبية، أما نحن فقد ولدنا في ظل التقلبات السياسية العنية التي شهدتها المنطقة العربية ومصر في القلب منها…”. (25)

ما يلفتنا هنا في إجابة غالي شكري، يتنزل في انتماء الباحث في النقد أو الناقد المختص إلى البيئة الاجتماعية والمؤثرات السياسية والمتغيرات الاقتصادية التي يتأثر بها. وهذا ما أكده في معنى كلامه أنه جاء من بعدهم جيل لم يتمتعوا بالراحة الأكاديمية والتحصيل الأكاديمي المنظم، بسبب رداءة في الأوضاع السياسية وتقلباتها العنيفة وفقدان الاستقرار الاجتماعي والتأثير الاقتصادي، فكانت الثقافة هي عزاؤهم، وكان قدرهم هو التفاعل الحار والعميق،سواء مع آدابهم المحلية أو غيرها.

عندما وقفنا على جهود الباحثين الخليجيين والعرب الذين كتبوا في الثقافة والثقافة النقدية المسرحية المختصة في المجلات الثقافية الخليجية ـ عقد التسعينيات ـ من القرن العشرين وجدناها جهودا تتقسم إلى قسمين، يتعذر معهما الانفصال عن التفاعل الثقافي الحاصل في حواضر الوطن العربي كمصر ودمشق ولبنان والعراق والمغرب. وتبلورت تلك الجهود على النحو التالـي:

 

  • الجهــود النقديــة الخليجيــة. 

القســم الأول: الجهـود الخليجية في النقد المسرحي في عقد التسعينيات.

ظهرت أسماء باحثين على خارطة النقد المسرحي في مجتمعات دول مجلس التعاون كان لها صفة الريادة في الاهتمام بالنقد المسرحي. ففي الكويت ـ على سبيل الحصر ـ لمعت أسماء كل من: (د. خالد عبد اللطيف رمضان، ود. محمد مبارك الصوري، ود. نادر القنة، وعبد المحسن الشمري). وفي البحرين لمع اسم الباحث (يوسف الحمدان، والناقد الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم)، الذي استطيع بهدوء أن أطلق على اشتغاله ” التجربة وصاحب مشروع ثقافي تنويري”، حيث إن معظم كتاباته النقدية الأكاديمية والتوثيقية تصدر عن تكوين أكاديمي عميق وصارم ومتطور، فحلل ظواهر الثقافة كباحث اجتماعي، وحاول استكشاف القوانين المحركة للظاهرة الاجتماعيةوالثقافية في الخليج، من خلال الدراستين المعروفتين المكثفتين، والمنشورتين في مجلة عالم الفكر.

الدراســة الأولــى هي: (بواكير النقد الأدبي في الخليج العربي ـ 3 يناير 1997م) و الدراسـة الثانيـة هي (الثقافة في مجتمعات الخليج العربي 3 يناير 1999م). (26)

الناظر إلى أسماء الباحثين الخليجيين الذين لمعت أسماؤهم في عقد التسعينيات نجدها قد شكلت مجتمعة عبر إنتاجها البحثي في النقد المسرحي تراكما تأسيسيا محدودا يُمكن البناء عليه معلوماتيا في دول مجلس التعاون الخليجي. وتكتسب إسهاماتهم أهميتها من مواكبتهم الإنتاج المسرحي في بلدانهم، بالتوازي مع نشر دراسات وبحوث نقدية لباحثين عرب أو مقيمين في دول المجلس. ساهم هؤلاء بعدد متواضع من التحليلات النقدية التطبيقية لظاهرة النقد المسرحي في التسعينيات من القرن المنصرم، وهي تحليلات ركزت في أغلبها على الجانبين التاريخي والاجتماعي للحركة المسرحية في الخليج،

ولم تقترب من أسئلة الحداثة أو قضاياها الملحة. ولاستقراء الدراسات والمقالات من عينة الدوريات المنتخبة للدراسة، قمتُ تسهيلا للعمل بتصميم جدولين على النحو المبين أدناه:

الجــدول الأول: أحصيت فيه عدد الموضوعات النقدية/ الفكرية/ التي تناولتها الدوريات، وخصصته للدراسات والبحوث والملفات الثقافية المتصلة بالنقد والحداثة.

لا يتوفر وصف.

  • نمــوذج حــول الحداثــة من مجلــة البيــان:

اختار للتمثيل بنموذج دال على بعض الدراسات النقدية الفكرية حول الحداثة، دراسة للباحث (عبد الملك مرتاض) بعنوان (مدخل في قراءة الحداثة) وهي دراسة مهمة تطرق فيها إلى التفريق ما بين المصطلحات التي يستعملها بعض النقاد المعاصرين في تعاملهم مع النصوص أو الأفكار: كالتفريق بين “الحداثة” و”الحداثوية”، و”الرومنسية والرومنطيقية”، و”الكلاسية والكلاسيكسة”، وغيرها، مستعرضا مراحلها الكبرى، مستنتجا أن أجمل ما فيها، “أنها تدعو القلق المعرفي، وإلى الثورة الفكرية، وإلى التطلع، وإلى نشدان الجديد، وإلى الابتكار والابتداع، وإلى الاستكشاف والاستثمار، وإلى عدم الاطمئنان..”. (27)

لم يقف الحال عند مناقشة الحداثة وأسئلتها ومشكلاتها، بل ركزت المجلات في عقد التسعينيات على اتصال الحداثة بالنقد الأدبي بوجه عام، من ذلك أشير إلى دراسة الباحث سمير حجازي بعنوان (معنى النقد الأدبي المعاصر)، ودراسة بعنوان (في النقد التكاملي) للباحث نعيم اليافي، ودراسة (عيوب نظرية في وعي الحداثة) للباحث معروف عازار ودراسة (الأدب المقارن والاتجاهات النقدية الحديثة) للباحث عبده عبود.

