دلالة العلامة في الفكر المسرحي/ حيدر يونس العبيدي       

اليوناني يشهد صراعا بين المادة والفكر او المادة والصورة المثالية او بين الواقع والخيال، فقد ترتب عليه اختلاف الرؤيا المنهجية لفكرة الإدراك الحسي للإنسان وصورة الخيال في ذهن المتلقي في الوقت نفسه، أي أتعيش في عالم الوهم والتخيلات ام تبقى في الأرض مدركا سحرها وشرها فهناك رسم مشهور (لرؤفائيل)، نرى فيه افلاطون يشير بالبنان الى السماء بينما يشير (ارسطو) الى ادنى الى الأرض، المغزى هنا واضح ان الاتجاه الافلاطوني في التفكير هو الابتعاد عن العيني او الملموس والاقتراب من مجال الصورة او المثل المجردة بينما يظل ارسطو على صلة بوقائع التجربة رافضا الخوض في منطقة النظر الذي لا يخضع لرقابة.

وهذا يقود الى صراع ثان بين ( المنطق والتشكيك) المجرد، او بين نظريتين كلتاهما ينظر الى الحياة والأشياء بإبعاد غير متساوية بالرغم من الادعاء الوصول الى الحقيقة لا غير، ومن هنا فقد بدا الفلاسفة بإيصال أفكارهم وقناعاتهم من خلال: الحوارات والجدليات والأدلة والبراهين ومن خلال اللغة والإيمان بالكلمة والشك فيها يكون المشكلة التي رآها التنوير الاغريقي في العلاقة بين الكلمة والشيء وبذلك تغير دور الكلمة، من تقديم الشيء الى استبداله بها .هذا التقديم والتأخير في دلالة الكلمة من تقديمها للشيء أي استبدالها او تغير في لفظها او معناها، تكون الحس الدلالي اليوناني ورأى مفهوم (العلامة).

ومن هنا تبرز أهمية الكلمة في التفكير الدلالي عند اليونان في إشارتها الى معنى ايقوني ومتغير دلالي، على أساس التفكير المنطقي لرؤية الأشياء من منطلق فلسفي شامل فنجد مصطلح سيميوطيقيا في اللغة الافلاطونية الى جانب الذي يعني تعلم القراءة والكتابة، ومندمجاً مع الفلسفة او فن التفكير، ويبدو ان السيميوطيقا اليونانية لم يكن هدفها الا تصنيف علامات الفكر لتوجيهها في منطق فلسفي شامل وهذه إشارة واضحة الى اتساع عمل العلامة باتجاهات عدة وأنماط مختلفة.

وان العلامة في المسرح والتي تبدأ من حيث (الديكور والاضاءة والازياء والصوت والمكياج) فقد كان للفكر المسرحي امتداد لعدة متغيرات في تعدد التأويلات العلامة من حيث فلسفتها التي اعتمدت مؤخرا وبحسب ما فرضته الفلسفة التفكيكية والبنيوية او ما قامت عليه عصر ما بعد الحداثة ذلك الانفتاح الكبير الذي شمل جميع الأصعدة والتي من خلالها سعت الى تدمير السرديات الكبرى وتدنيس المقدس، حيث اعتمدت العلامة الى الفكر والانتماء الذي يرجع اليه المتفرج وتأويله لها، بعدما مر في مرحلة من التشكيك والتغيب والتحديث المستمر في الحياة الاجتماعية، فيمكن القول بأنه العلامة في المسرح اخذت نصيبا من التحديث والتغير في مفهومها المنطقي واتسعت دائرة التأويل والتفكيك والتشظي حتى اصبحت العلامة قادرة على إنشاء تداعيات الخيال بين الممثل والمتلقي او بين الخشبة والصالة قوامها سيرورة مشتركة في تبني الفعل المسرحي وأحداثه تبنيا قائماً على مجموعة من السبل والوسائل أثناء العرض المسرحي قد تكون من خلال (علامات ارتجالية متخيلة او قصدية مبتكرة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع طرق الربح مع كيفية الربح من الانترنت