U92/ صرخة المسرح في وجه الكارثة البيئية/ د.عماد هادي الخفاجي

على مر العصور، كان المسرح أكثر من مجرد وسيلة للترفيه، بل مثّل ساحة حيوية للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية الملحّة، مما جعله مرآة تعكس هموم المجتمعات وتطلعاتها، ومع تفاقم الأزمات البيئية واشتداد تأثيرات التغير المناخي، برز المسرح كأداة نضالية جديدة للدفاع عن كوكب الأرض، متجاوزا دوره التقليدي ليصبح منبرا لنشر الوعي البيئي والدعوة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية البيئة، يُعرف هذا التوجه باسم  المسرح البيئي، وهو تيار مسرحي معاصر لا يكتفي بطرح القضايا البيئية مثل الاحتباس الحراري والتلوث وتدمير الغابات، بل يسعى إلى إشراك الجمهور في مواجهة هذه التحديات وتحفيزهم على التحرك نحو حلول مستدامة، ويعتمد هذا المسرح على تقنيات متنوعة، مثل السينوغرافيا التفاعلية والدراما التشاركية، لإيصال رسائله بطرق مؤثرة تحث على التغيير.

وفي هذا السياق، جاء عرض U92 الذي قدمته الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح على خشبة مسرح الرشيد مساءً وللمدة من 4 – 6 شباط 2025، وبتوقيع المخرج الشاب مهند علي ليكون نموذجا عربيا بارزا في المسرح البيئي،  بحيث تناول العرض قضية التلوث البيئي والتغيرات المناخية، مسلطا الضوء على خطر الغازات الدفيئة التي تهدد مستقبل الكوكب من خلال استخدام تقنيات مسرحية مبتكرة ورؤية فنية واعية، استطاع العرض أن يعكس القلق البيئي العالمي في إطار درامي محكم، مؤكدا أن المسرح يمكن أن يكون سلاحا فعّالا في معركة الوعي البيئي.

الإخراج

اعتمد المخرج مهند علي في عرضه المسرحي  U92 ، على الانضباط البصري ولغة الجسد كأداتين محوريتين في السرد المسرحي، مما منح العرض طابعا حسيا مكثفا يعتمد بشكل أساسي على الأداء الجسدي بدلا من الحوار التقليدي، وقد شكلت هذه الرؤية الإخراجية مقاربة بصرية قوية، عززت من قدرة العرض على إيصال رسالته البيئية بشكل مباشر وعاطفي، حيث تحولت أجساد الممثلين إلى أدوات تعبيرية مؤثرة، تجسد صراعات الإنسان مع الكوارث البيئية والتغير المناخي والتلوث، مما أضفى على العمل بعدا بصريا غنيا ومثيرا، ورغم القوة التعبيرية لهذا الأسلوب، إلا أنه لم يكن خاليا من بعض الهنات، خاصة على مستوى البناء الدرامي، حيث طغى التكرار في بعض المشاهد، مما أدى إلى إضعاف تماسك السرد المسرحي. كان من الممكن تجنب هذا التكرار عبر اختزال بعض اللحظات  بهدف إيصال المعنى بشكل مكثف ودقيق دون إطالة غير مبررة، كما كان بالإمكان تعزيز إيقاع المشاهد من خلال تنويع الحركات والتكوينات الجسدية، بحيث تخدم كل لحظة درامية غايتها دون الوقوع في النمطية، مما يضمن تجربة بصرية أكثر تدفقا وتنوعا.

