كتاب الخميس (الحلقة السابعة والخمسون) / عرض وقراءة: سعد يونس حسين
![](https://www.alfurja.net/wp-content/uploads/2025/02/alfurja-nakd-alaa-1024x819.jpg)
**************
أضواء على الحركة المسرحية في العراق
قراءة ورحلة لاستكشاف بعض معارف’أيقونات معرفية’ في المسرح المعاصر للدكتور علاء كريم
وإبحار في الوعي والفكر و التفكر
أرجوك اكتبني…أريد أن تتزين اسطري بالمعارف….وتتجمل بالفكر والثقافة، لازال الفكر الوقاد والمعرفة النابضة للدكتور علاء كريم رئيس بيت المسرح في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، ينثر جواهره ومفاهيمه المعرفية لترفد الدارسين للمسرح وفنونه إضافة إلى المتلقين والنخب…وللباحثين وبصورة عامة للمثقفين والأدباء.
وطل علينا بمؤلفه الموسوم”ايقونات معرفية في المسرح المعاصر”، قال لي الكتاب سألت دكتور علاء بأن يكتبني ويزين اسطري بالمعارف و يملؤها بالمفاهيم التي تزيد من قيمتي وأصبح مصدر من مصادر المسرح وفنونه وزودني من ذخائره ومن مكنوناته ومن رحيق فكره وأصبحت احتوي على افكار ومفاهيم فلسفية وثقافية.
وسأتناول بعض ماكتب في متني والتداخل معه واكون سابقة، حيث من المعروف اني اطيع القلم وما يكتب، لقد قدمني للمتلقي قامة من قامات المسرح وفنونه الاستاذ الدكتور حسين التكمه جي وهو بصمة اكاديمية وله الرأي القوي والفكر الثري ويعتبر منهل للدارسين، وانما كتبه عن الكتاب انما هو شهادة يعرف قيمتها الوسط الثقافي والمسرحي.
يقول الدكتور التكمه جي وهو يصف المسرح بالعراق: “ما ان بزغ فجر المسرح بالعراق حتى بات هذا الصرح الثقافي يشكل هتماماً بالعديد من المثقفين والكتاب والنقاد بوصفه ايقونة معرفية وثقافية تستدعي حضور الفن والفكر والمتعة الحسية وتحمل هموم الواقع العراقي”(1)
فأعطى أهمية وأضاف تعريف آخر للمسرح ومن خلال ما كتبه جاءت اهمية هذا الكتاب حيث أشار التكمه جي الى: “لعل هذا الكتاب لمؤلفه د. علاء كريم هو احد المداخل الفكرية والفنية التي تناولت وجهة النظر الثاقبة لزوايا عدة تروجت بين اساليب والاداء والاخراج والنقد واضاءات لهموم وعروض المسرح العراقي بين الواقع الفعلي وما قدمت له المعاصرة من اضافات تجريبية”(2)
لا شك ان دكتور حسين اعطى وصفاً علمياً اكاديمياً للكتاب ومضمونه فذكر مفاهيم عديدة كالفن والفكر والمتعة الحسية وان الكتاب احد المداخل الفكرية والفنية.
الفكر …المعرفة…الدراسة الاكاديمية اضافة الى الدربة والصنعة هي المرتكزات الاساسية لبناء الاجناس الادبية ومنها المسرح.
لقد توغل (علاء) في في المفاهيم وهي تترا واشار الى اتجاهات ومفاهيم الاسلوبية في المسرح واهمية الاسلوب.
“يظهر الاسلوب في اشتغالات عديدة منها الضوئية والايقاعية والتركيبية والدلالية والبلاغية والتداولية، اذ يعمل الاسلوب على بيان مكوناته الثابتة واستكشاف سماته النوعية، واستجلاء فنياته وجمالياته المتعددة المتنوعة”.(3)
ثم خلص المؤلف الى ان “هدف الاسلوبية داخل مساحة اشتغال المسرح هو وصف خصائص الاثر الابداعي او النص الابداعي، عبر اكتشاف تجارب الكاتب والممثل والتقنيين ومميزاتهم الفنية والجمالية وبيان اثر ذلك في المتلقي ذهنياً و وجدانياً بعيدا عن نوع البلاغة المعيارية الملامسة او المتشابكة مع اللسانيات والشعرية والتداولية والسيميائيات”(4)
وهنا بين أهمية الاسلوبية واثرها في مفاصل العملية المسرحية برمتها
ثم عرج الكاتب على اشكاليات الخطاب النقدي في المسرح المعاصر ويمكن تلخيصها بنقاط:
“1 ـ ان النقد المسرحي المتواصل مع النظريات الحديثة بقي ناقصاً، تتضمنه فوضى المصطلح وشكل القراءة التي ينقصها الجانب الثقافي.