واللافت للانتباه كذلك، كانت فترة عقد التسعينيات فترة أخذت تناقش سؤالا كبيرا: ما هو المسرح؟ كورقة الباحث محمد سيف: (ما هو المسرح؟ تأملات في جذور الظاهرة المسرحية العربية وتاريخها)، وعلاقته بالميثولوجيا، وهذا في رأي أحد أشكال الوعي بوظيفة النقد والثقافة في المجتمع.

الجـدول الثانـي: أحصيت فيه عدد الدراسات المختصة بعناصر العرض المسرحي التالية: النص، والممثل، والمخرج/ أو العرض، والجمهور المسرحي.

لا يتوفر وصف.

إن أهمية هذين الجدولين تنبع من قدرتها أولا: على حصر عدد الدراسات والبحوث لباحثين خليجيين وعرب مُقيمين. ثانيا: كشفها المبدئي عن قدرة السياق الاجتماعي ـ الثقافي على استيعاب تجليات الحداثة وتقنياتها، وبلورتها في تطوير المسرح في مجتمعاتها. وهذا يرفع من قيمة التصور المُشجع عن مكانة المجلات الثقافية ووظيفتها كأداة “فكرية بالغة القيمةوالأهمية والتأثير”. (28) في مجتمعاتها.

لا يتوفر وصف.

  • نمــاذج من بعـض المقالات التحليلية للباحثين الخليجيين المنشورة في المجلات الثقافية (عقد التسعينيات)

 

نمــوذج (1) د. خالد عبد اللطيف رمضـان (29)

ينبع اهتمام الباحث في أغلب مقالاته حول الجمهور المسرحي، فيوليه دراسات سابقة ابتداء من عقد الثمانينيات. من ذلك مثلا دراسة بعنوان (طبيعة المتفرج العربي ـ البيان ـ العدد 269/268 ـ 1988/7/1). ناقش فيها عزوف المتفرج عن العروض المسرحية الجادة. استمر اهتمام خالد عبد اللطيف رمضان بعنصر الجمهور المسرحي يمتد إلى عقد التسعينيات، مثلا مقالة (الجمهور المسرحي في الكويت، العدد 259، 1 يوليو 1994م)، وبنى على ذلك الاهتمام استمرارية تركيزه على تناول علاقة الجمهور والعمل الثقافي إلى العقد التالي، في مقالة بعنوان: (العمل الثقافي والجمهور ـ مايو 2001م).

في بداية عقد التسعينيات، كانت إنجازات المسرح التجريبي في الوطن العربي بارزة، هذا ما نجده من وجود تلازم بين مفردتي “الحداثة” و”التجريب”، فكان التجريب يرتبط ارتباطا وثيقا بالتحديث في المسرح على المستويين التنظيري والتطبيقي، وتفاعل (خالد عبد اللطيف رمضان) منطلقا في عقد التسعينيات إلى الألفية الجديدة بهموم التفكير في التجريب عندما كتب في مقالة له يقول:” كان التجريب وسيلة المسرحيين العرب لتأصيل المسرح في التربة العربية، منذ الرواد الأوائل في منتصف القرن التاسع عشر، حتى الآن، وهم في تجاربهم هذه لم يتجاوزواما جاء به السابقون من المسرحيين العالميين/ وعلى رأسهم (برتولد بريخت) ومسرحه العالمي…”. (30) وفي مقالته (الجمهور المسرحي في الكويتي) يرصد أهمية دور الجمهور المسرحي في اغناء الحركة المسرحية وطبيعة المتفرج الكويتي ومدى اختلافه عن المتفرج العربي! ما يميز هذه المقالة عن سابقتها، (طبيعة المتفرج العربي التي نشرها في الثمانينيات)، هو التوسع في مناقشة أسباب عزوف الجمهور، متسائلا:” ما طبيعة المتفرج في الكويت؟ وهل يختلف عن المتفرج العربي؟ يستند الباحث كذلك إلى استبانة وضعتها إدارة المعاهد والفنون عام 1987م حاولت بحث طبيعة المتفرج في الكويت، مشيرا إلى النسب المئوية للدراسة، ويُجمل خالد عبد اللطيف رمضان العوامل التي تؤثر في إقبال الجمهور على المسرح في خمسة عوامل هي: “1/ الدعاية والإعلان، 2/ نجوم المسرح، 3/ اختيار الوقت المناسب، 4/ توافر عنصر التسلية، 5/ أهمية القضية المثارة”. (31)

 

نمــوذج (2) د. محمـد مبـارك الصـوري (32)  

نتخير عنوان هذه الدراسة (اتجاهات المسرحية في الكويت: دراسة تاريخية للمسرح في الكويت وأهم اتجاهاته الفنية) للوقوف على أهم القضايا المتصلة بالنقد الأدبي.

يطرح الباحث الباحث أسئلة اقتطع منها هذين السؤالين: الأول: ما أهم الاتجاهات المسرحية في الكويت؟ الثاني: هل خلق النقد المسرحي اتجاها محددا للحركة المسرحية في الكويت؟ أو ظل أسير العروض المسرحية دون تأثير أو هدف؟

تطرقت دراسته إلى ظهور الناقد الصحفي المصاحب للحركة المسرحية، ويصف اشتغاله “بالفني المتواضع:”، إذ يقدم إلى القراء كما يكتب: “مادة خبرية لا تخلو” من المديح والتقدير للعرض المسرحي والتمجيد بموضوع العمل المسرحي دون الحديث في الشكل الفني وخصائص العرض المسرحي الفنية، مع تسمية العرض المسرحي والنظر إليه على أنه تمثيلية أو رواية”.(33)

في موضع آخر يلتفت الباحث إلى ظهور النقد النظري إلى جانب النقد التطبيقي في معرض نقده لكتاب ألفه (خالد سعود الزيد) (34) جمع فيه بعض المسرحيات بعنوان (يتيمة) قائلا التالي:” بعد قراءة هذه النصوص التي تمثل مطلع الحياة الأدبية المسرحية نجد أنها يتيمة وفقيرة لكثير من أصول مسرحيات الفرجة وعناصرها”. (35)

ويرصد لتجاهات المسرح في الكويت في ثمانية اتجاهات هي:

أولا: “الاتجاه التعليمي المسرحي: ص 160. ثانيا: الاتجاه المسرحي المرتجل” ص 168. ثالثا: “الاتجاه الرسمي للحركة المسرحية في الكويت” ص 174. رابعا: ” الاتجاه نحو (المسرح العربي) التجريبي الفصيح” ص175. خامسا: “الاتجاه نحو الدراما الاجتماعية” ص177. سادسا: “الاتجاه نحو المسرح التجاري” ص 179. سابعا: “الاتجاه نحو المسرحية التقليدية (السياسية والكزميدية)” ص 181. ثامنا: “الاتجاه نحو المسرحية النقيض ( مسرح اللا مسرح/ مسرح العبث) ص 184” .(36)

 

نمـوذج (3) أ. يوسـف الحمـدان (37)

خصص الباحث يوسف الحمدان مقالته بعنوان: (مسرح الصواري: إشكالات وتحديات). للتعريف بنشأة الفرقة ومنطلقها التأسيسي كأول مختبر مسرحي في دول مجلس التعاون، فأفرد سبعة منطلقات نقتطعها من المقالة في النقاط القادمة:

أولاأن تأسيس فرقة الصواري المسرحية في أغسطس 1991م هو بالدرجة الأساس تأسيس لفكر مسرحي متقدم ومغاير للسائد في الحركة المسرحية البحرينية.

ثانيا: وقف أمام تأسيس الفرقة كما يقول إشكالات لا حصر لها يتمظهر بعضها في الخطاب المسرحي الذي تغيب عنه القراءة الرؤيوية الثاقبة الخلاقة للنص والإخراج وفضاء العرض المسرحي.

ثالثا: الوقوف عند تجربة المخرج عبد الله السعداوي الاستثنائية، الذي كان يجري تدريبات استقصائيى للجسد، وللذاكرة الانفعالية في الارتجال على فريق الممثلين الهواة.

رابعا: تأسيس فرقة الصواري انطلق من السؤال: كيف يمكننا أن نشكل فرقة مسرحية تغاير الآليات الاقتصادية والانتاجية والإدارية السائدة التي تفرض وجودها قسرا على كل فرقة مسرحية تُشهر؟.

خامسا: الالتفات إلى معاناة المنتسبين إلى الفرقة، فالمعروف أن التفرغ للشؤون الإدارية يقتل الكثير من الجهد والطاقة والإشعاع لدى المخرج والممثل والفني والسينوغراف والكاتب.

سادسا: في المختبر المسرحي، أعدت البحوث المسرحية حول السينوغرافيا والجسد والتراث.

سابعا: إن مسرحنا منذ تأسس وهو يتوجه للإنسان عبر طرح قضاياه الاجتماعية والمصيرية الملحة، ويعالجها برؤى فنية متقدمة، ويشجع على تقبل الأفكار المسرحية المتقدمة، ويهتم بخلق ذوق مسرحي جديد يبتعد عن المطالب الاستهلاكية والسطحية، وينفذ إلى إشباع الجوانب الثقافية والروحية لدى متفرجيه. (38)

 

نمــوذج (4) عبد المحسـن الشمـري (39)

في مقالته اللافتة للانتباه، يلتفت الباحث والصحفي عبد المحسن الشمري إلى ظاهرة التعريف بالكتب النقدية الصادرة في الكويت وتحليلها، وتعريف جمهور القراء بها، بلغة سلسلة وأفكار واضحة. جرى هذا في تناوله لكتاب (العرب وتأصيل المسرح رؤية ناقدة لواقع المسرح العربي للدكتور خالد عبد اللطيف رمضان) وتعريفه إلى القراء. يبدأ القراءة باستهلال يذكر فيه دعوات أهل المسرح العربي إلى تأصيل التراث منذ عام 1964م لدى عدد من المسرحيين العرب المعروفة جهودهم في تأصيل المسرح، فيقول حول كتاب خالد عبد اللطيف: “ويأتي كتاب العرب وتأصيل المسرح لمؤلفه… وهو بالأصل دراسة حصل بموجبها الباحث على الدكتوراة… ليشكل إضافة مهمة لما سبقه من الدراسات تتميز بشموليتها… ويختم المؤلف دراسته القيمة برؤية نقدية لواقع المسرح العربي حيث يقول:” إن المسرح العربي في جميع أقطاره الآن تقريبا يعاني أزمة، ولكنها ليست أزمة هوية… إنها أزمة جدية إن صح التعبير، وهذه الأزمة تتناول اساليب التأليف وموضوعات المسرحيات من جانب، كما تستند إلى تقنيات المسرح من جانب آخر” (40).

 

نمــوذج (5) د. نـادر القنــة (41)

يتناول الباحث (نادر القنة)في مقالة بعنوان (10 مسرحيات كويتية عكست ملامح المجتمع الكويتي في القرن العشرين) في جزأين جانبا تاريخيا ونقديا للنص المسرحي الكويتي كمدخل للاحتفاء بالمسرح في الكويت، برجالاته ومؤسساته ومنطلقاته الثقافية وطموحاته المستقبيلية وخصوصيته المحلية. وتنبع أهمية المقالة من تركيزها على إضاءة تاريخ الحركة المسرحية في الكويت مع دخول الألفية الجديدة وبلوغها من العمر (61) عاما (1939 ـ 2000م)، فيصفها بالحركة الناشطة الفعالة بسيرها باتجاه التنامي والتطور وشيء منالذاتية والاستقلالية والخصوصية. والأمر الثاني يشير إلى أفضل عشر مسرحيات كويتية تضمنها الريبورتوار الكويتي تأليفا وإخراجا، يرى أنها حملت في داخلها طبائع وملامح المجتمع الكويتي ـ بكل أبعاده وأنماطه ـ من خلال القرن الماضي، وتوفر لتلك المسرحيات سمة النضوج الفني والفكري، علاوة على تحقيقها المعادلة الصعبة في زمنها. (42)

 

القســم الثانــي: الجهــود العربيـة في النقـد المسرحـي في عقـد التسعينيـات

إن جهود الباحثين العرب التي نشرتها المجلات الثقافية المنتخبة في عقد التسعينيات، للتعريف بالحداثة في المسرح والتجريب والنقد المسرحي، هي جهود كبيرة، سعت إلى سد ثغرة واسعة في هذه المعارف لقلة الباحثين الخليجيين المختصين.

شارك العديد من الباحثين العرب والأكاديميين في النقد المسرحي، بتقديم دراسات تطرح إشكاليات مهمة حول اتصال المسرح بالحداثة، وتطور المناهج النقدية المعاصرة. وأثرى المجلات الثقافية الكتابات النقدية لمسرحيين اختصاصهم الرئيسي هو النقد المسرحي. فكتب بعضهم عن تجارب المسرحيين العرب في بلدانهم، بينما تناول غيرهم تجارب في المسرح العالمي. وظهر مصطلح نقد  النقد ليستقر لدى المهتمين من الباحثين في المشهد الثقافي الخليجي. كما ظهرت كتابات تبحث إشكاليات المسرح المتكررة كعلاقة المسرح بالتراث والحداثة، والمسرح مع التقنيات من ناحية أخرى.

 

سأتخير نموذجا للدراسات المتصلة بعنوان الورقة البحثتية. فعلى سبيل الشاهد يناقش الدكتور (أحمد العشري) في دراسته المعنونة: (من مسرح العبث: الاغتراب الاجتماعي في مسرحية (القادم) لسليمان الحزامي) (43)  وهي دراسة تناقش مصطلح العبث وخصائصه في المسرح الحديث.

إن التفات أحمد العشري (44) إلى الاغتراب في دراستين مسرحيتين يمكن فهمه، واستيعابه في سياق إحدى مؤشرات التأثر بالحداثة العلمية المتمثلة في استخدام الآلة، وكذلك الدعوات المتكررة إلى الفردية والعزلة التي بلورتها الأفكار الفلسفية للحداثة الغربية في العالم، فيطرح الباحث في دراسته النقاط التالية: الغربة كحالة اجتماعية، وأن الاغتراب الاجتماعي للفرد ينتج عنه الانعزال واللاتواصل. وثيمة الانتظار غير المجدي المصحوب بالقلق البالغ هي الثيمة الأساسية في مسرحية (القادم) ، ومبدأ التهكم كموقف فلسفي من الوجود، وظيفة الحلم كعنصر ثابت، وملاحظة تكرر أدوات الاستفهام، وتكرار المشاهد والمقاطع الحوارية أكثر من مرة وفكرة التناقض بين الأفكار، والشخوص أشبه بالدمى المتحركة، والجو الغالب على المسرحية هو رتابة التكرار المُمل، وعجز اللغة والكلام عن تقديم المعنى، وعلاقة الإنسان مع الطبيعة هي علاقة رأسية وليست أفقية، وتأنيس الطبيعة، ولا وجود لعقدة فنية ولا لشخصيات، ويختتم تحليله عنها قائلا: ” والواقع فإن مسرحية القادم، قطعا مسرحية (غير مسلية) بالمعنى الدراج، بل مؤلمة حتى في أثناء دراستها…” (45).

 

القســم الثالـث:قـراءة العـرض المسرحـي ونقـده في عقد التسعينيـات

انطلاقا من ضرورة استحضار رؤية تشتمل على وعي نقدي بطبيعة العلمية النقدية والإبداعية وتفاصيل الواقع الثقافي العربي والخليجي، نشرت مجلة (البيان) في عددها رقم (335) ـ 1 يونيو 1998م حوارا مع الناقد جابر عصفور حول وجود تهمة مفادها، أن ” النقاد متهمون بندرة النقد التطبيقي، وانشغالهم بقضايا التنظير وسيادة الذات على الموضوعية في النتاج القومي” (46).

هل الباحثون الخليجيون المسرحيون تنطبق عليهم هذه التهمة التي نفاها جابر عصفور عن النقاد العرب قائلا: “من الممكن   التحدث عن الظاهرة، ولكن ليس بوصفها اتهاما، وإنما كظاهرة لها ما يبررها، ومن الملاحظ أن النقد الأدبي في السنوات الأخيرة اتجه إلى التنظير، وأنا أتصور أن هذا مهم. لأن النقد الأدبي  ـ شأنه شأن جوانب معرفية ـ تغير تغييرا جذريا في أسسه وتوجهاته الأساسية (…) وهذا لا يعني أن النقد التطبيقي غير موجود. فهو موجود، ولكن الذي حدث أن التطبيق النقدي كله في الحقيقة قد تغير واختلف” (47).

الناظر إلى الدراسات المختصة في عناصر التركيب الجمالي للمسرح المنشورة في المجلات الثقافية ـ عقد التسعينيات ـ يجدها أكدت استجابة السياق العربي والخليجي نسبيا مع الحداثة وما نتج عنها من قضايا وأفكار وجماليات. إن عقد التسعينيات 1990 ـ 2000م يُشكل مرحلة اللقاء ما بين المناهج، واشتباكا مع النظريات والأفكار والمذاهب. من تلك الاشتغالات مثلا، هو الانتقال من مناقشة منظومة مناهج النقد التاريخية ممثلة في: (المنهج التاريخي، والمنهج البنيوي، والمنهجي النفسي الأنثربولوجي)،إلى مناقشة منظومة المناهج الحداثية وهي: (المنهج البنيوي، والمنهج الأسلوبي، والمنهج السيميولوجي، والتفكيكية، ونظريات التلقي  والقراءة والتأويل، وعلم النص).بالإضافة إلى ذلك أعطى عقد التسعينيات مدخلا إلى اتساع أفق استيعاب التنظير حول الحداثة والنقد المسرحي وجماليات العرض في العقد الذي يليه للألفية الجديدة، وهذا ما لاحظته على الدراسات المنوعة والرصينة التي حددت مجموعة من المفاهيم والأدوات حول إشكاليات بعض المصطلحات النقدية في الخطاب النقدي المسرحي المعاصر .

إن الانتقالات السابقة هي أقرب إلى الاشتباك، وتغير النظرة التقليدية إلى وظيفة النقد، والنظر إليه بتعيير الباحث (صلاح فضل) كما بدأ عند النقاد الرواد “باعتباره عملا تثقيفيف تنوريريا يهدف إلى إشاعة الروح النقدي في مختلف مستويات الفكر  والممارسة الاجتماعية (…) وكلما أصبح النقد علميا، وتخلص بقدر الإمكان من الفروض الأيديولوجية، واتجه إلى المستقبل كان أكثر عملية وتواصلا مع الفكر الإنساني وأكثر عونا لنا في الآن ذاته على اكتشاف خصوصيتنا في هذا العصر واختلافها عما كانت عليه في العصور الماضية” (48).

حفل عقد التسينيات بالعديد من الدراسات حول النص المسرحي والممثل ومخرج العرض المسرحيوجمهور المسرح. من ذلك مثلا دراسة بعنوان (اختيار اسم المسرحية) (49) للباحث كمال عيد، ودراسة بعنوان (اللدائن واستخدامتها في تنفيذ المناظر المسرحية)(50) للباحث عبد الرحمن الدسوقي. ودراسة بعنوان (دينامية التلقي لدى المخرج والممثل)للباحثة نوال بنبراهيم (51)، بينما يترجم الباحث شاكر عبد الحميد دراسة لجلين ويلسون بعنوان (تدريب الممثل) (52). ودراسة بعنوان (تمثل نظريات النقد للمفاهيم المسرحية) للباحث عواد علي (53). ودراسة بعنوان (شعرية الجسد في مسرح الممثل الواحد) (54) للباحث محمد جلال أعراب.

سأنتخب نموذجا على عناية الباحثين الخليجيين بتقديم قراءات حول إحدى عناصر العرض المسرحي وهي قراءة للباحث (أمين صالح) (55) بعنوان (الوجه والقناع: تأملات في التمثيل).

ما يلفت الانتباه لاختيار هذه الدراسة يتمظهر في أن كاتبها هو قاص وناقد سينمائي من البحرين، وانطلاقا من اهتمامه بفن السينما، يأخذ تركيزه على التمثيل كعنصر ثابت تتقاسمه الفنون المسرحية والأدائية. يتساءل الباجث في مفتتح دراسته: ما هي الحاجة العميقة التي يشعرها المرء للتمثيل؟ ما الباعث الذي يدفعه لأن ينتحل هوية أخرى وشخصية أخرى، لأن يغير شكله الخارجي، ويرتدي هيئة كائن متخيل؟” (56) يحلل أمين صالح تحليلا نفسيا لمعرفة دوافع التمثيل وبواعثه الداخلية والمادية، ويستذكر بأسماء لتجارب فنانين عالميين كالممثلة الفرنسية (إيزابيل هوبير)، وينتقل في الدراسة إلى الذاكرة الانفعالية للممثل التي يستعين بها في أدائه، ويثري تجربته مستحضرا حديثا للمثل (روبرت دي نيرو). ويقف في جزء من الدراسة عند أهمية دراسة الممثل للعمل لفهم التقنيات وإطلاق الإمكانيات الخلاقة بداخله. ومن العناصر المهمة للممثل القراءة للشخصية التي سيؤديها. كما يناقش الباحث مفهوم التحول كخاصية أساسية للتمثيل، ويشرح الفرق بين الممثل الخلاق والممثل الدُمية، والفارق بين الممثل في السينما والممثل المسرحي، والممثل البطل والممثل الثانوي، والشخصية المركبة والشخصية النمطية. يستشهد أمين صالح في الدراسة بتجارب ممثلين آخرين مثل، الألماني (كلاوس كنسكي)، والفرنسية (جين مورو)، و(رود ستايجر)، ومخرجون مثل المخرج الأمريكي (ديفيد غريفث) مبتكر اللقطة القريبة في عام 1908م. وانطلاقا من مقولة المخرج (فاليري ـ نوفارينا) أن الممثل هو الذي سيفجر كل شيء، يؤكد أمين صالح على أن ” أعماق الممثل كون مأهول بالشخصيات، بالوجوه والأقنعة، وعلى الممثل أو المخرج أو كليهما معا أن يكتشفا الوسيلة التي بها يمكن إطلاق سراحها، إطلاق الطاعة الإبداعية الكامنة”. (57)

جاء تركيزي في القسم الثالث الخاص بالقراءات المهتمة بالعرض المسرحي ضمن المجلات الثقافية المنتخبة للدراسة في عقد التسعينيات، واقتضى ذلك تقسيم عناصر العرض المسرحي في جدول، ثم تتبع الدراسات كل على حدة. والجدول هي على النحو التالي:

لا يتوفر وصف.

يعد اختيار المنهج السيميولوجي كما تقول (آن هينو) أنه “يوضح عيوب التجريب التلقائي والحدسي الذي كانسيد الميدان إلى الآن في تلقي الدلالات”. (58)

 

استنتاجــات وتحديــات:

الملاحظ عن الدوريات، وتمثلهـا لقضايـا النقـد والحداثـة والمسـرح:

(ـ) أظهرت عينة المجلات الثقافية المنتخبة للدراسة في عقد التسعينيات وهي (البيان وعالم الفكر والرافد ونزوى) عن مدى تمثلها لقضايا النقد المسرحي المعاصر وللحداثة اهتماما مقبولا في تناولها لقضايا الحداثة ومفاهيم تجديد الفكر في مجتمعاتها.

(ـ) كشفت لنا مضامين الدراسات المنشورة في الجدول ـ كما صنفناها ـ أن إثارة النقد الأكاديمي في الخليج كانت قضية مهمة، وما تزال تفرض ذاتها في أسئلة الباحثين الخليجيين، ويُشكل هذا أحد التحديات الكبرى التي تصب عميقا في البنية الثقافية وخطط الجهات المسؤولة عن ترسيم خطوط دراسة مناهج النقد المعاصر وتفاعلها في قراءة التراث.وأبانت أيضا المضامين عن أن المسرح والنقد المسرحي يتصلان في العموم بالنقد الأدبي التقليدي، مع توفر استثناءات قليلة تنحاز إلى المناهج الحديثة.

(ـ) أظهرت المجلات الثقافية أن حركة النقد المسرحي في الخليج بوجه عام لم تواكب الحركة النشطة والفاعلة للعروض المسرحية (الكويت والبحرين والإمارات وعمان)، كما أن عروض هذه الدول لا توازي النمو والتطور الحاصل في المشهد المسرحي الثقافي في الوطن العربي، لأسباب موضوعية تتعلق بالديمغرافيا وقلة المسارح الفنية الجاهزة، وتخبط الجهات المسؤولة عن المسرح في الدولة الواحدة.

(ـ) كشفت لنا بعض افتتاحيات كلمات رؤساء التحرير (مجلة البيان مثلا) وجود الاهتمام بفتح صفحات المجلة لمناقشة قضايا النقد وتقديم الأفكار الجديدة. يكتب ـ على سبيل المثال ـ الدكتور (سلمان الشطي) في كلمة البيان عن (ملتقى النقد الأدبي الذي عقد في الكويت، وخصص لمحور النقد الأدبي، العدد (305) 1995/12/1م) ما يلي: “… ويبقى الهدف الثالث الذي نستطيع أن نقول إنه قد تحقق كاملا، فمن تابع هذه الندوة (…) سيدرك أن ظلالا من عدم  الفهم أو التفهم قد زالت ونقاطاكثيرة حول النقد الحديث وتطوراته، بل وقفزاته قد تجلت جوانبها، فبدت واضحة مفهومة”.

لا يتوفر وصف.

لا يتوفر وصف.

 

 

الإحـــــالات: 

(1): بواكير النقد الأدبي من الانتاج إلى المرجعية الأدبية والاجتماعية، مجلة عالم الفكر، العدد (3) الكويت، الإصدار 1/يناير/1997، ص 130

(2): د. غالي شكري، مرآة المنفى أسئلة في ثقافة النفط والحرب، ط 1، رياض الريس للكتب والنشر، لندن، 1989م، ص 145

(3): د. إبراهيم عبد الله غلوم، بواكير النقد الأدبي من الإنتاج إلى المرجعية الأدبية والاجتماعية، نفسه، ص 130

(4): د. عبد الله محمد الغذامي، حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية، ط 3، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2005م ص 39.

(5): د. حسن مدن، حداثة ظهرها إلى الجدار قراءات في التحولات الثقافية في مجتمعات الخليج والجزيرة العربية، ط2، الرافدين للنشر، العراق، 2022م، ص 18

(6): انظر الورقة النقدية التي ألقاها الباحث بعنوان (الأدب المغربي المعاصر وتحدي الحداثة: تأملات في واقع التحدي وواقع الاستجابة) في المركز الثقافي الملكي، فعاليات الأيام الثقافية المغربية، للفترة من 10 ـ13 فبراير 2002م أيام عمان عاصمة للثقافة العربية.

(7): د. غالي شكري، مرآة المنفى أسئلة في ثقافة النفط والحرب، نفسه، ص 1

(8): د. عبد الله محمد الغذامي، حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية، نفسه، ص 39.

(9): د. عبد الملك مرتاض، مقالة (مدخل في قراءة الحداثة)، مجلة البيان، العدد (317) 1/12/1996م، ص 6

(10): د. حسن مدن، حداثة ظهرها إلى الجدار قراءات في التحولات الثقافية في مجتمعات الخليج والجزيرة العربية، ط2، الرافدين للنشر، العراق، 2022م، ص 17.

(11): د. حسن مدن، مقالة (الدوريات الثقافية كتاريخ) جريدة الخليج الإماراتية، تاريخ النشر 14 ديسمبر 2023، 00/05 صباحا

(12): د. حسن مدن، حداثة ظهرها إلى الجدار، نفسه، ص 119

(13): د. منصور محمد سرحان، النقد الأدبي في البحرين خلال القرن العشرين: أضواء على بدايات الماضي ومسيرة الحاضر، ط 1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2006م، ص 205

(14): بالنسبة إلى المصدر الأول الذي استندت إليه في الحصول على أعداد المجلات الثقافية هو موقع أرشيف الشارخ للمجلات الأدبية والثقافية العربية. وأود الإشارة إلى أن مجلة الرافد الإماراتية صدر عددها الأول في شهر أكتوبر 1993م كمجلة فصلية، وفي شهر يناير وديسمبر بدأت المجلة الصدور كل شهرين، ومنذ شهر يناير 2000م انتظمت في الصدور شهريا. توفرت عندي الأعداد الورقية في مكتبة جامعة السلطان قابوس منذ 1997م ـ 2016م، أما أعداد المجلة في أرشيف الشارخ فهي (2014، و2017، و2019) وللأمانة العلمية تناولت الأعداد المتوفرة في مكتبة جامعة السلطان، بعد ان اعتذر من تواصلت عن عدم قدرة توفير الأعداد القديمة للمجلة.