بالمجمل، قدم العرض تجربة مسرحية تجريبية وجريئة، نجح فيها المخرج إلى حد كبير في توظيف لغة الجسد كبديل للحوار التقليدي، لكنه كان بحاجة إلى ضبط الإيقاع بشكل أكثر إحكاما لضمان استمرارية المشاهد وتجنب التكرار الذي قد يُضعف التأثير العاطفي للعمل، ولكن على الرغم بعض الملاحظات المرتبطة بالإيقاع والتكرار، الا ان العرض قد نجح  في تقديم رؤية مسرحية بصرية مكثفة، استطاع من خلالها المخرج مهند علي إبراز ثنائية الحياة والموت، التدمير والمقاومة، عبر استخدام الأداء الحركي كأداة رئيسية لتجسيد التأثيرات الكارثية للحروب، الألغام، والأسلحة النووية والبيولوجية، التي تترك ندوبا عميقة على وجه الأرض وتساهم في تفاقم المأساة البيئية والإنسانية، لذلك فقد تحولت خشبة المسرح إلى فضاء مشحون بالمعاناة والدمار، لكنه في الوقت ذاته لم يكن خاليا من رمزية الأمل والمقاومة حتى وان غابت في نهاية العرض، حيث استثمر المخرج لغة الجسد في استعراض مشاهد الدمار البيئي، دون أن يغفل عن إبراز قوة الإرادة البشرية في مواجهة هذه الكوارث.

اما الأداء التمثيلي فقد جاء متسقاً مع هذه الرؤية، حيث قدمت مجموعة من الفنانين، من بينهم مدين مجيد، أمير ريسان، أحمد جهلول، غفران فارس، حذيفة حسن، رسول خضير، علي أحمد، مصطفى إبراهيم، أمير إحسان، ومهند علي، أداءً جسديا قويا، شكل لوحات بصرية حية تعكس الألم والمعاناة، لكنها في ذات الوقت ترمز إلى الأمل والمقاومة، وكان من اللافت في هذا السياق الأداء الاستثنائي لبعض الممثلين، وعلى رأسهم  غفران فارس، التي أسرت الجمهور بحضورها الطاغي وأدائها العميق، ما جعلها تتألق كإحدى الركائز الأساسية للعمل، بحيث اشتغلت غفران على أدواتها المسرحية بمهارة لافتة، فبدا صوتها المثقف ونطقها السليم عاملين أساسيين في إبراز قوة أدائها، وهو ما أضفى على دورها بُعدا دراميا أصيلا، فلم تكن مجرد مؤدية للنص، بل كانت تتقمص الشخصية بجميع أبعادها، متنقلة بين الانفعالات بمرونة تحاكي حساسية الموقف الدرامي، ما منح الأداء مصداقية وقوة شعورية استثنائية، أما الشاب أحمد جهلول، فقد أبدع في تجسيد دوره بأسلوب يؤكد امتلاكه لمهارات مسرحية عالية، حيث قدم أداءً متقنا عكس فهما عميقا للشخصية التي يؤديها، وبصوته الواضح وإيقاعه المنضبط، استطاع أن ينقل أدق التفاصيل الشعورية، مما جعله حاضرا بقوة على خشبة المسرح، فقد أظهر أحمد قدرة على التحول بين الانفعالات بسلاسة، مع تحكم بارع في لغة الجسد، الأمر الذي عزز من تأثير أدائه وجعل شخصيته أكثر إقناعا وتأثيرا في سير الأحداث.

إن الإشادة بتميّز غفران فارس وأحمد جهلول ليست مجرد تقدير لجهودهما الفردية، بل هي احتفاء بهذا التألق الجماعي، الذي انعكس على العمل ككل، وساهم في تعميق التجربة المسرحية البصرية والوجدانية التي سعى العرض إلى تحقيقها.

في المحصلة، يُعد عرض مسرحية U92  تجربة مسرحية جريئة ومتميزة، استطاع من خلالها المخرج مهند علي تقديم رؤية مسرحية تقوم على اللغة الجسدية المكثفة، التعبير البصري القوي، والأداء التمثيلي المتقن، وفي مقاربة تعكس قضايا إنسانية وبيئية راهنة، بحيث  امتلك العرض أسلوبا بصريا وحركيا لا يقتصر فقط على سرد الأحداث، بل يخاطب الحواس والعاطفة بقدر ما يخاطب الفكر، مما جعله تجربة تتجاوز حدود المسرح التقليدي إلى مستوى التفاعل الحسي العميق مع الجمهور.

وفي هذا السياق، أظهر العرض كيف يمكن للمسرح أن يكون أداة قوية لإثارة الأسئلة حول مصير الكوكب، ليس فقط عبر الطرح الفكري، بل من خلال خلق تجربة حسية بصرية تستفز وعي المتلقي، وتحفزه على إعادة النظر في العلاقة بين الإنسان والبيئة، لذلك يمكننا القول بان العرض قد نجح  في إيصال رسالته البيئية والإنسانية بأسلوب يعتمد على التأثير العاطفي والبصري، مما يمكن جعله تجربة مسرحية تحمل بُعدا توعويا وتحذيريا في آن واحد، وانه ورغم بعض التحديات الدرامية التي برزت في إيقاع المشاهد وتكرار بعض التكوينات الحركية، والتي كان بالإمكان معالجتها برؤية إخراجية أكثر إحكاما وتماسكا، إلا أن U92  يبقى نموذجا للمسرح البيئي المعاصر، حيث لا يكتفي بطرح القضايا البيئية على المستوى النظري، بل يسعى إلى إشراك الجمهور في تجربة حسية ووجدانية تدفعه إلى التفكير العميق واتخاذ موقف من القضايا التي يطرحها.

السينوغرافيا: 

تميزت السينوغرافيا في عرض U92 بتكامل بصري لعب دورا أساسيا في تعميق الأثر الدرامي وتعزيز الدلالات المسرحية، حيث لم تكن مجرد خلفية للمشهد، بل أصبحت جزءا فاعلا من السرد البصري والحسي، فقد اعتمد المخرج مهند علي في تصميم الديكور على تكوين عالم رمادي معدني يوحي بمستقبل ملوث ومتهالك، حيث تحولت الأرض إلى ساحة خراب، واختفت ملامح الطبيعة لتحل محلها بقايا صناعية خانقة، وان اللون الفضي كان حاضرا بقوة، ليجسد الهيمنة المتزايدة للآلات والتكنولوجيا المدمرة، مما منح العرض طابعا بصريا يوحي بفقدان البشرية لروحها الطبيعية وانغماسها في واقع آلي قاتم، اما الازياء التي صممتها بلقيس نصر، فلقد ساهمت في تعزيز هذا التصور، حيث حملت طابعا يوحي بعالم ما بعد الكارثة، إذ لم تعد الشخصيات تمتلك هوية واضحة، بل تحولت إلى كائنات محاصرة في بيئة غير إنسانية، تائهة وسط رماد الحضارة المنهارة، فجاءت التصاميم بملامح تقشفية وآلية، خالية من الألوان الدافئة، مما عزز الإحساس بالبرودة والجفاء، وساهم في رسم صورة مسرحية تعكس حالة العزلة والانكسار التي يمر بها الإنسان في زمن التلوث والدمار البيئي.

أما الإضاءة، التي صممها عباس قاسم، فقد لعبت دورا حيويا في صياغة المشاهد وإيصال المشاعر الدرامية، حيث كانت تتغير بانسيابية لتعكس التحولات الشعورية التي يمر بها العرض، ففي اللحظات التي تصور الدمار والفوضى البيئية، جاءت الإضاءة شاحبة وقاسية، وأحيانا متقطعة، لتعكس حالة الرعب والاضطراب، وكأن العالم يعيش لحظاته الأخيرة، أما في المشاهد التي حملت بصيص أمل أو مقاومة، فقد تحولت الإضاءة إلى درجات أكثر نعومة وديناميكية، مما أعطى إحساسا بالحياة والقدرة على التغيير، وخلق تباينا بصريا يعكس الصراع بين اليأس والأمل، الدمار والمقاومة، وعند العودة إلى العرض واستذكار المؤثرات الموسيقية، التي قام بتأليفها ذو الفقار علي، يتضح أنها لعبت دورا محوريا في تعميق البعد الحسي والتعبيري للعرض، حيث جاءت منذ اللحظات الأولى كمؤشر قوي يلوح بوجود التلوث والدمار البيئي، مما أضفى على المشاهد إحساسا دائما بالخطر والانهيار الوشيك، فلم تكن الموسيقى مجرد خلفية صوتية، بل شكلت عنصرا أساسيا في البناء الدرامي، حيث نجح المؤلف في صياغة مقطوعات تتناغم مع تصاعد التوتر السردي، مما ساهم في استفزاز وعي المتلقي ودفعه إلى التفاعل مع القضايا المطروحة بشكل أكثر عمقًا، لذلك اتسمت التراكيب الموسيقية باستخدام إيقاعات متوترة وأصوات صناعية مشوشة، تعكس البيئة المختنقة التي يجسدها العرض، حيث تداخلت النغمات المعدنية مع أصوات تنذر بالكارثة، مما منح المشاهد إحساسا بالاختناق والتوجس، وكأن الموسيقى نفسها تجسد صرخة الأرض التي تعاني من التلوث. في المقابل، لم تخلُ الموسيقى من لحظات صمت مقصودة، استخدمت بذكاء لإبراز لحظات الصدمة أو التأمل، مما خلق توترا دراميا متصاعدا بين الصوت والفراغ، وبين الضجيج والسكون، ليصبح لكل عنصر صوتي تأثيره العميق في تكوين التجربة المسرحية، وعليه يمكننا القول هنا بان المؤثرات الصوتية هذه قد عززت من قدرة العرض على إيصال رسالته البيئية والإنسانية بشكل مباشر، حيث لم تكن مجرد موسيقى مصاحبة، بل جاءت كصوت يحاكي الألم، الغضب، والمقاومة، مما جعلها تساهم في توجيه المتلقي عاطفيا وعقليا نحو القضايا التي يطرحها العرض، وترسّخ في ذاكرته الأثر الذي يسعى المسرح إلى تحقيقه.

وختاما لذلك، فان السينوغرافيا جاءت  في U92  كعنصر أساسي يساهم في تشكيل مناخ العرض، حيث تفاعلت الأجساد، الديكور، الأزياء، الإضاءة والمؤثرات الموسيقية  في منظومة متكاملة، خلقت تجربة مسرحية حسية مكثفة، جعلت من الفضاء المسرحي لغة بصرية نابضة بالحياة، تحاكي المخاوف الوجودية للإنسان في عالم يتآكل بفعل الحروب والكوارث البيئية.

ولهذا كله يمكننا القول بان قضية البيئة لم تعد مجرد نقاش علمي أو سياسي، بل أصبحت قضية وجودية تمس كل إنسان على هذا الكوكب، وهي ليست مشكلة مؤجلة للمستقبل، بل خطر داهم يتفاقم يوما بعد يوم، مما يجعل الحاجة إلى خطاب ثقافي وفني مؤثر أمرا ملحا. من هذا المنطلق، جاء عرض    U92ليجسد هذه الأزمة ليس فقط كموضوع درامي، بل كتحذير صارخ وجرس إنذار يدق في وجه البشرية، لينبهها إلى أن التغير المناخي والتلوث البيئي ليسا مجرد أخبار في التقارير العلمية، بل واقع يهدد الحياة بأكملها. وفي هذا السياق، كانت ورشة الكتابة، التي ضمت علي جهاد، ذو الفقار علي، مدين مجيد، ومهند علي، قد نجحت في تحويل القلق البيئي إلى حكاية مسرحية متجسدة على الخشبة، حيث لم يقتصر السرد على الكلمات، بل تشكّل عبر لغة الجسد، الإيقاع الحركي، السينوغرافيا، والمؤثرات السمعية والبصرية، لتقديم تجربة حسية غامرة تستفز وعي المتلقي وتحمله إلى عالم يوشك على الانهيار. كل تفصيلة في العرض، من تصميم المشاهد إلى المؤثرات الموسيقية والصوتية، لم تكن مجرد عناصر جمالية، بل أدوات تحفيز وإدراك، تجعل الجمهور يختبر الشعور بالخطر البيئي كما لو كان يعيش في قلب العاصفة، في مواجهة مباشرة مع العواقب التي يسببها الإهمال البشري والتدمير المتواصل للبيئة، وإن U92 لا تكتفي بأن تكون عرضا مسرحيا، بل ترتقي إلى مستوى الصرخة الإنسانية، التي تحث الجميع على مواجهة الحقيقة القاسية، ولهذا فان عرض U92 هو تجربة مسرحية تستنهض الوعي، تدعو إلى التفكير، وتطالب بالفعل، وهو ما يجعلها علامة فارقة في المسرح البيئي، حيث لا يكون المسرح مجرد نافذة نطل منها على العالم، بل مرآة تعكس مآزقنا الكبرى، وتجعلنا ندرك أن الحل يبدأ من الإحساس بالخطر قبل وقوع الكارثة.

تعزيز التأثير البيئي في المسرح 

مقترحات لتطوير عرض U92 نحو تجربة تفاعلية وتوعوية أعمق

يعد العرض المسرحي U92 وكما تكلمنا سلفا نموذجا مميزا للمسرح البيئي الذي جسد قضايا  بيئية معاصرة، مثل التلوث والتغير المناخي،  ولكن على الرغم من نجاح العرض في تحفيز الوعي البيئي، إلا أن هناك مجالات يمكن تحسينها لتعميق التأثير العاطفي والفكري للجمهور، وفي هذا السياق، سأطرح مجموعة من المقترحات التي تهدف إلى تعزيز فاعلية العرض لجعل التجربة المسرحية أكثر تفاعلاً وتأثيرا على الجمهور.

1– تحسين البناء الدرامي وتجنب التكرار: تم الإشارة مسبقا إلى أن العرض عانى من التكرار في بعض المشاهد، مما أثر على تماسك السرد المسرحي، ويمكن معالجة هذا من خلال:

  • اختزال المشاهد المتكررة والتركيز على لحظات درامية مكثفة ذات دلالات أعمق.
  • تنويع التكوينات الحركية بحيث تكون كل حركة أو لوحة بصرية ذات معنى مختلف، مما يمنع الوقوع في النمطية.
  • تسريع الإيقاع في بعض اللحظات للحفاظ على التوتر الدرامي ومنع شعور الجمهور بالإطالة غير المبررة.

2 – توسيع رمزية الأمل والمقاومة: على الرغم من أن العرض احتوى على رمزية المقاومة، إلا أنها غابت في النهاية، مما جعل النهاية تبدو أكثر قتامة، ويمكن تعزيز هذا عبر:

  • إضافة مشاهد أو إشارات رمزية للأمل والتغيير، مثل تقديم مشهد نهائي يوحي بإمكانية الإصلاح، أو رؤية لمستقبل أكثر استدامة.
  • استخدام الإضاءة والموسيقى لإبراز التحول من الدمار إلى إمكانية الإنقاذ، بحيث يكون هناك انتقال بصري وصوتي يدعم الأمل بدلا من الاستسلام.

3 – تطوير السينوغرافيا لتقديم تجربة أكثر تفاعلية: على الرغم من أن السينوغرافيا كانت قوية، إلا أنه يمكن تعزيز دورها عبر:

  • إدخال تقنيات الواقع المعزز أو الإسقاطات البصرية (Projection Mapping) لإظهار التحولات البيئية بشكل أكثر تأثيرا، مثل انتقال المشاهد من بيئة مدمرة إلى مشاهد تُظهر احتمالات التعافي البيئي.
  • استخدام مواد معاد تدويرها في تصميم الديكور والأزياء لجعل العرض أكثر اتساقاً مع رسالته البيئية، مما قد يكون جزءا من التجربة التوعوية للجمهور.

4. تعزيز الموسيقى والمؤثرات الصوتية بشكل أكثر ديناميكية: تمت الإشارة مسبقا إلى أن الموسيقى كانت عنصرا أساسيا في العرض، لكن يمكن تطويرها وبشكل أكبر من خلال التالي :

  • إضافة لحظات موسيقية تحمل نغمات طبيعية هادئة تعكس الأمل مقابل التلوث الصناعي، مما يعزز التباين بين الدمار وإمكانية الاستعادة.
  • استخدام الصمت كأداة درامية بشكل أعمق، بحيث تكون هناك لحظات صمت مفاجئة تعكس صدمة البيئة أو استغاثتها، مما يضيف تأثيرا نفسيا أقوى على الجمهور.

5. توظيف المسرح التفاعلي وإشراك الجمهور بشكل أكبر: العرض ركز على التأثير البصري والوجداني، لكن يمكن زيادة انخراط الجمهور من خلال:

  • إضافة مشاهد تفاعلية يتفاعل فيها الجمهور مع البيئة المسرحية، مثل جعله يختار بين مسارين للقصة أو إشراكه في مشاهد تحاكي الكوارث البيئية.
  • تقديم مساحة بعد العرض لمناقشة القضايا البيئية المطروحة، بحيث يتم دمج المسرح مع حملات بيئية توعوية تدعو الجمهور إلى اتخاذ إجراءات فعلية.

6. تعميق أبعاد الشخصيات وتقوية علاقتها بالموضوع البيئي: على الرغم من الأداء القوي للممثلين، إلا أن العرض اعتمد بشكل أساسي على لغة الجسد، لذلك يمكن تطوير الشخصيات عبر التالي:

  • إضافة ملامح سردية للشخصيات توضح علاقتها بالأزمة البيئية، بحيث يشعر الجمهور بتعاطف أقوى معها.
  • استثمار مونولوجات قصيرة أو تعبيرات صوتية مرافقة للحركة، مما يمنح الشخصيات بعدا نفسيا أعمق بدلاً من الاعتماد الكلي على الحركات الجسدية فقط.

7. توسيع دائرة العرض خارج المسارح التقليدية:  لجعل التأثير أوسع، وهذا يمكن من خلال

  • تقديم نسخ مختصرة من العرض في الأماكن العامة، مثل الحدائق أو الميادين، لإشراك فئات أوسع من الجمهور في النقاش البيئي.
  • تصوير العرض وإنتاج نسخة رقمية يتم عرضها على المنصات الإلكترونية، مع إضافة عناصر تفاعلية مثل استطلاعات رأي حول القضايا البيئية المطروحة.

8. دمج الفن الأدائي والمسرح الوثائقي: يمكن إثراء العرض بإضافة مقاطع وثائقية تعرض بيانات وإحصائيات واقعية حول التلوث والتغير المناخي، مما يعزز الجانب التوعوي ويمنح العرض بعدا علميا إضافيا.

وفي الختام، ومن خلال متابعتي المتأنية وتحليلي العميق لهذا العرض المسرحي، أرى أنه من الأهمية بمكان أن نركز على تحسين البناء الدرامي، بما يساهم في تسريع سلاسة السرد ووضوح الرسالة البيئية بشكل أعمق، ومن الضروري أيضا تكثيف رمزية الأمل وسط القضايا القاتمة التي يناقشها العرض، لتوفير نقطة ضوء تبعث التفاؤل في نفوس الجمهور، كما وأن تطوير السينوغرافيا والموسيقى ليكونا أكثر انسجاما مع حواس الجمهور، ويعمقان الأبعاد الرمزية والعاطفية للعمل، سيزيد من تأثير العرض بشكل ملحوظ، ويجب كذلك تكثيف التفاعل مع الجمهور، لتمكينهم من المشاركة الفاعلة في القضايا البيئية، وتوسيع نطاق التفاعل ليشمل فئات أوسع، مما يجعل من العرض تجربة تفاعلية شاملة، أما تعميق الشخصيات في العرض، فهو ضرورة لاستحضار عمق إنساني يلامس قلوب المتلقين ويعزز واقعيتها، وانا ارى انه من خلال هذه التحسينات، سيصبح العرض أكثر قوة وفعالية، متماشيا مع الأهمية الكونية لقضية البيئة، ليستطيع أن يترك أثرا أكبر، لتحقيق رسالته بطريقة تتجاوز مجرد العرض المسرحي إلى حركة توعوية حية تسهم في تغيير نظرة المجتمع تجاه البيئة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت