(لير يحاكم القدر ) عرض مسرحي جريء ومتفرد …/ علي فلوحي
“لير يحاكم القدر” قراءة جديدة لأسطورة شكسبير تحت رؤية منير راضي في عرض مسرحي جريء ومتفرد، قدّم المخرج والمؤلف منير راضي مسرحيته “لير يحاكم القدر”، في محاولة للتناظر مع النص الأصلي لشكسبير، ولكن برؤية مغايرة تسلط الضوء على صراع القيم الإنسانية والقدر.
فكرة العرض: بين النص الأصلي والواقع
تناص العرض مع فكرة النص الأصلي، ولكنه ذهب باتجاه جديد يُحاكم فيه الملك لير القدر بعد الموت، في سياق يبرز عجزه عن مواجهة نفسه أو اتخاذ موقف حاسم تجاه بناته. تحوّل تركيز لير إلى كوردليا، التي مثّلت في العرض القيم الإنسانية العليا، مقابل المادية التي حملتها شقيقتاها.
الإخراج: مزج بين الأصالة والتجديد
تميز الإخراج بتناغم مع رؤية السينوغرافيا التي صممها سهيل البياتي، حيث شكّلت بيئة العرض الأصلية فضاءً مثاليًا لتحركات الممثلين ورؤى المخرج. المخرج منير راضي نجح في تحقيق توازن صعب بين احترام النص الشكسبيري الكلاسيكي وإضفاء رؤيته الخاصة. ورغم محدودية الإمكانيات الفنية والمادية التي عادة ما تتطلبها نصوص شكسبير، إلا أن العمل كان تحديًا جريئًا ومميزًا.
التفاعل الحركي بين الشخصيات، وخروج ودخول الممثلين، جاء متماشيًا مع أبعاد الزمان والمكان في العرض
التمثيل: الفنان جاسم محمد، في دور الملك لير، كان حجر الزاوية في العرض. أداؤه الصوتي والجسدي عبّر عن العمق النفسي والفكري للشخصية، مما جعلها محور الاهتمام ومركز العرض. الفنان أحمد محمد، بدور البهلول، قدم أداءً خفيف الظل ومميزًا،
أما الممثلات:
زمن العبيدي: أظهرت وعيًا فكريًا عميقًا بشخصيتها، لكن الأداء كان يحتاج إلى تعزيز التمايز بينها وبين شخصية إسراء ياسين، حيث بدا التداخل بينهما أحيانًا غامضًا للجمهور. هاجر عماد (كوردليا): قدمت أداءً مميزًا ومؤثرًا، يعكس قيم الإنسانية والخير التي تمثلها الشخصية.
سينوغرافيا متقنة بأبعاد رمزية
تصميم الفضاء المسرحي من قبل سهيل البياتي كان عنصرًا أساسيًا في العمل، حيث عكست الجدران السوداء والمشاهد الرمزية جوهر النص الشكسبيري. الإضاءة والموسيقى أضافتا بُعدًا شعوريًا مكثفًا يعكس الخراب والدمار، مع إشارة خفية إلى الأمل، الذي يبقى محورًا في أعمال شكسبير
عرض “لير يحاكم القدر” هو تجربة مسرحية تستحق التقدير، خصوصًا أنها تأتي في سياق مواجهة نصوص شكسبير المعقدة. الجهد المبذول من قبل المخرج والمؤلف منير راضي، ومن فريق التمثيل، جعل الجمهور يعيش أجواءً شكسبيرية بتحديات حديثة
شكرًا لمنير راضي، شكراً لسهيل البياتي، وشكرًا لكل من ساهم في هذا العمل الذي يعكس شجاعة المخرجين العراقيين في التصدي لأعمال أدبية عظيمة.
مبارك لكم هذا الانجاز المسرحي دام ابداعكم كل الحب والتقدير