(15): كلمة هيئة التحرير مجلة البيان الصادرة في 1966/4/1م.

(16): كلمة هيئة التحرير مجلة البيان الصادرة في 1966/4/1م.

(17): كلمة هيئة التحرير مجلة عالم الفكر المجلد الأول ـ العدد الأول ـ أبريل، مايو، يونيو 1970م.

(18): مجلة عالم الفكر، نفسه.

(19): مجلة عالم الفكر، نفسه.

(20): سيف الرحبي، رئيس التحرير، مجلة نزوى، العدد الثاني، 1 مارس 1995م.

(21): سيف الرحبي، مجلة نزوى، نفسه.

(22): رجاء النقاش، (الدورياتالثقافية العربية في وضعها الراهن وآفاق المستقبل)، ندوة الدوريات الثقافية، مجلة الآداب، العدد 7 ـ 9، تاريخ الإصدار 01 يوليو 1990م، ص 8.

(23): رجاء النقاش، نفسه، ص 9

(24):د. محمود الربيعي، مقالة (من مشكلات الحداثة)، مجلة الإبداع، العدد 5، تاريخ الإصدار 1 مايو 1984م، ص 22

(25): د. غالي شكري، مرآة المنفى، نفسه، ص 17

(26): على صعيد النتاج النقدي للمسرح فصدر له: ظواهر التجربة المسرحية في البحرين، والمسرح والتغير الاجتماعي في الخليج العربي: دراسة في سوسيولوجيا التجربة المسرحية في الكويت والبحرين، وتقنيات تكوين الممثل المسرحي. للتوسع انظر بحثنا (قضايا المسرح الخليجي ونقده: قراءة في كتاب “الخاصية المنفردة في الخطاب المسرحي ” دراسات نقدية ” للناقد إبراهيم عبد الله غلوم)، بمناسبة تكريم جامعة البحرين له تاريخ 2023/02/27م، وكذلك مقالتنا (تكريم استثنائي) المنشورة على موقع جريدة عمان بتاريخ: 2023/3/7م

(27): مجلة البيان، العدد (317) 1996/12/1م، نفسه، ص 13

(28): رجاء النقاش، (الدوريات الثقافية العربية في وضعها الراهن وآفاق المستقبل)، نفسه، ص 9

(29): مؤلف كويتي مواليد 17 يونيو 1950م، حصل على درجة ليسانس آداب من جامعة الكويت عام 1977م ، وماجستير في النقد الأدبي الحديث (نقد مسرحي جامعة القاهرة عام 1984م. عمل مدرسا في وزارة التربية عام 1969م ثم موظفا عام 1974م، عضو مجلس إدارة المعهد العالي للفنون المسرحية منذ عام 1987م عميد المعهد العالي للفنون المسرحية من 2002م إلى 2005م. له عدة مقالات ودراسات في النقد المسرحي نشرت في بعض الدوريات وخاصة مجلة البيان. كتب بعض المسلسلات الدرامية الإذاعية والتلفزيونية. من أعماله المسرحية (مسرحية عاشق للحياة).

(30): د. خالد عبد اللطيف رمضان، مقالة (المسرح بين التجريب والتأصيل)، مجلة البيان، العدد 427، نوفمبر 2009م، ص8

(31): د. خالد عبد اللطيف رمضان، مقالة (المهور المسرحي في الكويت)، مجلة البيان، العدد 295، 1 يوليو 1994م

(32): د. محمد مبارك الصوري كاتب مسرحي وناقد كويتي من مواليد الكويت عام 1947م، توفي عام 2003م عمل أستاذا لمادة النقد والدراسات الأدبية واللغة العربية في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت لعدة أعوام. أعد دراسة الدكتوراة في الأدب العربي ونقده من جامعة عين شمس برسالة عنوانها الأدب المسرحي في الكويت.

(33): اتجاهات المسرحية في الكويت/ دراسة تاريخية للمسرح في الكويت وأهم اتجاهاته الفنية، مجلة البيان، العدد 296، تاريخ1 أكتوبر 1994م، ص 163

(34): خالد سعود الزيد (1937 ـ 2001) شاعر وأديب ومؤرخ كويتي، أسهم فس وضع لبنة حقيقية في تاريخ الأدب الكويتي والعربي.أعدت عنه مجلة البيان ملفا خاصا رقم العدد 225ديسمبر 1984م

(35): د. محمد مبارك الصوري، مقالة (اتجاهات المسرحية في الكويت: دراسة تاريخية للمسرح في الكويت وأهم اتجاهاته الفنية)، مجلة البيان، العدد 296، تاريخ 1 أكتوبر 1994م، ص 164

(36): د. محمد مبارك الصوري، مقالة (اتجاهات المسرحية في الكويت) نفسه.

(37): يوسف حمدان ممثل بحريني، مواليد البحرين. باحث في النقد وكاتب مسرحي. شغل رئيس اتحاد جمعيات المسرحيين البحرينية. شارك بالتمثيل في عدد من الأعمال الفنية، ومنها: مسلسل ساهر الليل، وطن النهار عام 2012.

(38): يوسف الحمدان، مقالة (مسرح الصواري: إشكالات وتحديات)، مجلة نزوى العدد العشرين، أكتوبر 1999م.

(39): عبد المحسن الشمري، باحث وصحفي كويتي مهتم بالصحافةالفنية. له مقالات حول المسرح منها (قراءة في كتاب المسرح في الوطن العربي جهد غير مسبوق، رغم قلة المعلومات المتوفرة أخطاء عدة ومعلومات متضاربة عن المسرح الكويتي)، ومقالة (عروض ترصد الواقع، وتحمل هموم الوطن: قراءة في كتاب تأثير المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية على المسرح الخليجي لمؤلفه د. حبيب غلوم العطار)، ومقالة (المسرح التجريبي من ستانسلافسكي إلى بيتر بروك)

(40): البيان (369) 2000/4/1م، ص 112

(41): باحث وناقد ومخرج مسرحي ورئيس الرابطة الثقافية الوطنية الفلسطينية، وأستاذ علوم المسرح في الكويت. من مواليد مخيم بلاطة بنابلس بتاريخ: 1957/5/30م، غادر المخيم مع والده إلى الكويت الذي كان يعمل في مستشفى جراحة العظام، تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس الكويت، وحصل على الثانوية العامة من مدرسة جولي عام 1976م، وبالتالي التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت في شهر أكتوبر 1976م لرغبته الجامحة في ذلك، وحبه للمسرح منذ الطفولة، استمر في تحصيله الدراسي حتى حصل على بكالوريوس في قسم النقد، وذلك عام 79 ـ 1980م ليكون ضمن الدفعة الرابعة التي تتخرج من المعهد. نقلا https://journalaswat.com/2020/11/29ضمن عقد التسعينيات وجدنا مقالتين للباحث بعنوان الأولى (عواطف البدر ومسرح الطفل في الكويت علاقة جدلية) والثانية أشرنا إليها في داخل المتن. أما المقالة الأولى فصدرت في مجلة البيان، رقم العدد 344 تاريخ الإصدار 1 مارس 1999م.

(42):  د. نادر القنة، مقالة (ألفية جديد و 10 مسرحيات كويتية عكست ملامح المجتمع الكويتي في القرن العشرين، مجلة البيان، العدد (357) تاريخ 1 أبريل 2000م.

(43): سليمان الحزامي (1945م ـ 2016م) كاتب وناقد كويتي. له مسرحيات عدة فازت بجوائز متقدمة. من أعماله المسرحية: (يوم الطين، بداية ونهاية، ومدينة بلا عقول، وامرأة لا تريد أن تمةت، ومسرحية القادم).

(44): للدكتور أحمد العشري دراسات مهمة في عقد التسعينيات هي: (مسرج برتولد بريخت بين النظرية الغربية والتطبيق العربي)، مجلة عالم الفكر، العدد الثالث، تاريخ 1 يناير 1993م، و(الاغتراب في مسرح العبث)، مجلة البيان، العدد 308، تاريخ 1 مارس 1996م، و(الاغتراب التكنولوجي في مدينة بلا عقول: دراسة تحليلية مضمونية مقارنة ـ من مسرح الخيال العلمي)، مجلة عالم الفكر، العدد 1، تاريخ 1 يوليو 1996م، و(الاغتراب القانوني في مسرحية يوم الطين للحزامي: من مسرح الاسقاط السياسي).

(45): د. أحمد العشري، (من مسرح العبث: الاغتراب الاجتماعي في مسرحية القادم لسبيمان الحزامي)،ص 16 ـ 35

(46): انظر: مجلة (البيان) رقم العدد (335)، تاريخ 1 يونيو 1998م، ص 94

(47): انظر: مجلة (البيان) رقم قم العدد (335)، نفسه، ص 94

(48): د. صلاح فضل، مناهج النقد المعاصر ومصطلحاته، ط 1، ميريت للنشر والمعلومات، 2002م، القاهرة، ص7

(49): مجلة البيان، العدد (294)، تاريخ 1990/5/1م

(50): مجلة البيان، العدد (354)، تاريخ 1990/4/1م.

(51): مجلة عالم الفكر، العدد (1)، تاريخ: 1996/7/1م

(52): مجلة نزوى، العدد (14) تاريخ: 1998/4/1م

(53): مجلة الرافد، 13 أكتوبر 1996م.

(54): مجلة البيان، العدد (320) تاريخ 1997/3/1م

(55): أمين صالح مواليد 1950م، كاتب وسيناريست سينمائي وتلفزيوني ومسرحي وشاعر وروائي ومترجم. يعد من المترجمين الأوائل في البحرين. تتميز كتابته الإبداعية بالتداخل بين الفنون.

(56): مجلة نزوى، العددالثالث، يونيو  1995م

(57): مجلة نزوى، العدد الثالث، يونيو، 1995، ص 143

(58): رشيد بناني، نحو بناء منهجية لتحليل العرض المسرحي، مجلة آفاق، العدد الثالث، تاريخ 1 أكتوبر 1989م، ص 65

 

  • د. آمنة الربيع/ كاتبة مسرحية وباحثة في النقد والأدب

 

************************

* ملاحــظــة: هذه الدراسة قدمتها د. آمنة الربيع بالجلســة الثانيــة من اليوم الثاني التي ناقشت موضوع “الذاكرة التاريخية والبنية المعلوماتية للمسرح في دول مجلس التعاون” بالندوة الفكرية: «البنية الأساسية للمسرح في دول مجلس التعاون الخليجي» ضمن فعاليات الدورة 14 لمهرجان المسرح الخليجي التي احتضنها مدينة الرياض (10 ـ 17 سبتمبر 2024) ، وذلك يوم الجمعة 13 سبتمبر 2024، بقاعة المؤتمرات (بإقامة المهرجان).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت