نص مسرحي: ” الصفقة المحرمة” /تأليف: رؤى حازم
الشخصيات:
الطبيب
المساعد
الدفان
الوسيط ( شخصية مجهولة، تقتصر مشاهده على الصوت او ظل )
آخر الضحايا
المشهــد الأول
(المسرح غرفة مظلمة، طاولة معدنية، جدران مغطاة بدماء باهتة، أجهزة طبيةتصدرأصواتغريبة)
الطبيب: (يرتدي معطفا طبيا ممزقا، يخلع قفازيه، تتوقف أصوات الأجهزة الطبية، يتحدث بدم بارد) قد انتهيت منه، تستطيع دفنه الآن .
الدفان: (ملثم ، بصوت حازم) لا أريد أن تغطيني الدماء هذه المرة .
الطبيب : (غير مبال) لا تكن صعب المنال يا صديقي، لا يمكننا دوما التنبوء بالنتيجة.
الدفان: (يحدث نفسه) طبيب فاشل، ولكنك لا تستطيع الإعتراف بذلك .
الطبيب : ماذا قلت ؟
الدفان : لا شيء
الطبيب : إذن قم بعملك بفم مغلق ، قبل أن يحل الفجر ويكتشفوا أمرنا ..
الدفان: (يقوم بتكفين الجثة، متسائلا) ألا تخاف ؟ !
الطبيب : ممن ؟ !
الدفان : من هذه الجثث .
الطبيب : ألا تخاف أنت ؟
الدفان : ممن ؟
الطبيب : من دفن هذه الجثث ؟ !!
الدفان : الوضع مختلف معي !
الطبيب: (غير مبال) لا يختلف كثيرا ..
الدفان: (مستفهما) ماذا ستختار أن تقتل الجسد الذي بين يديك أم تحاول إنقاذه ؟ ! !
الطبيب: ( يسرح قليلا ثم يجيب ) هل أنتهت ؟
الدفان: (يغطي الجثة بكفن) ما الذي يجبرك على البقاء هنا ؟
الطبيب : مثلما أنت مجبر ..
الدفان : هذا عملي .
الطبيب : وهذا عملي أيضا .
الدفان : اتسمي هذا عملا !
الطبيب : ما بك اليوم !
الدفان : لا شيء ، ولكني أتساءل فقط !
الطبيب : انتهى عملك هنا ، أليس كذلك ؟
الدفان: (يحمل الجثة على كتفه) نعم، سأخرج الآن وأعود قريبا ..
الطبيب: (يجلس على كرسي في المنتصف ويخرج سجارة وولاعة من جيبه، ينفث سجارته عدة مرات وكأنه منتش وقد توقف عن كونه في عالمنا المادي، وكأن روحه انتقلت إلى مكان آخر) ااه، كم هي لذيذة، منعشة، وأخّاذة، لم أستمتع بهذا الهدوء منذ زمن، أما الصراخ، أو أصوات هذه الآلات (ينفث مرة آخرى) لم يبق الكثير، سينتهي عملي هنا قريبا، عندها سأكون في مكان لا أحتاج فيه إلى المال، سأستنشق عبير الحسناوات ويعود قلبي المتفحم إلى نبضه مجددا، نبض الحياة (يتذكر كلام الدفان) هذا الغبي عكر مزاجي .. لم آت هنا لأنقذ أحدا، أنا من علي إنقاذي، مهمتي تقتضي ……. عملي !! لم أعد أعرف ماهو عملي ..
الوسيط: (يقطع كلامه /صوت او ظل ) ما حصيلة اليوم !
الطبيب: (يرمي سجارته يقف مرتبكا يتلعثم بالكلام ) أأ …. ج ججثتان ، رجل وعجوز .
الوسيط: (بصوت غاضب) من جلب العجوز ؟ أخبركم للمرة الالف لا مكان للعجائز هنا، ابحثوا عن فتيات صغيرات..أطفال، رجال في منتصف العمر .
الطبيب : المساعد يفعل ما بوسعه يا سيدي .
الوسيط: (بصوت حازم) أين هو ذلك الأحمق ؟
المساعد: (يدخل بملامحه الخبيثة وابتسامته الشريرة) أنا هنا ، جئتك بأخبار تثلج فؤادك .
الوسيط: (ممتعضا ) ما الأمر هذه المرة !! هل علينا إسكات أحدهم ؟
المساعد: (يمتدحه) يدك تطال كل المدينة من يعرف يا سيدي بنا ؟؟؟
الوسيط: (غير مكترث) أخبرني ما الأمر ؟
المساعد: (يتحدث بحماس غير مسبوق) صفقة القرن، أحصيتهم واذا بهم عشرون شخصا، مساكين وفقراء يحاولون كسب القليل من المال، وبعض المتسولين الذين يمكننا استغلالهم بسهولة.. جميعهم بصحة جيدة، والأهم لا أحد يعرف بوجودهم في هذا العالم الكئيب، لن يفقدهم أحد، التخلص منهم سيكون سهلا
الوسيط: (بصوت راض) هذا عظيم .. أيها الطبيب ؟!
الطبيب: (متلعثم) : ن ، نعم يا سيدي !
الوسيط : كل قطعة من أولئك الحمقى، أريدها أن تكون بين يدي .
الطبيب: (مستفهما) كل قطعة؟؟
الوسيط : هل عندك أعتراض؟
الطبيب : بالطبع لا ، أنا تحت امركم !
الوسيط : قد أرتفعت الطلبات بشكل ملحوظ ، لا يتوقف هاتفي عن الرنين، حتى الأعضاء التناسلية نستطيع بيعها الآن ..(يضحك) أي عصر هذا ؟ قد جن جنون البشر حقا!! تخيل أن تستيقظ وأنت مبتور الـ …. (يضحك بشدة) المهم أيها السادة..لدينا شخصيات مهمة للغاية، يتوقعون منا عملا لا تشوبه شائبة.. القلق والخوف لا مكان لهما هنا .. (ساخرا) هم يدعموننا والسماء تدعمهم (يخرج)
المساعد : أيها الطبيب كن مستعدا
الطبيب: (متسائلا) هل هي جثث ؟ !
المساعد: (يضع يده على كتفه) لا يا عزيزي هذه المرة الوضع مختلف قليلا
الطبيب : ماذا تقصد ؟
المساعد : سنحصد الأجر ، ونحصد المال في آن واحد
الطبيب : الأجر والمال !! كيف ؟
المساعد: (يبتسم بخبث) نحن نقدم فرصة ذهبية لهم .. نحن بحاجة إلى أعضاء سليمة، وهم بحاجة إلى بضعة قروش .
الطبيب : هذا يعني !!!
المساعد: نعم ،حياة أفضل، مقابل جزء صغير من أجسادهم ..
الطبيب: (مستغربا) ولكن!! كيف وثقوا بك ! هذا خطر من الممكن أن تتسبب في خسارة إنسان سليم لا يشكو من مرض !!!
المساعد: الثقة !!! في هذا العالم ؟؟ كلّنا في هذا الجحيم معا، أنت وانا وهم كلنا نسعى إلى البقاء .. إنسان سليم !!! خسارة !! لا يعرف أحد بوجودهم في هذا الكون، هم يبحثون عن طريق يحتضنهم ونحن وضعناهم على الطريق، وفي النهاية وجودهم وعدمهم واحد .
الطبيب: (محدثا نفسه) لا مخرج من هذا ..
المساعد :أيها الطبيب، تمالك نفسك، الحياة فرصة ذهبية لمن يجتهد ويحاول، الموت أمر لابد منه وله أسبابه، نحن لا دخل لنا بما يحدث معهم بعد عقد الصفقة !!
الطبيب : الصفقة !! من له الحق أن يعقدها !
المساعد: لا شأن لنا بذلك ، نحن نتقاضى اجرنا وهذا يكفي.
المشهـــــــــد الثانـــــي
(جسد ممد على الطاولة، الطبيب الدفان والمساعد ، يجتمعون معا ، يرتدي الطبيب قفازيه وكمامة يمسك بيديه أدواته الحادة )
الدفان: (ممتعضا) دماء مرة أخرى !
المساعد: (غيرآبه)كف عن التذمر وإلا
الدفان : وإلا ماذا ؟
المساعد : أنت تعرف ما أقصده !
الدفان : أتحاول استفزازي أيها الابله !
الطبيب : كفا عن الجدال ، أحاول التركيز هنا !!
المساعد: (ساخرا)تبدو قلقا هذه المرة أيها الطبيب
الطبيب: (يمسح جبينه) أحاول التركيز .
الدفان : أشعر إن هناك من يراقبنا !!
المساعد: عيني سيدي عليكم ( يغمز لهم )
الطبيب : هل يعرف المريض ماذا سنأخذ منه ؟
المساعد: هه!! يعرف ؟ أنت ساذج جدا
الطبيب : ماذا تقصد ؟
المساعد: من يرقد على هذه الطاولة لن يخرج حيا !!
الطبيب: (غاضبا) ماذا تحاول القول !! أتعني قتله!
المساعد: (ساخرا) وكأنها المرة الأولى لك يا صديقي
الطبيب: (مرتبكا) لم يكن هذا جزء من الإتفاق !
المساعد : للقواعد شواذ
الدفان : ماذا يحدث هنا !
المساعد : نحن جميعا متشاركون في المصير ذاته، لذا كفا عن طرح أسئلة لا جدوى منها ..
(صوت جهاز القلب يعلن عن انتهاء حياة المريض )
الدفان: (مضطربا) ماذا يحدث هنا !! هل هذا جزء من الخطة !
الطبيب: (قلقا يحاول إنعاش القلب بالضغط على صدر المريض)
الدفان : هل مات !
الطبيب : احضرا لي جهاز الصدمات !!
المساعد: (ساخرا) أنت لست في مستشفى ابيك!!
الطبيب: (يمسك بياقته) اذا تقصد ! هل ندعه يموت !!
المساعد : ألم تكن تعلم !
الطبيب : هل تحاول تلفيق تهمة لي !
المساعد: (بدم بارد) أنت قتلته بيديك هاتين من أجل المال !
الدفان: (يدخل بحالة هستيرية) أنا ! أنا لم أكن أعلم، نعم لم أكن أعلم، أنا أدفن الأجساد هذا ما ما أجيد فعله، انا لا أقتل أحدا !! أنتما ماذا فعلتما !!! أنتما، أنتما في مأزق!!
المساعد: (بدم بارد، ساخرا) كفا عن إحداث جلبة هذه الدراما مكانها المسرح ليس هنا وهيا جهزا الجثة للدفن، أو أرمياها إلى الكلاب السائبة ستدعو لنا كثيرا لإطعامنا أياها، سينظر لنا المرحوم من السماء ويمتدحنا هناك لأنه واخيراً قد فعل شيئا لأحد..أصبح طعاما للكلاب واشبع بطونهن ..
الطبيب: (ممسكا برأسه) قد حكى لي أحلاما كثيرة أراد أن يحقق بعضها على الأقل، لقد سلبنا أعز ما يملك .. روحه!! لم يكن يعلم إنه لن يستفيق مرة أخرى ، وأنا .. أنا لم أكن اعلم .. بيدي هاتين (ينظر إلى يديه المغطاة بالدماء) اغتصبت أحلامه المرهفة!!
الدفان: (متوترا) ماذا سنفعل الآن ؟ ماذا سيحدث !
الطبيب: (يجلس في الزاوية مستوعبا ما هو متورط به)
المساعد: (ساخرا) ماذا كنت تعتقد !
الطبيب: (والتعب أخذ مأخذه منه) ماهي الصفقة التي عقدتموها ! ما الذي تحاولون فعله !
الدفان : لن أبقى هنا ، لقد أكتفيت
المساعد: (غاضبا ) هي !! اتحاول التذاكي علينا أيها الشحاذ !! أدفنك هنا بيديك هاتين
الطبيب : من هم !
المساعد : ليس من شأنك أعطيني حصيل اليوم من الأعضاء، و اكملا ما بدأتماه ..
(يأخذ الكيس ويخرج، وسط ذهول كلا من الطبيب والدفان / ظلام )
المشهــــد الثالــــث
(تعود الأضاءة مرة اخرى، الطبيب وهو يرتدي قفازيه، والدفان يقوم بتحضير السرير لضحية اخرى،نظرات الطبيب قد أصبحت باردة وباهته هذه المرة .. )
الطبيب : كم بقي !
الدفان : امراة واحد
الطبيب : هل هي صغيرة ؟
الدفان: (منهكا) هذا ما أعتقده
الطبيب : كم بلغ عددهم ؟
الدفان : تسعة عشر
الطبيب : وكم حصيلة ما أخرجناه ؟
الدفان : لست بهذا الذكاء ايها الطبيب، أتحاول اختباري؟ لقد تعبت من دفنهم ,هذه المرة مختلفة
الطبيب: (غير مبال) الكثير من القلوب ، والأكباد، وغيرها
الدفان : لم تعد مهتما بهم كما السابق ؟
الطبيب : فات الآوان !!
الدفان : أيها الطبيب، هل لي بسؤالك عن شيء؟
الطبيب : ماذا ؟
الدفان : هل زاولت مهنة الطب لكي تسرق الأعضاء البشرية؟
الطبيب : لا
الدفان : إذن لم أنت هنا؟ كان من الممكن أن تكون ذا ضمير ، وطبيب ناجح
الطبيب : المال
الدفان : الشرف مقابل المال ؟
الطبيب : وانت؟
الدفان : لا يختلف عملي كثيرا ، في المقبرة أدفن الجثث وهنا هذا ما افعله، ليس لي علاقة بشق البطون.. ولكن بالطبع الآجر مختلف.
الطبيب : كلانا لا نستطيع الكلام، كلانا مكبلان ..
الدفان : أيها الطبيب!! بالطبع علمك الثري لا يقارن بمعلوماتي الفقيرة، لذا أخبرني بصراحة هل نحن مجرمان أم ضحايا مثلهم !؟
الطبيب : لا أعلم ..
الدفان : أتمنى أن أكون ضحية هذه المرة ..
المساعد: (يدخل / ساخرا) بعد كل ما فعلتموه !
الدفان : أنت كنت السبب لمجيئي هنا !
المساعد: (ضجرا) لم أضربك على يدك !
الطبيب: (غير ابه بجدلهما) أين ضحية اليوم ؟
المساعد: (يغمز له) ستعجبك كثيرا .
الطبيب : هل هي صغيرة ؟
المساعد : في ربيع ايامها
الطبيب: (ممتعضا) كيف وافقت على فعلها ؟
المساعد : الحاجة تفعل الكثير
الطبيب : ولكن ؟
المساعد : ولكن ماذا ؟
الطبيب : هل سنتخلص منها، كما فعلنا ببقيتهم؟
المساعد: (يضع يده على كتفه) اتحاول فعل شيء آخر؟ مثلا، مثلا !! تقبيلها! (يغمز له)!! بعد رؤيتها عارية..ستكون لك وحدك تستطيع البدء بتشريحها كما تشاء .
الطبيب : هل جننت !!
المساعد: هذه المرة نحتاج إلى أمر من هذه الفتاة مختلف تماما ..
الطبيب: ماذا تقصد ..
( يظهر الوسيط )
الوسيط : أيها الطبيب
الطبيب: (بقلق) نعم سيدي ؟
الوسيط : نحن بحاجة إلى الثديين ، الأرداف ، و ….
الطبيب: (مذهولا) و …. ماذا ؟
الوسيط : ذلك الجزء المخفي (يضحك) هؤلاء الأغنياء وأصحاب السلطة غريبو الأطوار.. لا أعلم اتنتقم منها أم تحاول تشويهها أم إنها كالذين سبقوها يريدون الخلود ..
المساعد: (بحماس) أجل يا صديقي.. زبونتنا هذه المرة إمرأة تبحث عن الجمال والكمال إنها تعرف هذه الفتاة جيدا تعمل لديها كمنظفة، سمعت من مقربين إن زوج هذه المرأة الغنية قد وقع في حب هذه الخادمة المسكينة ربما هي مجرد إشاعات لا أعلم، وقد أتت حاجة هذه الفتاة للمال في الوقت المناسب، راقبتها جيدا بأمر من السيدة ثم انقضضت عليها كما ينقض الصقر على فريسته واقنعتها.. السيدة ستدفع لنا مانريد .. المبلغ الذي عرضته خيالي لا تستطيع تخيله حتى.. إنها تريد هذه الأعضاء فقط، بعدها نستطيع التخلص من جثة الفتاة بسهولة كما فعلنا مع البقية..
الطبيب: (غاضبا) هل جننتم !! هذا غير ممكن .. هذا مستحيل !
الدفان: (مذهولا وحائرا) تعودت دوما أن أرى الطبيب يأخذ أشياء معقولة من الاجساد، العينين، الكبد، القلب حتى لو كان الرأس لن أستغرب ولكن ذلك العضو؟؟ كيف سينزع ذلك العضو ؟؟ وتلك السيدة ماذا ستفعل به !!
الطبيب : أنتم عديمو الرحمة !! هذا غير معقول ..
الوسيط : ماذا قلت أيها الغبي !! أترفع صوتك في حضرتي
الطبيب : من تكون ها؟!! من تكون؟!!! اخرج إن أستطعت.. انت جبان ..
الوسيط: (يضحك ساخرا) لا بأس قل ما شئت وعندما تنتهي أعلمني لندخل الفتاة عليك ..
الطبيب : لن أفعلها
المساعد : لا تلعب دور البطل .. كنت دوما المجرم فأرجوك كف عن المراوغة
الطبيب: (بهستيريا) أنتم شياطين
الوسيط : (حازما ) نوبة غضبك هذه إن طالت اكثر لن يحدث خير ..
الطبيب : لن يجبرني احد على فعلها هذه المرة لقد اكتفيت
الوسيط: ( ببرود) كل أفعالك مسجلة بالكامل.. ضغطة زر واحدة وسأطويك طي السجل .. لن يغيثك أحد ..
الطبيب : هل تحاول تهديدي ؟
الوسيط : أنه أمر بإنهاء ما بدأته.
الطبيب : هذا غير ممكن .. هذا مستحيل .. لا استطيع فعلها
الوسيط : ستفعلها .. ( يخرج )
المشهـــــد الرابــــــع
الطبيب: (يجلس في الزاوية واضعا يديه على رأسه/ محدثا نفسه) ماذا فعلت!! كيف وصلت إلى هنا.. ما الذي جاء بي هنا.. هذا ليس مكاني.. جشعي اللامتناهي كان أداتي الحادة التي غرزتها في صدور الكثيرين دونما رحمة وكأنهم دمى قطنية بلا روح.. ذلك السراب الذي كنت ألاحقه قد اختفى .. أنتهى كل شيء .. أنا إنتهيت ..
الدفان: (بصوت حائر) أنا، أنا ساخرج هذه المرة.. عندما ينتهي كل شيء. عندما ينتهي.. ساتي للتخلص من الفوضى
الطبيب : نعم، هي حقا فوضى .. نحن في فوضى عارمة .. إنها النهاية ..
( يدخل المساعد مع شابه عشرينية صغيرة )
آخر الضحايا: (بخجل) هل سينتهي كل شيء بسرعة؟
المساعد : بالتاكيد
آخر الضحايا : هل سأشعر بألم حاد ؟
المساعد : بالتاكيد لا ، هيا أخبرها أيها الطبيب ؟
الطبيب: (يقف عاجزا) لن تشعري بألم ، سينتهي كل شيء ، سينتهي كل شيء .
آخر الضحايا: (بنبرة حائرة) ما الذي سينتهي ؟
المساعد: (يحاول تغير الحديث) هيا استعدي جيدا، عندما تستفيقين ستحصلين على المال بأكمله.. والدتك بانتظارك لإكمال علاجها ..
آخر الضحايا : كيف عرفت عن والدتي؟
المساعد: (يغمز لها) نحن نعرف كل شيء .
آخر الضحايا : كم مدة العملية؟
المساعد : نصف ساعة، او ساعة
آخر الضحايا : ايها الطبيب؟
الطبيب: (تائها) نعم ؟
آخر الضحايا : هل أنت بخير ؟
الطبيب : لا أعلم ..
المساعد: (يحاول تغير الموقف)أيها الطبيب،حان الوقت لتستعد المريضة.. سنخرج غيري ملابسك (يقوم بسحب الطبيب من يده ويخرجان)
آخر الضحايا: (تتجول في المكان، تنظر إلى الجدران المغطاة بالدماء الباهتة) هذه الدماء كم مضى عليها يا ترى؟ هل هي دماء حقا؟ أم هي صرخات لآلام أحدهم! يا ترى هل خرجوا مرة أخرى واستشعروا ضوء الشمس وهو يخترق أيديهم بدفئه!! هذا المكان بارد وموحش، كان من المفترض أن أقنع والدتي وأخبرها بفعلتي هذه لكنني أعلم جيدا أنها لن تسمح لي بالتضحية بنفسي من أجلها.. لكن لا استطيع خسارتها للمرض.. لن يستغرق الأمر وقتا طويلا هيا تشجعي..هي قطعة كبد صغيرة، سيأخذها الطبيب عندها سأحصل على المال وأعود إلى أحضنها لنكمل حياتنا بشكل طبيعي.. أنا وهي فقط ..(تلمس بيدها السرير) أنا خائفة يا أمي، إنها المرة الأولى التي أشعر بإنني وحيدة ولا حول ولاقوة لي.. أخاف أن أغمض عيني هنا فلا أستطيع فتحمها مرة أخرى.. ماذا عن أحلامي التي حدثت السماء عنها كثيرا ! وأمي من سيخلد إلى النوم بجوارها .. ماذا عن الموت الذي تصارعه كل ليلة بسبب المرض ! وأيضا ذلك الطبيب أمره عجيب ! لم ينظر إلى عيني أبدا !! ولكني شعرت أنه يريد قول الكثير ! حتى إنني لا أعلم إن كان طبيبا حقيقيا أم لا، (تحاول تجنب تدفق افكارها) لا شيء سيحدث، سينتهي الأمر بسعة هذا ما سيحدث، سأخرج من هنا وأنا أحمل المال .. أم إنني !!!!!
(يدخل الطبيب مع المساعد والدفان مقاطعا حديث الفتاة مع نفسها)
الطبيب: (يرتدي قفازيه ثم يقول بدم با رد) هل أنت جاهزة ؟ لا وقت عندي لتضيعيه
آخر الضحايا: (ممتعضة) أهكذا تعامل مرضاك !
الطبيب : لست مجبرا عن معاملتك بلطف ! وايضاً لست مريضة ..
آخر الضحايا : لكني مجبرة .. فماذا أكون !
الطبيب : هه !! ربما ضحية ..
آخر الضحايا : وماذا تكون أنت ؟
الطبيب : لا شيء .
آخر الضحايا : لم أنت هنا ؟
الطبيب : مثلما أنت هنا
آخر الضحايا : ولكن الأمر مختلف عندي ..
الطبيب : لكل منا أسبابه اذن .
آخر الضحايا : ولكنك غير راض !
الطبيب : وهل أنت راضية !!
آخر الضحايا : أحاول جاهدة تغيير واقعي
الطبيب : بهذه الطريقة ؟
آخر الضحايا : لا يوجد طريقة أخرى فتشت كثيرا ، إن لم أفعلها سأخسر الصفقة ..
الطبيب : الصفقة؟
آخر الضحايا : أليست حياتنا نحن صفقة ! اما ان تكون أو لا تكون …..
الطبيب : كم هو سهل التحدث بكلمات لا نفقه ماهي!
آخر الضحايا: (غير مبالية) لا أعلم ، سينتهي كل شيء ..
المساعد: (يحاول تغير الموضوع) الطبيب يشعر بالتوتر اثناء العمل ، لا تأخذي كلامه على محمل الجد
آخر الضحايا : من هذا !
الدفان : أنا المساعد
المساعد: (بخبث) أنا سأكون هنا عندما تستيقظين لا تخافي ! لن يطول الأمر ، كوخز إبره.
( تصعد الفتاة على السرير بخطوات مثقلة ، تضع رأسها عل الوسادة )
آخر الضحايا : هل سيكون الأمر مؤلماً ؟
المساعد: (مازحا) كوخز الإبرة
الطبيب : أغمضي عينيكِ ؟
آخر الضحايا : هل ستخدرني الآن ؟
الطبيب : إلى الأبد ..
آخر الضحايا: (بسذاجة) لا أريد إلى الأبد
الطبيب : إنهضي إذن وعودي !! أو اصرخي على الأقل
آخر الضحايا: (غير مبالية) لا خيار لدي ! الصراخ !! ما نفعه ! فعلتها سابقا لم يحدث شيء ..هذه المرة أريد أن اجرب امراً جديدا، ربما يكون أهون من الصراخ !! ربما سأكون بعدها في مكان أجمل مطمئنة بلا خوف ..
الطبيب : وأنا لا خيار لي .. (يمسك مقصا وبضربة واحد في قلبها ينهي حياتها ) (تصرخ صرخة تهز أرجاء المكان، تموت هي وتبقى أحلامها وأحلام والدتها مغطاة بالدماء على السرير )
( الدفان واضعا يديه ع رأسه شاخصا بصره ، المساعد مذهول من فعلته )
المساعد: ( غاضبا ) ماذا فعلت ؟ ماذا فعلت ؟
الطبيب: (ببرود) إنتهت مهمتي هنا ، هذه المرة أنا سأقود اللعبة .
المساعد : سنقتل جميعا أيها الشقي .. سنموت جميعا .. كانت ضحية مهمة .. كنا سنجني اموالاً طائلة بها ..
الطبيب : لا يهم ..
المساعد : (يصرخ عدة مرات في المكان مناديا على الوسيط ولكن دون جدوى )
( صمت )