2 ـ ان لا يتأثر الناقد بالإشكاليات البيئية والاجتماعية والتي تؤثر على خطاب الناقد.
3 ـ على الناقد ان لا ينزاح الى انفعالاته النفسية والاجتماعية مع بنية العرض.”(5)
وانتقد الدكتور (علاء كريم) سوء اختيار الحلقات النقدية وتداولها وعدم السعي في الاختيار للنقاد الذين يتميزون بالثقافة والمنهج الأكاديمي العلمي والموضوعية والثراء في الطروحات النقدية غير المنحازة وأشار إلى ان نقاد شاركوا واثبتوا إنهم يمتلكون الجرأة الواقعية في تشخيص الحدث وتقييم موضوعي وإعطاء استحقاق للعرض المسرحي لكل مكوناته، وعرض موضوعة العقلانية والتجريبية في المسرح الكلاسيكي الجديد وتجول في مواضيع في الواقعية السحرية وتصوراتها الخيالية في المسرح واشار الى اعتماد المسرح العالمي على الفعل الانساني وآلية معالجاته الفنية وتأثيره محلياً.
ومن المواضيع المهمة التي تناولها المؤلف هي المسرح المدرسي وجماليات التلقي الحديثة وهو باعتقادي موضوع يمس لب المجتمع وجزء من ثقافة لبناء الطفل من خلال بوابة المسرح المدرسي، كونه يعمق ويرسخ المفاهيم المرجوة والمرادة وبطريقة تواكب الحركة الفكرية وتحديث الاساليب وتنشيط الطلبة من سباتهم.
يقول المؤلف: “علينا ان نرتقي بالواقع الكلاسيكي بالأمكنة ومساحات تحقق التنمية والتقدم والازدهار في جميع المستويات والاصعدة، والمسرح اليوم احدث تأثير تربوياً وجمالياً مباشر عند المتلقي”(6)
ومن المؤكد ان هذا جميعه يخلق فناً والذي احدى تعاريفه “ان الفن هو القدره على توليد الجمال او المهاره في استحداث متعه جماليه”(7)
وتطرق الكاتب الى ان المكان المسرحي يتطور حاله حال بقية الفنون المسرحية واشار الى التحولات التي شملتها، هذا التحول هو دعوة الى مسرح بديل عن طريق الانفتاح على فضاءات مسرحية مغايرة تتسم بالتنوع ومحاولة تحقيق التواصل الحقيقي بين الممثل والجمهور تنظيراً وبناءاً وتشكيلاً ودلالة(8).
ولما للمسرح من دور في الحياة الاجتماعية وله تاثير مهم، حيث يترجم واقع الفرد ويطرح مشكلات المجمتع ومن هنا جاء دور الثقافة ودور المسرح فيها، واشار (علاء) في متن كتابه ” الثقافة بشكل عام تعتمد على القراءة والكتابة فقط، بل هي سلوك اجتماعي ومعيار موجود تستند عليه المجتمعات البشرية عبر مفهوم يشمل شكل الظواهر التي تنتقل بواسطة القراءات المختلفة والممارسات والاشكال التعبيرية الفنية منها المسرح والتشكيل..”(9)
فمن المؤكد ان للثقافة دور في تفعيل وتنشيط الفكر وتوسيع المعرفة، وفي حوار مع الدكتور عقيل مهدي حيث اجاب على سؤال وهو هل يمكن للمسرح ان يصنع ثقافة ترتقي بالمجتمع فأجاب “غالباً ما تراهن الشعوب الحضارية المتقدمة، على اعتبار المسرح، جامعة مفتوحة للشعب، لكي يرتقي المسرح لثقافة الجمهور الوطنية والانسانية”.(10)
لا شك ان ما ذهب اليه الدكتور عقيل بأن المسرح يمكن ان يصنع ثقافة لان له دورا لتنشيط الفكر والذهن “إن الذهن مهما يكن مبدعا لا يبتكر شيئا فان افكاره افكار زمنه وما تحدثه عبقريته الممتازة في هذه الافكار من التغيير او الزياده قليله نذر فنحن كالموج في نهر لكل منا حركته الصغيره ولهذه الحركات اصوات ضئيله في التيار العظيم التي الذي يحملها ولكننا لا نسير الا مع الاخرين ولا نتقدم الا مدفوعين بهم” (11).
وفي معرض حديثه عن فن الشارع كوسيلة لترجمة الاحداث فنياً وقد عرفه بأنه “من الفنون البصرية التي تقدم اعمالها خارج سياق امكنة الفن التقليدي”(12)
وتحدث باسهاب عن هذا الفن وتأثيره على المتلقي وأهميته تختلف حسب البلدان وياخذ عند كل منها مسمياتها، وفيه الفضاء المفتوح وتنصهر فيه الكثير من الفنون كالرقص والغناء والعزف واللعب بالنار والخدع السحرية ورسوم الكاريكاتير.
وتوغل في هذا اللون حيث تجول في بعض البلدان ونقل طريقته او مفهومه لفن الشارع.
عربياً كانت لهذه الفنون مساحه واسعة كما في مصر، اذ عرفت بعض فنون الشارع الشعبيه كالحاوي والساحر والاكروبيتك والبيانو وعازف الربابه وصندوق الدنيا وغيرها.
ثم جذف في فن الشارع في العراق حيث يميز فن الشارع في العراق بجانب الابداعي الذي يتعارض مع الصوره النمطيه التي تقدم في امكنه اخرى فهو فن احتجاجي.
في قراءه هذا الموضوع نجد العلميه والمتعه حيث يعتبر سياحة في هذا الفن المهم الذي يحاكي المتلقي في فضاء كما عبر عنه المؤلف وما له من تأثير حيث ينقل الرسائل التي تمس الواقع وينقل معاناه وتطلعات الجمهور في بعض الأحيان ثم تناول الكتاب قراءات نقديه لعروض مسرحيه عربيه وعالميه انتخبها المؤلف واخذ بعض الجوانب لها مثل التعبير الدلالي غير الاداء عبر الاداء الحركي الراقص لمسرحيه (TURBA) واللغه الاشارية الصامتة في مسرحيه جي بي اس ومسرح السلطه -والفساد كاليجولا انموذجا والابتكارات الجماليه وفضاء العرض المسرحي مسرحيه نعم جودو النموذجا وتطرق بقراءة نقدية لمسرحية “المفتاح” للدكتور مثال غازي واخراج اسامه السلطان وعبر عنها بانها مسرحيه تلامس هموم الانسان واحلامه واشار الدكتور علاء الى “معنى الانتظار في مسرح الموت”(13) .
ثم تطرق الى موضوع مهم حول اللغة والحوارات حيث اشار الى مسرحيه “ميت مات” من تاليف واخراج المبدع علي عبد النبي الزيدي حيث اشار الى اللغه الثالثه التي رسمت بها الحوارات اي ما بين اللغه العاميه والفصحى وهمس الى:” دور العقل وفلسفه الخلود وتفسيرها كبرهان للوجود الذي يدرك ان فعل الموت يحمل العديد من التحولات في موضوعه العرض والانتقال به الى متغيرات مجرى الاحداث وحسب الانزياح النفسي للشخصيات التي تنتج افعال تؤدي الى متغير يعمل دون وقوع الصراعات او منعها من الوصول الى الازمه”(14)
“وما تضمنته وما حملته من أفعال متعددة منها الترميم والانتظار الأمين وحتى البخور والمظلمه فقد حملت هذه الافعال دلاله صوريه لها انه تحول عقلي وفلسفي وهنا يظهر دور العقل في الابداع الفني “(15)
” وان العقل الانساني دور حاسم وتضمن قراءة مستفيضة حضور رمزي للاتصال العلامي والتحول الجدلي الذي قدمته الرؤية الإخراجية عبر الافكار بوصفها معطيات يعمل على فهم المعنى المنبثق من هذه التشفيرات البصريه”(16)
“وقال في الابداع الفني في العقل الانساني وهو منبع الابداع الفني وعلته ومنه تتخارج الابداعات القيمة “.(17)
فتناول المؤلف البعد العقلي والفلسفي ووظيفتهما واعطى لوحة نقدية
واعطى لوحه نقديه عظيمه كما في تحليله النقدي في الموضوع المترامية الافكار والتاويلات كما في معنى الانتظار في مسرح الموت “وهناك جسدت العلامه بين الايقونات والفلسفه.
وما ذكر في المتن النقدي ترى ان الكتاب يحفز على التفكير النقدي والتحليل ثم ابحر الناقد والمفكر علاء كريم في كتابه حيث جذف نحو سمات الاداء في العرض المسرحي وفرد له بابا حيث تناول مواضيع خلف الاداء ورهبة المواجهة في المسرح والاداء ما بين المسرح والدراما والارتجال والعفويه في الاداء المسرحي وختم هذا الباب بالمسرح وسياقات الاداء التقليدي.
لقد ابدع المؤلف في عرض مسرح التعزية وهو جزء مهم في حياه المتلقي واشاره الى اثر التلقي في مسرح التعزية حيث يقول و”تشترك جماليه التلقي من المسرح التعزيه مع عدد من القضايا كمفهوم النص المفتوح.
ووظيفته في التعامل على التغيير الاجتماعي الذي يوحي الى ان المعنى لا ينشا إلا من الإنتاجية العاكسة التي تمثلها فكرة العرض المسرحي وتشكل المعنى بتبادل وتفاعل منظور الجمال بين متطوفه العرض والتلقي بوساطه خطاب الظواهر التاريخية في العروض المسرحية.”(18)
وكذلك اشار دكتور علاء على “متغيرات الثقافة المعاصرة في نص مسرح التعزية وكذلك معطيات الحريه مسرحيا مسرح التعزية الحسيني نموذجا فيه وجه دعوه الى اعتماد هذا المسرح الذي اختلق العديد على تسميته اختلف العديد على تسميته”(19)
ويعرج كتاب “ايقونات معرفيه في المسرح المعاصر حول التجديد في المسرح العراقي” ومسرح محسن العزاوي الموزجا ولا شك ان اختيار الفنان محسن العزاوي لم ياتي بالمصادفه وانما كان له وعي من خلال ما قدمه من تجارب انسانية مهمة ويتميز بها حيث مسيرته الفنية حافلة بالاعمال على امتداد ما يقارب 60 سنة يقول الدكتور علاء مؤلف الكتاب ” المسرح الشامل هو تسمية لمجموعة اشتغالات فن المسرح وتعدد مساحته التي تشمل كل ما هو سمعي وبصري كالأداء التمثيلي والرقص والغناء والموسيقى والديكور والاضاءة وبذلك يتوجه الى كل الحواس ومنهم المسرح الغنائي الذي يعتمد على محاكاة الفكرة عبر الاغاني الجماعية او الفردية وايضا الاستعراضات الراقصة والحوارات المنطوقة والكوميديا الموسيقية “(20)
وبذلك صهر بان وبذلك صخر بان المسرح هو شامل يشمل جميع الفنون وقد صهرت في بودقته ليقدم لنا فنا جديد فن تتقبله جميع الحواس ويحتمل جميع الأفكار وبذلك يكون مسرح للمجتمع ويعبر عن أحاسيسه وباللطف في النفس الوقت هو للمتعة والترفيه ثم تحدثت الايقونات عن علاقتها مع الهوية الثقافية وكيفيه تأثير الايقونات على تشكيل الهوية الثقافية وبذلك استطرد الكاتب مؤلف الكتاب الدكتور علاء بأن اكد واشار من خلال سياق الحديث عن الهوية العراقية وهو ما وجدها عند العزاوي حيث يقول الكاتب ” اثبت العزاوي هويته اصدقاء العراقية عبر تبنيه النص العراقي بعيدا عن قوة النص او ضعفه المهم انه يرتقي ويؤكد حضوره كنص عراقي لذا فهو من المجددين الذين سعوا الى ايجاد افاق جديدة امام المخرجين والمؤلفين والممثلين وذلك عبر اكتشاف سبل وادوات وامكانيات جديدة في التسجيل الابداعي والخلق الفني حيث حيث اصبح بامكان المتلقي ان يشاهد العرض في ظروف انسانية تتوافق مع ظهور التيارات المجددة في المسرح عالميا “(21)
ثم توغل الكاتب في أمثله لترسيخ وتوضيح ما هو التجديد في المسرح العراقي وذكر مجموعة من المسرحيات ولكتاب مهمين كمسرحية “جذور الحب” تأليف ابراهيم البصري واخراج محسن العزاوي وغيرها لقد يمكن ان نقول “ان الكاتب اكد على ان المسرح هو مجموعة هناك مجموعة من المتغيرات والمفاهيم ترسخت في واقع المسرح العراقي والتي اعتاد عليها الجمهور وطالب فيها بالتجديد عبر ما قدمه هذا الجيل من ابتكارات وتجارب مهمة يمكن لها أن تدرس على مدى أزمنة قادمة”(22)
” أشار الدكتور علاء إلى التحول الموضوعي في المسرح العراقي المعاصر يقول دكتور علاء اهتم الفن الموضوعي بشكل عام وفن المسرح بنحو خاص في البعد التداولي والتحولات الابستمولوجيا والاجتماعية كمصدر يعتمد على التحول العلامي للأشكال الجمالية الصورية الوجدانية التعبوية وحتى العاطفية منذ ازمنه بعيده وتعتمد هذه التحولات على النظام الموضوعي الذي يعمل على اظهار مختلف الجونب الثقافية والتاليفية والسيكولوجية والايدولوجية لكل عصر وزمان وبالتالي يشتغل التحول الموضوعي في المسرح العراقي المعاصر على البيئة وانساقها الاجتماعيه داخل الفضاء العرض”(23)
وهذا ما قد شخص الدكتور علاء “بان أهمما يميز شكل التحول في بنية الفن المسرحي واعتماده على حراك الأساليب الفنية عبر أزمنة تستدعي التحولات المرتبطة بنوع العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية والدينية العقائدية، فضلا عن العامل الذاتي الذي يشتغل به الفنان سواء تعلقه بالخامات المستثمرة انتاج اعمالها ومراقبه تنامي الاشكال التي تدفع بالأسلوب قدما نحو التحول البنائي لمنظومة العوامل المهيمن على البنيه الفنية”(24)
والعلاقة بين الذاتية في الفن لها ارتباط بالخط الفني “ان موضوع الذاتية في الفن قد اثار كثير من القضايا الهامة المتصلة بفكرة الخلق الفني”(25)
ثم اشار الدكتور الى موضوعة مسرح التحول والذي يقول عنه “انه ممتلئ بموضوعات تلامس الواقع الاجتماعي والنفسي الزمني سيكولوجي الذي يهتم بدراسه سلوك البشر وتفكيرهم والمليء بالحروب والكوارث والكوارث لينتج منها مثلا مسرح الحرب وما يظهر من صور مرعبه تحدث في المجتمع “(26)
ويمكن ان نقول ان المسرح عالج او اكتشف اساليب مبتكرة بامكانها معالجة الازمات اللي تواجهها المجتمع لتحقيق السلام او كغاية كموضوع فكري يعتمد على الوعي وتاثيره وعلى تشكيل الهوية الثقافية فلذلك استخدم كوسيلة لايقاظ وعي الجمهور او المتلقي وايجاد حلول ناجعة لما يعانيه المجتمع وشرح ذلك بطريقة فلسفية واعية ويقول الدكتور على ان” وقد عمل المسرح العراقي بواسطة عروضه المتعددة ومختلف المراحل التاريخية على تحولات الشكلية المعاصرة وفق اسس ومعايير تنتج فنا مختلفاً تبعا لتغير الرؤى وتحولات مفاهيم الانسانية وكذلك تغير الاتجاهات الفكرية التي لا تشكل اساساً للفن وحده بل للمجتمع بأجمعه”(27)،وهنا هي نظرة فلسفية طرقها الكاتب ويركز ويؤكد على الوعي والفلسفة واستخدام الفلسفة في من خلال المسرح في ايصال الافكار الى المتلقي بصورة عامة، ثم جال في سياحة جميلة حول مواضيع كثيرة منها المسرح العراقي ما بين المقتبس الناشئ والمتطور ودلالات توظيف الموروث الشعبي في المسرح العراقي المعاصر وهنا هذا الموضوع يشكل أهمية بالغة، يقول الدكتور “شكل الموروث الشعبي مساحة واسعة لعملية الخلق الابداعي امام فناني المسرح العراقي المعاصر وما يمتلكه من ابعاد فكرية وابداعية تمكنهم التعبير عن القضايا التي تشغل واقع المجتمع وتدعم عملية توظيف افعال الموروث الشعبي وذاكرته الصورية داخل فضاء المسرح “(28) .
طبعا الموروث الشعبي له بعد وله صدى ووقع لدى الجمهور المتلقي الذي يتوق الى من يحاكيه ويقترب منه من خلال الحكايات الشعبية و(مسرحية الشريعة) خير مثال وهي من تاليف (يوسف العاني) اخراج (دكتور فاضل خليل) التي انتجت عام 1987 والتي اخذت جانب مهم من الحياة الشعبية في العراق أثناء ما كان تحت استعمار الانجليزي وما لها من رمزية عميقة ووقع لدى المتلقي واستخدم فيها الأثاث والسينوغرافيا والاكسسوارات الشعبية كالقوري والى آخره من الازياء الشعبية والتي تناغمت مع يدور في فكر الانسان الشعبي واستطاعت ان توصل فكرة حقيقة ان الموروث الشعبي هو دعوة لاحياء التراث الشعبي والذي فيه عمق حضاري وانساني وبالامكان اعادة انتاج تلك الموروثات واعادة صياغتها وباسلوب حضاري ومتطور وادخال التقنيات الحديثة كما احتوى الكتاب على جنبه مهمة وهي ثقافة الفكر الابداعي في المسرح العراقي والفكر هو محور الفن ومحور الذي يشغل المثقف وكيفية تكون نصوص البنية الفكرية للنصوص ان تكون فيها شكل ومضمون وتقدم الافكار الاجتماعية بصورة حضارية من خلال ما يقدم من قضايا مصيرية وان يضع لها معالجات كثيرة يقول الدكتور علاء” ان الدعم المعنوي لما له اهمية وموضوعية في ايجاد هذه المساحة المعرفية والعمل على استمرارها من اجل الارتقاء بالمنجز الجمالي الفكري عبر النقد وما يمتلكه من عمق دلالي ينزاح الى المستوى العلمي الذي يقرا مفهوم هذا الفن واشتراطاته”(29)
ولذلك “ان عملية الخلق الادبي لا تستمد قيمتها مما تتضمنه من تجارب ذاتية بل تكتسب قيمتها مما تحتويه من قيم فنية وليس هناك شيء يحدد هذه القيم الا ما في الاثر الفني نفسه من الخصائص هي نتيجة طبيعية لنضوج العقل الخالق للفنان وتوافر إمكانياته وهذه الحقيقة لا تتنافى اصلا مع الذاتية في الادب التي هي شرط اساسي في كل خلق ادبي” (30)
وفي كتابه جاء الملخص في عنوان نوافذ مسرحية ملونة فكرية جمالية ثقافية طبعا هذا الثالوث الفكر ” وكما جاء في احدى تعريفات الفكر ان الفكر هو استقراء الامور لاستنباط المعرفة” (31)
وكذلك ان الفكر في تعريف آخر ” لا يعدو ان يكون مجموعة الطرائق التي تكشف عن نفسها بتجليات وافكار هي حصيلة حوار جدلي مع ظروف وملابسات الوقائع والظروف الخارجية من جهة وما يتولد عنها من داخل الاشياء من معطيات من جهة اخرى يعمل الفكر على تعديلها وتطويرها واغنائها” (32)
الجمال والثقافة هما محور الحديث في هذا الكتاب والذي يمكن ان نلخصه بانه تناول تلك الافكار بصورة جمالية لتعزيز الحالة الثقافية ثم تطرق الى الوعي الابداعي وازمات المهرجانات المسرحية ورؤيته عن العروض وكناقد ثم تطرق الى بيت المسرح بين المغايرة والتطبيق وهو طبعا هذا البيت الذي اسس في الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق ولما له من اهمية في بث الحداثة وتوجيه المسرح وفنونه التوجية الفكري والجمالي يعتبر بودقه لصهر افكار وانتاج وتعميق الجانب الثقافي المسرحي ثم تحدث عن الجلسات التي يعقدها هذا البيت الذي أسست غرفه من رحم الثقافة والخبرة، فحضر اعمدة المسرح العراقي وتناول رؤى وافكار هذه مرت عبره من اجل ايجاد مغايرة في المسرح به التنظير وطرح رؤى جديدة تحمل من الحلول المحلية طبعا بعيدا عن العولمة التي اكتسحت المسرح وفرضت عليه عناوينها حسب ما يقول الدكتور في ثنايا كتابه لقد كان بيت المسرح المنبر الواقعي والملجا لصناعة ثقافة مسرحية من خلال فعالياته ونشاطه وفي خلال تجاربه فبذلت جهود من قبل اعضائه ومؤلف الكتاب كان على راس الذين قاموا بهذه الجهود وجميعها قدمت انجازات وجميعها تشير الى الابداع وتشخصه وتدعمه فاعتلى منصته الكثير من المكرمين في جوائز المبدعين واصحاب العروض ثم جاء موضوع العقل الثقافي وابعاد التذوق الجمالي.
ان التذوق الجمالي مرتبط بالوعي الجمالي وهو في الحقيقة ”اسلوب يموضع الوجدان ويؤدي دورا في التربيه، تربية الاحساس الفني لانه موقف اتجاه الوجود وهو وعي مفرط بدقته وتوجهه الانتقائي اذ تنفتح الخبرات الجمالية على الموجودات الجزئ هي للخبرات الاخرى من دون الاكتفاء بها كما ترد اليهم من الطبيعة ويجد هذا الانفتاح صداه عند الفنان والمتلقي على حد سواء لان نمو الخبرات السليم انما يعتمد كما يقول ديوي اعتمادا مباشرا على التجربة الحسية فالظاهرة الجمالية تقوم على اساس وجود دافع ينمو ويتطور ليخلع على الاثر الفني”(33)
ومسالة الجمال هي مسالة مهمة في جميع انحاء الحياة لان هناك علاقة بين الفن والجمال ولان المعرفة ترتبط بالمسرح برباط وثيق، ويعتبر المسرح هو إحدى الادوات التي تحقق هذه المعرفة من خلال استكشاف الافكار والتامل والتفكير والتمثيل الرمزي وكذلك التعبير عن المشاعر والتاثير النفسي حيث المسرح يؤثر على المشاهدين نفسيا ويحفزهم وهناك كذلك لما له اهمية اجتماعية من خلال التعليم والتوعية والتغيير الاجتماعي و لان كل ذلك يقوده العقل والذي يعتبر هو الاداة التي تحمل الفكر والتي تعبر عنه فاهتم الكتاب في ناحية العقل الثقافي وابعاد التذوق الجمالي .
يؤكد الكتاب بان هذا الموضوع هو يتعلق بالفكر فيقول الدكتور علاء: “لذا ارى ان التذوق يحتاج الى عقل ثقافي له ابعاد معرفية وفكرية تساعد على دعم القدرات المعبر عنها بـ”الحدس” الذي هو اقرب للوجدان عند الاخلاقيين والعقل عند اهل العلم للتحليل الذهني وتذوق الصورة وافعالها الجمالية فضلا عن صيغته المنطقية التي تستجيب لمرجعيات الثقافية الكبرى “(34)
وختم الكاتب كتابه الغني بالمعارف بموضوعه العقل وقدرات العقل الإبداعي ولما هو ومن هو المبدع وبماذا يتميز، يقول الكاتب:” نستنتج من ذلك ان الانسان يمتلك انفعالا نفسيا وعقلا مدركا تتحول من خلالهما الادراكات الى معاني وصور جمالية وذلك بتفاعل العقل الظاهري والباطني بواسطة قوة العقل الابداعية وهذا يستدعي في التفاعل المدرك الحسي حيث حتى تتم عملية تحفيز المبدع ليحقق ذاته المنفعلة المدركة لتتلاقى هذه المدركات الحسية ومن ثم تنتج معاني متعالية القيم لدفع الفنان نحو الابداع والتطور الفكري”(35)
ويمكن القول بان كتاب (ايقونات معرفية) للدكتور علاء كريم هو فرصة حقيقية للدارسين والمهتمين بالمسرح وفنونه حيث انه عمل فكري يحتوي على افكار ومفاهيم فلسفية وثقافية ركز عليها (الايقونات المعرفية) كرموز للفكر البشري وكيف يؤثر على الثقافة والمجتمع واخذ هذه الإيقونات من الناحية المعرفية والثقافية والفلسفية والفنية والهوية الثقافية وناقش موضوعات كثيرة تتعلق بالفكر والعقل والابداع والتميز والوعي الثقافي، انه سياحة في عالم فكري يدل على البعد والمخزون الثقافي لدى الكاتب. كما نوه عن استكشاف الافكار وبطريقة فلسفية وفية دعوة الى التامل والتذكير وللتعبير عن المشاعر وغيرها من المفاهيم فأظهر الكتاب حقيقة المعرفة بصورة عامة وكذلك وجه الى العلاقة بين المعرفة والمسرح من جانب آخر وبصورة فلسفية وثقافية واخيرا اختم هذا العرض والذي ادعو فيه بقية الكتاب الى التعرض له لكونه خزين كبير للافكار كتب على غلاف الكتاب لعل هذا الكتاب هو احد المداخل الفكرية والفنية التي تناولت وجهة النظر الثاقبة لزوايا عده تدرجت بين الاساليب والاداء والاخراج والنقد واضاءات اخرى لهموم وعروض المسرح العراقي بين الواقع الفعلي وما قدمت له المعاصرة من اضافات تجريبية.
شكرا الدكتور “علاء كريم” الناقد والمفكر في جعلنا نتصفح ثم نغوص في ثنايا هذا الكتاب المهم جدا تحية له مره ثانية.
واخيرا، نشير الى الفكر الوقاد ويمكن ان نرى جلياً ذلك في معظم كتاباته وبالخصوص ما تمخض من استنتاجات في بحثه الموسوم والذي قدمه في مهرجان بغداد المسرحي في مؤتمره الفكري، ومن ضمن الاستنتاجات” توصل الباحث الى ان يرتبط المسرح المعاصر بتقدم الامم والشعوب وذلك من خلال الرؤية البصرية لترسم شكل السينوغرافيا الحديثة وكذلك توظيف رؤى اخراجية معاصرة بجوانب متعددة منها التقنية التي تعتمد الاضاءه والموسيقى اعادة تشكلها ضمن خصائص العنصر الاعلامي للانجذاب العلامي للانجذاب نحو مشاهدتها ولاهمية دورها في المجالات الفكريه والبصريه”(36)
ان هذا العرض انما هو بذرة من بيدر من المكنونات التي يحويها هذا الكتاب وعمق وغزارة الفكر المعرفي للكاتب والناقد المسرحي الدكتور(علاء كريم) واترك البقية الى النقاد والدارسين لينهلوا من فكره النير والدروس التي فيه.
المصــادر
(1) ايقونات معرفية في المسرح المعاصر،د. علاء كريم،منشورات الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق،بغداد،2024،ص5.
(2) المصدر السابق ص5.
(3) المصدر السابق ص9.
(4) المصدر السابق ص13.
(5) المصدر السابق ص 14 ـ 17
(6) المصدر السابق ص33
(7) فلسفه الجمال في الفكر المعاصر ،دكتور محمد زكي العشماوي، دار النهضه العربيه، بيروت، ص 10.
(8) المصدر السابق ص46.
(9) المصدر السابق ص 47.
(10) جماليات المسرح ومرويات الفن والادب والسياسة، أ.د.عقيل مهدي،منشورات الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق،2022،ط1،ص222.
(11) فلسفه الجمال في الفكر المعاصر، دكتور محمد زكي العشماوي، دار النهضة العربية، بيروت، ص35.
(12) ايقونات معرفية في المسرح المعاصر،مصدر سابق ص 51.
(13) ايقونات معرفيه صفحه 83.
(14) ايقونات معرفية ص 84
(15) دور العقل في الابداع الفني، مصطفى عبده خير، اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية،2008، ص15.
(16) ايقونات معرفية ص 86
(17) دور العقل في الإبداع الفني، مصطفى عبده خير، اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية،2008، ص197.
(18) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه 108
(19) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه 118.
(20) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه 123.
(21) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه 125.
(22) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه 125-126.
(23) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه 127.
(24) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه 127.
(25) فلسفه الجمال في الفكر المعاصر ،دكتور محمد زكي العشماوي، دار النهضة العربية، بيروت،ص35
(26) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه 129.
(27) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه131-132.
(28) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه 137.
(29) ايقونات معرفيه مصدر سابق صفحه 144.
(30) فلسفه الجمال في الفكر المعاصر ،دكتور محمد زكي العشماوي ،دار النهضة العربية، بيروت،ص51.
(31) الوعي الجمالي بين فلسفتي البراغماتية، الدكتوره هيلا شهيد، الطبعه الاولى، لبنان، كندا، 2017، ص 19.
(32) المصدر السابق ص20
(33) الوعي الجمالي بين فلسفتي البراغماتية، الدكتوره هيلا شهيد، الطبعه الاولى، لبنان، كندا، 2017، ص 294.
(34) ايقونات معرفية مصدر سابق صفحة 160.
(35) ايقونات معرفية مصدر سابق صفحة 163.
(36) مهرجان بغداد المؤتمر الفكري مشهدية الخطاب المسرحي الجديد ذائقة التلقي المعاصر وممكنات الانتاج من مهرجان بغداد الدولي للمسرح طبع وزارة الثقافة العراقية بحث مقدم من قبل الدكتور علاء كريم بعنوان مشهدية تمظهرات الرؤى الاخراجية في تجسيد الصور المعاصرة معاصرة صفحة وما تلاها 166 وما تلاها.
الأديب سعد يونس حسين